Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التمييز على أساس السن يقود إلى العزلة والوفاة المبكرة

دعت "الصحة العالمية" إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ استراتيجيات فعالة لمكافحة التفرقة العمرية

تدعو منظمة الصحة العالمية إلى المسارعة باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة التمييز على أساس السن. (أ ف ب)

هل نعيش في مجتمع يمارس التمييز على المسنين؟ إن كنا كذلك فالأمر سيقودهم إلى "إضعاف الصحة والعزلة الاجتماعية والوفاة المبكرة" حسب تقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، وهو أيضاً أمر "يكلف المجتمعات مليارات الدولارات".

وجاء في التقرير الذي يُعتقد فيه "أن شخصاً من أصل اثنين في العالم يتبع سلوكيات تمييزية على أساس السن"، كما أن الاستجابة لجائحة كورونا كشفت عن مدى انتشار ظاهرة التمييز على أساس السن، "إذ تنتشر القوالب النمطية المتعلقة بالمسنين والشباب في الخطاب العام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويُستخدم السن في بعض السياقات معياراً وحيداً للحصول على الرعاية الطبية والعلاجات المنقذة للحياة والعزل الجسدي". بحسب التقرير.

ودعت المنظمة العالمية إلى المسارعة "باتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ استراتيجيات فعالة لمكافحة التمييز على أساس السن، من خلال تحسين أساليب القياس، والإبلاغ لكشف الأمر على حقيقته".

حول ذلك، يقول مستشارون نفسيون واقتصاديون، إن ثمة عواقب وخيمة نفسية واقتصادية جراء الاستمرار في ذلك من عدة جوانب.

العنصرية المقيتة

يصف الاستشاري النفسي السعودي عبد الله الوايلي التمييز السني بـ"العنصرية المقيتة"، مشيراً بذلك إلى أسباب تأخر الحريات الإنسانية، وعدم الاعتراف بالحقوق وممارستها من كل المجالات.

وأضاف أن التفرقة العمرية "تضع معايير خاصة بين البشر، وتقسمهم إلى مجموعات، على اعتبار أن بعضهم أقل من الآخر تبعاً لمعيار السن". لافتاً أن هذا السلوك الذي يقوم على التهميش "سبيل نحو صراعات خفية وظاهرة".

وتابع، أن ما وصفه بالسلوك الجريمي المرفوض من كل المجتمعات، يمثل "تقييداً للحريات، والتسلط، وانتهاكاً لحقوق الإنسان، سواء كان من خلال التمييز العمري ضد الأطفال، أو المراهقين، أو المسنين. ويترتب على ذلك، عواقب وخيمة تشتد من الناحية النفسية".
وسلط الضوء على الموظفين، والبالغين سن التقاعد. مبيناً أنهم "أكثر المعنيين بذلك، سواء بالحرمان من الوظائف الجديدة، أو التهديد بالطرد باسم التقاعد المبكر".

تكاتف مجتمعي

وحين سُئل حول الطريقة الصحيحة تضامناً مع التحدي العالمي. دعا الوايلي إلى وقفة شديدة تتكاتف من خلالها كل الجهات المسؤولة، بما فيها الفرد نفسه، لوقف هذا النوع من التمييز كتحد حقيقي على نحو شديد الجدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف، "على الكل رفض هذا التمييز من خلال طرق وقائية موقفية واجتماعية، وفق مكونات رئيسة تعمل جنباً إلى جنب، تشمل القوانين الوضعية والشرعية التي تضع السياسات الاجتماعية وتطبقها، وتعمل على قدم وساق من أجل حماية الأفراد والمجتمع كأجيال، ونشر التوعية والأنشطة الاجتماعية، لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتغيير الأعراف الاجتماعية التعصبية، والتماسك والمساندة، والمسايرة من قبل أفراد المجتمع".

الدور الاقتصادي

واستناداً إلى ما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية، فإن التقديرات في أستراليا تشير إلى أنه إذا ما جرى توظيف خمسة في المئة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 55 عاماً أو أكثر، فإن ذلك سيؤثر إيجاباً مقداره 48 مليار دولار أسترالي سنوياً على الاقتصاد الوطني.

إلى ذلك، ذكر عضو الجمعية السعودية للاقتصاد عبد الله المغلوث، أن العمال الكبار ونظراءهم الشباب يتمتعون بمهارات تكمل بعضها بعضاً، وكما هو مثبت فإن الجماعات التي ينتمي أعضاؤها لأجيال مختلفة أكثر كفاءة من تلك الأقل تنوعاً، ما هو مثبت على أرض الواقع بحسبة. فبينما كان عدد كبار السن في عام 1960 يمثلون 4.9 من سكان العالم، يتوقع مع حلول 2050 أن يمثلوا 17 في المئة، بحسب دراسة رسمية.

وربط المغلوث هذا التحول في التركيبة السكانية بمجالات سوق العمل، مستنداً في ذلك إلى دراسة أخرى أجراها مكتب إحصاءات العمالة في الولايات المتحدة، موضحاً، "تشير الدراسة إلى أنه بحلول 2026 سيكون هناك واحد من بين كل 10 عمال في أواخر السبعينيات من العمر، وستتراوح أعمار ثلاثة من بين كل عشرة عمال ما بين 65 و74 عاماً، كما هي الحال في اليابان".

وتابع، "فيما يشير الظاهر إلى أن سبب انخفاض الإنتاجية وتباطؤ النمو الاقتصادي ضعف مستوى أداء كبار السن مقارنة مع نظرائهم الشباب، إلا أن الحقيقة على عكس ما توحي به الصورة النمطية، ليست زيادة أعداد العمال من كبار السن وانخفاض كفاءتهم، بل لأن بعض كبار السن الذين يغادرون سوق العمل لا تزال لديهم قدرة هائلة على العطاء".

بينما تؤثر الطريقة التي يتفاعل بها العمال مع بعضهم بعضاً في إنتاجية المؤسسة ككل، ويؤدي الفراغ الذي يتركه العمال الأكثر خبرة بعد التقاعد إلى تدني الإنتاجية، ولفت المغلوث إلى أن "كثيراً من الدول وضعت في مقدمة أولوياتها تزايد شيخوخة السكان، وتدريبهم بالتعاون مع العاملين الشباب". مبيناً أن الاحتفاظ بالموظفين الكبار على عكس ما هو متوقع يسهم في تحسين الأجور، ويزيد من فرص العمل، ويعود بالنفع على الاقتصاد، ويخفض نمو البطالة.

وفقاً للتقديرات التي وردت في تقرير الجهة المعنية بالأمر، فإن نحو 6.3 مليون حالة اكتئاب في العالم تعزى إلى التمييز على أساس السن. وهو يتقاطع مع أشكال أخرى من التحيز والحرمان ويفاقمها، بما فيها تلك المتعلقة بالجنس والعرق والإعاقة، مُحدثاً تأثيراً سلبياً على صحة الناس ورفاههم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير