Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الليبي يعلن دعمه التظاهرات الشعبية

تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق تغلق شوارع رئيسية في طرابلس لمنع التظاهرات

أعلن الجيش الليبي دعمه التظاهرات الشعبية العفوية التي خرجت في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي، مطالبة بتحسين الخدمات العامة، والنهوض بالوضع المعيشي المتردي، مع التنديد بتفشي الفساد داخل حكومة الوفاق.

وفي أوّل تعليق على تظاهرات طرابلس، رحّب المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري بأي حراك شعبي سلمي في بلاده، وبأية مساحة من الحرية لكل مواطن ليبي للتعبير عن آرائه.

واتهم المسماري، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، حكومة الوفاق باستخدام ميليشيات من أجل مواجهة وقمع التظاهرات الأخيرة في طرابلس، في إشارة إلى الميليشيات الموالية لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج، التي اقتحمت ساحة التظاهرات وطردت المحتجين بالقوة، وخطفت عدداً منهم.

وأضاف المسماري "ما يهمنا أكثر هو القمع الذي خرج بعد شعارات كانت ترفع في طرابلس عن الدولة المدنية، فوجدنا الميليشيات ذاتها التي كانت تدعي هذا النهج هي من تقوم بعمليات قنص المتظاهرين والتعدي عليهم."

وعبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، نشر المسماري مقاطع فيديو وثّقت مشاهد قمع ورمي بالرصاص، استهدفا المحتجين الذين خرجوا مساء أمس الأربعاء في مسيرات مناهضة لحكومة الوفاق، وتدخلت ميليشيات مسلحة لطردهم من ساحة التظاهرات، ومنعهم من المطالبة بحقوقهم الأساسية.

وفي سياق متصل، أغلقت تشكيلات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق، مساء اليوم الخميس، شوارع رئيسية في طرابلس لمنع التظاهرات. وتجمعت التشكيلات في ميدان الشهداء وسط طرابلس، وأغلقت الميدان منعاً لأي تظاهرات. وكانت حكومة الوفاق قد أعلنت مساء أمس الأربعاء فرض حظر تجول شامل لكبح الاحتجاجات، إلا أنها تعللت بمحاربة تفشي فيروس كورونا.

حكومة الوفاق

في المقابل، فتحت قوات أمنية وعسكرية تابعة لحكومة الوفاق الليبية، نيران بنادقها تجاه المتظاهرين في ميدان الشهداء. وهذه المرة الثانية خلال أربعة أيام، بعد ساعات من خرق المتظاهرين قرار حظر التجوال الذي أعلنته في المدينة، في محاولة منها للتضييق على التظاهرات، التي طالبت بإصلاحات حكومية واسعة، قبل أن ترفع السقف لإسقاط حكومة الوفاق واستقالة رئيسها فايز السراج من منصبه.

وقال أعضاء حراك 23 أغسطس (آب)، الذي ينظم الاحتجاجات الشعبية، إن ميليشيات النواصي وباب تاجوراء والردع، التابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوفاق، خرجت بقوة عسكرية كبيرة، وأقفلت الشوارع المؤدية إلى ميدان الشهداء، قبل أن تحاصر المتظاهرين وتبدأ بإطلاق النار عليهم بأسلحة خفيفة ومتوسطة.

يأتي هذه الهجوم بعد يوم واحد من تعهد السراج بحماية المتظاهرين من أي اعتداء مسلح، وكشف مرة أخرى عن الانقسام الحاصل في طرابلس بين الأجسام السياسية وأذرعها العسكرية، إذ تبرأت وزارة الداخلية ورئيسها فتحي باشاغا من مسؤولية الهجوم المسلح على التظاهرة، وأكدت أنها تعرف الجهة التي نفذتها وتعهدت بمحاسبتها.

الحراك يدين الهجوم المسلح

استنكر حراك 23 أغسطس محاصرة المتظاهرين السلميين المناهضين لحكومة السراج واستهدافهم بالرصاص. واعتبر أن "السراج ووزير داخليته رفضا تغليب صوت العقل"، داعياً "بعثة الأمم المتحدة إلى الخروج عن صمتها وفتح تحقيق فوري في شأن ما يحدث من قمع ضد المتظاهرين في العاصمة، وضمان حرية التظاهر والتعبير".

وجدّد الحراك، في بيان، "رفضه قرار حظر التجوال، الذي فرضته حكومة الوفاق"، معلناً "استمرار الاحتجاجات حتى تحقيق مطالب المتظاهرين".

وطالب بـ"الإفراج الفوري عن المعتقلين منهم". وفيما شكر نقابة المحامين لوقوفها إلى جانب إرادة الشعب، دعا النقابات إلى مناصرة الحراك".

وكانت مصادر إعلامية متطابقة في طرابلس، أكدت قيام الأجهزة الأمنية التابعة للوفاق بدهم منازل ناشطين شاركوا في الاحتجاجات واقتادتهم إلى جهة مجهولة.

نداء إلى الأمم المتحدة

حمّل الناطق الرسمي باسم الحراك الشعبي، أحمد بوعرقوب من جهته، "الأمين العام للأمم المتحدة والبعثة الأممية للدعم في ليبيا، المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان في طرابلس". ودعا إلى "تفعيل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، المتعلقة بحماية المدنيين، وتدخل البعثة الأممية بسرعة للإفراج عن المحتجزين من الحراك على يد الأجهزة الأمنية لحكومة الوفاق".

