تتعرض الفنادق المُستضيفة لملتمسي اللجوء في بريطانيا، لاستهداف مجموعات يمينية متطرفة تحاول استغلال نيران العدائية التي أزكتها زيادة عمليات عبور القناة الإنجليزية.
وقد علمنا أن الشرطة استُدعيت للتصدي لأكثر من حادثة اعتداء على المهاجرين المتواجدين في المساكن الطارئة بسبب جائحة كورونا، ونفذ عمليات الاعتداء والتصوير ناشطون متطرفون.
فبعد ما سلط نايجل فاراج الضوء على مشكلة العابرين للقناة بواسطة سلسلة من الفيديوهات في يوليو (تموز) الماضي، دأب المتطرفون على نشر قوائم الفنادق الواجب "التحقق منها" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإغراق الموقع الإلكتروني لكل فندق تعاقدت معه وزارة الداخلية لإيواء طالبي اللجوء بسيل من المراجعات السلبية، داعين الرأي العام البريطاني إلى مقاطعته وعدم الإقامة فيه متى أُعيد فتحه.
ووفقاً لجو مولهول، أحد كبار الباحثين في منظمة "أمل لا كراهية" (Hope Not Hate) المعادية للتطرف، فإن مثل هذه الموجة ليست غريبة على "تاريخ جماعات وأفراد اليمين المتطرف في أنحاء أوروبا الذين اعتادوا الهجوم على مساكن المهاجرين لسنوات".
"كل ما في الأمر أن الموجة بلغت ذروتها هذا الصيف مع ارتفاع عدد القوارب والفنادق الموضوعة في خدمة المهاجرين واللاجئين"، وتحول مشكلة عبور بحر المانش إلى قضية مشهورة تتوحد حولها جماعات يمينية متطرفة مختلفة المشارب"، على حد قول مولهول لـ"اندبندنت".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعد السويد وألمانيا واليونان من بين البلدان التي شهدت أعمال إضرام نار وهجمات عنيفة على مرافق إقامة المهاجرين، منذ بداية أزمة اللاجئين في البحر المتوسط في 2014.
ولم تسجل أعمال عنف بالغ في حوادث شهدتها بريطانيا مؤخرا، على الرغم من إلقاء الشرطة القبض على رجل بتهمة الاعتداء على مهاجر على شاطئ كنت في وقت سابق من الشهر الحالي.
وفي الآونة الأخيرة، نشرت حركة "بريطانيا أولاً" (Britain First) التي أُدين زعيمها بول غولدينغ بجريمة إرهابية في مايو (أيار)، سلسلة من الفيديوهات كرد فعل على الاستهزاء الذي طالها لمحاولتها استخدام يخت لـ"حراسة" القناة الإنجليزية.
ويوم السبت الماضي، استُدعيت الشرطة إلى أحد فنادق "هوليداي إن" (Holiday Inn) في ضواحي لندن بعد ما حاول غولدينغ ومجموعة من مناصريه اقتحام المبنى والتعرض لكل من يحاول دخوله أو الخروج منه وتصوير اللاجئين عبر النوافذ.
وأثناء استجواب الشرطة له، رفض غولدينغ التعريف عن نفسه وادعى أنه كان يصور "تقريراً سياسياً لوسائل التواصل الاجتماعي".
واستناداً إلى رواية شرطة العاصمة، فإن ضباطها حضروا إلى المكان فور تبلغهم بـ"وجود حشدٍ من المحتجين" في محيط الفندق، لكنهم لم يسجلوا حدوث ارتكابات إجرامية من أي نوع.
وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، استُدعيت الشرطة إلى تحرك آخر لـ"بريطانيا أولاً"، هذه المرة في أحد فنادق إيسيكس. وبعد التأكد "من عدم وقوع أي جرم"، طالبت الشرطة المحتشدين بالمغادرة.
وفي حادثة ثالثة الخميس، نجح غولدينغ وزملاؤه الناشطون في دخول أحد فنادق ورسسترشاير وقرع أبواب الغرف بحثاً عن لاجئين.
حاولوا سؤالهم عن البلد الذي يأتون منه وحدثوهم عن "المحاربين القدماء المشردين في شوارعنا"، غير مترددين في اللحاق بكل من حاول التملص منهم والاختباء.
