Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطباء بريطانيا مستنفرون حيال تجلط الدم بين متلقي لقاح "أسترازينيكا"

أبلغوا عن ثلاثين حالة منها في المملكة المتحدة في صفوف أكثر من 18 مليون شخص حصلوا على جرعة تطعيم

استنفر أطباء بريطانيا كي يواجهوا حالات نادرة من التجلطات الدموية في صفوف متلقي لقاح "أسترازينيكا" (أ ف ب)

صدر توجيه جديد إلى الأطباء بغية مساعدتهم في رصد اضطراب نادر من تجلّط الدم ربما يكون متعلقاً بلقاح "أكسفورد- أسترازينيكا" المضاد لفيروس كورونا، فيما أكدت هيئة تنظيم الأدوية في المملكة المتحدة، وفاة سبعة أشخاص بعد تلقّيهم العقار المذكور.

وقد ارتأت "الجمعية البريطانية لأمراض الدم" British Society for Haematology  أن تتخذ إجراءات في هذا الشأن، بعدما اعترى بعض الخبراء قلق تجاه عدد من حالات تخثّر الدم المرتبطة بمتلازمة نادرة تُعرف باسم "نقص الصفيحات الدموية" thrombocytopenia. [تؤدي الصفائح دوراً محورياً في الحفاظ على التوازن بين سيولة الدم وتخثّره. وفي ظل غيابها، يضطرب ذلك التوازن، مع حدوث تجلطات منتشرة في الأوعية الدموية. ويشبه ذلك ما يحصل عند حدوث تسمم وتكاثر واسع للبكتيريا في الدم].

واستطراداً، لاحظت الجمعية أن على الأطباء في بريطانيا أن يبقوا على "أهبة الاستعداد" للتصدّي لهذه المشكلة الصحية ومعرفة عمّا يبحثون وكيفية معالجته والإبلاغ عن الحالات كي يتسنّى جمع البيانات عنها في شكل صحيح.

معروف أن مرضى اضطراب "نقص الصفيحات" يعانون انخفاضاً شديداً في خلايا الصفائح الدموية في دمائهم، علماً أن وظيفة الصفيحات تكوين خثرات (تجلطات) بهدف وقف النزف من الأوعية الدموية المصابة.

لدى المصابين بهذا المرض، يعثر الأطباء على تجلطات دموية، لا سيما في الدماغ، يعتقد أنها ناتجة من وجود أجسام مضادة للصفائح الدموية تتسبّب في تدمير الأخيرة.

في العادة، تُشخّص هذه الإصابة لدى بعض المرضى الذين يتناولون دواء "الهيبارين" heparin المسيل للدم، بيد أن الحالات المرتبطة بلقاح "أكسفورد- أسترازينيكا" تحدث لدى مرضى لم يأخذوا الدواء المذكور.

 الخميس الماضي، صرّحت هيئة تنظيم الأدوية في المملكة المتحدة بأنها رصدت 30 حالة من التجلّط الدموي من بين أكثر من 18 مليون جرعة أعطيت من لقاح "أسترازينيكا". وذكرت أن سبعاً منها تسبّبت بوفاة أصحابها.

وحتى في حال ثبُت وجود ارتباط بين تجلط الدم ولقاح "أسترازينيكا"، فسيظل ذلك نادراً جداً، ما يعني أن استخدام اللقاح ما زال آمناً.

في الواقع، سيطرح اللقاح قدراً أقل بكثير من الخطر بالمقارنة مع فيروس كورونا بعينه الذي يشتهر بأنه يفاقم جداً إمكانية الإصابة بتجلطات في الدم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطراداً، تراجع "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية"، جميع حالات تجلّط الدم المسجلة، لكنها حثت عموم الناس على المضي في أخذ اللقاح بهدف الحماية من فيروس "كوفيد- 19".

في أوروبا، صدرت معلومات مسهبة حول حالات تجلط الدم التي يُشتبه في أن لقاح "أسترازينيكا" تسبّب بها. أما في المملكة المتحدة، فلم تُصدر الهيئة التنظيمية حتى الآن أي معلومات مستفيضة حول الأفراد المصابين بتلك المتلازمة.

