رسالة جماعية بعثها زعماء عديد من الدول الأفريقية، لتأكيد حاجة شعوب القارة السمراء إلى توفير لقاحات كورونا "بشكل عادل"، خلال كلماتهم في افتتاح الدورة الثانية من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة بأفريقيا، الذي تقيمه مصر، بصورة افتراضية عبر منصة إلكترونية، بسبب القيود التي فرضتها الجائحة.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المنتدى، الذي جاء تحت عنوان "سبل التعافي من جائحة كورونا بما يعزز السلام والتنمية المستدامين في أفريقيا"، بتأكيد أن التضامن الدولي ضرورة لتخرج الإنسانية من أزمة الوباء. وجدد التذكير بـ"المطلب الأفريقي" بضرورة توفير اللقاح المضاد للفيروس "بشكل أكثر إنصافاً وعدلاً، تلبية لمطالب شعوب قارتنا".
الرؤساء: أفريقيا بحاجة إلى اللقاح
شارك زعماء عشر دول أفريقية بكلمات مسجلة أشاروا خلالها إلى أهمية حصول شعوب القارة على اللقاح، حيث قال الرئيس الرواندي، بول كاجامي، إن الجائحة أثبتت أهمية التعاون في المجال الصحي وضرورة دعم شراء العقاقير لصالح شعوبنا، داعياً الدول الأفريقية إلى الحديث بصوت واحد في شأن إتاحة اللقاحات، ولافتاً إلى ضرورة خلق "سلاسل توريد طبية بشكل مشترك بين دول القارة".
وأضاف رئيس الغابون، علي بونجو، أن الجائحة كشفت عن "هشاشة المنظمات الدولية" التي عطلت تحقيق أجندة التنمية في القارة السمراء، مشدداً على ضرورة بذل مزيد من الجهد لزيادة كفاءة الحكومات الأفريقية، لتخطي الأزمة ووقف آثار الجائحة، بينما أكد سيلفا كير، رئيس جنوب السودان، أهمية تحقيق التضامن الأفريقي بمواجهة تداعيات كورونا.
وطالب رئيس السنغال، ماكي سال، بتيسير حصول الدول الأفريقية على اللقاح المضاد لكورونا، بينما نوه الرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانغوا، بوضع خطط للتصنيع الدوائي المشترك، واتفق معه رئيس مدغشقر أندريه راجولينا، مؤكداً حاجة أفريقيا إلى "إنتاج اللقاحات" لمواجهة الجائحة التي أثرت في كل الدول.
أما الرئيس التونسي قيس سعيد فأعرب عن دعم مبادرة رئيس جنوب أفريقيا بإطلاق منصة اللوازم الطبية الأفريقية، ضمن دعم جهود الاتحاد الأفريقي للتصدي للجائحة.
توصيات منتظرة
توصيل رسالة أفريقية موحدة للعالم تجاه التحديات الحالية، كان أحد أبرز أهداف منتدى أسوان، بحسب الدبلوماسي المصري أحمد عبد اللطيف، المدير التنفيذي للمنتدى، حيث كشف في تصريحات صحافية، عن وضوح الرسالة التي ذكرها الزعماء بأهمية "الحصول العادل" على اللقاحات لشعوب أفريقيا، في ظل ما تعانيه دول القارة من تداعيات للجائحة.
وأضاف عبد اللطيف، أن المنتدى سيقدم في ختام جلساته مجموعة من التوصيات، توجه إلى كل الدول والمنظمات الدولية، في ظل مشاركة الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة ضمن فعاليات المنتدى.
جرعات لا تكفي
كان الاتحاد الأفريقي قد أعلن في يناير (كانون الثاني) الماضي، نجاحه في التوصل إلى التزام بتوريد 270 مليون جرعة من لقاحات كورونا من شركتي "فايزر" و"جونسون أند جونسون" الأميركيتين، إضافة إلى شركة "أسترازينيكا" البريطانية.
وفي الشهر نفسه تعهد الاتحاد بتوفير 400 مليون جرعة إضافية، وهي كميات لا تكفي الشعوب الأفريقية البالغ عددها أكثر من مليار ومئتي مليون مواطن، كما يظل توفير العقاقير عبئاً مالياً كبيراً على موازنات الدول الأفريقية، حيث توقع البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، في وقت سابق أن تنفق دول القارة ما بين ثلاثة وعشرة دولارات لكل جرعة لقاح، من التي اتفق الاتحاد الأفريقي على توريدها.
دعم أممي
وفي كلمة مسجلة موجهة إلى المنتدى قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن الأمم المتحدة تعمل على توفير لقاحات كورونا للدول الأفريقية، مشيراً إلى وصول ثلاث شحنات من اللقاح مؤخراً إلى غانا وكوت ديفوار، وحث دول مجموعة العشرين على زيادة دعمها القارة السمراء. وأشار موسي فكي، رئيس المفوضية الأفريقية، إلى أن الجائحة كشفت عن الحاجة إلى تأسيس نظام صحي جيد، وتصنيع اللقاحات لضمان سلامة كل الأفارقة.
ووفق إحصاءات المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن إجمالي إصابات كورونا حتى مطلع الشهر الحالي وصل إلى 3.9 مليون شخص في 55 دولة أفريقية. ويؤكد المركز نفسه أن معدلات الوفاة بسبب الفيروس في أفريقيا أعلى من المعدلات العالمية 2.2 في المئة.
تخفيف عبء الديون
لم تقتصر الرسالة الأفريقية الموحدة على الدعوة لتوفير اللقاح، ولكنها امتدت إلى الآثار الاقتصادية المترتبة على كورونا، حيث دعا الرئيس السنغالي في كلمته إلى تخفيف وطأة الديون على موازنات دول أفريقيا، ودعا الدول الكبرى إلى العمل مع صندوق النقد الدولي لخفض الأعباء عن دول القارة، مؤكداً حاجة الدول الأفريقية إلى مخاطبة صندوق النقد الدولي بشكل جماعي، لتمويلها بسبب المعاناة من أزمة سيولة.
واتفق معه رئيس بوركينا فاسو في أهمية تخفيف عبء الديون ودعم الاقتصاد الأفريقي، خصوصاً أن التداعيات الاقتصادية أدت إلى التأثير في الجوانب الأمنية بالقارة.
ويستمر منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة حتى الخامس من مارس (آذار) الحالي، ويتضمن 15 جلسة نقاش تتناول مواضيع السلم والتنمية في أفريقيا، إلى جانب تغير المناخ والتجارة البينية الأفريقية، والبنية التحتية وتمويلها، ودور الشباب. كما سيناقش موضوع الثقافة والعلوم والآثار، باعتباره محور قمة الاتحاد الأفريقي لهذا العام، وكيفية حماية الممتلكات الثقافية وقت الحرب واستعادتها من الخارج، والقضايا الأمنية في منطقتي الساحل والبحر الأحمر.