Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يبعث تعيين روبرت مالي برسائل متضاربة لإيران؟

جدل داخل واشنطن بين مؤيد ومعارض والبعض يرى أن فيه "إشارة إلى طهران بأن الولايات المتحدة تتجاهل الإرهاب الإقليمي"

روبرت مالي المبعوث الأميركي الخاص لإيران (أ ف ب)

بعد تكهنات استمرت أياماً في واشنطن أعلنت الإدارة الأميركية تعيين روبرت مالي مبعوثاً خاصاً لإيران ليعود المفاوض الأميركي السابق الذي لعب دوراً رئيساً في الاتفاق النووي عام 2015، خلال إدارة باراك أوباما، إلى البيت الأبيض لتكرار المهمة التي قام بها قبل أكثر من خمس سنوات.

وفي حين لم يُخفِ الرئيس الأميركي، جو بايدن، رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي كان سلفه السابق دونالد ترمب قد انسحب منه في مايو (أيار) 2018، لكنه يؤكد أن العودة مشروطة بخطوات عدة يجب على الجانب الإيراني اتخاذها أولاً، فبشكل رئيس يجب خضوع طهران لجميع الالتزامات النووية المنصوص عليها في اتفاق 2015، كما يصر بايدن وأعضاء فريقه على ضرورة النظر في قضايا الصواريخ الباليستية.

وقد استأنفت إيران في أوائل يناير (كانون الثاني) تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المئة، ما قلص بشكل كبير مقدار الوقت الذي سيستغرقه إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة. ورأى بعض المتخصصين في هذه الخطوة أنها مناورة موجهة إلى إدارة بايدن لكسب النفوذ قبل أي مفاوضات جديدة. وقالت طهران، الأسبوع الماضي، إنها لن تعود إلى الامتثال للحدود المفروضة على تخصيب اليورانيوم حتى يتم رفع العقوبات الأميركية، ما يمهد الطريق لمواجهة دبلوماسية.

رسائل متضاربة

ووسط هذا التعنت الإيراني، فإن تعيين مالي مبعوثاً خاصاً لإيران اعتبره البعض بمثابة رسائل متضاربة حول نهج إدارة بايدن، وهو ما كان موضع جدل واسعاً في واشنطن خلال الأيام الماضية.

لعب مالي، الذي عمل رئيساً لمجموعة الأزمات الدولية (مؤسسة بحثية) خلال السنوات الماضية وحتى توليه منصبه الجديد، دوراً رائداً في التفاوض في شأن الاتفاق النووي الإيراني المدعوم من القوى الأوروبية وروسيا والصين، وكان حاضراً في بداية المحادثات مع الإيرانيين في عمان، والتي نتجت في النهاية عن خطة العمل الشاملة المشترك JCPOA التي تعرف بالاتفاق النووي. وسيكون لديه الآن مهمة أصعب في إقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن تعيينه أثار انتقادات شديدة من المشرعين الجمهوريين، الذين ينتقدون دوره في صياغة اتفاق 2015.

 

واعتبر البعض أن اختيار مالي مبعوثاً خاصاً لإيران يتناقض مع ما يقوله بايدن ومسؤولوه في شأن ما ستسير عليه الإدارة الأميركية حيال سلوك النظام الإيراني. فما إن كشفت صحيفة "جويش إنسايدر"عن اختيار مالي المنصب، حذر الكاتب الأميركي إيلي لاك، في مقال على شبكة "بلومبيرغ"، من أنه في حين قام بايدن بعمل جيد في تهدئة مخاوف الحلفاء من أن الولايات المتحدة ستندفع نحو المفاوضات لإعادة الدخول في الاتفاق النووي "المعيب"، فإن تعيين مالي يمكن أن يغير ذلك.

ويتفق المنتقدون على القول إن مالي يعتقد أن التعامل مع خصوم أميركا هو الطريقة الوحيدة لترويضهم. ولفت لاك إلى أنه في عام 2008، تم استبعاد مالي من حملة الانتخابات الرئاسية لأوباما في شأن السياسة الخارجية بعد ظهور تقارير تفيد بأنه التقى قادة حركة "حماس"، المصنفة منظمة إرهابية لدى الخارجية الأميركية. وبعد انهيار محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية في نهاية إدارة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، فإن مالي، الذي شارك في تلك المحادثات، اعترض علناً على وجهة نظر كلينتون بأن المحادثات فشلت بسبب تصلب موقف الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفشله في تقديم عرض.

وغرد السيناتور الجمهوري توم كوتون، الذي دعم حملة الضغط القصوى التي شنتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب ضد إيران، الأسبوع الماضي، قائلاً "لدى مالي سجل حافل من التعاطف مع النظام الإيراني والعداء لإسرائيل". وأضاف أن تعيين "متطرفين" مثل مالي يكذب كل خطاب الرئيس بايدن وتوني بلينكن عن الوحدة.

إشارة مخيفة

ولم تقتصر الانتقادات على الساسة الأميركيين، فقبل أسبوعين بعثت مجموعة من النشطاء الإيرانيين، الذين يعيشون في الخارج، وثلاث رهائن سابقين لدى الحكومة الإيرانية، برسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، يطالبون فيها عدم تعيين مالي ويتهمونه بالفشل في "التعامل مع نشطاء حقوق الإنسان الإيرانيين"، بينما "ركز بشكل فريد على إقامة علاقات وثيقة مع مسؤولي الحكومة الإيرانية". وكتبوا يقولون إن تعيين مالي "سيرسل إشارة مخيفة إلى (الديكتاتورية) في إيران بأن الولايات المتحدة تركز فحسب على إعادة الدخول في الاتفاق النووي الإيراني، وتتجاهل الإرهاب الإقليمي والجرائم المحلية ضد الإنسانية"، كماأنه "سيرسل إشارة إلى الإيرانيين والسوريين والعراقيين واللبنانيين والآخرين الذين يتعرضون (للقمع) من قبل النظام الإيراني ووكلائه بأن (إدارة بايدن لا تهتم بحقوقهم الإنسانية)."

ونقلت "بلومبيرغ" عن وانغ شيوي، الذي سجن في إيران بين 2016 و2019، أثناء بحثه للحصول على درجة الدكتوراه، قوله إن تعيين مالي كمبعوث سيقوض تأكيد بلينكين أن إدارة بايدن تسعى إلى تقوية الاتفاق النووي لعام 2015، قائلاً "لو كنت أنا جواد ظريف (وزير الخارجية الإيراني)، لما صدقت بلينكين إذا تم تعيين مالي كمبعوث."

بيان دعم

لكن في المقابل دافعت الإدارة الأميركية عن مالي، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية لوسائل إعلام أميركية إن بلينكين يبني فريقاً من متخصصين يتمتعون برؤى واضحة وتنوع وجهات النظر، مشيراً إلى أن مالي يتمتع بسجل حافل من النجاح في التفاوض في شأن القيود المفروضة على برنامج إيران النووي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدر نحو 200 متخصص في السياسة الخارجية وسياسيين ومؤسسات بحثية بينها مركز السياسة الدولية و"جي ستريت"J Street بياناً مشتركاً لدعم مالي في مواجهة ما اعتبروه "حملة تشهير من قبل الصقور الذين يعارضون التعامل الدبلوماسي مع الحكومة الإيرانية". وقال البيان إن "أولئك الذين يتهمون مالي بالتعاطف مع إيران ليس لديهم فهم - أو ليس لديهم اهتمام - بالدبلوماسية الحقيقية، الأمر الذي يتطلب فهماً متزناً لدوافع ومعرفة الطرف الآخر التي لا يمكن اكتسابها إلا من خلال الحوار". كما أصدر عدد من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، من بينهم بيرني ساندرز، وكريس مورفي، بيانات لدعم المبعوث الجديد.

شكوك

وفي مقال بمجلة "فورين بوليسي"، الشهر الماضي، انتقد مالي سياسة إدارة ترمب التي تضمنت الخروج من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض عقوبات واسعة النطاق أضرت بالنظام الاقتصادي الإيراني من دون أن تحقق شيئاً على صعيد التفاوض حول اتفاق جديد. كما انتقد من قبل شروط وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو لرفع العقوبات عن إيران، معتبراً أنها ترقى إلى مستوى سياسة تغيير النظام، ولا يمكن لأي زعيم إيراني أن يوافق عليها.

وبينما تؤكد إدارة بايدن امتثال إيران أولاً لبنود الاتفاق النووي كشرط لرفع العقوبات، كتب مالي "الحكومتان الأميركية والإيرانية ستحتاجان إلى الاتفاق على تسلسل الخطوات بين تخفيف العقوبات والقيود النووية، وأيضاً في شأن العقوبات التي يجب رفعها"، مضيفاً أن "الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، قد تمنح الولايات المتحدة نافذة تفاوض قصيرة، لكن إذا عادوا (الإيرانيون) إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فسيتمثل التحدي الأكبر في معالجة التوترات الإقليمية والاستقطاب الذي سيظل يهدد الاتفاق، ويمكن أن يؤدي إلى الصراع".

ويشكك عديد من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين بقدرة بايدن وفريقه الدبلوماسي على إقناع إيران بالعودة إلى قيود تخصيب اليورانيوم، التي فرضها الاتفاق النووي لعام 2015، بحسب "فورين بوليسي". وبينما أعادت إدارة بايدن عديداً من كبار المسؤولين المشاركين في المحادثات مع إيران إلى مناصب عليا في الأمن القومي، مثل بلينكين ومالي ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ونائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، فإن الولايات المتحدة ستواجه مجموعة مختلفة من الشخصيات على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات. ومن المقرر أن تنتخب إيران رئيساً جديداً في يونيو المقبل، حيث إن حسن روحاني، الذي كان في السلطة عندما تم توقيع الاتفاق النووي للمرة الأولى، يمكن استبداله برئيس أكثر تشدداً.

المزيد من سياسة