تحتضن محافظة أسوان، جنوب مصر، الملتقى الأول للشباب العربي والأفريقي، اليوم، والذي يشهد تدشين سلسلة من الفاعليات الثقافية والشبابية التي تستضيفها المحافظة على مدى فترة تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، في إطار اختيار الحكومة المصرية أسوان عاصمة للشباب الأفريقي في عام 2019.
يعد الملتقى، الذي يحضره نحو 1500 شاب وفتاة من الدول العربية والأفريقية فضلا عن كبار المسؤولين المصريين، أحد فاعليات منصات "منتدى شباب العالم"، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي تدور فكرتها حول إتاحة الفرصة للشباب للحوار والتواصل مع كبار المسؤولين لتطوير ودعم أفكارهم المختلفة في جميع المجالات، بحسب الموقع الرسمي لـ"منتدى شباب العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال السنوات الأخيرة، اهتمت الحكومة المصرية بتفعيل "دبلوماسية مؤتمرات الشباب"، إذ تم تنظيم النسخة الأولى من المؤتمر الوطني للشباب بمدينة شرم الشيخ السياحية، في شبه جزيرة سيناء أواخر عام 2016، ثم سرعان ما تحول الأمر إلى مؤتمرات دورية، تم تنظيم 6 نسخ منه في محافظات مختلفة، بالإضافة إلى نسختين من "منتدي شباب العالم" الأوسع والأكثر حضوراً، كان آخره في نوفمبر(تشرين الثاني) من العام الماضي.
منتدى شباب العالم، الذي يُقام تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بات حدثاً سنوياً، بصبغة عالمية، أُقيمت آخر فاعلياته بمدينة شرم الشيخ، نوفمبر(تشرين الثاني) 2018. وكان المنتدى قد انطلق عام 2017 في نسخته الأولى بدعوة من شباب مصر لشباب العالم؛ ليبعث رسالة سلام وازدهار وتنمية إلى العالم أجمع، وشهد المنتدى في نسخته الثانية مشاركة أكثر من 5 آلاف من شباب العالم؛ للتعبير عن آرائهم والخروج بتوصيات ومبادرات، في حضور نخبة من زعماء وقادة العالم والشخصيات المؤثرة. ويعد ملتقى الشباب العربي والأفريقي أحد منصات منتدى شباب العالم.
قضايا الملتقى
وفق إعلان اللجنة المنظمة للملتقى، تتناول أجندة العمل، عقد جلسات حوارية وورش عمل وموائد مستديرة وجميعها تركز في مناقشاتها على تبادل الخبرات ومناقشة كل ما يهم الشباب العربي والأفريقي من تحديات وقضايا، وسبل الاستفادة من قدراتهم الهائلة في تنمية مجتمعاتهم.
وذكرت اللجنة المنظمة على موقعها الرسمي أن الملتقى الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، تتركز أغلب جلساته على مناقشة القضايا المتعلقة بواقع ومستقبل المنطقة العربية والقارة الأفريقية. إذ سيناقش المشاركون فيه من خلال الجلسات موضوعات مستقبل البحث العلمي وخدمات الرعاية الصحية، وأثر التقنية الحديثة والابتكار في أفريقيا والمنطقة العربية، إلى جانب عقد مائدة مستديرة لإجراء حوار بين المشاركين حول سبل الاستفادة من وادي النيل كممر للتكامل العربي والأفريقي.
كما يتضمن المؤتمر، عقد ورشة عمل عن "تنمية منطقة الساحل"، بالإضافة إلى إقامة ورشتي عمل لريادة الأعمال إحداهما بعنوان "كيف تكون رائد أعمال ناجح"، والأخرى بعنوان "ريادة الأعمال الاجتماعية من منظور أفريقي"، على اعتبار أن ريادة الأعمال مفتاح يتيح رؤية شاملة تسمح بالقضاء على الهجرة غير الشرعية والإرهاب، فضلا عن الاهتمام بالشباب كأحد البنود الرئيسية في أجندة 2063، لتأهيلهم ليكونوا قادة المستقبل.
كما تدور أجندة الملتقى حول العديد من القضايا والموضوعات التي تهم الشباب العربي والأفريقي، وفق القائمين على المؤتمر، خاصةً في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019، التي تستهدف من خلال الملتقى توثيق العلاقة بين الشباب العربي والأفريقي من خلال التواصل عبر الملتقى، وتبادل الأفكار والآراء بينهم حول مختلف القضايا التي تهمهم مما يعزز الترابط بين كتلتين كلاهما يمثل امتدادا للجغرافيا المصرية.
مصر ودبلوماسية "منتديات الشباب"
رغم عدم نفيه للمكاسب السياسية للدولة المصرية وحكومتها، التي تجنيها مما سماه "دبلوماسية منتديات الشباب"، على اعتبار أنها على رأس المكاسب، قال مصدر مصري رفيع المستوي إن الهدف الرئيسي من رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمنتديات الشباب في نسخها المختلفة (الوطنية والإقليمية ومنتدي شباب العالم)، نابع بالأساس من توجه الحكومة لفتح حوار جاد وحقيقي بينها وبين الشباب المصري.
