Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مواعيد السلام في منبر جوبا

خلافات طفيفة حول بعض القضايا الدستورية والترتيبات الأمنية لتوقيع الاتفاق

المؤشرات تدل على اقتراب موعد توقيع السلام بين أحزاب الجبهة الثورية والحكومة (أ ف ب)

منذ أن بشّر الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، بتحديد يوم أمس السبت 20 يونيو (حزيران) موعداً لتوقيع اتفاق السلام بين حركات وأحزاب الجبهة الثورية في منبر جوبا والحكومة، بدا واضحاً أن هذا الموعد كان موعداً رابعاً يتم تأجيله. وعلى الرغم من أن الناطق الرسمي باسم وفد الحكومة للتفاوض في منبر جوبا محمد حسن التعايشي في حوار أجرته معه قناة "سودانية 24" لم يقطع بالتأكيد على نهائية الموعد المضروب الذي بشّر به حميدتي، فإن كل المؤشرات تدل على دنو أجل توقيع السلام بين أحزاب الجبهة الثورية من ناحية، والحكومة من ناحية ثانية.

وبحسب مصادر، فإن الخطوات الأخيرة تتمثل في خلافات طفيفة حول بعض القضايا الدستورية والترتيبات الأمنية التي هي الحلقة الأخيرة في ملف المفاوضات. ورغم أهمية أحزاب الجبهة الثورية، في سبيل تهيئة السودان لمناخ سلام عادل، تظل الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، جناح عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، أكبر حركتين لديهما ثقل عسكري على الأرض مع أنهما حتى الآن بعيدتان عن السلام.

فالحلو الذي اشترط علمانية الدولة في الدستور للتفاوض، أو تقرير المصير مقابل عدم التفاوض، رشحت أنباء أخيراً إمكانية قبوله مبدأ فصل الدين عن الدولة، بدلاً عن إصراره على العلمانية، فيما كان وفد الحكومة يرى ترحيل مسألة طبيعة حكم الدولة إلى المؤتمر الدستوري الذي سينعقد في نهاية المرحلة الانتقالية بعد سنتين وشهرين من الآن.

ويبدو أن عبد العزيز الحلو قد ترك الباب موراباً، فهو قد قبل مبدأ التفاوض واختلف بعد ذلك، لكنه سيظل مفاوضاً محتملاً في القريب العاجل. أما عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان المسلحة التي تنشط في دارفور، فهو بمثابة عقدة العقد في قضايا سلام دارفور ما بعد الثورة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فإذا كان الفهم اليوم هو أن الاختلاف بين الحكومة والحركات المسلحة، اختلافٌ على تسوية من أجل اتفاق سلام لترتيب وضع مختل أصلاً بسبب مجازفات نظام البشير الذي أسقطته الثورة في أبريل ( نسيان) عام 2019، وتصفية أعباء حرب أهلية، وليس عداءً بين أطراف كانت كلها ضد نظام البشير، إلا أن عبد الواحد محمد نور لا يرى ذلك، فهو في ظنه أن الثورة تم اختطافها من طرف قوى الحرية والتغيير، فبدا كما لو أنه لا يستطيع أن يرى خلافات السياسة في أطوار سياسيات العمل اليومي ومادة الخلاف فيه.

عبد الواحد لم يقدم أي طرح في رؤيته لسلام دارفور، وحين طالبته الحكومة بتقديم رؤيته وطرح شروطه وتحديد مكان التفاوض في أي مكان، لم يرد عليها بشيء، حتى خشي بعض المراقبين أن عبد الواحد محمد نور هو سياسي يرفض من أجل الرفض، ولا ينظر إلى القضايا السياسية الدقيقة إلا بوصفها شعارات صالحة للاستهلاك والخطب التلفزيونية. فمن المستغرب مثلاً ألا يقدم عبد الواحد أي أجندة للسلام في دارفور ثم يتحدث ليل نهار عن قضايا دارفور، كما لو أنه لا يرى مسافةً بين الشعار والتفاوض، فالدولة العلمانية الفيدرالية الديمقراطية الليبرالية التي يطالب بها باعتبارها دولة مواطنة، لا تتحقق في ظنه إلا بالتسليم والتسلم كما قد يتصوّر هو في مقارباته التلفزيوينة.

إن الفرق بين عبد الواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان، وعبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال، هو أن احتمالات المقاربة في النظر إلى قضايا السلام تنعكس في خطاب الحلو التفاوضي عبر تقديم الطرح والتفاوض حوله ثم إدارة حوار تسويات، لكن عبد الواحد، كما ذكر محمد الحسن التعايشي، الناطق الرسمي باسم وفد الحكومة للتفاوض وعضو المجلس السيادي، لم يقدم أي طرح يعبر عن رؤيته للسلام، وحين طالبته الحكومة بتفاوض من دون شروط مسبقة لم تجد منه أذناَ صاغية، في سلوك يعكس غرائبية سياسوية لعبد الواحد.

بعض التسريبات تفيد بأن الترتيبات الجارية لطي صفحة التفاوض وأن المفاوضات تقترب من نهاياتها وصولاً إلى اتفاق مع كافة أحزاب الجبهة الثورية، وأن المسالة أصبحت فقط مسألة وقت لن يطول.

وفي ظل الخبر الذي يفيد بتنازل طلب الحركة الشعبية شمال بقيادة الحلو من مطلب العلمانية إلى مبدأ فصل الدين عن الدولة، يمكننا القول إن ثمة انفراجة ستبدو في الأفق، ولعلها تبعث رسائل إيجابية إلى عبد الواحد.

وبخصوص أسباب تأجيل موعد الإعلان عن التوقيع على الاتفاق الذي كان محدداً له أمس السبت، أكد أسامة سعيد رئيس مؤتمر البجا المعارض، وهو من أحزاب شرق السودان الموقعة على اتفاق السلام في فبراير (شباط) الماضي، في تصريح خاص لـ"اندبندت عربية" أنه قد تم الاتفاق على 95 في المئة من ملف المفاوضات بين الجبهة الثورية والحكومة ويبقى فقط ما نسبته 5 في المئة، مضيفاً أن من أسباب التأجيل نقاط تتعلق بالشق المتصل بالقضايا القومية، وهي قضايا تحتاج إلى قرار سياسي بحسب سعيد، ومنها مطلب الجبهة الثورية، تمديد الفترة الانتقالية على أن تكون 4 سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع على اتفاق السلام، كما أن هناك في القضايا القومية قضية تتعلق بتعديل المادة 20 من الوثيقة الدستورية التي تحظر على من يتولى وظائف دستورية في المرحلة الانتقالية الاشتراك في الانتخابات المقبلة.

ويبرر سعيد ذلك بأهمية وجود قادة الحركات في تنفيذ مواد الاتفاق، كما أن هناك في أسباب التأجيل شق يتعلق بالترتيبات الأمنية التي قطعت شوطاً كبيراً ما عدا الترتيبات الخاصة بنقاشات مع مفاوضي حركة مني مناوي الذين ينتظرون وصول وفد الحكومة إلى جوبا الأسبوع المقبل لحسم ما بقي من الاتفاق حول الترتيبات الأمنية مع حركة مني مناوي.

وأخيراً يقول أسامة إن من أسباب التأجيل أيضاً وجود قادة الحركات والأحزاب التي ستوقع على الاتفاق خارج السودان عالقين في العديد من مناطق العالم بسبب جائحة كورونا.      

اقرأ المزيد

المزيد من آراء