تُتهم الحكومة بإهدار أموال تخص دافعي الضرائب بعد أن دفعت إلى شركة متعددة الجنسيات تتخذ من دبي مقراً 38.4 مليون جنيه استرليني (53.5 مليون دولار) كتعويض عن عقد للفحص والمتابعة ألغي بعد فترة وجيزة من منحه.
وكانت "إيكولوغ إنترناشيونال"، التي تقدم خدمات في مجال سلاسل الإمداد في عدد من القطاعات، قوربت في الأصل الصيف الماضي لمساعدة المملكة المتحدة في تحقيق مستهدفات الفحوص.
وأصدرت الحكومة خطاب نوايا مع "إيكولوغ" في سبتمبر (أيلول) 2020، وكان من المنتظر أن تقدم الشركة "وحدات معملية لتوفير فحوص تشخيصية لكوفيد-19 تلبية للمستهدفات على صعيد أعداد الفحوص التي تجرى".
وخطاب النوايا عبارة عن اتفاقية مكتوبة يبدأ بموجبها المورد في إجراء أعمال معينة لصالح المشتري – شركة خاصة أو حكومة، مثلاً – قبل توقيع العقد النهائي.
لكن طبقاً لإشعار بقرار صادر عن الحكومة في 23 أبريل (نيسان) على الموقع الإلكتروني الحكومي المخصص للباحثين عن عقود، تقرر في وقت لاحق إلغاء هذا الترتيب – الذي انتهى رسمياً في 24 مارس (آذار) – و"تعويض إيكولوغ عن التكاليف المتكبدة".
وسلمت الشركة، التي تقدم الخدمات في ما يقرب من 20 دولة، 38.4 مليون جنيه في مقابل معدات كانت سلمتها بالفعل إلى المملكة المتحدة، وهي عبارة عن فحوص مخبرية أجريت "في انتظار تنفيذ العقد" و"تكاليف التعبئة".
ومن غير المعروف ما إذا كان مبلغ الـ38.4 مليون جنيه يغطي التكاليف الأصلية المتفق عليها بين الطرفين بالإضافة إلى رسوم التعويض التي دفعتها الحكومة.
وقال رئيس لقسم المشتريات في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إنه يشك في أن الحكومة نفذت عمليات شراء مقدماً لمعدات وخدمات لم تتطلبها في وقت لاحق، وبعضها لم تسلمه "إيكولوغ" قط.
وقال لـ"اندبندنت"، "إنها 38 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب أهدرت. رميت بسبب إدارة وتعاقد ضعيفين جداً في شأن البرامج".
"ويبدو أن الحكومة أعطت رسالة نوايا إلى "إيكولوغ"، لتغطية مشتريات أجريت مقدماً ولم تكن مطلوبة بعدئذ. لقد منحت 38 مليون جنيه إلى شركة لم تكلف نفسها عناء استخدامها، وعلى حساب دافعي الضرائب".
ومن غير المعروف أي من الخدمات التي قدمتها "إيكولوغ" دمجت في شكل كامل في نظام الفحص والمتابعة في المملكة المتحدة، في حين رفضت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية تفسير السبب وراء اختيارها عدم المضي قدماً في التفاوض على عقد نهائي مع الشركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت الوزارة بأنها لا تستطيع تقديم توزيعات محددة للعقود والتكاليف الحكومية لأسباب تتعلق بالحساسية التجارية.
وأضافت أن "إيكولوغ" منحت العقد التمهيدي من دون نشر دعوة للمنافسة مسبقاً.
وقالت: "كان هناك من دون شك خطر على الصحة العامة، وكانت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية تتفاعل مع حالة طوارئ عالمية تتغير يومياً".
"كانت الحاجة إلى هذه الفحوص فورية، إذ حذرت التوقعات العلمية في ذلك الوقت من ارتفاع الحالات اليومية من كوفيد-19 إلى ما يبلغ 50 ألف حالة يومياً في الأسابيع التالية".
