Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفض ديمقراطي للضربة في سوريا وسط جدل حول سلطات الرئيس الأميركي

يتوقع مراقبون استمرار هجمات وكلاء إيران في المنطقة حتى لو وافقت طهران على المفاوضات النووية

أثار إقدام الرئيس الأميركي جو بايدن على أول عمل عسكري بعدما وجّه بغارات جوية استهدفت مواقع جماعة "كتائب حزب الله" على الجانب السوري من الحدود مع العراق، نقاشات جديدة على الساحة السياسية في الولايات المتحدةحول سلطات الرئيس الحربية، إذ أعرب كبار حلفائه الديمقراطيين في الكابيتول، عن قلقهم بشأن العمل العسكري من دون الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس.

سلطة شن الحرب

وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإن كبار أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه بايدن، بدأوا بالضغط على البيت الأبيض لشرح المبررات القانونية التي استندت إليها الإدارة لتنفيذ الضربات التي استهدفت الميليشيات المدعومة من إيران، مما أدى إلى إحياء التساؤلات الخاصة بالسلطات الدستورية للرئيس في شن الحرب، التي كانت جزءًا من معارك تتعلق بالسياسة الخارجية بين الرئيس السابق دونالد ترمب والكونغرس.

ووفق مجلة "فورين بوليسي"، أعرب السيناتور بيرني ساندرز عن قلقه الكبير من أن الضربة التي شنتها القوات الأميركية شرق سوريا "تضع الولايات المتحدة على طريق مواصلة الحرب إلى الأبد بدلاً من إنهائها". وقال السيناتور الديمقراطي في بيان صادر عن مكتبه، "هذا هو المسار ذاته الذي سلكناه منذ ما يقرب من عقدين. لوقت طويل جداً، فسّرت إدارات كلا الحزبين سلطاتها بطريقة واسعة للغاية لمواصلة التدخلات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وأماكن أخرى. يجب أن ينتهي هذا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدر العضوان الديمقراطيان في مجلس الشيوخ تيم كين وكريس مورفي بيانات تشير إلى عدم الارتياح للضربات، إذدعا كين الإدارة إلى إطلاع الكونغرس بشكل كامل على هذه المسألة "على وجه السرعة".

وقال مساعدون في الكونغرس إن تعامل بايدن مع الضغط المتجدد من الكابيتول هيل، سيكون عاملاً مهماً في كيفية إدارته للعلاقات مع الكونغرس وما إذا كان يرضخ لضغوط الجناح اليساري الراديكالي، أو ما يُطلق عليه "التقدمي"، داخل حزبه بشأن السياسة الخارجية. وقالت الناطقة الرسمية باسم البيت الأبيض جين بساكي في بيان، إن بايدن أطلع قادة الكونغرس على الإجراء، مضيفة أنه "ستكون هناك إحاطة سرية كاملة مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير".

في المقابل، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جون كيربي، للصحافيين، إلى أن المادة الثانية من الدستورالأميركي تمنح بايدن "ليس فقط السلطة ولكن الالتزام" بإصدار الأوامر بالضربات الجوية.

وقال البنتاغون إنهم استخدموا طائرتين من طراز "إف-15إي سترايك إيغل" في الضربات، التي دمرت تسع منشآت تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران على طول الحدود بين سوريا والعراق، بينما تركت مبنيين آخرين غير صالحين للاستخدام.

وفيما نددت طهران بالعملية الجوية الأميركية ونفت مسؤوليتها عن هجمات صاروخية على أهداف أميركية في العراق، كانت الدافع وراء ضربات الجمعة. وبحسب وكالة "رويترز"، فإن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وصفها بأنها "غير مشروعة وانتهاك لسيادة سوريا". 

ووفقاً لوسائل إعلام إيرانية، جاءت تصريحات ظريف أثناء اجتماعه مع نظيره العراقي فؤاد حسين الذي يزور طهران، إذ قال "إن بعض الهجمات والأحداث التي وقعت في العراق مريبة وربما تكون مرتبة لتخريب العلاقات الإيرانية العراقية ولاستهداف أمن العراق واستقراره". كما أفادت "رويترز"بأن علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، اجتمع في وقت سابق من يوم السبت (27-2-2021) مع حسين، واعتبر أن الضربات الأميركية "تشجّع الإرهاب في المنطقة". 