"وإلى حين وصول الشرطة إلى المكان، كانت المجموعة قد غادرته ولم ويسجل وقوع أي اعتداء"، على حد تعبير ناطق رسمي باسم شرطة غرب ميرسيا.
ونفس المشهد والسيناريو يتكرران مع ناشطين آخرين وجماعات أخرى، نذكر من بين هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر: حزب "من أجل بريطانيا" (For Britain) المعادي للإسلام، لمؤسسته آن ماري ووترز، المرشحة الخاسرة لقيادة "يوكيب" (Ukip)، و"رابطة الدفاع الإنجليزية" (EDL) في شخص مؤسسها تومي روبنسون الذي لا يتوانى عن تصوير الفنادق والمهاجرين الوافدين إلى دوفر والترويج لفيديوهات ينشرها مدون يُطلق على نفسه اسم "وطني ناشط" (Active Patriot)، ومجموعة "الدفاع عن الساحل الجنوبي الشرقي" (South East Coastal Defence) التي تضم في صفوفها الناشطة السابقة في "رابطة الدفاع الإنجليزي" التي تداولت على قناة التليغرام قائمة بالفنادق المضيفة ودعت المهاجرين "الحثالة" "ليعودوا أدراجهم" من حيث أتوا.
وفي مواجهة ذلك، أعربت ليزا دويل، مديرة لجنة الدفاع في "مجلس اللاجئين" عن قلق المنظمة وخوفها من التقارير التي تتحدث عن تعرض المهاجرين للتخويف.
وأضافت "هؤلاء الناس هربوا من الاضطهاد والعنف وأتوا إلى المملكة المتحدة ملتمسين الحماية والأمان، وحري بدولتنا أن تكون ملاذاً آمناً ومضيافاً وتتخذ الخطوات المناسبة لحمايتهم من الاعتداء والمضايقة".
ومن جهتها، قالت بريدجيت تشابمان من "شبكة عمل كنت للاجئين" (KRAN) "إننا نشعر بالحزن والأسى لأن أحداً يرغب في التصرف مع أخيه الإنسان بهذه الطريقة".
"نحن واثقون أنه لو أخذ المعنيون بهذه التحركات القليل من وقتهم للقاء اللاجئين وسماع رواياتهم لاتضحت الصورة لديهم بشكل أفضل وفهموا".
برأي تشابمان، التبرعات والتقديمات السخية التي "انهالت" على الشبكة في المرحلة الماضية هي "أصدق تعبير عن مزاج الرأي العام البريطاني من الأعمال غير الرشيدة لمجموعات صغيرة وأقليات".
وفي الاتجاه نفسه، أصدرت وزارة الداخلية بياناً كشفت فيه أن الحكومة ملزمة قانوناً بتأمين الدعم والإقامة المؤقتة للاجئين المعدمين أثناء معالجة طلباتهم.
وتابع البيان "كان من الضروري الاستعانة بالفنادق لإيواء ملتمسي اللجوء بشكلٍ مؤقت والحرص على تطبيق معايير التباعد والتوجيهات الصحية المرعية الإجراء".
"وهذا ما جنب السلطات المحلية المسؤولة عن تأمين فنادق للبريطانيين الذين ينامون في العراء، هول ضغوطٍ إضافية"، ختم البيان.
وفي الوقت الحاضر، يجري التخطيط لإقامة تظاهرة احتجاجية في دوفر الشهر المقبل، مما يثير المخاوف من احتمال تكرار أعمال العنف التي شهدها المرفأ خلال الاحتجاجات المناهضة للهجرة في 2016.
فبعد أسابيع من الاحتجاجات الصغيرة في أنحاء المملكة المتحدة، يُمكن لتوجه العديد من المجموعات المتطرفة إلى البلدة الساحلية في 5 سبتمبر (أيلول) أن يحولها إلى "بؤرة توتر خطيرة وربما عنيفة".
"هناك كثير من الناشطين الذين يُغيرون توجهاتهم والخطر في أن نرى هؤلاء يتضافرون ويشكلون حركة جديدة"، أوضح السيد مولهول.
© The Independent