قدرت دراسة بحثية حجم غسيل الأموال في فلسطين بأكثر من 900 مليون دولار سنوياً، في حين رفضت وحدة المتابعة المالية المكلفة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ذلك، وقالت إن التقدير "غير صحيح" و"يشكل خطراً على استقرار النظام المالي الفلسطيني".
وأظهرت الدراسة التي أعدها المتخصص المالي نصر عبد الكريم لصالح "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة" (أمان) أن التقديرات تشير إلى أن غسيل الأموال تجاوزت نسبته 6 في المئة من الناتج المحلي الفلسطيني البالغ 15 مليار دولار، مضيفاً أن تلك الجريمة تركزت في "القطاع المصرفي وسوق العقارات والذهب".
وأشار عبد الكريم في مقابلة مع "اندبندنت عربية" إلى أن الفساد والتهرب الضريبي، وإدخال الذهب من خارج فلسطين، وشراء فلسطينيي عام 1948 العقارات والأراضي في الضفة الغربية تعتبر كلها مصادر غسيل أموال، مؤكداً أن تقديراته غير مبالغ فيها، وتستند إلى معطيات سابقة.
وطالب عبد الكريم وحدة المتابعة المالية بنشر معطياتها حول نسبة غسيل الأموال، وعدم الاكتفاء برفض تقديراته، لكنه وصف شراء فلسطينيي عام 1948 عقارات وأراض في الضفة الغربية بـ"الورم الحميد"؛ أي أنه لا يضر بالاقتصاد الفلسطيني، على الرغم من أنه يعتبر غسيلاً للأموال.
وفي عام 2015 أنشأت السلطة الفلسطينية وحدة المتابعة المالية بموجب قرار قانوني كجهاز مستقل يهدف إلى "مكافحة جريمة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ورفع مستوى إجراءات المكافحة، وتفعيل أطر التعاون المحلي مع كافة السلطات المختصة" بحسب بيان تأسيسها.
وتعمل الوحدة على "تنفيذ الأهداف المقررة من اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب" والتي ترسم بدورها "السياسات الهادفة لمكافحة هاتين الجريمتين على المستويين المحلي والدولي، واستلام وطلب المعلومات المتعلقة بالعمليات التي يشتبه بأنها جريمة، إضافة إلى استخدام صلاحياتها المتعلقة بوقف تنفيذ العمليات المشتبه بها".
وكانت مجموعة "إيجمونت" الخاصة بوحدات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب قبلت عضوية وحدة المتابعة المالية الفلسطينية بهدف "تعزيز دورها على المستوى الدولي، واستجابة لنتائج عملية التقييم الوطني للمخاطر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتيح هذه العضوية لوحدة المتابعة المالية تبادل المعلومات الاستخباراتية حول جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع أكثر من 159 وحدة نظيرة حول العالم.
وبحسب عبد الكريم، فإن تأسيس الوحدة جاء "تجاوباً للضغوط الدولية وحتى لا يتعرض النظام المصرفي الفلسطيني إلى القطيعة مع العالم"، مضيفاً أن "عمل الوحدة أمني بالدرجة الأولى، ويُركز على متابعة التحويلات المالية إلى حركة حماس".
هذا وقال مسؤول مكافحة غسيل الأموال في سلطة النقد الفلسطينية عنان السامري، إن السلطة عالجت في السنوات الأخيرة أوجه الضعف في عملها، واتخذت إجراءات عدة لتعزيز بيئة مكافحة غسيل الأموال؛ كإنشاء قسم متخصص لمتابعة الأعمال، ورفده بكادر مؤهل، إضافة إلى تأسيس قسم متحصص بتعزيز الرقابة الميدانية.
وأضاف السامري أن سلطة النقد "عملت على ربط المؤسسات والوزارات الحكومية مع المصارف، وتعمل على ربط تلك المؤسسات مع وزارة الداخلية بهدف مكافحة غسيل الأموال".
كما اعتبر عضو الفريق الوطني للتقييم مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في سلطة النقد أحمد طلال أن السلطة اتخذت "إجراءات كبيرة؛ بهدف إبعاد دولة فلسطين عن إدراجها على قوائم الدول غير الملتزمة بالمعايير الدولية، وهو ما يهدد النظام المالي والمصرفي الفلسطيني.
وأضاف طلال أن سلطة النقد عملت على "تعزيز الوعي بمخاطر غسيل الأموال، وأهمية الالتزام بالمعايير الدولية، وطالبت المؤسسات الشريكة بفرض عقوبات على المساهمين في غسيل الأموال" مؤكداً "أهمية تعزيز منظومة مكافحة غسيل الأموال من خلال العمل الجماعي لكافة المؤسسات".
ورفض طلال نشر حجم غسيل الأموال قبل "إنجاز التقييم الوطني" باعتبار ذلك "قد يشكل مخاطر على استقرار النظام المالي الفلسطيني والعلاقات المصرفية مع العالم"، مضيفاً أن "900 مليون دولار كحجم لغسيل الأموال رقم ضخم، وغير صحيح ولا يستند إلى أدلة ومعطيات رسمية".
لكن عبد الكريم اشتكى من عدم وجود آلية واضحة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسيل الأموال إضافة إلى ما وصفه "بالتكتم على أعمالها"، مشيراً إلى وجود "أزمة شفافية صارخة في عمل وحدة المتابعة المالية".