Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يطلق مرصدا لضبط معطيات الهجرة في أفريقيا

يهدف إلى الإسهام بوضع سياسيات جديدة وشاملة لهذه الظاهرة

تسهم الهجرة في تنمية البلدان الأصلية للمهاجرين (غيتي)

في ظل غياب إطار قاري لوضع دراسات وإحصاءات دقيقة حول الهجرة في القارة الأفريقية، تقدم بيانات جهات أجنبية معطيات غير دقيقة، تسهم في جعل هذا الملف ورقة ضغط على الدول الأفريقية. وأصبح تدفق المهاجرين من القارة السمراء نحو أوروبا عبئاً على الأخيرة، على الرغم من اعتمادها آليات عدة للحد منه بالتعاون مع بلدان شمال أفريقيا، باعتبارها نقطة عبور الهجرة الأفريقية نحو الشمال.

مرصد الهجرة

عمل المغرب على اقتراح إنشاء المرصد الأفريقي للهجرة، الذي افتتح بالعاصمة الرباط خلال نهاية الأسبوع، من أجل جمع المعطيات حول هذه الظاهرة، ووضع تصورات دقيقة تسهم في صنع سياسات مناسبة.

وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي ترأس حفل الافتتاح إلى جانب مفوضة الاتحاد الأفريقي للشؤون الاجتماعية، أن المرصد "سيتيح لأفريقيا معطيات خاصة من شأنها أن تسهم في اتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات المتعلقة بالهجرة، إضافة إلى تكذيب مجموعة من الأساطير حولها"، مشيراً إلى أن المرصد سيضع القارة كمحاور من منطلق قوة مع شركاء آخرين، عادة ما يضعونها في موقف المدافع في قضايا الهجرة.

من جانبها، أكدت مفوضة الاتحاد أميرة الفاضل، أن هذا الملف المعقد لا يمكن تدبيره إلا من خلال توفير معطيات دقيقة مبنيّة على أرقام صحيحة، معتبرة أن الدول الأعضاء في الاتحاد يمكن لها الآن التعامل مع المرصد في شأن الجوانب المتعلقة بالهجرة.

صور نمطية

عانى ملف الهجرة الأفريقية لعقود من غياب دراسات ومعطيات موثوقة، إذ أسهمت الصور النمطية في تكريس الأحكام المسبقة، مما شجع المغرب على إنشاء مؤسسة تهدف إلى تصحيح الوضع. 

وأوضح الوزير المغربي أن مسألة الهجرة "تظل في كثير من الأحيان مجرد تصوّر، إذ يكفي تداول بعض الصور في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية لخلق صور نمطية مغلوطة حولها، إلا أن المرصد يريد مقاربتها بطريقة هادئة وعقلانية، لا سيما في شأن حجمها وأسبابها وجانبها التنموي". 

إحصاءات غير مستقلة 

اعتمدت دراسات الهجرة الأفريقية على معطيات تضعها في العادة أطراف أجنبية بطريقة تخدم مصالحها، إذ أكد بوريطة أن القارة كانت تنتظر هذه البيانات من جهات أخرى على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما، وبالتالي كانت نقاط الدفاع عن هذه القضية بأيدي دول أخرى، مشيراً إلى أن "الهجرة أضحت رهاناً دولياً تتسابق فيه كل جهة لتقديمها بالطريقة التي تناسب مصالحها وبما يخدم تصورها، وأصبحت وصفة انتخابية في مجموعة من بلدان العالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من تثمين الاتحاد الأفريقي جهود الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، إلا أنه حان الوقت، بحسب الفاضل، لكي تقوم القارة بتقديم معطياتها الخاصة، وبلورة استراتيجيتها للتعامل مع الهجرة التي يمكن أن تسهم في التنمية إذا تم تدبيرها بشكل عقلاني.

وأكد سفير المغرب لدى الاتحاد الأفريقي، محمد عروشي، أن المرصد سيتمتع بالاستقلال التام في إنشاء بياناته بعيداً من كل سرد خاطئ حول الظاهرة، مشيراً إلى أن مهمته هي تجميع وتحليل وتبادل البيانات ضمن إطار مؤسساتي قاري، مما سيسمح لدول القارة باعتماد معطيات موثوقة لتطوير سياسات هجرة جديدة تتجاوز البعد الأمني نحو الإدماج والتنمية.

ضرورة التعاون

تعتمد بنية المرصد على إشراك عدد من المؤسسات بهدف وضع تصورات دقيقة حول واقع الهجرة في أفريقيا. وفي هذا الصدد، أكد وزير الخارجية المغربي أن المرصد سيشتغل كرافعة في إطار شبكة تضم مراكز أبحاث وخبراء، بغية خلق دينامية بحث علمي واجتماعي لقضية الهجرة، آملاً بأن تواجه القارة مشكلاتها بشكل مباشر، لتتحكم في قضاياها وتدافع عنها برأس مرفوعة.

واعتبر بوريطة أنه من الخطأ وضع كل ثقل الهجرة على بلدان العبور، لأن مسؤوليتها تتحملها بلدان المنشأ والوصول على السواء، مشدداً على أن دول العبور لا يمكن أن تلعب دور "الدركي"، لأن هذا الأمر غير مقبول ولا يتلاءم مع مبادئ وفلسفة المغرب ورؤيته.

بنية الهجرة الأفريقية

ارتبط موضوع الهجرة الأفريقية باستغلال شبكات الاتجار بالبشر للمهاجرين والعنصرية وغياب التنمية والحرية، وبالتالي يقترح المغرب الإحاطة بجميع تشعبات الظاهرة، والبحث في أسبابها في إطار فهم صحيح لها. 

ووفقاً لدراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خلال العام الحالي، بلغ متوسط أعمار المهاجرين المُستجوبين 24 عاماً عندما بدأوا رحلتهم إلى أوروبا، غالبيتهم من الذكور العازبين، حيث قدم 85 في المئة منهم من المناطق الحضرية في أفريقيا. كما كشفت الدراسة أن المهاجرين في كثير من الحالات هم أفضل تعليماً من أقرانهم في بلدانهم الأصلية.

وأشارت الدراسة كذلك إلى أن عامل البحث عن عمل وإرسال الأموال إلى الوطن، كان الدافع نحو الهجرة بالنسبة إلى 60 في المئة منهم، وأن أكثر من ربعهم كان دافعه نظام الحكم أو انعدام الأمن في بلدانهم الأصلية، فيما شكى 77 في المئة من القيود السياسية وضيق هامش حرية الرأي في أوطانهم.

غياب التنمية

من جانبه، أكد رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، أن "التقرير أكد أن الهجرة هي انعكاس للتقدم التنموي في جميع أنحاء أفريقيا، حتى لو كان التقدم موزعاً بشكل غير متساو، ولا يسير بسرعة كافية لتلبية توقعات الناس".

وفي شأن طريقة معالجة الظاهرة، أكد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تسريع وتيرة التنمية كفيل بمنع الهجرة غير القانونية إلى أوروبا، مشدداً على ضرورة إتاحة فرص جيدة للشباب في أوطانهم والمناطق المجاورة، وبالتالي يجب إعادة النظر في الاستراتيجيات الحالية والقرارات السياسية على المدى القصير.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير