أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أمله في أن تجتمع الأطراف اليمنية لإحلال السلام في البلاد.
وفي حديث يبعث على بعض من الأمل في نفوس الشعب اليمني الذي أنهكته الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو ست سنوات، وخلّفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، قال غوتيريش في تصريح لقناة "العربية"، إن "هناك مفاوضات جارية حول اليمن وقد وصلت إلى مراحل متقدمة".
تفاوض فعّال
وأضاف "نحن ملتزمون بالكامل ونتواصل بصورة فعالة مع أطراف الصراع، وهناك مفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة، ونأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإحلال السلام في اليمن".
تصعيد عسكري
حديث غوتيريش يأتي على وقع تصعيد عسكري واسع يشهده عدد من جبهات القتال في اليمن، خصوصاً على أطراف محافظتي مأرب والجوف (شمال شرقي)، ما دفع مجلس الأمن في جلسته المنعقدة بشأن اليمن نهاية الشهر الماضي، إلى دعوة الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي إلى اتخاذ خطوات فورية لمنع التصعيد.
وبخصوص الاتفاق بين الحكومة والانتقالي في الرياض، قال الأمين العام للأمم المتحدة، "لقد كنا نؤيد بشدة اتفاق الرياض، ويحدونا الأمل أن تجتمع الأطراف سوية، وهو أمر أساسي لإيجاد حل في اليمن".
يأتي ذلك في ظل تكثيف جماعة الحوثي هجماتها الصاروخية وبالطائرات المسيّرة باتجاه الداخل اليمني، خصوصاً مدينة مأرب، وكان آخرها الهجوم الصاروخي فجر الجمعة الذي استهدف أحد المساجد داخل معسكر الأمن المركزي، وراح ضحيته العشرات بين قتيل وجريح، بالتزامن مع شنّ هجمات مكثفة في محيط المدينة التي تضم نحو مليوني نازح من مختلف مناطق اليمن، إضافةً إلى اعتداءات مماثلة تستهدف مناطق ومدن الجارة السعودية.
وفي يوليو (تموز) الماضي، كشف المبعوث الخاص لليمن مارتن غريفيث عن مفاوضات تجري بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي "بشأن مقترحات الإعلان المشترك الذي سلّم إليهم في بداية الشهر الحالي".
وتسعى الأمم المتحدة إلى التوصل لإعلان مشترك يتضمن اتفاقاً لوقف إطلاق النار في جبهات القتال كافة والبدء باتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية والإنسانية واستئناف العملية السياسية الهادفة إلى إنهاء الصراع بشكل شامل.
تصاعد القتال
وزير النقل اليمني المستقيل صالح الجبواني، قلّل من أهمية حديث غوتيريش، مستبعداً نجاح الأمم المتحدة في إحداث تقدم فعلي على طريق السلام المستدام الشامل في بلاده.
وقال "ليس في الأفق ما يؤشر إلى ذلك (السلام)، فميليشيا الحوثي تهاجم مأرب لإسقاطها، وميليشيا الانتقالي تهاجم أبين (المحاذية لعدن، ومسقط الرئيس هادي) لاختراقها".
وتساءل باستنكار: "فعن أي سلام يتحدث الأمين العام؟".
وتبذل الأمم المتحدة منذ سنوات، جهوداً لوقف الاقتتال وبدء حوار شامل بين الأطراف اليمنية، إلّا أنها لم تنجح في إحداث اختراق جوهري في جدار الأزمة المتفاقمة في البلد الفقير.
وأعلن مكتب المبعوث الأممي في وقت سابق من الشهر الحالي، طرحه نسخة جديدة من مقترح لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن واستئناف مشاورات السلام بين الحكومة اليمنية والحوثيين برعاية الأمم المتحدة.
وتداولت وسائل إعلام دولية بنود مسودّة معدلة للحل السياسي التي سلمها غريفيث لما وصفتها بالأطراف الثلاثة الرئيسة في النزاع، (الحكومة والحوثيون والتحالف العربي) في إطار مساعي الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية.
وتتضمن بنود المسودّة الأممية المعدّلة، وقف إطلاق نار شامل في أنحاء اليمن كافة، يدخل حيّز التنفيذ فور التوقيع عليه وإلزام طرفي النزاع وكل من ينتسب إليهما بوقف جميع العمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية وإطلاق جميع المعتقلين والمحتجزين وفقاً لاتفاق ستوكهولم، وفتح الطرق الرئيسة واستئناف الرحلات الجوية لمطار صنعاء الدولي.
انقلابات تقترب من النجاح
وبالنظر إلى واقع الحال، فحديث الأمين العام للأمم المتحدة يأتي بالتزامن مع تصاعد حدّة المعارك حول محافظة مأرب، (تضم أكبر معاقل القوات العسكرية الموالية للحكومة الشرعية) واستماتة جماعة الحوثي لاقتحامها وإعلان الانتقالي الجنوبي تعليق مشاركته في اتفاق الرياض وتلويحه المستمر باستخدام القوة لفرض نفسه حاكماً لجنوب اليمن بعد أن نصّب نفسه حاملاً شرعياً لخيارات أبنائه.
ولهذا يرى الدكتور فيصل علي، رئيس مركز يمنيون للدراسات، إن تصريح غوتيريش يأتي والانقلابات قد أوشكت أن تكمل ما تبقّى من سيطرتها على البلاد.
إثارة الشك
ويعتبر أن "المراحل المتقدمة للسلام التي يتحدث عنها الأمين العام هي بيع الوهم للإعلام وللمنظمات والحكومات ومن يقفون خلف تمزيق الجمهورية اليمنية، وما يقوله المسؤول الأممي مثير للشك والاستغراب، فلا مفاوضات قائمة ومعلنة ولا تقارب في وجهات النظر، وما زال تجار الحروب يمارسون إطالتها حتى تستمر إعاشتهم من قبل داعمي الانقلابات خارج البلاد".