في بياناتها بشأن الآثار الجانبية للقاح، تعتمد "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" على تقارير ترِد إلى نظام مراقبة السلامة في المملكة المتحدة المعروف باسم "برنامج البطاقة الصفراء". وفي المقابل، فإن مجرد تقديم تقرير، لا يعني أن اللقاح كان السبب المحدد لأيّ أثر جانبي.

وفي ذلك السياق، نقلت "الجمعية البريطانية لأمراض الدم" إلى الأطباء أن المتلازمة "رُصدت بعد الشروع في التطعيم ضد فيروس كورونا، والبارز أنها تؤثّر في المرضى من جميع الأعمار وكلا الجنسين. ولكن في الوقت الحالي، لا يتوفّر ما يدل بوضوح على عوامل الخطر".

وأضافت، "على الأطباء أن يكونوا على أهبة الاستعداد لهذه المتلازمة من أجل معرفة طريقة التشخيص والإحاطة بتفاصيل العلاج".

في مقابلة مع "اندبندنت"، ذكرت أديل فيلدنيغ، استشارية في أمراض الدم ورئيسة "الجمعية البريطانية لأمراض الدم"، أن التنبيه بشأن المتلازمة صدر بعدما اتصل أطباء بها، معربين عن قلقهم تجاه ما يشهدونه من حالات.

وبحسب فيلدينغ، "شعرنا أنه من المهم جداً أن نعلن هذا الأمر ونتأكد من أن الجميع على دراية به. ليس من مهماتنا تحديد أي علاقة (لتجلط الدم) بلقاح فيروس كورونا. ومن واجبنا تسليط الضوء على هذه المسألة كي يكون الناس على وعي تام بالحالات. وكذلك نحرص على أن يجري التعرّف إليها، إذ قد يصادفها مختلف المتخصصين بأشكال متعددة، ونريد أن نتأكد من أنهم سيتمكّنون من تشخيصها، وكذلك أن يعرف الجميع الجهة التي يقصدونها بهدف الحصول على المشورة والمساعدة".

في شرح عن ماهية المتلازمة، ذكرت فيلدينغ أن الحالة تظهر عادة لدى مرضى يتناولون دواء "هيبارين" [الذي يعمل أساساً على خفض تخثر الدم]، إذ تطوِّر أجهزتهم المناعية أجساماً مضادة للبروتين الذي يحمل الدواء في الدم، ويسمّى "عامل الصفيحات الدموية 4" (بّي أف 4)". [توضيحاً، حينما تضرب الأجسام المضادة بروتين "بّي إف 4"، يفقد دواء "هيبارين" العنصر الذي يحمله في الدم، ما يؤدي إلى جعله من دون فاعلية، فلا يسهم في زيادة سيولة الدم، بالتالي ترتفع إمكانية حدوث التجلطات فيه].

وكذلك ذكرت الدكتورة فيلدينغ أن تلك الحالة كانت تظهر في مرضى بعد تلقّيهم اللقاح. وأضافت "تتولّد الأجسام المضادة ذاتها، أي تلك التي تعمل ضد "عامل الصفائح الدموية 4".

واستكمالاً لتلك الصورة، ترى الدكتورة فيلدينغ أن "الأهمية التي تكتسيها هذه المسألة تنبع من أن الناس ليسوا قلقين بسبب مجرد حدوث تجلطات عادية في الدم، علماً أنها حالة شائعة، بل لأن التشخيص يقتضي الخضوع لفحص معين، ومن الضروري رصد هذه المتلازمة المحددة، لذا تتوفّر خوارزمية طبية لا بد من مراجعتها كي تعرف إذا كنت تعاني هذا الاضطراب أو لا".

وتابعت، "التوجيه الذي أصدرناه للأطباء يتيح لهم الاطلاع على خوارزمية طبية بسيطة نوعاً ما، تسمح لهم بتشخيص الحالات التي يعاينونها على أنها تجلط دم [من النوع المتصل بوجود أجسام مضادة لـ"بّي أف 4"] أو لا".

