مازالت الهند، حيث تتفاقم أزمة كورونا، البؤرة التي تتجه إليها أنظار العالم. وفي وقت تقاوم حكومة ناريندرا مودي فرض إغلاق على الصعيد الوطني تجنباً لتكرار تجربة الإغلاق العام الماضي التي عانى كثيرون على أثرها، وشكلت ضربة للاقتصاد، أشار المستشار الطبي للبيت الأبيض، أنتوني فاوتشي، في تصريحات نشرت السبت، إلى أنه سيكون على الهند فرض إغلاق على مدى أسابيع عدة لاحتواء الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بـ"كوفيد".
ونقلت صحيفة "إنديان إكسبرس" عن فاوتشي قوله في مقابلة، "أعتقد أن الأهم حالياً هو الحصول على الأوكسجين والمعدات والأدوية ومعدات الوقاية وغير ذلك".
وأضاف، "لكن من بين الأمور الأخرى التي يجب أن تتم فوراً إصدار أمر بإغلاق البلاد". وأوضح، "إذا فرض الإغلاق فلا حاجة إلى أن يتم ذلك لمدة ستة أشهر. يمكن فرض إغلاق مؤقت لوضع حد لدوامة انتقال العدوى".
وأشار إلى أن "أحداً لا يحب إغلاق البلاد، لكن إذا قمتم بالأمر لمدة أسابيع عدة فقط، يمكن أن يكون لذلك تأثير مهم على ديناميكية تفشي الفيروس".
وسجلت الهند أكثر من 400 ألف إصابة جديدة، السبت، بعد أن أحصت أكثر من سبعة ملايين حالة في أبريل (نيسان) الماضي، ما أدى إلى إغراق النظام الصحي في مناطق عدة.
في المقابل، قال مسؤول في لجنة مستشارين علميين شكلتها الحكومة الهندية في تصريحات لـ"رويترز"، إن اللجنة أبلغت السلطات باكتشاف طفرات طفيفة في بعض عينات فيروس كورونا "يمكنها أن تتجنب الاستجابة المناعية"، وتتطلب مزيداً من الدراسة.
وأضاف المستشارون، أنهم يعملون على تحديد هذه الطفرات، ولا يوجد سبب حالياً للاعتقاد أنها تنتشر، أو تمثل خطورة كبيرة. ويدرس العلماء السبب وراء الارتفاع الحالي في عدد الإصابات في الهند، وما إذا كانت وراءه سلالة متحورة يطلق عليها (بي.1. 617)، تم رصدها أول مرة في البلاد.
ولم تعلن منظمة الصحة العالمية، أن السلالة الهندية "مثيرة للقلق"، كما فعلت إزاء سلالات متحورة أخرى رصدت للمرة الأولى في بريطانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، لكن المنظمة أوضحت في 27 أبريل الماضي، أن تتبع تسلسل جينوم سلالة "بي.1. 617" يشير إلى معدل نمو أعلى من السلالات الأخرى في الهند. واكتشفت لجنة المستشارين مزيداً من الطفرات لفيروس كورونا، وتعتقد أن الأمر يتطلب تتبعاً عن كثب.
وقال شاهد جميل، رئيس اللجنة وعالم الفيروسات الهندي البارز، "نرى طفرات في بعض العينات يمكنها أن تتجنب الاستجابات المناعية". ولم يذكر ما إذا كانت تلك الطفرات حدثت في السلالة الهندية أم في غيرها.
وأضاف، "ما لم تقم بزرع هذه الفيروسات وفحصها في المختبر، فلن يمكنك الجزم بذلك. في هذه المرحلة، لا يوجد سبب للاعتقاد أنها تنتشر، أو أنها يمكن أن تكون خطيرة، لكننا ذكرناها تحديداً حتى نضعها نصب أعيننا".
