Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدم التنقل والعمل بملابس النوم: هذا ما نود الاحتفاظ به من سنة الحجر

بعد عام قضيناه في المنازل، ناتاشا بريسكي تسأل فريق عمل "اندبندنت" عن عادات العيش خلال الحجر التي يرغبون في الإبقاء عليها بعد 21 يونيو

"مثّل قرار العمل من المنزل بالنسبة لي وإلى موظفين كثيرين آخرين، هدية لا مثيل لها" (غيتي)

في مثل هذا اليوم منذ سنة خلت، أعلن بوريس جونسون عبر كلمة متلفزة تابعها أكثر من 25 مليون شخص، أول إغلاق وطني عام في بريطانيا. وناشد رئيس الوزراء البريطانيين آنذاك بـ"البقاء في البيوت وحماية العاملين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وإنقاذ حياة الناس". كما ذكر "لقد حان الوقت الآن بالنسبة إلينا جميعاً كي نعمل أكثر. ابتداءً من هذه الليلة، سأقدم للبريطانيين توجيهاً في غاية البساطة – عليكم التزام بيوتكم".

بيد أن معظمنا لم تخطر على باله فكرة أنه بعد مرور سنة كاملة، سنبقى غير قادرين على زيارة منازل أصدقائنا، أو الذهاب إلى مكاتب عملنا، إذ إن الإغلاق فرض علينا طريقة عيش طارئة ومفاهيم جديدة ("المباعدة الاجتماعية" مثلًا). ويشتمل عدد من مظاهر العيش الطارئة هذه على الرتابة والعزلة والقلق. لكن هل اكتسبنا من هذه التجربة شيئاً يمكن أن نحمله معنا ونعتبره تغييراً إيجابيّاً في حياتنا، أم إضافة جديدة إليها؟

هنا في هذا التحقيق، يخبرنا أعضاء من فريق عمل "اندبندنت" عن الأمور التي اكتسبوها من تجربة الأشهر الـ 12 المنصرمة ويودّون الاحتفاظ بها حين تعود الحياة إلى ما يشبه نمطها الاعتيادي.

ملاقاة الاصدقاء في الخارج

فكتوريا ريتشاردز، محررة تكليف أساسية، "فويسيز" Voices

لقاء صديق والسير معاً في متنزّه محلي بالجوار، أو القيام بجولة مشي في الحي مساءً. وبدل التهافت إلى وسط لندن لثلاث أمسيات في الأسبوع، وقضاء ساعات في المترو، اعتدت الآن على القيام بجولات هادئة في شوارع الحي الذي أقطنه. حمل القارورة الحافظة للشاي (أو عبوة مشروب طاقة)، تنشّق الهواء المنعش، الدردشة، "التنفيس" مع الأصدقاء عبر أحاديث حول أدائنا خلال الحجر وتعاملنا معه. هذه كلها أمور مفيدة، تقوّينا في حياتنا، وتستعيد أشياء لذيذة من فترة المراهقة. كما أنها تفترض وقتاً يقضيه المرء في الخارج، من دون تكاليف تُذكر.

العمل من البيت

جوانا وايتهيد، مراسلة مستقلة في قسم "لايفستايل"

"لن يصدق أحفادنا أننا كنّا نقصد مكاتب العمل فقط كي نضع سماعات الرأس لنحجب ضجيج زملائنا، ونلفّ أنفسنا بشالات صوف عملاقة في مواجهة الصقيع"، غرّدت الكاتبة والمحررة جيني ديسموند- هاريس في سبتمبر (أيلول) الماضي، وقد تلقّت تغريدتها هذه الإعجاب من 50 ألف متابع في "تويتر". هل ثمة كلمات أصدق تعبّر عن واقع الحال؟

مثّل قرار العمل من المنزل بالنسبة لي وإلى موظفين كثيرين آخرين، هدية لا مثيل لها. فأنا شديدة الحرص على الموازنة بين الوظيفة والحياة، وقد جاء غياب الحاجة للتنقل اليومي بين العمل والبيت ليكسبني ثلاث ساعات إضافية في اليوم، وهذه الأخيرة لم تسهم إلا في تحسين صحتي النفسية على نحو حاسم، إذ جعلتني أكثر سعادة وزادت من طاقتي الإنتاجية في العمل. لقد حظيت بفترات نوم أطول والمزيد من التمارين، وبوقت أطول أقضيه مع من أحب. كما أنني وفّرت مئات الجنيهات الإسترلينية، بدل إنفاقها ضمن موازنة التنقل. وعلى الرغم من تشديد أرباب عمل كثيرين على "صحة الموظفين"، إلا أن الفشل في الانتباه إلى المكاسب الكثيرة الناتجة من أداء الموظفين لأعمالهم من منازلهم يبقى أمراً مُحبطاً ومعيباً.