وفق الدكتورة فيلدينغ، "لم تكن الفحوص الطبية الخاصة بتلك المتلازمة، تُعتمد بشكل شائع في المستشفيات، بل تُرسل في العادة إلى المختبرات. إن تلك المتلازمة مهددة للحياة، خصوصاً في حال عدم تطبيق العلاج الصحيح".

وفي الإطار ذاته، نصحت الأطباء بأن "عليكم معالجة المرضى بطريقة مغايرة للمعتاد. في العادة، تعطون المرضى دواء هيبارين كمضاد لتجلط الدم إذا لاحظتم أنهم يعانون تجلطات في الدم، ولكن يجب عدم استخدام هيبارين [في حال ظهور التجلطات المرتبطة بوجود أجسام مضادة من نوع "بّي أف 4"]. وفي الغالب، تلجأون إلى عمليات نقل الصفائح الدموية إلى مريض يعاني انخفاضاً شديداً في عدد الصفائح الدموية، ولكن مرة أخرى عليكم الامتناع عن ذلك. كذلك من المهم جداً التوصل إلى التعرف إلى تلك الحالات كي نتمكّن من تطبيق العلاجات البديلة".

تذكيراً، صرحت "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" أن 22 تقريراً ورد إليها عن تجلطات في الجيوب الوريدية الدماغية، أو تجلطات دم في الدماغ، وثمانية بلاغات عن "نقص الصفائح الدموية".

في المقابل، أفادت الهيئات التنظيمية بأنها لم تتلقَّ أي تقارير عن تجلطات في الدم بعد استخدام لقاح "فايزر- بايونتيك" Pfizer-BioNTech.

وعن ذلك الأمر، أوضح البروفيسور آدم فين من "جامعة بريستول"، أن "التقرير يذكر أن التحقق من تلك الحالات لم يتّسم بدقة بالغة تتيح معرفة ما إذا كانت لها علاقة سببية مع التطعيم أو لا".

وعلى الرغم من ذلك، بحسب إضافة من البروفيسور فين، "إن الندرة الشديدة لتلك الحالات ضمن الملايين الكثيرة من جرعات اللقاح التي أعطيت للناس، تعني أن القرار بشأن المخاطر والفوائد الذي يواجه الأشخاص المدعوين إلى تلقّي لقاحات كوفيد- 19 واضح جداً، إذ يتمثّل ذلك القرار في أن تلقّي اللقاح يشكّل الخيار الأكثر أماناً في ما يتعلّق بخفض خطر الإصابة بمرض خطير أو الوفاة" بسبب كورونا.

وتذكيراً، أثيرت مخاوف بشأن حالات تخثر الدم بعد طرح لقاح "أكسفورد- أسترازينيكا" في أوروبا. وعلّقت ألمانيا استخدام اللقاح للفئة العمرية ما دون الـ60 سنة، ثم حذت هولندا حذوها.

في المقابل، ذكر رئيس "هيئة الأدوية الأوروبية" أنه "لا يتوفّر دليل" يدعم تقييد استخدام لقاح "أسترازينيكا" في أي مجموعة سكانية. وكذلك ذكرت الهيئة أن العلاقة السببية بين تجلّط الدم النادر لدى الأشخاص الذين تلقّوا اللقاح "غير مثبتة، لكنها محتملة".

من وجهة نظر الدكتورة جون رين، Dr June Raine الرئيسة التنفيذية لـ"هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية"، ما زالت فوائد لقاح "أسترازينيكا" في الوقاية من عدوى "كوفيد- 19" ومضاعفاته تفوق أي مخاطر قد يتسبّب بها، وعلى الناس عدم الإعراض عن تلقّي لقاحهم عند دعوتهم إلى ذلك".

وأوضحت أن الهيئة تواصل "المراجعة الشاملة للتقارير بشأن تجلطات الدم. ونطلب من المتخصصين في الرعاية الصحية الإبلاغ عن كل الحالات التي يُشتبه في ارتباطها بلقاح كوفيد- 19 عبر الموقع الإلكتروني لبرنامج البطاقة الصفراء الخاص بفيروس كورونا".

© The Independent

المزيد من صحة