وصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، إلى طهران، السبت 20 فبراير (شباط)، عشية انتهاء مهلة حددتها إيران لتقليص عمل المفتشين إذا لم ترفع الولايات المتحدة عقوباتها عنها، في حين دعا الرئيس الأميركي جو بايدن لتعاون دبلوماسي بشأن الملف النووي الإيراني.
ونشر كاظم غريب أبادي، سفير إيران لدى الوكالة، صورةً عبر حسابه على "تويتر"، قرابة الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي (17:30 بتوقيت غرينتش)، مرفقةً بتعليق جاء فيه، "المدير العام غروسي وصل الآن إلى طهران، وكان في استقباله (نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية والمتحدث باسمها بهروز) كمالوندي والسفير غريب أبادي".
الانسحاب الأميركي والرد الإيراني
وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أحادياً من الاتفاق النووي عام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.
وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجاً عن عديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق المبرم في فيينا عام 2015 بينها وكل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا (مجموعة 5+1).
وكان الاتفاق النووي أبرم بعد أعوام من المفاوضات، وهدف بشكل أساس إلى رفع كثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي.
ومع وصول بايدن إلى البيت الأبيض، أبدت الإدارة الأميركية استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بدايةً عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات الأميركية، مؤكدةً أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.
تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني (مجلس النواب) في ديسمبر (كانون الأول)، يتعين على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 21 فبراير.
وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة، التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 فبراير.
وكان غروسي كتب عبر "تويتر" الجمعة، أنه سيلتقي "مسؤولين إيرانيين بارزين من أجل التوصل إلى حل مقبول من الطرفين، متلائم مع القانون الإيراني، لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران". وأضاف، "أتطلع قدماً إلى (تحقيق) نجاح، يصب في مصلحة الجميع".
وتستمر زيارة المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة حتى الأحد.
وأكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، أن الخطوة الجديدة ستدخل حيز التنفيذ الثلاثاء المقبل.
ونقل عنه الموقع الإلكتروني للتلفزيون الرسمي قوله، السبت، إن إيران تنفذ قرار البرلمان "والطرف الآخر لم ينفذ حتى الآن واجباته برفع العقوبات، لذا سيتم تعليق عمليات التفتيش التي تتجاوز (اتفاق) الضمانات".
وأضاف أكبر صالحي، "خلال لقاء غد، الأحد، مع السيد غروسي، ستتم مراجعة ومناقشة اعتبارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات والتعاون الثنائي" بينهما.
وسبق لإيران التأكيد أنها لن تطرد مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة أو توقف التعاون معهم.
مبادرة أميركية
وأبدت إدارة بايدن، الخميس، استعدادها للمشاركة في مباحثات برعاية الاتحاد الأوروبي ومشاركة كل أطراف الاتفاق، للبحث في السبل الممكنة لإحيائه.
والجمعة، أبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن، أن بلاده ستتعاون عن كثب مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترمب سياسة عدائية حيال طهران قامت بشكل أساس على "الضغوط القصوى".
وقال الرئيس الأميركي إن "تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلب دبلوماسية وتعاوناً دقيقين في ما بيننا". وأضاف، "لهذا السبب قلنا إننا مستعدون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 بشأن برنامج إيران النووي"، في إشارة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا.
وفي الوقت نفسه، قال بايدن، "يجب علينا أيضاً معالجة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسنعمل في تعاون وثيق مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدماً".
وسبق للإدارة الأميركية الجديدة أن أبدت رغبةً في توسيع الاتفاق ليشمل ملفات أبرزها برنامج الصواريخ الباليستية والنفوذ الإقليمي لطهران. إلا أن مسؤولين إيرانيين، بينهم الرئيس حسن روحاني، أعلنوا رفضهم أي تعديل في بنوده.
رفع العقوبات
ورداً على المبادرة الأميركية بشأن المباحثات، جددت إيران، الجمعة، على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف، تأكيد مطلبها رفع العقوبات المفروضة عليها. وكتب ظريف على "تويتر"، "ترفع الولايات المتحدة بشكل غير مشروط وفاعل كل العقوبات التي فرضت أو أعيد فرضها أو أعيدت تسميتها من قبل ترمب"، مضيفاً "عندها، سنعكس فوراً كل الإجراءات التعويضية التي اتخذناها" من 2019.
وستكون الخطوة الإيرانية المقبلة بشأن تفتيش الوكالة الذرية، الأحدث ضمن سلسلة الخطوات التي اتخذتها تدريجاً منذ مايو (أيار) 2019، ومنها في يناير (كانون الثاني)، زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، بينما يحددها الاتفاق النووي بـ 3.67 في المئة.
وحذرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، إيران من تبعات خطوتها المقبلة. ودعت هذه الدول بعد اجتماع لوزراء خارجيتها الخميس، إيران إلى تقييم "عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة، العودة إلى الدبلوماسية".
لكن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، رأى أن الإجراء لا يحول دون ملاقاة أي بادرة حسن نية أميركية. وكتب في مقال رأي، السبت، في صحيفة "إيران" الحكومية، إن الخطوة المقبلة "لا تتعارض مع التزامنا خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي)، وليست عائقاً حيال ردود متناسبة ومتناسقة مع أي خطوة من الولايات المتحدة لتثبت حسن نيتها في مسار عودة الأطراف إلى التزاماتهم".
وأضاف، "الآن، يمكننا أن نتوقع بثقة، أنه على الرغم من الأخذ والرد الدبلوماسي الذي يشكل مقدمة طبيعية لعودة كل الأطراف إلى التزاماتهم، بما فيها رفع كل العقوبات في المستقبل القريب، فإن المبادرات الدبلوماسية ستعمل بشكل جيد إلى حين تحقيق النتيجة المرجوة".