Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحويل قصر لصدام في البصرة الى متحف حضاري يضمّ مئات القطع الأثرية

تعمل هيئة الآثار على إنشاء مختبر لصون المخطوطات ومكتبة عامة للكتب التراثية

زائرة تعاين إحدى القطع الأثرية في متحف البصرة (اندبندنت عربية)

بعد مرور تسعة أعوام على بدء الأعمال، أُنجِز متحف البصرة الحضاري، ليكون أول متحف من نوعه في جنوب العراق، يضم مئات القطع الأثرية النفيسة، والتي تعود إلى الحضارات السومرية والبابلية والآشورية والإسلامية، ومعظمها تماثيل صغيرة وأختام اسطوانية وجرار وأقراص فخار ومسكوكات نقدية.

 
من قصرٍ إلى متحف
 
يشغل المتحف "قصر البحيرة" المطل على شط العرب، وهو أحد القصور الرئاسية الأربعة التي خلّفها صدام حسين في مدينة البصرة، التي اكتمل بناؤها في مطلع التسعينيات، وتحيطها حدائق فسيحة وبحيرات صناعية وأبراج حراسة، واتخذت منها القوات البريطانية في العام 2003 قاعدة عسكرية، وسلمتها بعد انسحابها من العراق في العام 2007 إلى الحكومة العراقية.
وفتحت وزارة الثقافة والسياحة والآثار مخازن المتحف الوطني العراقي في بغداد، التي تضم آلاف القطع الأثرية وقدمت 1600 قطعة منها إلى المتحف الجديد، من بينها قطع كانت لدى مهربين وتجار آثار في داخل العراق وخارجه، استُرجعت منهم خلال الأعوام الأخيرة. أما تكاليف إنشاء المتحف، فقدم معظمها متبرعون دوليون عن طريق "جمعية أصدقاء متحف البصرة" التي أُسست في لندن قبل تسع سنوات بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني.
وقال مدير هيئة الآثار والتراث في البصرة قحطان العبيد "المتحف افتُتح جزئياً قبل ثلاث سنوات، بقاعة واحدة للحضارة الإسلامية، واليوم احتفلنا بافتتاحه كاملاً، إذ بات يضم أربع قاعات للحضارات السومرية والبابلية والآشورية والإسلامية، إضافة الى قاعة تعليمية للأطفال". أضاف "طموحنا لا يقف عند حدود افتتاح المتحف، بل نعتزم إنشاء مختبر لصون المخطوطات فيه، فضلاً عن تأسيس مكتبة عامة للكتب المتعلقة بالآثار والتراث".

 

 
 
رسالة الى الإرهاب
 
وضمّت البصرة في السابق متحفاً حضارياً يشغل أحد البيوت التراثية في منطقة البصرة القديمة، لكنه تعرض عقب حرب الخليج الثانية في العام 1991 للنهب والتخريب من قبل مجهولين، فضاعت كل مقتنياته، ومنذ ذلك الحين ظلت المحافظة من دون متحف إلى حين افتتاح المتحف الجديد.
وأكد العبيد أن "البصرة كانت بلا متحف للتاريخ والتراث منذ 28 سنة، وهذا لا يليق بمدينة تملك عمقاً حضارياً كبيراً"، معتبراً أن "افتتاح المتحف يبعث برسالة للإرهاب مفادها أن إرادة الخير لا بد أن تنتصر على إرادة الشر، ومقابل تخريب متحف الموصل وإغلاقه تم إنشاء متحف البصرة وافتتاحه".
 
 
مبادرة فرنسية - إماراتية
 
من جهة أخرى، تعرضت أغلب محتويات متحف الموصل في مطلع العام 2015 الى التدمير من قبل (داعش) عقب احتلاله محافظة نينوى، إذ نفذ التنظيم حملة لهدم المعالم الأثرية والمزارات الدينية. وهزت وجدان العالم مشاهد الفؤوس ومطارق الحديد وهي تحطم تماثيل وجداريات عمرها آلاف السنين، ثم تواترت أنباء عن تورط التنظيم في تهريب آثار عراقية عبر سوريا لتمويل نفسه.
وذكر وكيل وزير الثقافة والسياحة والآثار لشؤون الآثار والتراث الدكتور قيس حسين رشيد أن "الإمارات وفرنسا أطلقتا مبادرة مشتركة لتأهيل متحف الموصل وافتتاحه، وبعد أسابيع يبدأ العمل فعلياً في المشروع"، موضحاً أن "المبادرة تشمل انجاز جميع الأعمال من دون حاجةٍ لتخصيص أموال للمشروع من الحكومة العراقية".
ولفت رشيد إلى أن "الوزارة وضعت خطةً لافتتاح مزيد من المتاحف التاريخية في المحافظات العراقية"، مضيفاً أن "متحف ميسان الحضاري يؤمَل افتتاحه بعد أشهر قليلة، إذ اكتملت أعمال تأهيل البناية المخصصة له، علاوةً على تهيئة القطع الأثرية، وتوفير واجهات العرض".
 
 
بين النهب والغرق
 
المتاحف التاريخية قليلة في العراق الذي يضم مئات المواقع الأثرية المنتشرة من شماله الى جنوبه، فوادي الرافدين كان موطن حضارات عظيمة غابرة، كالسومرية والبابلية والآشورية، ونسبة غير قليلة من تلك المواقع لم تخضع لأعمال تنقيب بعد. وكانت بعضها عرضةً لحفريات عشوائية ارتكبها سارقو الآثار، لكن ما سُرِق وهُرِّب من آثار عراقية بعد العام 2003 على كثرته يُعدّ أقل جداً من الآثار التي اكتشفتها واستولت عليها بعثات أجنبية خلال العهد العثماني.
ولتأكيد ذلك، يكفي القول إنه في العام 1885 غرقت في ظروف غامضة مجموعةُ زوارق في نهر دجلة محملة بشحنة كبيرة من الآثار العراقية، أثناء محاولة بعثة أجنبية نقلها إلى فرنسا. وذكر خبير الآثار سكيل لويد في مذكراته أن "الآثار الغارقة في منطقة القرنة تكفي لافتتاح أربعة متاحف عالمية، ومن بينها 80 صندوقاً تحتوي على آثار من بابل، و 68 صندوقاً وخزانة تضم منحوتات من قصر الملك آشوربانيبال الذي كان يُلقَّب بملك العالم".
وجاءت خلال سبعينيات القرن الماضي إلى منطقة القرنة الواقعة شمال البصرة بعثةٌ يابانية من جامعة طوكيو للبحث عن الآثار الغارقة، وبعد ستة أشهر من البحث المضني عادت البعثة الى وطنها خالية الوفاض. ثم أعلن خبير الآثار العراقي هاشم العزام قبل أربع سنوات أنه توصل إلى تحديد موقع تقريبي للآثار الغارقة، لكن موقعها الدقيق لم يزل مجهولاً، وكذلك ملابسات اختفائها تُعدّ من الألغاز العصية على الحل.
 

المزيد من ثقافة