Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرح التمديد لعون بين زلة لسان ومحاولة لتحسين الشروط

قرار دونه عقبات دستورية وسياسية تجعل حدوثه أمراً شبه مستحيل

عون ملتقياً السفيرة الأميركية دوروثي شيا في 26 يناير الحالي بقصر بعبدا (دالاتي ونهرا)

عندما عبّر عضو "تكتل لبنان القوي"، النائب ماريو عون عن الرغبة في التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون لولاية جديدة، معتبراً في حديث تلفزيوني أن "عدم التمديد للرئيس عون هو ظلم بحقه وبحق قسم من الشعب اللبناني، لأن أكثر من نصف الشعب يريد هذا التمديد"، رأى كثيرون أن كلام النائب المعروف بعلاقته اللصيقة برئيس الجمهورية والمواظب على لقاءاته معه بشكل دوري منذ زمن بعيد، ليس زلة لسان بل خيار مطروح في دوائر القصر والمحيطين بالرئيس، لا سيما أن كل المؤشرات توحي بأن الفراغ الحكومي سيستمر، وأن فترة تصريف الأعمال قد تستغرق حتى نهاية العهد، والانتخابات النيابية المرتقبة في ربيع عام 2022 قد لا تحصل. فهل يعيد التاريخ نفسه ويرفض الرئيس عون مغادرة قصر بعبدا كما حصل عام 1990 عندما كان رئيساً للحكومة الانتقالية ولم يغادر إلا مضطراً بفعل الاجتياح العسكري السوري الذي حصل في 13 أكتوبر (تشرين الأول). 

جس نبض أم تحسين شروط

طرح التمديد، وعلى الرغم من نفيه من قبل دوائر قصر بعبدا وإن بشكل غير رسمي، إلا أنه أثار "توجساً" لدى مختلف القوى السياسية التي اعتبرته جس نبض أو تكتيكاً سياسياً لتحسين الشروط، تزامناً مع مطلب تغيير النظام الذي تولى طرحه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقبل المفاوضات الإقليمية وانعكاسها على الملف اللبناني. كلام النائب ماريو عون عن الرغبة بالتمديد، أعاد إلى الذاكرة كلاماً سابقاً لرئيس "حزب التوحيد العربي" وئام وهاب المقرّب من عون و"حزب الله" كشف فيه عن تمديد قسري عندما قال "لا انتخابات رئاسة جمهورية من دون عقد اجتماعي جديد، حتى ولو انتهت فترة ولايته سيبقى عون في بعبدا نتيجة الفراغ الرئاسي ولا انتخابات في مثل هذا الجو". وترافق كلام وهاب مع تسريبات إعلامية تحدثت عن مسعى جدي لدى "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لإصدار "فتوى دستورية" تعطي رئيس الجمهورية ميشال عون الحق بالبقاء في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته الدستورية في حال لم تجر الانتخابات الرئاسية في موعدها. وقيل حينها إن المستشار الرئاسي سليم جريصاتي يعمل على هذه "الفتوى". كل ذلك دفع بالكثيرين إلى عدم الاستخفاف بكلام النائب ماريو عون وإلى أخذه في الاعتبار، كونه يعكس الرغبة الدفينة لدى العهد والتيار الوطني الحر في حال استحالة "توريث" النائب باسيل صهر الرئيس عون كرسي الرئاسة.

النائب عون يوضح

لا يخفِ النائب ماريو عون رغبته الشخصية كما يقول وتمنيه بالتمديد للرئيس ميشال عون، لكنه وبعد موجة الانتقادات والمواقف التي اشتعلت بها مواقع التواصل الاجتماعي رداً على طرح التمديد والتي أتت بغالبيتها رافضةً للطرح مستنكرةً البحث به، أكد لـ "اندبندنت عربية" أن كلامه عن التمديد أتى كرد فعل بوجه انتقاد عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب زياد حواط للعهد ورئيسه ودعوته إلى تقصير ولاية الرئيس عون، في مقابلة تلفزيونية جمعتهما. ونفى النائب عون أن يكون قد سمع هذا الطرح من رئيس الجمهورية، مؤكداً أن الأخير لم يتحدث أمامه يوماً عن التمديد. وهذا الأمر بحسب النائب عون "غير مطروح لا في بعبدا ولا في كواليس تكتل لبنان القوي" الذي يرأسه باسيل. وزاد ماريو عون أن "قرار التمديد يعود إلى رئيس الجمهورية وحده"، مذكراً بأن "رئيس الجمهورية أعلن مراراً أنه سيسلم البلد لخلفه أفضل مما كان". أما عن إمكانية التمديد في حال فشل مسعى الرئيس عون بإيصال باسيل إلى الرئاسة أجاب ماريو عون، "ما يدور بين الرئيس ورئيس التيار نحن كنواب لسنا معنيين به، علماً أن رئيس الجمهورية لا يخفي إعجابه بباسيل وبإدارته الناجحة للوزارات التي تسلمها".

"طرح غبي"

لا شك في أن قرار التمديد دونه عقبات دستورية وسياسية تجعل حدوثه أمراً مستحيلاً، فقرار التمديد الذي سبق وحصل في عهد الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود، بضغط سوري حينها، يتطلب تعديلاً دستورياً ويحتاج إلى حكومة فاعلة، لا حكومة تصريف أعمال، وإلى ثلثَي أعضاء مجلس النواب للتصويت عليه، وهذا الأمر مستبعد جداً في الظروف الراهنة، حيث سيكون من رابع المستحيلات إقناع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بقرار كهذا، علماً أن نصاب الثلثين لم يكن من السهل تأمينه في عام 2016 لجلسة انتخاب عون على الرغم من "التسوية الرئاسية" (قضت بأن يكون عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة) وضغط "حزب الله"، فكم بالحري اليوم ولم يعد للرئيس عون صديق وحليف إلا "حزب الله" وكتلته التي تضم 13 نائباً، إضافةً إلى بعض النواب المستقلين الذين يدورون في فلك الحزب وعددهم لا يتعدى العشرة. يستبعد عضو تيار المستقبل، النائب السابق أحمد فتفت في حديث لـ "اندبندنت عربية" أن يكون طرح التمديد جدياً ويرى أن "المقصود منه هو التهويل والتصعيد السياسي لتحسين شروط التفاوض". وسأل فتفت "هل يقبل باسيل الطامح لكرسي بعبدا بطرح التمديد"؟
كما وصف فتفت الطرح بـ"الغبي"، قائلاً إنه "لن يحصل أبداً". أما عن الطرح القاضي ببقاء عون في القصر الجمهوري حرصاً على استمرارية المرفق، في حال لم يتم الاتفاق على رئيس جديد على غرار رئاسة الحكومة، فقال فتفت إن "هذا الطرح يشكل اعتداءً واضحاً على الدستور وهو بمثابة انقلاب". وذكّر فتفت بأن "الدستور لم يتحدث عن تصريف أعمال إلا للرئاسة الثانية أي لمجلس الوزراء ورئيسه، ولأمور محددة، حرصاً على تسيير شؤون الناس، في وقت لا شيء اسمه تصريف أعمال لا في رئاسة مجلس النواب ولا في رئاسة الجمهورية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التمديد... ماذا لو حصل؟

على الرغم من وجود أسباب جوهرية في الدستور وفي السياسة اللبنانية تجعل من فكرة التمديد أمراً صعباً، يبقى أن السياسة في لبنان لم تخلُ يوماً من المفاجآت، ولو تطلب الأمر تحايلاً على الدستور. وقال مدير "معهد عصام فارس" في الجامعة الأميركية ببيروت جوزف باحوط، إن "التمديد للرئيس ميشال عون غير المرضي عنه دولياً وإقليمياً وعربياً وحتى شعبياً، في حال حدوثه، يعني أن هناك ظروفاً إقليمية ودولية سمحت بذلك، ويعني أن الأكثرية النيابية رضخت لتغييرات أو ضغوط حصلت. لكن في ظل الظروف الحالية وكما هو المشهد اللبناني الآن، فإن الأمر مستبعد. أما إذا حدث التمديد على الرغم من كل هذه الظروف فإن ذلك سيُعد بنظر المجتمع الدولي انقلاباً، أولاً على إرادة الغالبية النيابية التي تصرخ ولا تزال مطالبةً بالتغيير، منتقدة العهد والتركيبة السياسية الحالية الحاكمة، وثانياً سيُعتبر تحدياً للإرادة الدولية والعربية التي تبنت مطلب الناس ودعت إلى تغيير السلطة الحاكمة، لا سيما أن التمديد لا يمكن أن يتم إلا بعملية ليّ ذراع الغالبية اللبنانية، قد تُدخل البلد بظروف جنونية غامضة لا تُحمد عقباها".
واعتبر باحوط أن "الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه سنتين إضافيتين حتى نهاية العهد، لذلك فإن أصحاب طرح التمديد إما يعيشون في عالم آخر وإما بلغوا مرحلة الإجرام السياسي، أو يعيشون على كوكب المريخ". ورأى باحوط أن "أصحاب طرح التمديد أرادوا إجراء اختبار وجس نبض لتحسين شروط التفاوض عندما سيحين موعده، عبر التلويح بورقة البقاء في القصر مقابل رفض توريث باسيل". طرح التمديد وفق باحوط هو "لفتح بازار التفاوض حول الاستحقاق الرئاسي تمهيداً لتحصيل الموافقة على باسيل رئيساً مقبلاً للجمهورية اللبنانية".

كما أن طرح التمديد وفق المتحدث ذاته، "يكرس رئاسية النظام، وهو مشروع عون الدائم، بتكريس غير دستوري لنفوذ وسلطة رئيس الجمهورية. وكلها محاولات متكررة لحفظ نفوذ الرئيس عون حتى آخر العهد وتأمين استمرارية سلالته السياسية عبر باسيل والتيار الوطني الحر". واستبعد أن تكون هذه المحاولات "حصلت على موافقة حزب الله الذي لا يريد أن يدخل بازار الرئاسة حالياً، على اعتبار أنه لا يريد أي معركة سابقة لأوانها".

المزيد من العالم العربي