Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"انقلاب" في البرلمان والشارع الجزائريَين... رئيس انتقالي وعنف ضد المحتجّين

الطلاب يتحرّكون والشعب ينتظر موقف قائد أركان الجيش

تحركت الأوضاع في الجزائر عكس تيار الشارع بعدما أعلن البرلمان رئيسَ مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، رئيساً انتقاليّاً للبلاد لمدة 90 يوماً، في جلسة شهدت تجاذبات إثر رفض عدد من النواب حضور الجلسة احتجاجاً على ترأس بن صالح الجلسة. وخرج طلاب في تظاهرات في العاصمة وعدد من المناطق للتعبير عن رفضهم إحدى "الباءات الأربع" التي رفعت مسيرات الجمعة شعار رحيلها. وبدل التعاطي بسلمية مع التظاهرات، واجهت قوات مكافحة الشغب في تحول مفاجئ الطلاب بعنف مستعملة خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيّل للدموع.

وبعد تنصيب بن صالح رئيساً بساعات، وعد خلال خطاب بتنظيم انتخابات رئاسية "شفافة ونزيهة" وتسليم السلطة الى "رئيس الجمهورية المنتخب ديموقراطيا" خلال مهلة 90 يوماً، وفق ما ينص عليه الدستور.

تهديدات بالتصعيد ومخاوف

يتخوف الشعب الجزائري من انزلاق المسيرات والاحتجاجات السلمية إلى ما لا تُحمد عقباه بعد استعمال قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه وقنابل الغاز من أجل تفريق طلاب الجامعات في العاصمة.

واحتشد الطلاب وآلاف الجزائريين أمام البريد المركزي الذي بات رمز "إسقاط نظام بوتفليقة"، وامتدت التظاهرات إلى الشوارع المحيطة. واعتبر المحتجّون أن تعيين بن صالح على الرغم من مطالبتهم برحيله مع رموز النظام، الذين يُطلق عليهم اسم "الباءات الأربع"، إهانة للاحتجاج والحراك الشعبيين المطالبين منذ 22 فبراير (شباط) بتغيير النظام وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة.

ولوّح الطلاب بالتصعيد ابتداء من يوم الأربعاء 10 أبريل (نيسان)، عبر مسيرات ضخمة في مختلف مناطق البلاد، إضافة إلى "الجمعة الثامنة التي سيكون لها صدى كبير قد ينهي الأزمة، وفق ما قال الطالب في جامعة الجزائر، أحمد عبد العالي، لـ"اندبندنت عربية".

أحزاب المعارضة تنتقد وتحذر

وردت أحزاب المعارضة على الخطوة بقوة، فوصف رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، تعيين بن صالح، بالـ"انقلاب على إرادة الشعب"، كاشفاً عن تزوير في العدد الرسمي لأعضاء البرلمان. واعتبر علي بن فليس، رئيس طلائع الحريات ورئيس الحكومة الأسبق، أن التنفيذ الكامل للمادة 102 وتجاهل المادتين 7 و8 من الدستور يشيران إلى أن "التغيير الذي حدث يهدف إلى إدامة بقايا نظام سياسي يشجبه الشعب ويدينه بقوة". وخلص إلى أن "الخطوة لا تقرّب الجزائر من حل الأزمة".

وحذرت تشكيلات سياسية من مغبة اللجوء إلى قمع التظاهرات السلمية واستعمال القوة في التعاطي مع التعبير السلمي للشعب الجزائري. فأشار عبد المجيد مناصرة، القيادي في حزب حركة مجتمع السلم، إلى أن عبد العزيز بوتفليقة أراد الانتقام من الشعب بفرض بن صالح، موضحاً أن هذا التعيين صدم الشعب الجزائري.

ورأى نصر الدين حجيرة، الأمين الأول لجبهة العدالة والتنمية، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن تطبيق المادة 102 والالتزام الحرفي بما جاء فيها، يعتبران قمة الالتفاف على الشعب، وإمعاناً في إثارة الشعب، وفرصة مهدورة.

وقال إن ما حدث قمة الاستهتار والخيانة، وهو تثبيت قوى الفساد رغماً عن الجميع.

حديث عن ثورة مضادة؟

وقال الحقوقي مقران آيت العربي إن الثورة المضادة دخلت مرحلتها العملية ضد الشعب. وكتب في صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه بوصول بن صالح إلى قصر الرئاسة، وبقاء نور الدين بدوي في قصر الحكومة، والطيب بلعيز على رأس المجلس الدستوري، تدخل الثورة المضادة لإرادة الشعب مرحلتها العملية.

واعتبر أن تنظيم الانتخابات الرئاسية تحت قيادة مهندسي التزوير والفساد، وفي ظرف 90 يوماً، سيؤدي لا محالة إلى بقاء النظام لمدة جيل على الأقل.

وختم قائلاً "لا لسرقة الثورة الشعبية، كما حدث في العام 1962، ولا لتحويل السيادة الشعبية من طريق التدليس، ولا لنظام الفساد".

مفاجأة متوقّعة

وبقدر ما فوجئ الشارع بخطوة تعيين بن صالح رئيساً، فإن السيناريو كان متوقعاً و لو بنسبة ضئيلة، نظراً إلى ما شهدته الأيام الماضية من أحداث سياسية حزبية مقصودة لإلهاء الشارع، على غرار ما تشهده الأحزاب من انشقاقات واستقالات وتبادل اتهامات، وفق ما يرى المحلل السياسي عبد الرزاق معتوق، في حديث إلى "اندبندنت عربية".

ويلاحظ معتوق أنه لم يتم، في الأيام الماضية، التطرق إلى مستقبل الحراك الشعبي، بل بالعكس عرفت مختلف النقاشات تحولاً نحو ما يحدث داخل الأحزاب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدعوات إلى ضرورة اجتماع البرلمان بغرفتيه لإثبات الشغور، والتحذير من مخاطر الفراغ الدستوري.

ويخلص معتوق إلى الإشارة إلى أنه لا يمكن بناء وطن بنخبة ضعيفة وإعلام بعضه فاسد.

الشارع حائر

في المقابل، أكد قائد الأركان أحمد قايد صالح، في تصريح مقتضب من منطقة وهران، غرب الجزائر، أن الجيش سيقوم بضمان اطمئنان الشعب على حاضره و مستقبله، وأن المؤسسة العسكرية ستبقى منسجمة مع الحق الشرعي للشعب.

بينما أكدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن قائد الأركان أدار ظهره للشعب، وسيتحمل وحده عواقب هذا التصرف على حساب الإرادة الشعبية.

أضافت أن الانتخابات الرئاسية خلال 90 يوماً هي حيلة لبقاء النظام واستمراريته.

وفي ظل هذا الوضع ذكرت مصادر مطلعة أن رئيس البلاد الجديد، بن صالح، سيوجه خطاباً للجزائريين، بينما يترقب الشعب صوت قائد أركان الجيش، وتوضيح موقفه لاسيما في ما يخص تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور، وموقع المؤسسة العسكرية من الشعب.

فهل سيلتزم قايد صالح الصمت في ما يتعلق برفض الشارع بن صالح و"الباءات الثلاث" الأخرى؟

المزيد من العالم العربي