أظهرت دراسة أجريت حديثاً في بريطانيا أن أكثر من مليون عائلة تضم أطفالاً في هذا البلد ستعتمد على حصص معونات غذائية في عيد الميلاد هذه السنة، وقد وجه الباحثون الذين أجروا الدراسة مناشدة إلى الحكومة كي تخصص مزيداً من الدعم للعائلات التي تضررت مداخيلها بفعل جائحة كورونا.
في هذا الإطار، تشير الدراسة التي نشرت نتائجها منظمة "أنقذوا الأطفال" Save the Children إلى أن نسبة 37 في المئة من العائلات الأفقر في بريطانيا، أي نحو 1,3 مليون عائلة، ستتحول للاعتماد على إعاشات الطعام خلال فترة الأعياد، فيما ستعتمد 21 في المئة من تلك العائلات، أي ما يقارب 760 ألف عائلة، على هدايا جرى التبرع بها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى هذا، ترى الدراسة التي استندت إلى استطلاع شمل ألف شخص ممن يحصلون على المساعدات الحكومية المعرفة بـ "الائتمان الشامل" أو يتمتعون بإعفاء ضريبي للأطفال، وتضم عائلتهم أولاداً تحت سن الـ 18، أن من بين الـ 3,6 ملايين عائلة التي ينطبق عليها هذا الأمر في مجمل أنحاء بريطانيا، فإن نسبة ستة من عشرة منهم سترزح تحت وطأة الديون خلال فترة عيد الميلاد، فيما ستلجأ نسبة واحد من ثلاثة من مجموعهم إلى الشراء والاستدانة عبر بطاقات الائتمان. كما توصلت الدراسة إلى أن 69 في المئة من العائلات ذات الدخل المنخفض التي شملها الاستطلاع، عبرت عن تزايد قلقها من أوضاعها المالية منذ بداية جائحة "كوفيد-19"، وأشارت 84 في المئة من تلك العائلات المنخفضة الدخل إلى أنها ستجهد لتغطية نفقات وتكاليف عيد الميلاد هذا العام.
من جهة أخرى، تقوم الحملة التي أطلقتها "اندبندنت" تحت عنوان "ساعدوا الجائعين" Help the Hungry، بالعمل لتأمين مئات آلاف الوجبات الغذائية إلى الأشخاص والعائلات الأكثر عوزاً، وتتعاون "اندبندنت" في هذا الإطار مع "مشروع فيليكس" The Felix Project ومبادرة "مع الرأفة" With Compassion. وقام قراء "اندبندنت" بالمساعدة في جمع ملايين تخصص للعائلات التي تجهد لتأمين الطعام في ظل الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا.
ربيكا هي إحدى الأمهات اللواتي سيعتمدن في عيد الميلاد هذه السنة على طعام جرى التبرع به. وربيكا من "نورفولك"، تعيش مع ابنتها ذات الثمانية أعوام، وهي أم عزباء في الـ 35 من عمرها، وتعمل منسقة لدعم الأهل لمصلحة جمعية خيرية، وقالت في هذا الإطار إن الائتمان الشامل "في واقعه الحالي لم يعد كافياً لتأمين العيش".
وتابعت، "زوجة أخي ستمنحنا دجاجة كهدية للميلاد هذا العام، لأن ابنتي ترغب جداً بعشاء دجاج مشوي، أما بالنسبة للأشياء الباقية فسنعتمد على الكنيسة في منطقتنا التي توزع حصص طعام. وذاك طعام ليس بمقدور السوبرماركت بيعه، لذا فإن حصولنا عليه يعتمد على الحظ أحياناً، وقد يكون مجرد خبز بائت وخس، لكن حتى لو كان كذلك، فإننا نحتاجه. لا أعرف ماذا يمكننا أن نفعل من دونه".
وأضافت ربيكا، "في السنة الماضية قامت إحدى الجمعيات بمنحنا شجرة ميلاد. ما زالت الشجرة عندنا وهذا أمر جيد. الحصول على مساعدات كثيرة جميل جداً، لكنه في الوقت عينه محبط. أنا أريد أن أدفع ثمن الأشياء من مالي الخاص، بيد أن الحكومة لا تؤمن لنا الدعم الكافي".
كما قالت ربيكا إنه على الرغم من أنها "ليست شخصاً مبذراً ينفق المال على أشياء تافهة"، فإنها تجهد كثيراً لتأمين كلفة التدفئة والطعام، وهذا الأمر غدا أصعب مع قدوم الشتاء".
تابعت ربيكا، "إننا نقتصد ونستخدم البطانيات والسترات داخل المنزل، لكن حين نكون بحاجة لكل جنيه في الواقع، فإن أية زيادة بسيطة على أوقات التدفئة تغدو عبئاً مكلفاً".
وحذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" من أن مزيداً من الأطفال سيغرقون بالفقر نتيجة الجائحة، وذلك بسبب فقدان الوظائف وارتفاع كُلف الإغلاق لمواجهة كورونا، الأمر الذي أجبر عائلات كثيرة على التوفير في الطعام والطاقة الكهربائية، والاعتماد على "مصارف الطعام" الخيرية، أو الاستدانة لتأمين ما يحتاجونه.
كانت المعطيات والأرقام الحكومية الأحدث المتعلقة بالفقر بين الأطفال، المنشورة عن السنتين 2018 و2019، أظهرت أن 4,2 ملايين حدث تحت سن الـ 16 يعيشون تحت خط الفقر، بما يعادل 30 في المئة من مجموع أطفال المملكة المتحدة. ويرى الخبراء أن هذه الأرقام شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ أن بدأ الإغلاق في شهر مارس (آذار) الماضي.
وفي مقابلة مع "اندبندنت" الأسبوع الماضي، حذّر مفوض شؤون الأطفال في بريطانيا من "أن لا يكون بوسع الجيل الجديد من الأطفال الفقراء التعافي على الإطلاق" من تأثير ذلك الفقر على أحوال الصحة العامة، إذ إنهم سيُدفعون أكثر نحو مصاعب اقتصادية جراء فقدان أهلهم الوظائف.
في مقابل هذا، كشفت دراسة أجرتها جمعية "تورن تو أس" Turn2Us (اقصدونا)، أن قرابة نصف العائلات التي يعيش في كنفها أطفال، أجبرت على التورط في نوع من الدين منذ بداية الجائحة، بما يعادل نحو 3،6 مليون عائلة.
أما مدير قطاع التأثير في منظمة "أنقذوا الأطفال" في بريطانيا، دان باسكينس، فرأى أن عدداً من العائلات التي تعاني ظروفاً قاهرة "عانت تقليص موازناتها المنزلية إلى الحدود الدنيا بفعل الجائحة، وستستمر تلك العائلات لبعض الوقت بالرزوح تحت التداعيات الاقتصادية للأزمة".
وقال باسكينس، "كل أهل لديهم أطفال يريدون الحفاظ على سحر عيد الميلاد، لكن عندما يكون المرء مضطراً سلفاً إلى اتخاذ خيارات مستحيلة بين تدفئة بيته أو تأمين الطعام لمائدته، فلن يبقى بحوزته شيء لشراء الهدايا والحلوى".
وناشد السيد باسكينس الحكومة الالتزام بإبقاء الدعم الأسبوعي بمبلغ 20 جنيهاً إسترلينياً لمصلحة "الائتمان الشامل"، وهذا المبلغ يمثل زيادة للائتمان المذكور، اعتمدت في أبريل (نيسان) الماضي لمساعدة العائلات في مواجهة الجائحة، لكن يفترض إلغاؤها في أبريل السنة المقبلة.
وتابع باسكينس، "سيكون عيد الميلاد هذا العام وعلى نحو خاص صعباً بالنسبة لعائلات كثيرة، لكن تأثير التربية في ظل الفقر سيستمر بالانعكاس على الأطفال ولفترة طويلة بعد انطفاء أضواء عيد الميلاد والاحتفالات، خصوصاً إذا حجبت الحكومة الدعم الذي يفوق الألف جنيه إسترليني عن العائلات المحتاجة ابتداء من أبريل المقبل".
مدير السياسات والشراكات في مؤسسة جوزف رونتري Joseph Rowntree Foundation، إيان بورتر، انضم إلى المناشدات الموجهة إلى الحكومة، فدعا الأخيرة إلى الالتزام بإبقاء زيادة الـ 20 جنيهاً إسترلينيا في الأسبوع على مساعدات "الائتمان الشامل". وقال مضيفاً، "مع ارتفاع معدلات البطالة وغرق مظاهر كسب العيش بالمجهول، فإن الإقدام على وقف هذا الدعم الملّح للعائلات في أبريل القادم يمثل خطأً رهيباً".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية، "كنا على الدوام ملتزمين بدعم العائلات ذات الدخل الأدنى، وأعلنا سلة دعم بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني لهذا الشتاء وما بعده، تتضمن 170 مليون جنيه إسترليني لمساعدة العائلات في تأمين الدفء والغذاء الجيد، وملايين أخرى لدعم الجمعيات الخيرية التي تؤمن الطعام، و220 مليون جنيه إسترليني لمساعدة الأطفال عبر برنامج للغذاء والأنشطة في أيام العطل".
© The Independent