وطوال الجائحة، منح العديد من العقود من دون منافسة، وسلم بعضها إلى شركات تربطها صلات بوزراء في الحكومة، ما أدى إلى مزاعم بالمحسوبية.
وتساءل منتقدون لماذا لا يزال هذا النهج مطبقاً، بعد ستة أشهر من تفشي الجائحة، في ما يتعلق بشراء خدمات الفحص والمتابعة.
ورأى حزب العمال أن ذلك "مثال آخر للهدر الشنيع من قبل حكومة فقدت بالكامل قبضتها على المالية العامة".
وقال وزير الصحة في حكومة الظل جاستين مادرز لـ"اندبندنت": "وقع هذا العقد بعد مرور أكثر من ستة أشهر على تفشي الجائحة، وعلى هذا فالحكومة ليس لديها أي عذر بأنها لا تعرف ما الذي كانت تواجهه".
"ويتعين على الوزراء أن يشرحوا على وجه السرعة الغرض من هذا العقد، ومن أذن به ولماذا ألغي في شكل شبه فوري".
كذلك شكك المصدر المسؤول عن المشتريات في هيئة الخدمات الصحية الوطنية في القرار الذي اتخذته الحكومة بإشراك "إيكولوغ" عبر خطاب نوايا، علماً بأن خطابات النوايا تعتبر عموماً آلية عالية المخاطر داخل قطاع المشتريات.
وإذا استخدم خطاب النوايا على النحو الصحيح، قد يكون حلاً مفيداً حين يكون الطرفان لا يزالان يجريان مفاوضات في شأن العقد، لكن مع وجود حاجة إلى بعض العمل أو الخدمات على الفور. ومع ذلك، فإن عدم توضيح الشروط يمكن أن يؤدي إلى عدم اليقين وتعريض المشاركين إلى خطر.
وقال المصدر: "في الظروف النادرة للغاية، نحتاج إلى إصدار خطاب نوايا، ونعمل دوماً على الحد من المخاطر التجارية ومخاطر التسليم قبل توقيع العقد النهائي المتفق عليه".
"ووجدت من غير العادي أن المشترين – أي الحكومة – سمحوا لأنفسهم بالتعرض إلى ملايين كثيرة من التكاليف لو زعم المورد بنجاح أن الخطاب كان التزاماً تعاقدياً ملزماً".
وأكدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أنها تنظر دائماً في سبل تخفيف الآثار المالية واستعادة أي تكاليف لخفض نطاق العقود أو عدم المضي فيها.
وقال ناطق باسمها: "لمقاومة هذه الجائحة العالمية وإنقاذ الأرواح، بنينا من الصفر أكبر شبكة لمنشآت الفحوص التشخيصية في التاريخ البريطاني. وتكرست المملكة المتحدة الآن باعتبارها مركزاً قوياً للفحوص، إذ استكمل أكثر من 148 مليون فحص لكوفيد حتى الآن، أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا".
"ومن أجل التصدي للتحديات التي لا تعد ولا تحصى، والتي أنشأتها هذه الأزمة – بما في ذلك زيادة قدرتنا على الفحص – استندنا إلى المهارات والخبرات المتنوعة لدى القطاعين العام والخاص. وكان تركيزنا العام الماضي على بناء شبكة من منشآت الفحص التشخيصي لدعم الطلب الفوري".
"ومن المعقول فقط أن نبقي كل ترتيباتنا التعاقدية قيد المراجعة المستمرة لضمان توفر النظام المناسب في الأجل البعيد والمضي قدماً في إبرام العقود التي تناسب احتياجات الخدمة. ونحن نشكر كل هؤلاء الذين قدموا مساهمات قيمة إلى البرنامج حتى الآن".
وتواصلت "اندبندنت" مع "إيكولوغ إنترناشيونال" للتعليق على الموضوع.
© The Independent