وأضاف بو عرقوب أن "من يمنع الاحتجاجات السلمية ويقمعها سيجعل الاحتجاجات العنيفة أمراً حتمياً".

وينتقد الإجراءات التي قام بها السراج، لتهدئة الغضب الشعبي في العاصمة، بقوله "السراج يطالب المصرف المركزي بحلّ مشكلة السيولة، السراج يطالب النائب العام بالتحقيق لمعرفة من أطلق الرصاص على المتظاهرين، السراج يطالب شركة الكهرباء بالعدالة في طرح الأحمال، السراج يدعو الرقابة الإدارية إلى متابعة الفساد، هل السراج رئيس للمجلس الرئاسي أم هو ناشط مدني؟".

داخلية الوفاق تتبرأ من الهجوم

في الأثناء، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، في بيان، أنها "تابعت واقعة الاعتداء على المتظاهرين السلميين، ليلة الأربعاء الخميس، من قبل مجموعة مسلحة، وإطلاقها الأعيرة النارية بشكل عشوائي، واستخدام الرشاشات والمدافع، وخطف بعض المتظاهرين وإخفائهم قسراً، والتسبب في حالة من الذعر بين المواطنين، وتهديد الأمن والنظام العام".

وأكدت الداخلية أنها "رصدت تلك المجموعات المسلحة، وتبعيتها والجهات الرسمية المسؤولة عنها"، محذرةً من "محاولة المساس بحياة المتظاهرين، أو حجز الحرية بالمخالفة للقانون".

وأشارت إلى أنها "قد تضطر إلى استعمال القوة لحماية المدنيين، وفق واجباتها الأخلاقية والوطنية والقانونية تجاه الشعب الليبي".

فقاعة لتهدئة الخواطر

يستبعد الكاتب السياسي عبد الحكيم فنوش قدرة وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشاغا، على تنفيذ تهديده للمليشيات، ويصف التهديدات بأنها "مجرّد فقاعة لتهدئة المتظاهرين". ويضيف "لا شرعية لمن يمتهن كرامة المواطن".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم تعجب تصريحات باشاغا حتى بعض المقربين من حكومته. فقد دعا المستشار السياسي لحكومة الوفاق ومجلس الدولة، أشرف الشح، إلى "إنهاء مهزلة ما وصفه بـ"تمرد وزير الداخلية باشاغا، مدفوعاً بطموحه"، متابعاً "يجب على السراج ومجلسه الرئاسي إعادة ضبط إدارة الدولة".

أمّا آمر الغرفة العسكرية المشتركة، التابعة للرئاسي، أسامة جويلي، فاعتبر في بيان أن "الدعوات إلى التظاهر تستغل شعارات تدغدغ العواطف والأزمات المعيشية التي يتحمل مسؤوليتها الجميع". وأضاف بيانه "إننا ننبه كل الغوغائين إلى أن يحفظوا أنفسهم، ولا يكونوا أداة في يد جهات تحركهم، لأنهم سيكونون تحت طائلة القانون، وسيتخلى عنهم داعموهم كما فعلوا في السابق".

تحرك منظمة العفو الدولية

تعليقاً على هذه التطورات، دانت منظمة العفو الدولية، في تقرير لها "أعمال القمع المسلح والخطف التي تعرض لها المتظاهرون وسط العاصمة طرابلس، مطالبة حكومة الوفاق بتحمل مسؤوليتها تجاه حمايتهم"، مؤكدةً "اختطاف ما لا يقل عن ستة متظاهرين سلميين وجرح عدد آخر منهم".

وروت استناداً إلى شهادات شهود عيان وأشرطة فيديو أن "رجالًا مسلحين يرتدون ملابس عسكرية مموّهة أطلقوا النار على المتظاهرين في طرابلس، من دون سابق إنذار، مستخدمين بنادق من طراز أي كاي وبنادق محمولة على شاحنات".

ودعت المنظمة إلى "الإفراج الفوري عن جميع المختطفين، وإجراء تحقيق سريع وشامل ومستقل في استخدام القوة ومحاسبة المسؤولين".

وحمّلت ديانا الطحاوي، النائبة الإقليمية لمنظمة العفو الدولية، حكومة الوفاق "مسؤولية حماية المتظاهرين ودعم مطالبهم ومعالجة القضايا الأساسية التي دفعتهم إلى النزول إلى الشوارع، بدل إسكاتهم بالذخيرة الحية".

غضب عارم ورعب

ويعتبر الكاتب مختار الجدال، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن "ما يحدث في طرابلس خطير، وحكومة الوفاق باتت تستخدم إجراءات إرهابية، لقمع المتظاهرين السلميين، بينما صدع مسؤولوها رؤوسنا بأنهم يمثلون الدولة المدنية في ليبيا".

ويقرأ الجدال "الإجراءات القمعية التي تنتهجها الوفاق"، باعتبارها "إشارات تدل على رعبها من الحراك، ومعرفتها بقدرته على تغيير كل شيء في لحظة غضب شعبي عارمة".

ودعا "حراك الشباب إلى الصمود ضد هذا القمع، حتى تحقق مطالبه، بعدما كشفت هذه الحكومة وجهها الحقيقي للدنيا كلها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي