استمرت أسعار النفط في الهبوط مع تجدد المخاوف من احتمال أن تقود إجراءات عزل عام في أوروبا إلى إبطاء تعافٍ متوقع للطلب على منتجات الوقود. وانخفض سعر برنت 34 سنتاً، ما يعادل 0.5 في المئة، إلى 64.19 دولار للبرميل. في الوقت ذاته، فقد الخام الأميركي 21 سنتاً، ما يعادل 0.3 في المئة، إلى 61.21 دولار للبرميل. وهبط العقدان أكثر من ستة في المئة الأسبوع الماضي.
وقال جيفري هالي، كبير محللي السوق في شركة "أواندا" لتحويل العملات، إن "تمديد إجراءات العزل في ألمانيا والإغلاق الجزئي في فرنسا، يستمران في الضغط على معنويات الاستهلاك في الاتحاد الأوروبي". وتعتزم ألمانيا تمديد إجراءات العزل لاحتواء الإصابات بكورونا للشهر الخامس على التوالي وفقاً لمسودة مقترح، بعد أن فاقت الإصابات الجديدة مستويات تقول السلطات إنها ستضغط كثيراً على المستشفيات.
عودة الطلب
في غضون ذلك، بدأت شركات أميركية عاملة في مجال الطاقة في الأسبوع المنتهي يوم الجمعة الماضي، باستغلال الصعود السابق لأسعار النفط نتيجة التفاؤل في شأن عودة الطلب. وأضافت أكبر عدد من الحفارات لاستخراج النفط منذ يناير (كانون الثاني) 2021،.
وقالت شركة "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة، الجمعة، في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن عدد حفارات النفط والغاز، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلاً، ارتفع بمقدار تسعة حفارات إلى 411 في الأسبوع الماضي، وهو الأعلى منذ أبريل (نيسان) 2020. وزاد عدد الحفارات على مدار الأشهر السبعة الماضية وزاد نحو 70 في المئة، من مستواه المتدني في أغسطس (آب) عند 244 حفاراً.
أرامكو تتجه لرفع الانتاج
الى ذلك قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، "إن الشركة الوطنية العملاقة متفائلة في شأن سوق النفط، وتتوقع تعافياً قوياً للطلب." بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
وقال أمين الناصر في مكالمة مع محللين، "نحن متفائلون للغاية حيال الطلب على النفط مستقبلاً." وأضاف، "أرامكو تعكف على مرحلة الأعمال الهندسية التفصيلية لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل تدريجياً على مدى الأعوام القليلة المقبلة".
إمدادات النفط للصين
من جهة أخرى، وعلى ضوء تصريحات الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو"، المهندس أمين الناصر، يبدو أن إمدادات النفط للقارة الآسيوية ستشهد طفرة خلال العقود القادمة، إذ كشف عن نية السعودية في منح أولوية لإمداداتها النفطية إلى الصين في السنوات الخمسين المقبلة.
وتعتبر الصين ثاني أقوى اقتصاد عالمياً، وتمتلك قوة إنتاجية تمكنها من تصدير مواد كثيرة إلى العالم، ما يعني ارتفاع الطلب من قبلها على الطاقة، بفضل خططها الإنتاجية العالية. في المقابل، تتحفظ السعودية بمركزها في صدارة منتجي الطاقة التقليدية، بقدرة إنتاجية تصل تتراوح عادةً بين 9 إلى 10 ملايين برميل يومياً.
أولوية الـ50 عاماً للصين
وأبلغ أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو"، منتدى التنمية الصيني، أن عملاق النفط السعودي سيعطي الأولوية لأمن الطاقة إلى الصين على مدى الـ50 عاماً المقبلة، وما بعدها. وقال الناصر، إن "ضمان استمرار أمن احتياجات الصين من الطاقة يظل في صدارة أولوياتنا، ليس فقط للسنوات الخمس المقبلة، ولكن لـ50 سنة مقبلة، وما بعدها"، مضيفاً أن "أرامكو ترى أن حلول الطاقة المستدامة ضرورية لتحويل الطاقة عالمياً بشكل أسرع وأكثر سلاسة، ولكن من الناحية الواقعية سيستغرق هذا بعض الوقت نظراً لوجود بدائل قليلة للنفط في مجالات عدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الوباء لم يؤثر على الطلب الصيني
وكان الناصر قد ذكر في وقت سابق أن الطلب الصيني قريب جداً من مستويات ما قبل الوباء، بينما شهدت آسيا، وتحديداً منطقة شرق آسيا، تعافياً قوياً، إلى جانب كونها مورداً رئيساً لاحتياجات الصين من الطاقة. وقال الناصر إن "أرامكو في وضع جيد لمساعدة الصين على تحقيق هدفها المئوي الثاني في تحول الطاقة".
فرص الاستثمار لـ"أرامكو"
وتابع الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" أن الشركة تلحظ فرصاً لمزيد من الاستثمار في مشاريع تستهدف مساعدة الصين على تلبية حاجاتها في مجالات النقل الثقيل والكيماويات، فضلاً عن زيوت المحركات والمواد غير المعدنية. وأكد أن "أرامكو تعمل مع الجامعات والشركات الصينية على أنظمة وتقنيات وقود المحركات الأنظف لتحويل الخام إلى كيماويات، وتقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري من مصادر الطاقة الحالية".
وذكر رئيس الشركة النفطية السعودية أن لـ"أرامكو" طموحات أكثر جرأة لتوسيع وتكثيف التعاون البحثي مع الصين، مضيفاً أنه "من المحتمل أن يكون هناك تعاون إضافي في شأن ما يسمى تقنيات الهيدروجين الأزرق والأمونيا واحتجاز الكربون، وغيرها". وتوقع المتخصصون في معهد الأبحاث التابع لمؤسسة البترول الوطنية الصينية، أن يتم وضع حد لطلب الصين على النفط عند مستوى 730 مليون طن بحلول عام 2025 تقريباً، بناءً على تعهدات بكين بخصوص الاتفاق المناخي.
التصدير السعودي للصين
وأظهرت الجمارك الصينية، السبت الماضي 20 مارس (آذار) الحالي، أن السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، تحتفظ بمركزها كأكبر مورد للصين في الشهرين الأولين من عام 2021، مع ارتفاع واردات النفط 2.1 في المئة إلى 1.86 مليون برميل يومياً.
كما تفوقت السعودية على روسيا بمحافظتها على تصنيفها كأكبر مورد للخام إلى الصين في عام 2020، على الرغم من تخفيضات الإنتاج غير المسبوقة بموجب اتفاق بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها لتحقيق توازن في الأسواق العالمية، بعد تراجع الطلب بعد جائحة كوورنا.
في المقابل، تسعى الصين إلى احتواء استهلاكها المفرط للطاقة التقليدية، إذ أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن بلاده ستصل إلى الذروة في انبعاثاتها الكربونية قبل عام 2030، في حين ستصل إلى حياد الكربون بحلول عام 2060، وهو تعهد من المتوقع أن يحدث تحولاً جذرياً في قطاعي الطاقة والتصنيع.