من جهة ثانية، في ظل استمرار تدهور الوضع الصحي في البلاد، قال خمسة علماء أعضاء في منتدى مستشارين علميين شكلته الحكومة الهندية لوكالة "رويترز"، إن المنتدى حذر المسؤولين في أوائل مارس (آذار) الماضي، من ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا أكثر عدوى في البلاد. وذكر أربعة من العلماء أنه على الرغم من التحذير، لم تسع الحكومة الاتحادية لفرض قيود كبيرة لوقف تفشي الفيروس.
وحضر ملايين الأشخاص الذين كان معظمهم بلا كمامات مهرجانات دينية وتجمعات سياسية عقدها رئيس الوزراء ناريندرا مودي وزعماء حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم وسياسيون معارضون.
في الوقت ذاته، واصل عشرات آلاف المزارعين الاعتصام على أطراف العاصمة نيودلهي احتجاجاً على تغييرات مودي في السياسة الزراعية، فيما يعد الارتفاع في عدد الإصابات أكبر أزمة تشهدها الهند منذ تولى رئيس الوزراء منصبه في عام 2014.
حملة تلقيح
في موازاة ذلك، فتحت الهند السبت 1 مايو (أيار) الحالي، حملة التلقيح أمام مجمل البالغين على أراضيها وعددهم نحو 600 مليون شخص، على الرغم من النقص في مخزون الجرعات، وفي خضم الطفرة الوبائية التي أدت إلى تسجيل عدد قياسي جديد، بلغ أكثر من 400 ألف إصابة بفيروس كورونا خلال 24 ساعة.
وأحصت الهند التي تقف على خط مواجهة الوباء إلى جانب البرازيل، الأحد، 392488 إصابة جديدة بفيروس كورونا و3689 حالة وفاة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
ويبلغ الآن إجمالي عدد الإصابات في الهند 19.56 مليون إضافة إلى 215542 حالة وفاة بسبب الفيروس.
إلا أنه وحتى قبل إطلاقه، يبدو أن برنامج التلقيح الهندي على نطاق واسع مقوض.
وحذرت ولايات عدة من بينها ماهاراشترا ونيودلهي وهما من بين الأكثر تضرراً، من أنها لا تملك مخزونات كافية من اللقاحات، وأن النشر الموسع للقاحات مهدد بخلافات إدارية وارتباك حول الأسعار ومشكلات تقنية في منصة اللقاحات الإلكترونية التابعة للحكومة.
وأعطيت حتى الآن، نحو 150 مليون جرعة، أي لنسبة 11.5 في المئة من السكان، وحصل 25 مليوناً منهم على الجرعة الثانية.
وقال جايانتي فازانت في مركز للتلقيح مكتظ في بومباي، إن "طوابير الانتظار هنا هائلة للغاية"، مضيفاً أن "الناس لا يكفون عن التقاتل".
وبدأت المساعدات الطبية الدولية التي أعلنت عنها أكثر من 40 دولة، بالوصول هذا الأسبوع إلى الهند حيث تعاني المستشفيات من نقص كبير في الأسرة والأوكسيجين والأدوية.
حريق في مستشفى
في غضون ذلك، لقي 16 مريضاً مصاباً بـ"كوفيد-19" وممرضتان حتفهم، صباح السبت، في حريق في مستشفى في ولاية غوجرات الهندية، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الهندية، في حادثة جديدة بعد حرائق شهدتها مراكز طبية أخرى في البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان نحو 50 مريضاً يعالجون في المستشفى الذي يتألف من أربعة طوابق في مدينة باروش بولاية غوجرات الغربية، عندما اندلع الحريق في الساعة الواحدة (07:30 بتوقيت غرينيتش). وقد أُخمدت النيران.
وقال المسؤول في الشرطة المحلية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 18 شخصاً هم "16 مريضاً وممرضتان". وأضاف المسؤول في الشرطة أن "العناصر الأولى من التحقيق كشفت أن الحريق اندلع بسبب ماس كهربائي في وحدة العناية المركزة بالمستشفى".
