Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأخر التحقيق يعيق دفع تعويضات المتضررين من انفجار مرفأ بيروت

تعيش شركات التأمين حالة تخبط حيث تترقب قرار نظيراتها لإعادة التأمين المرهون بنتائج التحقيق الرسمي

الكلفة التقديرية للأضرار المؤمَّنة في المنطقة المحاذية لمرفأ بيروت تُقدَر بـ 1.5 مليار دولار أميركي (رويترز)

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن انفجار مرفأ بيروت ألحق أضراراً في الأصول المادية بلغت قيمتها حوالي 4.5 مليار دولار، تُضاف إليها الأضرار التي لحقت بالمنازل والمستشفيات والمدارس والشوارع، التي أجبرت عديداً من الشركات على الإغلاق، ما أسهم في خسارة نشاط اقتصادي يُقدر بما يتراوح بين 2.9 و3.5 مليار دولار. وقُدرت حاجات إعادة إعمار القطاع العام بمليارَي دولار، في حين قدرت السلطات اللبنانية الخسائر الإجمالية التي خلفها الانفجار بـ 15 مليار دولار.
هذه الكارثة خلفت وراءها مأساة اجتماعية لم يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي انتهت قبل 30 سنة، حيث قدر تقرير نشرته شركة "بي دبليو سي" للتدقيق المالي دمار ما بين 30 و40 مبنى، وبات 3400 مبنى غير قابل للسكن، وطاولت الأضرار نحو 40 ألف مبنى.  وتوقفت خدمات 5200 شركة توظف آلاف اللبنانيين، وقدرت عدد الذين خسروا وظائفهم بعد الانفجار بـ 70 ألف شخص.
ومع مرور ما يقارب الشهرين على الانفجار واقتراب فصل الشتاء، يسارع المتضررون ومنهم أصحاب المؤسسات والشركات التجارية، لمعرفة مصير التعويضات المالية، بخاصة تلك المتعلقة بشركات التأمين المتعاقدة معهم، ما يطرح مجموعة تساؤلات حول قدرتها على تغطية الأضرار بشكل عاجل، في ظل تجاذب حاصل في ما بينها حول آليات دفع التعويضات وتقييم الأضرار.
 

فوضى أسعار الصرف

وفق المعلومات، فإن شركات التأمين تعيش حالة تخبط بعد انفجار مرفأ بيروت، حيث تترقب قرار شركات إعادة التأمين المرهون بنتائج التحقيق الرسمي لمعرفة المسبب للكارثة، الأمر الذي تتخذه بعض الشركات ذريعة للتهرب من تغطية الأضرار في الوقت الحالي بانتظار الحكم النهائي للقضاء، الأمر الذي يتخوف منه عدد كبير من المؤسسات والأفراد المؤمَنين لدى شركات التأمين، إضافة إلى التخوف من محاولات بعض الشركات تقييم الأضرار والتعويض على المتضررين وفق السعر الرسمي للصرف، في مقابل حصولهم على أموال إعادة التأمين من الخارج بالدولار، ما يعطيهم هامش ربح يقدر بثلاثة أضعاف التعويضات الحقيقية.
وتشير المعلومات إلى أن بعض شركات التأمين فتحت حسابات مصرفية لها في دول خارج لبنان، لتحول إليها تعويضات إعادة التأمين بحيث تدفع تلك الشركات للمتضررين بما يوازي السعر الرسمي للصرف المحلي.
وحول هذا الموضوع تؤكد مصادر في وزارة الاقتصاد أنها ستتابع قضية الأموال التي ستحصل عليها شركات التأمين من تعويضات إعادة التأمين، وآلية الدفع للمؤمنين وفق بنود عقود التأمين، وستضع أي احتيال في احتساب التعويضات في سياق جرم الإثراء غير المشروع، وستحول الشركات المخالفة إلى مكتب مكافحة تبييض الأموال.


نتائج إيجابية

في المقابل، يؤكد رئيس جمعية شركات التأمين إيلي طربيه أن "شركات التأمين لن تتهرب من مسؤولياتها، وستباشر عملها من دون انتظار صدور الحكم القضائي حول أسباب انفجار مرفأ بيروت، للشروع بدفع التعويضات لكل المؤمنين وفق شروط التأمين الواردة في عقد بوليصة التأمين"، مشيراً إلى أنه "تم تعيين خبراء للكشف عن الأضرار في المرفأ والمنطقة المحيطة به".

