Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيروت تلملم جراحها على وقع "الغموض" ومطالبات بتحقيق دولي

مصدر عسكري يرجح أن تكون ضربة صاروخية إسرائيلية وراء الانفجار الهائل في لبنان

استفاقت بيروت على هول الكارثة، وكشفت ساعات النهار الأولى حجم الأضرار البشرية والمادية التي لم تشهدها بيروت منذ حرب يوليو (تموز) عام 2006. مشهد السحابة المتطايرة في سماء بيروت التي تنقشع على طريقة سحابة القنبلة الذرية لم يثر الرعب فقط، ولكنه يزيد الانفجار المروع غموضاً على الغموض الذي أثارته التصريحات الأولية عن الانفجار، وخصوصاً أن مركز العلوم الجيولوجية الألماني أشار إلى أن انفجار بيروت يوازي زلزالاً بقوة 3.5 على مقياس ريختر.

المعلومات تشير إلى سقوط أكثر من 110 قتلى وما يزيد عن 4000 جريح وعشرات المفقودين الذين لا يزالون تحت الأنقاض بين الحياة والموت، وتشير المعطيات الأولية إلى أن حجم الخسائر يقدر بحوالى 250 مليون دولار، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة المعيشية كون مرفأ بيروت يشكل 70 في المئة من مصدر البضائع المستوردة إلى لبنان، في وقت أفيد عن تلف كبير حصل في إهراءات القمح ومخازن الأدوية التي تغذي السوق الاستشفائي في لبنان.

وفتحت الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، كل الاحتمالات لتوصيف المشهد، حول إذا ما كان استهدافاً إسرائيلياً، أو نتيجة انفجار حاويات أسلحة وذخائر عائدة لـ"حزب الله".

 

مصانع "حزب الله"

وكشف مصدر عسكري مطّلع رفض الكشف عن اسمه، "أن وحدة الأمن الخارجي 910 التابعة للحزب المكلفة في شراء هذه المواد وتخزينها"، وقال إن معلوماته تؤكد أن لدى "حزب الله" مصانع سرية لتصنيع أنابيب وخرسانات للصواريخ في البقاع والجنوب والضاحية، وأن الحزب قام بشراء خلال السنوات الماضية مواد "الحشوة الانفجارية" من روسيا والصين وإرسالها إلى لبنان عبر المرافئ اللبنانية، مضيفاً أن الحزب يقوم بتجميع الصواريخ في مصانعه ويأتي برؤوس التفجير الدقيقة الموجهة من إيران، وبذلك يكون حصل على صواريخ دقيقة.

ورجح أن تكون ضربة صاروخية إسرائيلية وراء الانفجار الهائل، موضحاً أن مادة "نيترات الأمونيوم" هي من المعادن الاستراتيجية تستخدم في تصنيع القنابل والمتفجرات النووية، وأنه لا يمكن لـ "النيترات" أن تنفجر من حريق جانبي أو من مفرقعات إلا في حال كانت مجهزة بصواعق مساعدة. ولكن معلومات هذا المصدر لم تثبت من مصادر أخرى علماً ان حزب الله نفى مراراً وجود مخازن اسلحة بين الأماكن السكنية في مرات عدة.

وأشار المصدر أيضاً إلى أن إسرائيل سبق وحذرت على لسان وزير الدفاع بأنها "ستدمر البنية التحتية للبنان بسبب وجود صواريخ دقيقة ووجود مخازن أسلحة وقواعد صواريخ، مضيفاً أن الاستهدافات المتكررة لمخازن الحزب في سوريا تأتي في الإطار نفسه إلا أن المتغيّرات الإقليمية قد تكون أسقطت قواعد الاشتباك السابقة بين إسرائيل والمليشيات الإيرانية.
 مع هذا تنفي إسرائيل أن يكون لها اي دور في انفجار بيروت كما لم توجه ميليشيا حزب الله اتهامات لها بالضلوع في الانفجار الذي أدى إلى كارثة في العاصمة اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تاريخ مع "النيترات"

و"حزب الله" له تاريخ طويل مع تخزين مادة "نيترات الأمونيوم"، وكان آخرها بيان لوزارة الداخلية الألمانية والتي أشارت فيه بتقرير مفصل عن أنشطة "حزب الله" في ألمانيا والمكون من 30 صفحة، إلى أنها رصدت عدداً من الأنشطة الخطيرة للحزب في ألمانيا تهدد أمن البلاد، أبرزها تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم في مباني شركة شحن جنوب البلاد بهدف استخدامها في صناعة المتفجرات وشن عمليات إرهابية في الاتحاد الأوروبي.

وفي يوليو (تموز) عام 2012 تم اعتقال عنصر من حزب الله في قبرص يدعى حسين عبد الله بعد اكتشاف 8.2 أطنان من نيترات الأمونيوم في قبو منزله في لارنكا. وفي أغسطس (آب) عام 2015 اكتشفت السلطات الكويتية خلية يديرها "حزب الله" وعرفت بـ "خلية العبدلي" بعد اكتشاف 42 ألف باوند من نيترات الأمونيوم و300 باوند من متفجرات الـ C4 وأسلحة في منزلهم. كذلك في العام 2017 داهمت السلطات البوليفية مخزناً كبيراً تابعاً لحزب الله عثر في داخله على كميات من المتفجرات لإنتاج قنبلة بوزن 2.5 طن.

تاريخ الحزب الحافل بهذه المواد فتح الباب واسعاً لربط المواد المتفجرة بـ"حزب الله"، وما يعزز هذه الفرضية هو أن المرفأ مجهز للتجارة التقليدية ولا يوجد فيه أي مخازن عسكرية تابعة للجيش اللبناني، ما يؤكد أن الجهة العسكرية الموازية الموجودة على الأراضي اللبنانية والتي لطالما استباحت البنى التحتية اللبنانية لأغراض حزبية وميدانية هي من استخدمت مرفأ بيروت.

رواية "رسمية"

ووفق مصادر في المجلس الأعلى للدفاع فإن الرواية الرسمية التي تبناها المجلس هي أن 2750 طناً من نيترات الأمونيوم انفجرت في مرفأ بيروت، وهي مواد تمت مصادرتها في العام 2014 في باخرة وتدعى rhesus كانت تتجه إلى إفريقيا وتعرضت لعطل في هيكلها أثناء تعويمها. وعثر على البضاعة التي على متنها وتم نقلها وتخزينها في مكان مناسب ثم نقلت إلى العنبر رقم 12 لحفظها إلى أن يُبت بها لأنها بضاعة محجوزة".

وأنه "منذ فترة وأثناء الكشف على العنبر تبيّن أنه يحتاج إلى صيانة وقفل الباب الذي كان مخلوعاً إضافة إلى فجوة في الحائط الجنوبي للعنبر يمكن من خلالها الدخول والخروج بسهولة، وطُلب من إدارة مرفأ بيروت تأمين حراسة للعنبر وتعيين رئيس مستودع له وصيانة كامل أبوابه ومعالجة الفجوة الموجودة في حائطه".

وبحسب الرواية الأمنية فإن "الانفجار وقع أثناء عملية التلحيم للباب وتطايرت شرارة وأدت إلى اشتعال مفرقعات موجودة في العنبر نفسه أدت بدورها إلى انفجار كميات الأمونيوم وهي توازي انفجار 1800 طن من مادة الـ TNT.

قصف إسرائيلي

من ناحيته استبعد المحلل العسكري العميد خليل الحلو أن يكون الانفجار ناجم عن مفرقعات كما أشارت الرواية الرسمية، مضيفاً أنه "لا يستبعد أن يكون الانفجار نجم عن قصف أو انفجار مواد خام متفجرة. وقال "عايشت الحرب اللبنانية وشاهدت أضخم التفجيرات التي وقعت في بيروت ومنها اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري لكن لم أر في حياتي هذا الحجم من الأضرار".

ولفت إلى أنه إذا صحت المعلومات عن انفجار العنبر رقم 12 فإنه بالتأكيد المواد التي انفجرت هي عبارة عن ذخائر شديدة الانفجار أو متفجرات خام وليس مجرد مفرقعات، ورأى أن "هناك بعض المؤشرات التي تجعلنا لا نستبعد إمكانية أن يكون ما حصل نتيجة قصف إسرائيلي".

لجنة تحقيق دولية

الرواية الرسمية لم تقنع غالبية الرأي العام الذين يشككون بالروايات التي يعتبرونها "فبركة" من السلطات وخصوصاً بعد سلسلة الروايات المتتالية التي كشفت حجم إرباك المسؤولين، وتساءل مراقبون عن سبب غياب أي بيان رسمي قبل أن يطل رئيس الحكومة حسان دياب الذي أطل بكلمة مقتضبة غلب عليها طابع الإنشاء والمناشدات، ويعتبر هؤلاء أنه أمام كل حدث كبير تنتظر الحكومة بيان "حزب الله" لتعود وتتبناه بأسلوب آخر، وتعطي الرواية التي تناسب استراتيجية الحزب وسقفه السياسي.

غياب الثقة بالطبقة السياسية دفعت بالنائب السابق فارس سعيد بالرد على كلام رئيس الحكومة حسان دياب وقال إنه "بعد أن أطلّ الرئيس دياب ولم نفهم منه شيئاً، ولا ثقة بكل الأجهزة القضائية والأمنية، ولأن الكارثة لا تقلّ عن كارثة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، نطالب بلجنة تحقيق دولية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير