مع ارتفاع معدل البطالة في الأردن، وتزايد التخصصات الدراسية المشبعة، يقبل الطلاب الأردنيون بشكل لافت على دراسة وتعلم فنون الطهي في محاولة منهم للبحث عن فرص وظيفية مجزية.
وتشير الدراسات إلى أن قطاع الضيافة سيخلق نحو 25 ألف فرصة عمل خلال السنوات المقبلة، ما يفسر إقبال الشباب الأردني على دراسة هذا الوافد الجديد إلى الثقافة الأردنية، الذي أصبح صناعة بحد ذاتها، لم تعد حكراً على الإناث فقط.
وبحسب مراقبين فإن هذه المهارة، لا تقتصر على تعلم فنون الطهي، بل تؤهل دارسيها أيضاً لإدارة المطاعم، وخدمات الغذاء والمشروبات، ومطابخ الفنادق والمنتجعات والمقاهي والنوادي.
وساهم انتشار فايروس كورونا في الأردن وما تبعه من حجر صحي، إلى الإقبال على تعلم فنون الطهي، كما انتشرت مطابخ طهي عالمية في الأردن لم تكن متواجدة قبل سنوا ت في العاصمة عمّان.
الوظيفة مضمونة
في عام 2007 حين أُسِست الأكاديمية الملكية لفنون الطهي، كانت فكرة تعلم الطهي ترفاً بالنسبة إلى البعض، ومستقبلاً مجهولاً لآخرين، لكن اليوم ثمة آلاف من خريجي هذه المؤسسة غير الربحية، الذين يعملون في فنادق من فئة "خمس نجوم" محلية وعالمية.
ويؤكد أحمد شموط، عميد الأكاديمية الملكية لفنون الطهي، أن مستقبل الطلاب الذين يقبلون على دراسة فنون الطهي واعد، وبمجرد تخرجهم ستكون الوظيفة مضمونة. مشيراً إلى أن 95 في المئة من خريجي الأكاديمية قد حصلوا على وظيفة عمل بعد تخرجهم.
وبحسب شموط، فإن تأسيس هذه الأكاديمية الأولى من نوعها في الأردن، جاء لتعزيز التوجه نحو أشكال التعليم الأخرى غير التعليم الأكاديمي، إضافة إلى رفد قطاع الضيافة بكفاءات أردنية مؤهلة ومدربة.
الطهي المستدام
تتحدث الشيف جيهان السهاونة من الأكاديمية الملكية لفنون الطهي عن فن الطهي المستدام كأحد المساقات التي يتم تدريسها، الذي يأخذ في الاعتبار من أين تأتي المكونات، وكيف تزرع الأغذية، وكيف تصل إلى أسواقنا، وفي نهاية المطاف إلى أطباقنا، بحيث لا تهدر مواردنا الطبيعية والحيوانية.
في المقابل، يقول محمد الذي ينهي سنته الثانية في تعلم فنون الطهي، "نتلقى تدريباً في فنادق 5 نجوم داخل الأردن وخارجها، للحصول على مستوى عالٍ في هذه المهنة".
ويعترف أن إتقان اللغة الإنجليزية وقف عائقاً أمام طموح صديقه في دراسة فنون الطهي في الأكاديمية الملكية، لكنه مصمم على الالتحاق بها في وقت آخر، حيث سيحصل في نهاية المطاف على درجة الدبلوم في فنون الطهي، وتتاح له فرصة إكمال الدراسة في أحد أفضل معاهد فنون الطهي العالمية.
ويضيف "معظم الحصص عملية وبعضها يتعلق بالتغذية، والكادر طهاة أجانب ومحليون، فضلاً عن الاستعانة بكتب الطهي العالمية".
ويؤكد محمد أن ثمة منافع كثيرة لدراسة فنون الطهي من بينها السفر، والتعرف على ثقافات جديدة، والحصول على دخل مرتفع، فضلاً عن تعزيز الثقة بالنفس داعياً الشباب الأردني إلى التوجه إلى دراسة فنون الطهي.
منصات للطهي
إلى جانب الأكاديمية الملكية لفنون الطهي، تبرز بعض المنصات التي تقدم دورات في فنون الطهي وإعداد الطعام، من بينها منصة "إدراك" التي تستعين بأشهر الطهاة الأردنيين، وتقدم ساعات بث مجانية.
كما انتشرت فقرات وبرامج الطبخ على شاشات التلفزة الأردنية بشكل كبير، وبات الحديث عن الطعام الصحي، واستضافة خبراء التغذية روتيناً يومياً في الإعلام.
وغير بعيد عن ذلك كله أُطلِقت برامج لتمكين النساء الأردنيات عبر استغلال مهارة الطبخ لديهن، لمواجهة الصعوبات الحياتية، حيث نجح كثير منهن في التحول إلى مشاريع كبيرة. كما برزت ظاهرة بنوك الطعام التي تنشط خصيصاً في شهر رمضان وعلى مدار العام، وسوق الطبخ المنزلي التي انتعشت، مما يبرز الحاجة الكبيرة إلى مهنة الطهي في الأردن اليوم.
ويقدر عدد المطاعم في الأردن بمختلف تصنيفاتها بحوالى 20 ألف مطعم، كما يبلغ عدد العاملين في هذا القطاع نحو 130 ألف عامل وعاملة، بينما بلغ عدد الفنادق المصنّفة 580 فندقاً، بعمالة بلغ عددها نحو 20 ألفاً.