من السهل أن ننسى في خضم "مطحنة" الرأسمالية التي نحيا فيها أننا نعمل لنعيش وليس العكس، لكن كان مشجعاً أيضاً أن نرى شركات كبرى مثل "يونيليفير" Unilever و"تويتر" و"غوغل"، تتبنّى مقاربات أكثر مرونة للعمل. وعلى الرغم من أن الأمر جاء بعد طول انتظار، إلا أنني آمل في أن يقوم المزيد من الشركات باعتماد تلك المقاربات تزامناً مع تخفيف تدابير الإغلاق العام.

التخفّف من الماكياج   

إيلي أبراهام، مراسلة مستقلة لقسم "لايفستايل"

عندما يحلّ صباح الاثنين، يصعب على المرء الآن أن يصدق كيف كانت نساء كثيرات قبل إغلاق كورونا يتكبّدن عناء التبرّج والاستخدام الكامل لماكياج الوجه قبل التوجه إلى الوظيفة. وتلك كانت مجرد خطوة زائدة في روتين الصباح، لكني أشعر أنها تنتمي إلى زمن بعيد، وأنا لا أفتقد لها أبداً. ومع وقتنا الأطول الذي نقضيه في المنزل، فإن هناك أشخاصاً أقل ممن قد يُجفلهم منظر حَبّ الشباب والبثور على بشرتي. حتى إنني عندما أخرج من البيت، بتّ أقل انتباهاً واهتماماً بمظهري. كما أن بشرتي كانت ممتنة لهذا الأمر. فأنا عانيت من مشكلات أقل في هذا الإطار (بغض النظر عن تلك الناجمة عن الكمامة السخيفة، تحديداً في موضع ارتدائها) نتيجة منح بشرتي، للمرة الأولى منذ سنوات، فرصة للتنفّس والراحة على مدى فترات طويلة.

في مناسبات نادرة، أضع الماكياج لحضور اجتماعات عمل مهمة عبر "زوم"، مثلاً، عندها ألاحظ أنني ألقي نظرة سريعة إلى نفسي في المرآة، وأقول: من هذه المرأة الجديدة! بفضل إغلاق كورونا، غدا الماكياج اليوم من الكماليات بالنسبة لي. إنه عظيم حين أحتاج إلى ما يرفع معنوياتي، أو عندما أشعر بحاجة إلى شيء مختلف. لكنني الآن، وعلى نحو أكثر من السابق، صرت أعتبره خياراً شخصياً، وليس أمراً ينبغي عليّ كامراة استخدامه وفق ما يفرضه المجتمع على النساء.

المحادثات الهاتفية مع العائلة

إيلي فراي، نائب رئيس التحرير

لا مجازفة في القول إننا جميعاً، في هذه المرحلة، سئمنا من سماع عبارة "امتحان الزوم" Zoom quiz. وباعتباري عدوّة للمناسبات الافتراضية (على الإنترنت)، تمكّنت لحسن حظي من تلافي أكبر قدر ممكن منها خلال السنة الماضية، إذ إن إجباري على المشاركة في أي نوع من تلك المسابقات يصيبني بالتململ والسأم. كما أنني لم أكن يوماً من عشاق مكالمات الفيديو، على الرغم من خوضي علاقة من بُعد، إذ تعدّ المكالمات المذكورة لمن هم في مثل حالتي، بمثابة طوق نجاة لعلاقتهم. فتلك المكالمات برأيي، تبدو مصطنعة إلى حدّ ما، كوننا نقضي معظم وقت المكالمة لتفقّد المظهر الذي يبدو عليه الشريك، بدل خوض حديث حقيقي معه.

الجانب التقليدي منّي يفصح عن تعلّقٍ بالغ بالمكالمة الهاتفية البسيطة. وإن كان ثمة شيء واحد أودّ الاحتفاظ به من عادات سنة الإغلاق والحجر، فهي مكالمة جدتي في كل مساء، عند الساعة التاسعة تماماً. كنت على الدوام مقرّبة من جدتي، لكنني خلال السنة الماضية تعرفت إليها أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من أنها كانت في الطرف الآخر من الهاتف. روت لي قصصاً عن طفولتها، وأخبرتني بحماسة شديدة عن نظرة جدي الحاذقة في الأزياء والموضة، وضحكنا كثيراً على قصص ضياعها خلال أسفارها. حتى إنها بلغت مرحلة قراءة الشعر لي في كل مساء، الأمر الذي أسهم بالتأكيد في جعل كل يوم من فترة الإغلاق الرتيبة، أخفّ وطأة وأكثر إشراقاً.

