قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في تصريحات رسمية اليوم السبت، إن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة وصلت إلى "مفترق طرق جديد"، ويمكن أن تعود إلى "المسار الصحيح" في أعقاب فترة "صعوبة غير مسبوقة".
وتعرضت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم لضغوط كبيرة، وسط سلسلة من الخلافات حول التجارة وحقوق الإنسان وبدايات تفشي كورونا.
جولة جديدة من الحوار
وذكر وانغ، في مقابلة مشتركة مع وكالة شينخوا للأنباء ووسائل إعلام رسمية أخرى، أن سياسات الولايات المتحدة تجاه الصين في الآونة الأخيرة "أضرت بمصالح البلدين وجلبت مخاطر جسيمة للعالم". لكنه قال، إن ثمة فرصة الآن أمام الجانبين "لفتح نافذة جديدة من الأمل"، وبدء "جولة جديدة من الحوار".
وكان من المتوقع على نحو كبير أن يؤدي انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة إلى تحسين العلاقات بين البلدين، بعد تصاعد التوتر على مدى أربع سنوات في ظل إدارة دونالد ترمب، لكنه استمر في توجيه الانتقادات إلى الصين بسبب "انتهاكاتها" المتعلقة بالتجارة وغيرها من القضايا.
ولم يذكر وانغ بالاسم ترمب أو بايدن، لكنه حث الولايات المتحدة على "احترام النظام الاجتماعي ومسار التنمية" اللذين اختارتهما الصين. وقال "لو أن واشنطن تتعلم من الدروس" لأمكن حل الخلافات بين الجانبين.
واتهم سياسيون في الولايات المتحدة الصين بعدم الإفصاح عن تفشي كورونا في مراحله المبكرة، ما أخر التعامل مع الأمر، وأسهم في انتشار المرض بشكل أكبر وأسرع. لكن وانغ أكد أن الصين "بذلت قصارى جهدها" لمكافحة انتشار الفيروس و"دق ناقوس الخطر" لبقية العالم.
نزعة مكارثية
والشهر الماضي، قال وانغ يي، إن بكين "مستعدة للتعاون مع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن" حول عدة أولويات، لكنه حذر واشنطن من تبني "نزعة مكارثية" معادية تتجاهل المصالح المشتركة.
وبعد المواجهات المباشرة مع إدارة الرئيس ترمب الذي تنتهي ولايته بعد أيام، عبّر المسؤول الصيني عن أمله في استئناف الحوار وخلق مناخ "لثقة متبادلة" بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم بعد تنصيب بايدن.
وأضاف وانغ يي، خلال مداخلة عبر الفيديو مع مركز دراسات "آسيا سوسايتي" في نيويورك، "من المهم أن تعود السياسة الأميركية تجاه الصين إلى الموضوعية والصواب في أسرع وقت ممكن".
أولويات ملحة
وأكد أن بكين ترى "مجالاً للتعاون" حول عدة أولويات مع إدارة بايدن، حول ثلاث من أربع قضايا اعتبرها أولويات ملحة، وهي "وباء كورونا، والإنعاش الاقتصادي، والتغير المناخي". وأضاف "نأمل التمكن من توسيع التعاون، وإدارة اختلافاتنا عبر الحوار".
وحول الوباء، صرح وانغ أن بكين وواشنطن يمكن أن تتعاونا في تصنيع اللقاحات ومساعدة دول العالم الثالث.
وتقول إدارة ترمب إن عقوداً من المشاركة الأميركية فشلت مع الصين، متهمة بكين بسرقة الملكية الفكرية على نطاق واسع والتجسس وممارسة الإكراه على دول أخرى من خلال خططها لمشاريع للبنية التحتية.
وفي الأشهر الأخيرة، أوقف وزير الخارجية مايك بومبيو برامج التبادل الممولة من الصين للأميركيين، وشدد قواعد التأشيرات للطلاب الصينيين، وكذلك أعضاء الحزب الشيوعي وعائلاتهم، ما قد يؤثر في مئات الملايين من الأشخاص.
وتابع وزير الخارجية الصيني "نشهد مكارثية متجددة تهدد المبادلات الدولية العادية"، في إشارة إلى حملة ملاحقة الشيوعيين في الولايات المتحدة التي قادها السيناتور الجمهوري جو ماكارثي عقب الحرب العالمية الثانية.
واتهم الوزير الصيني مسؤولين أميركيين لم يسمهم بممارسة "الافتراض غير المسؤول بالذنب والتصرف بانفعال" تجاه الصين. وقال إنهم "يتجاهلون كثيراً من المصالح المشتركة وهامش التعاون بين بلدينا، ويصرون على أن الصين تشكل تهديداً كبيراً". مشبهاً الأمر بـ"صف الأزرار على الملابس. يرتكبون الأخطاء منذ البداية".
هل يجمعهما المناخ والوباء؟
لم تصدر أي إشارات عن إدارة ترمب تدل على تخفيف موقفها الحازم من الصين في الأيام الأخيرة من ولايتها. وقالت وزارة التجارة الأميركية، إنها فرضت قيوداً على 77 كياناً، ستحتاج إلى تصريح خاص للحصول على تكنولوجيا أميركية متطورة.
وتشمل الكيانات المستهدفة جامعتين كبيرتين، ومعهد بكين للتكنولوجيا الذي يشتبه بأنه سعى إلى تأمين مواد أميركية لمصلحة الجيش الصيني، وجامعة تيانجين المتهمة بسرقة أسرار تجارية.
كما استهدفت أربع شركات لمساعدتها في حملة الصين لرسم خريطة الحمض النووي للمواطنين، في حملة يقول ناشطون إنها تهدف إلى السيطرة على الأقليات، خصوصاً المسلمين الأويغور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير التجارة الأميركي ويلبر روس، إن "سلوك الصين الفاسد والمتنمر داخل وخارج حدودها يضر بمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، ويقوض سيادة حلفائنا وشركائنا، وينتهك حقوق الإنسان والكرامة للأقليات العرقية والدينية".
من جهته، أحيا بومبيو الذكرى السنوية الأولى لاكتشاف أول إصابة بكورونا في ووهان، لتسليط الضوء على إسكات الأطباء الذين دقوا ناقوس الخطر بشأن المرض الذي قتل منذ ذلك الحين أكثر من 1,6 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. واتهم الصين بمواصلة عرقلة تحقيق بشأن فيروس كورونا المستجد من قبل منظمة الصحة العالمية التي أمر ترمب بالانسحاب منها.
وقال بومبيو، في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة تطوير لقاحات جماعية بعد أبحاث غربية مكثفة "إنها أيضاً تبيع لقاحات تفتقر إلى البيانات الأساسية حول السلامة والفعالية، بسبب تجاهل كبير للشفافية والمساءلة بشأن نتائج التجارب السريرية". وأضاف أن "الإجراءين يعرضان المواطنين الصينيين والعالم للخطر".
ويوافق بايدن الذي عمل فترة طويلة عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما على الدبلوماسية مع الصين إلى حد كبير على أن بكين تشكل تحدياً عالمياً، ودعا إلى استجابة أكثر صرامة بشأن حقوق الإنسان. لكن يتوقع أن يتخذ موقفاً أقل عدوانية من ترمب، إذ تحدث مرشحه لوزارة الخارجية أنطوني بلينكين عن "تعاون محتمل" بشأن تغير المناخ والوباء.