ترجّح دراسة جديدة أن يكون الممرضون والعاملات في مجال الرعاية الصحية أكثر المعرضين لمعاناة الكرب النفسي في سياق أزمة كوفيد.
وقد اكتشفت الدراسة المهمة التي أجرتها "جامعة شيفيلد" أن العمر لم يكن له أثر كبير في مستويات القلق والصدمة النفسية في أوساط موظفي الرعاية الصحية، على الرغم من كون الأشخاص الأكبر سناً أكثر عرضة لمعاناة مضاعفات جسدية شديدة بسبب كوفيد.
ووجد الباحثون الذين دققوا كذلك في استجابة العاملين في أوبئة أخرى كـ"سارس" و"إنفلونزا الطيور" و"إنفلونزا الخنازير" و"إيبولا"، أن العذاب النفسي بالنسبة إلى ممتهني الأعمال الصحية قد يستمر حتى ثلاث سنوات بعد بدء انتشار الجائحة.
الدكتورة فوشيا سيرويس أشرفت على هذا البحث الذي يعتبر أكبر مراجعة عالمية على الإطلاق للكرب النفسي لدى العاملين في المجال الصحي، في سياق حالة الطوارئ التي يشكّلها فيروس كورونا، قالت: "أشارت الدلائل باستمرار إلى أن كون الشخص امرأة أو ممرضاً أو ممرضة ومعاناة وصمة ما ومخالطة مرضى مصابين أو التعرّض لخطر الاحتكاك بهم، تشكّل عوامل تحمل الخطر الأكبر في الإصابة بالكرب النفسي بين العاملين في مجال الرعاية الصحية".
وأضافت: "فيما يستمر العالم في خوض معركته ضد جائحة كوفيد-19، من المهم للغاية أن نحدّد هوية موظفي الرعاية الصحية الأكثر عرضةً للكرب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العوامل التي يمكن التحكم فيها بهدف تخفيفه وزيادة المقاومة". وفي ذلك السياق، لاحظت سيرويس أيضاً أن "الشعور بالسيطرة" والدعم الاجتماعي والحرص على تثقيف الناس وفق الأصول بشأن الجائحة ووجود معدّات وقاية شخصية مناسبة والتدريب والموارد الملائمة، تشكّل عوامل ترتبط بمعاناة الناس من كرب نفسي أقل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت: "بطريقة لافتة، لوحظ أن بعض العوامل كالعمر، لم تترك أثراً عميقاً ظاهرياً، حتى في ظل كوفيد-19. وفي بعض الدراسات، لم يشعر الأشخاص الأكبر سناً بالكرب، ربما لأنهم عملوا سابقاً كموظفين محترفين في مجال الرعاية الصحية على مدار سنوات عدة، وشعروا بالتالي أنهم أكثر استعداداً للتعامل مع انتشار وباء". وكذلك لفتت سيرويس إلى ملمح آخر يتمثّل في أن الأشخاص الأصغر سناً كانوا أكثر اضطراباً لأن تجربتهم أقل في التعامل مع الجائحات، على الرغم من أنهم أقل عرضة للخطر صحياً جراء كوفيد.
ويرد أن الباحثين قد نظروا في العمر والجنس والدور الوظيفي، إضافة إلى العوامل "الاجتماعية والنفسية والمرتبطة بالإصابة" لدى أكثر من 143 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية حول العالم، استناداً إلى بيانات تمتدّ بين عامي 2000 و2020.
ووجدت الدراسة التي نشرت في المجلة الطبية "آفاق في الطب النفسي" ("فرونتيرز إن سايكايتري Frontiers in Psychiatry) أنه فيما استفاد الناس من وجود شبكة اجتماعية يمكنهم الاعتماد عليها، فإن السكن مع شريك أو أطفال يؤدي إلى شعور كثير منهم بضغط إضافي، بسبب خشيتهم من نقل كوفيد-19 إلى من يشاركونهم السكن، عن غير قصد.
وتأتي تلك الدراسة عقب تقرير نشرته "اندبندنت" أخيراً عن تعرّض موظفي قسم الأمومة والولادة لإنهاك حقيقي خلال الجائحة، إذ يؤدي نقص اليد العاملة ونوبات العمل الطويلة وزيادة أعداد المرضى، إلى شعور الموظفين بأنهم تخطوا طاقتهم الأقصى.
وقد حذّر مسؤولو الرعاية الصحية في خدمات الحمل والولادة من أن غياب الموظفين بسبب الضغط النفسي قد بلغ مستويات عالية و"مقلقة"، مشيرين إلى أن الجائحة ستؤدي إلى زيادة معاناة الأطباء والممرضين والقابلات القانونيات من اضطراب نفسي يسمّى "كرب ما بعد الصدمة" وغيره من المشكلات النفسية.
وتشكّل الإناث 75 في المئة من طواقم هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، وكذلك يتألّف قطاع التمريض بشكل عام من النساء، إذ يمثّلن 9 من أصل كل 10 ممرّضين في المملكة المتحدة.
© The Independent