وكان حريق في إحدى ضواحي مدينة بومباي أدى في 23 أبريل الماضي، إلى مقتل 13 مريضاً مصابين بفيروس كورونا. وبعد أيام لقي 22 شخصاً مصرعهم في حريق آخر في ولاية ماهاراشترا أيضاً.
وقبل ذلك، توفي 22 مصاباً بكورونا في مستشفى في الولاية نفسها بعد ما قطعت إمدادات أجهزة التنفس بالأوكسجين بسبب حدوث تسرب.
مساعدات دولية
ويفترض أن تكون طائرة حملت بمعدات طبية، السبت، في مطار رواسي الفرنسي، لتتجه إلى الهند. وسبق أن حطت، الجمعة 30 أبريل، طائرة عسكرية أميركية تحتوي على أكثر من 400 قارورة أوكسجين إضافة إلى معدات استشفائية أخرى وقرابة مليون من معدات الفحص السريع لكشف الإصابة بكورونا، في مطار نيودلهي الدولي. ويرتقب وصول إمدادات من دول عدة في الأيام المقبلة.
ويغذي ارتفاع عدد الإصابات في هذا البلد انتشار الوباء في كافة أنحاء العالم، إذ أصيب أكثر من 150 مليون شخص، من بينهم قرابة 6 ملايين في أسبوع واحد، بحسب تعداد أعدته وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة.
ارتفاع عالمي
وفي المجمل، يتسبب الوباء في أكثر من 800 ألف إصابة جديدة في اليوم كمتوسط في العالم، وهو عدد ارتفع بأكثر من ضعفين منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي.
وتسبب فيروس كورونا بوفاة 3.182.408 أشخاص في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، بحسب تعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى مصادر رسمية، السبت.
وسط ذلك، أطلق البابا فرنسيس المؤيد بشدة لحملات التلقيح ضد فيروس كورونا، "ماراتون صلاة" من أجل انتهاء الجائحة في مبادرة تشمل ثلاثين مزاراً حول العالم.
وأعلن وزير الصحة الأردني فراس الهواري أن المملكة سجلت ثلاث إصابات بالمتحور الهندي لفيروس كورونا "لأشخاص لم يسافروا".
واعتقل خمسون شخصاً في هلسنكي خلال تظاهرة احتجاجاً على التدابير التي اتخذتها الحكومة الفنلندية لمكافحة فيروس كورونا، كما أعلنت الشرطة على "تويتر".
واستخدمت الشرطة البلجيكية خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع خلال تفريقها مئات الشبان الذين تجمعوا في إحدى حدائق بروكسل العامة احتجاجاً على إجراءات الإغلاق المتعلقة بـ"كوفيد-19".
وشهدت العاصمة الألمانية السبت مسيرات لمناسبة عيد العمال تخللت إحداها مواجهات بين متظاهرين والشرطة التي قالت إن عناصرها تعرضوا للرشق بالحجارة وقوارير المياه، ما دفعها للرد باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.
وأظهرت بيانات معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية، الأحد، أن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في ألمانيا ارتفع إلى ثلاثة ملايين و416822 بعد تسجيل 16290 إصابة جديدة.
وأشارت البيانات إلى ارتفاع عدد الوفيات إلى 83192 بعد تسجيل 110 حالات.
وشارك آلاف الفرنسيين في أنحاء متفرقة من البلاد في تظاهرات لمناسبة عيد العمال شهدت اشتباكات مع الشرطة التي لجأت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع.
واعتقلت الشرطة التركية أكثر من مئتي شخص حاولوا تنظيم مسيرة لمناسبة عيد العمال في إسطنبول، السبت، في تحد لحظر تفرضه السلطات منعاً لتفشي فيروس كورونا.
وسجلت وزارة الصحة في تايلاند يوما ثانياً من أعلى عدد يومي من الوفيات منذ بدء الجائحة وبلغ 21 حالة. وعلى صعيد الإصابات، سُجلت الأحد، 1940 إصابة جديدة بفيروس كورونا وسط موجة ثالثة مميتة للفيروس.