Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الوصفة" الفرنسية لمعالجة الإرهاب تبدأ من تونس

 فرنسا تسعى لترحيل مئات التونسيين من أراضيها

سعيد ملتقياً وزير الداخلية الفرنسي (موقع الرئاسة التونسية)

دفعت العملية الإرهابية التي جرت، أخيراً، في مدينة نيس الفرنسية، التي سقط ضحيتها ثلاثة فرنسيين، السلطات في باريس إلى التسريع في حسم ملف المهاجرين غير الشرعيين، الذين يصلون إلى فرنسا من إيطاليا.

وبدأ وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درمانان، جولةً في بعض دول المغرب العربي، بدأها الجمعة 6 نوفمبر (تشرين الثاني) من تونس، وستقوده، الأحد، إلى الجزائر، بعد ما زار المغرب في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


ترحيل مئات التونسيين

فما فحوى هذه الزيارة وخفاياها، وكيف ستتصرف تونس إزاء طلب فرنسا ترحيل مئات التونسيين من أراضيها؟

تسعى فرنسا إلى انتزاع اتفاق مع تونس شبيه باتفاق الأخيرة مع إيطاليا، في عام 2011، والذي أُقر بمقتضاه ترحيل عدد من التونسيين، مقابل حصول تونس على دعم اقتصادي ومساعدات لوجيستية أمنية، لإحكام مراقبة سواحلها.

ووضع أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة تونس، فيصل الشريف، الزيارة "في سياقها الزمني، إذ تأتي إثر عملية نيس الإرهابية، والمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التونسي قيس سعيد في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي".

وتعمل فرنسا على ترحيل نحو 230 متشدداً من أراضيها بينهم تونسيون، بينما أكد وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، في مؤتمر صحافي عقده، أمس الجمعة، مع نظيره الفرنسي درمانان، أن "تونس مستعدة دائماً لقبول كل التونسيين المهاجرين، وفق شروط وضوابط، أهمها صون كرامة التونسيين وتمكينهم من استنفاد كل طرق الطعن المخولة لهم في فرنسا قبل ترحيلهم".

وتحدثت وسائل إعلام فرنسية عن أن وزير الداخلية الفرنسي سيقدم إلى السلطات التونسية قائمة بأسماء 20 تونسياً، يُشتبه في أنهم متطرفون، وصدرت أحكاماً بحقهم، ولم يتم ترحيلهم إلى اليوم، بسبب القيود التي فرضتها جائحة كورونا.


التضييق على 4 آلاف تونسي في فرنسا

وأكد الباحث في المجال الأمني فيصل الشريف، أنه "إضافةً إلى هؤلاء المصنَّفين أمنياً متشددين، تسعى باريس أيضاً إلى ترحيل 4 آلاف تونسي موجودين على أراضيها بعد ما وصلوا إليها من إيطاليا". وأضاف أنه "إثر عملية نيس الإرهابية، تم التضييق على هؤلاء التونسيين، ووضعهم على ذمة الترحيل"، مؤكدا أن "هذا الملف حساس، ومعقد بالنسبة إلى تونس".

وأوضح الشريف أن "حساسية الملف تتمثل في أن أغلب هؤلاء التونسيين يتنقلون في فرنسا بلا وثائق، مما يطرح إشكالية تحديد هوياتهم. وتتطلب العملية تنسيقاً أمنياً عميقاً ودقيقاً مع السلطات التونسية"، مضيفاً أن "ترحيلهم لا يمكن أن يكون دفعة واحدة، لما يشكله ذلك من تهديد للأمن القومي التونسي"، متسائلاً في الوقت ذاته عن مدى استعداد تونس لاستقبالهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معالجة الإرهاب بمقاربة تنموية

و"كإجراء وقائي"، قال فيصل الشريف إن "فرنسا ضاعفت عدد عناصر الحراسة على حدودها مع إيطاليا من 2400 عنصر، إلى أكثر من 4800، إلا أن مراقبة كل الحدود وبخاصة الجبلية منها مع إيطاليا، تبدو أمراً صعباً".

وأكد أن "تونس مدعوة إلى ممارسة مزيد من الضغط على الاتحاد الأوروبي، باستخدام هذا الملف (الهجرة السرية) كي لا يتم تحميلها وحدها المسؤولية"، معولاً على "الدور الذي تضطلع به الدبلوماسية التونسية في معالجة هذا الملف من دون ابتزاز أو ضغط".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، استقبل وزير الداخلية الفرنسي، بعد ظهر الجمعة، وبحث معه الوضع الأمني في المنطقة، وبخاصة العمليات الإرهابية التي حدثت، أخيراً، في فرنسا، وجرى التأكيد على ضرورة مكافحة ظاهرة الإرهاب وفق مقاربة جديدة تقوم على معالجة الأسباب الحقيقية، التي أدت إلى استفحالها.
 

رفض الترحيل القسري

وعبرت 29 منظمة غير حكومية في بيان مشترك عن "رفض استخدام الهجمات الإرهابية للضغط على الحكومة التونسية، لقبول عمليات الإعادة الجماعية القسرية للمهاجرين وفتح مراكز اعتقال في تونس".

وشجب رئيس منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي "سياسة الضغط على تونس، لاستقبال المهاجرين السريين". وأكد أن "أكثر من 12 ألف تونسي غادروا البلاد عبر البحر بطريقة غير شرعية منذ يناير (كانون الثاني) 2020 وحتى الآن، بينما تم التفطن لنحو 11 ألفاً آخرين، ومُنعوا من الإبحار خلسةً من قبل الوحدات الأمنية والعسكرية". وأضاف أنه "يتم الآن ترحيل نحو 600 تونسي شهرياً من إيطاليا، عبر مطار النفيضة الدولي، ووصل أكثر من 2400 منهم، بناءً على الاتفاق بين تونس وإيطاليا".

وتتطلب معالجة مشكلة الهجرة السرية مقاربةً شاملة، تقوم على حلول تنموية واقتصادية وثقافية وتقطع مع المعالجة الأمنية، لذلك فإن تونس مدعوة، بحسب متابعين لهذا الملف، إلى خدمة مصالحها الاقتصادية، من منطلق الشراكة الإستراتيجية مع المجموعة الدولية للتصدي لهذه الظاهرة.

المزيد من العالم العربي