يخجلني القول إنه قبل الجائحة، كان من النادر أن أتصل بجدتي. وعلى الرغم من أن هذا التقليد الجديد الناشئ بيننا قد لا يستمر في كل مساء عندما يعود العالم إلى سابق عهده، إلا أنني سأبذل كل ما في وسعي كي يبقى الاتصال في ما بيننا أكثر انتظاماً. فالجائحة بالنسبة لي أثبتت أنه ليس من الضروري الاقتراب الجسدي من الآخر كي نشعر، أكثر من أي وقت مضى، بدفء العلاقة.

سروال الرياضة 

إلينور جونز، رئيسة التحرير التنفيذية

كان الجينز قبل الإغلاق ثيابي "الاعتيادية" المفضلة، حتى إنني لم أملك سروالاً للرياضة (آه من طيش الشباب في زمن ما قبل الجائحة). وحين لاحظت أننا نعمل من المنزل لمدة أطول من بضعة أسابيع، وأن الجميع بدأوا سلفاً اعتماد ثياب البيت، انتابتني الحماسة كي أحذو حذوهم. فذهبت إلى محلات "إتش أند أم" H & M القريبة في منطقتنا، واشتريت بنطال رياضة فضفاضاً، عالي الخصر، بسعر 12.99 جنيه إسترليني. ويا عزيزي القارئ، إنها نعمة حلّت عليّ. منذ ذلك الحين، وعلى مدى السنة الماضية، اشتريت نوع البنطال ذاته مرات عدة، وارتديت تلك السراويل مع أي شيء، من السترات ملفوفة الرقبة إلى القمصان الخفيفة. كما أنني بدأت بالبحث عن أنماط "ذكية" من السروايل المذكورة تناسب العودة المنتظرة، في النهاية، إلى المكتب (إنها ثياب جيدة فعلاً). وباختصار، أنا لا أصدق أنني قضيت ثلاثين سنة أوهم نفسي بأن الجينز مريح. من الآن وإلى الأبد: المرونة أهم من الموضة.

أن لا تفعل شيئاً من دون عقدة ذنب

صوفي غالاهر، نائب رئيس تحرير قسم "لايفستايل"

دائماً على مدى حياتي المهنية، وأنا في سن الرشد، كنت أرغب في قضاء عطل نهاية الأسبوع بهدوء وسكينة، لكن ذلك في العالم القديم [ما قبل الجائحة]، كان يسبب الشعور بالذنب، خصوصاً إن لم أنجز ما أستفيد منه في وقت العطلة.

بيد أن الإغلاق أنهى كل ذلك، إذ إن المرء لم يكُن بحاجة لفعل أي شيء، لأن ذاك بالضبط ما كان مطلوباً منه. طريقة التفكير هذه بدت بالنسبة لي تحمل على التعافي. وعلى الرغم من أنني سلفاً قادرة على تحسّس ما سيعتريني من "خوف جامح تجاه تفويت أي شيء" عندما يُرفع الإغلاق، إلا أنني في المقابل أحتاج إلى مقاومة إغراء القيام بجميع الخطط الموضوعة والعودة من جديد إلى حالة الاستنزاف.

المحافظة على مسافة المترين بيننا والآخرين

كاثي آدامس، رئيسة قسم السفر

 جاءت "قاعدة المترين" بالنسبة لي لتمثّل هدية غير متوقعة أنعمت بها الجائحة عليّ. فأنا بعلاقتي مع الأصدقاء والعائلة لست شخصاً يستسيغ اللمس على نحو خاص، كما أنني في العمل أرى السجال في كيفية إلقاء التحية على شخص من الأشخاص، سجالاً مزعجاً للغاية. هل ينبغي المصافحة بيد متعرقة؟ أو التقبيل على الخدين؟ أم العناق؟ أو، لا سمح الله، الخوض في قبلة على الخدين المتقابلين، والانتهاء بقبلة على الفم والشعر والأذنين. وكان لسان حالي تكفيني حتى إشارة بالقدم أو إيماءة بالرأس تحيةً في أي يوم.

الانتقال من مرحلة إلى أخرى بإرادتنا

ناتاشا بريسكي، مراسلة أساسية في قسم "لايفستايل"

في مرحلة ما قبل الجائحة، كان الصعود تباعاً في ثلاث عربات مترو لرؤية صديق (إذا كان ركوب "الخط الأساسي" مطلوباً)، والوصول إلى الموعد بأهداب ندية وإبطين متعرقين، أموراً تعدّ ثمناً عادلاً للحياة الاجتماعية. لكن مع حلول الجائحة والإغلاق، غدت الرحلة للقاء صديق جزءًا لا يتجزّأ من بهجة المناسبة، وأنا سأكون سعيدة للمشي ساعة، أو حتى ساعتين، للقاء شخص ما، متمتعة بمشاهد ومناظر كانت ستفوتني لو استقلّيت عربة المترو.

وعلى هذا المنوال، فإن الأصدقاء الذين كانوا في السابق يرتابون من ركوب الدراجات الهوائية، اشتروا الآن دراجات، وقد شجعهم على ذلك هدوء الطرقات الذي ساد بفضل الإغلاق. من دون شك، العادات القديمة ستعاود التسلل إلى حياتنا ما إن تفتح الحانات والمكاتب أبوابها من جديد، إلا أنني أظل متحمسة لإبقاء "التنقل الحريص" و"الانتباه إلى المسافة الفاصلة" لأطول فترة ممكنة.

طاولة الخدمة في الحانات

أندرو نوتي، مراسل الشؤون الأميركية

في بلدان أخرى، بلدان كثيرة فعلاً، يعرفون كيف يقفون في صف انتظار بالحانات. نحن لا نعرف هذا. بل نبدأ بالتجوّل في الحانة ما أن نحصل على طلبنا، فنُعيق خط الإمداد ونسدّ الطريق الواصل إلى النادل، وبفظاظة نتجاهل بعضنا بعضاً ونحن نتنشّق الدخان المتصاعد من صحون الجمبري المقلي، متذمرين من دفع ما يقارب الـ 7 جنيهات إسترلينية ثمن كأس بيرة "أمستل" (لكننا ندفع المبلغ عن طيب خاطر).

"كوفيد" أنهى كل ذلك وأجبرنا على الجلوس والانتظار والتحدث مع الندل بصوت يناسب الوجود داخل حانة، ومن ثم شكرهم عندما يحضرون لنا طلبياتنا. تخيلوا لو أننا نستطيع أن نحيا على هذا النحو إلى الأبد. ولننشئ خطاً منتظماً من الكراسي في الحانة حين نكون داخلها، كي يمكننا اللحاق بتقليد "حانة الغوص" الأميركية dive bar، فندخل الحانة فرادى ونجلس خلف البار ونشرع بالحديث مع أيّ كان، بدل الاضطرار إلى إزاحة رقبة أحدهم كي نتمكّن من تناول كيس فستق لعين.

الركض نمط تمريننا الأساسي

كايت نغ، مراسلة الشؤون السياسية

لم أكن يوماً من نمط الأشخاص الذين يستمتعون بالركض، إذ كنت اعتبره مرهقاً جدا ومضجراً، ونشاطاً يمارسه الشخص فقط كي يحاول إلزام جسمه العمل بطريقة معينة. هذا ربما له علاقة بحقيقة أنني مارست الركض دائماً على آلة الجري treadmill داخل نادٍ رياضي، ومقابل جدار فارغ... لن نعرف حقيقة الأمر أبداً.

لكن عندما حلّ الإغلاق وأقفلت جميع الأندية الرياضية، بدا واضحاً أن شقتي صغيرة جداً وأرضياتها لا تناسب ممارسة أي نوع من التمارين الصارمة، فاضطررت للإقرار بحقيقة أن الركض في الخارج يمثل واحداً من الطرق القليلة التي يمكنني عبرها المحافظة على نشاطي ولياقتي.

وكوني محظوظة بالعيش على مقربة من مرج ومتنزّه، نزلت تطبيق "كاوتش تو 5 كيلومتر" Couch to 5K وبدأت أركض بانتظام في فصل الربيع. وتعرفون ماذا؟ لقد كان الأمر رائعاً. حققت هدف الـ 5 كيلومترات واصلت الركض، على الرغم من استسلامي وقطعت إيقاعي ذاك في ديسمبر (كانون الأول) عندما حلّ البرد الشديد. لكني الآن عدت إلى الركض، وهدفي بلوغُ الـ 10 كيلومترات في الحصة الواحدة، تزامناً مع حلول عيد ميلادي في أواسط السنة. وإني إذ أقوم بذلك في الخارج وعلى الملأ، أشعر بوجوب تحقيقه... 

    

  

© The Independent

المزيد من منوعات