ترمب والكونغرس

خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، تصدّى ترمب للمحاولات المتكررة من قبل مجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين لتقليص قدرة الرئيس على تنفيذ عمليات عسكرية من دون موافقة مسبقة من الكونغرس. ونشأت المعارك السياسية في واشنطن من جدل حول السلطات الدستورية وضربت في قلب الطرق الغامضة التي نفذت بها الولايات المتحدة عمليات عسكرية في الشرق الأوسط على مدى العقدين الماضيين.

 

وفي مارس (آذار) 2020، وافق مجلس النواب الأميركي على تشريع يحدّ من قدرة الرئيس السابق على شن حرب ضد إيران، وسط قلق من اندلاع صراع أوسع بعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في ضربة جوية نفذتها الولايات المتحدة في 3 يناير (كانون الثاني) مطلع العام الماضي.

كما وافق المجلس على مشروع قانون صلاحيات الحرب، بغالبية 227 صوتاً مقابل 186 صوتاً، في أحدث محاولة من الكونغرس لانتزاع سلطة إعلان الحرب التي يكفلها الدستور، من الرئيس. غير أن ترمب عرقل القرار، في مايو (أيار) الماضي، مستخدماً حقه في تعطيله ووصفه بـ"المهين".

انقسام بشأن الضربات

في المقابل، ساند كل من ساندرز ومورفي وكين الإجراءات التي اتخذها الحزبان لإلغاء ما يقرب من عقدين من الأحكام التي تسمح بتوسيع سلطات الحرب الرئاسية التي تعود إلى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية، والفترة التي سبقت الغزو الأميركي للعراق عام 2003. وعام 2018، علّق كين تعيين مبعوث كبير لترمب للشرق الأوسط لأشهر عدة بسبب أسئلة قانونية حول قرار الرئيس السابق بشن ضربات صاروخية في سوريا خلال عامه الأول في المنصب.

ويقول اليوم بعض أشد منتقدي ترمب في الكونغرس إنهم يريدون إخضاع بايدن للمعايير ذاتها. في حين أشاد بعض منتقدي بايدن، بمن فيهم نواب جمهوريون يعارضون بشدة جهوده لإجراء مفاوضات دبلوماسية مع طهران، بالضربات الجوية باعتبارها ردّاً ضرورياً على العدوان الإيراني لردع الهجمات المستقبلية.

لكن على الجانب الآخر،انتقد من يوصفون بـ"الحمائم" في الحزب الجمهوري، القرار. وكتب السيناتور الرفيع راند بول، على حسابه في"تويتر"، "أدين التدخل في الحرب الأهلية في سوريا... كما أنني أدين مهاجمة دولة ذات سيادة بلا سلطة".

تهديدات الوكلاء

من جهة ثانية، تقول "فورين بوليسي" إن الضربات الأميركية في سوريا، التي تعدّ رداً على الهجمات الصاروخية التي استهدفت القوات الأميركية وقوات التحالف في العراق في وقت سابق من الشهر الجاري، تسلّط الضوء على نفوذ إيران في الشرق الأوسط الأوسع وتهديدها للقوات الأميركية من خلال استخدام مجموعات بالوكالة. كما تركّز على التوترات المشحونة للغاية بين واشنطن وطهران حتى في الوقت الذي تعمل إدارة بايدن على إحياء المفاوضات النووية الإيرانية.

ويتوقع مراقبون استمرار الهجمات من القوات التي تعمل بالوكالة لصالح إيران، حتى لو وافقت طهران على العودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بشأن كبح برنامجها النووي. وقالت كيرستن فونتينروز، الخبيرة في المجلس الأطلسي والمسؤولة الرفيعة السابقة في مجلس الأمن القومي في إدارة ترمب، إن "فريق بايدن يتعلم أن مدّ غصن الزيتون إلى النظام في طهران لا يؤثر في هدف إيران المتمثل في طرد الولايات المتحدة من المنطقة، ولا يغيّر أساليبهم في تحقيقه".

المزيد من سياسة