ولفت إلى أن دفع التعويضات للأفراد قد يستغرق سنة ونصف السنة تقريباً، معتبراً أن "هذه الفترة مقبولة جداً مقارنةً مع هول الكارثة"، كاشفاً أن "الكلفة التقديرية للأضرار المؤمنة في المنطقة المحاذية لمرفأ بيروت تُقدَر بـ 1.5 مليار دولار أميركي لحوالي 10 آلاف مُطالِب، في حين أن الأضرار المؤمنة في مرفأ بيروت تُقدر بأكثر من 350 مليون دولار".
وأعلن أن "جمعية شركات الضمان" تقوم بالتواصل مباشرة مع معيدي التأمين العالميين بهدف تسريع عملية تعويض المتضررين المضمونين لدى شركات التأمين المحلية، وأن مجلس إدارة الجمعية قد تبلغ من خلية الأزمة التي أنشأتها الجمعية لهذه الغاية، "نتائج إيجابية جداً بهذا الخصوص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انفجار "تولوز"

من ناحيته، يرى رئيس مجلس إدارة إحدى شركات وسطاء التامين، فادي رومانوس أنه على الرغم من أن "القوانين اللبنانية تعطي شركات التأمين الحق بانتظار نتائج التحقيق القضائي حول ما إذا كان الانفجار يندرج في إطار الاعتداء الإرهابي أو العمل الحربي، إلا أن المأساة التي يعيشها اللبنانيون تدفع باتجاه تخفيف معاناتهم وتجاوز النصوص القانونية لدواع إنسانية ووطنية"، موضحاً أن "عدداً كبيراً من شركات التأمين تؤيد هذا الأمر، إلا أن هناك بعض الشركات ليس لديها إعادة تأمين لحالات الكوارث المماثلة لانفجار المرفأ"، مستشهداً بانفجار مدينة "تولوز" الفرنسية الذي يحمل بعض أوجه الشبه مقارنةً مع انفجار بيروت، حيث تم تعديل قوانين التعويضات للمؤمَنين بطريقة لا ينتظر المؤمَن صدور الحكم القضائي، الذي قد يستغرق سنوات في بعض الأحيان، داعياً الشركات إلى تعيين خبراء بشكل فوري والشروع بدفع التعويضات آخذين بعين الاعتبار سعر صرف الدولار في السوق السوداء الذي يُعد السعر الفعلي للأضرار.

وأشاد بقرار وزير الاقتصاد راوول نعمة، المتعلق بإلزام الخبراء أخذ تضخم سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار بعين الاعتبار في تقييم الخسائر الناتجة عن الانفجار، وذلك حفاظاً على حقوق المؤمنين، إضافةً إلى قرار منع الخبراء الأجانب من إجراء مسح للأضرار، مشيراً إلى حصر هذه المهمة في إطار 52 شركة حائزةً على ترخيص من وزارة الاقتصاد اللبنانية.
وأوضح أن هناك ثلاثة أنواع من عقود التأمين الاعتيادية، التي تستعملها البنوك ومصرف الإسكان، ولن تغطي خسائر الانفجار حتى لو تضمنت بند الانفجار الداخلي في المنازل، مشيراً إلى أن بعض المؤمنين يحملون عقد تأمين ضد مخاطر الحرب والإرهاب والطيران فهذه تغطي حسب النص المكتوب فيها، كما تغطي حالات نهب حدثت أثناء الانفجار وبعده.


غرفة عمليات

من جانبها، أعلنت الهيئات الاقتصادية عن إنشاء غرفة عمليات متخصصة للوقوف إلى جانب المؤسسات المتضررة التي لديها عقود تأمين، ومساعدتها على تحديد قيمة الخسائر الفعلية، وضمان حصولها على التعويضات كاملة بحسب ما توجبه عقودها مع شركات التأمين، مبديةً استغرابها الشديد للتأخر الحاصل في إنجاز التحقيق في انفجار المرفأ، مطالبةً بإلحاح الجهات المختصة بإنجاز التحقيق وإصداره سريعاً، خصوصاً أن القضية مصيرية لآلاف الأشخاص الذين تضررت مؤسساتهم ومنازلهم وسياراتهم.

من ناحية أخرى، أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية، أن الرئيس ميشال عون وقع "مرسوماً يقضي بفتح اعتماد استثنائي في الموازنة العامة للعام 2020 بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية يُخصص لدفع تعويضات المتضررين"، ويوازي هذا المبلغ 66 مليون دولار حسب سعر الصرف الرسمي ونحو 13 مليوناً بحسب سعر السوق.

ووفق المعلومات، فإن التعويضات ستوزع استناداً إلى آلية تضعها قيادة الجيش اللبناني ومحافظة بيروت، وستكون مخصصة لتعويضات المساكن والمكاتب المتضررة، وبحسب مصادر الجيش الذي كلف إحصاء الأضرار، فقد تضررت 60818 وحدة سكنية و962 مطعماً و19115 مؤسسة وشركة.

المزيد من العالم العربي