المصدر الرفيع، المطلع على تفاصيل عقد المنتديات الشبابية، أوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الفكرة في لبنتها الأولى هي محاولة فتح قنوات اتصال مباشرة بين الرئيس ومسؤولي الدولة مع الشباب بمختلف تنوعاته وتوجهاته، لفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم والعمل معاً على مستقبل أكثر إشراقا"، مضيفاً "تطورت الفكرة تدريجياً بعد الدورات الأولى للمنتدى الوطني للشباب حتى باتت مصر من الدول القليلة في العالم التي تستضيف منتدى عالمياً للشباب يضم نحو 5 آلاف شاب وفتاة من مختلف جنسيات العالم في نسخته الأخيرة نوفمبر(تشرين الثاني) 2018".
وحول مكاسب الدولة المصرية من "دبلوماسية منتديات الشباب"، عدد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أهم هذه المكاسب، وأبرزها الحوار الجاد والحقيقي، على حد وصفه بين الشباب والمسؤولين، بالإضافة إلى المكاسب السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية التي تجنيها مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال توضيح صورتها الحقيقية لقطاع واسع من الشباب حول العالم.
السفير خالد عمارة، مساعد وزير الخارجية المصري، قال لـ"اندبندنت عربية"، إن أهمية ملتقى أسوان للشباب العربي والأفريقي، تبرز الجهود المصرية المبذولة في الفترة الأخيرة التي توليها تجاه المنطقتين، لاسيما مع رئاسة مصر لمنظمة الاتحاد الأفريقي العام الحالي. مشددا على الأهمية الكبيرة لتوجه مصر على صعيد سياستها الخارجية للدائرتين العربية والأفريقية، باعتبارهما أبرز مجالات حركة سياستها الخارجية الحيوية، وانطلاقا من حرصها على "مد جسور التواصل مع شباب المنطقتين".
أضاف عمارة، المسؤول عن ملف التجمعات والمنظمات الأفريقية في الخارجية المصرية، أن "مسألة سياسة المؤتمرات لها أغراض، وأن التحرك المصري عربيا وأفريقيا مهم جدا للسياسة المصرية الخارجية، لا سيما أن أغلب مواطني المنطقتين من الشباب، ومن ثمّ فإن فتح مجالات لها علاقة بالحوار بين المؤسسات المصرية والشباب والاستماع لطموحاتهم ومساهمتهم في صنع المستقبل له قدر من الأهمية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا للدولة المصرية".
وأوضح عمارة، أن ملتقى أسوان يجمع منطقتين تربطهما علاقات قوية، لتداخل المصالح والتحديات بين دول الجامعة العربية والدول الأفريقية، فضلا عن المكاسب التي تجنيها مدينة أسوان التاريخية على صعيد تنشيط السياحة ودعمها".
وذكر عمارة، أن العمل المصري في المنطقتين العربية والأفريقية لا يقتصر على منتديات الشباب، إذ إن الدولة المصرية في حالة نشاط كبيرة خلال الفترة الأخيرة ومستمرة فيه، وبات له مردود على المستوي الاقتصادي والتجاري والتنموي والسياسي".
منتديات الشباب ضرورة
يؤكد الدكتور محمد مجاهد الزيات، الخبير السياسي، الأهمية التي توجدها مثل هذه المؤتمرات الشبابية، في نسج خيوط اتصال بين الدولة المصرية وقطاعات شبابية حول العالم، والعمل على ترسيخ الحضور المصري في الأوساط الشعبية في هذه الدول.
وأضاف الزيات: "الهدف من مثل هذه المنتديات أن يكون هناك حضور مصري داخل دوائر سياستها الخارجية وإيضاح حجم إنجازاتها لاستعادة الدور والمكانة المصرية". معتبراً أن "هذه المؤتمرات ترسي أسس وخطوط اتصال واضحة مع هذه القطاعات. وكل هذه مؤشرات إيجابية للدولة المصرية".
وبحسب الزيات، فإن مثل هذه المؤتمرات والمنتديات الشبابية، تفتح مجالات رحبة للحوار وتسمح بوجود اتجاه شعبي داخل البلدان الأخرى، يساعد السياسة الخارجية المصرية. معتبرا أن على مصر ألا تقصر تحركها على "دبلوماسية المؤتمرات الشبابية"، وأن تستعد جيداً لتحمل الأعباء والالتزامات التي تفرضها عليها الرغبة في استعادة هذا الدور وتقويته، واقترح أن تكون المؤتمرات الشبابية المقبلة أكثر تخصصاً وتنوعاً، وتركيزاً على فئات بعينها مثل رواد الأعمال وتمكين المرأة ورجال الأعمال وغيرهم.
بارقة أمل
يرى كثير من الشباب في هذه المؤتمرات والمنتديات "بارقة أمل" ومسعى جاداً من الحكومة والدولة المصرية للتحاور مع شبابها. يقول "م.ر"، أحد الشباب المشاركين في ملتقى أسوان، أن اختيار الشباب المشارك يتم بمعايير شفافة وبنزاهة كبيرة، وهناك مشاركون باستمرار من كافة التوجهات السياسية".
وذكر "م.ر"، "في كل مرة يعقد فيها مؤتمر أو منتدى شبابي في مصر، تتكالب اللجان الإلكترونية على التشكيك في نزاهة وجدوى هذه المؤتمرات، بينما "لا توجد دولة في العالم يتشارك أغلب مسؤوليها، وعلى رأسهم رئيس الدولة بصورة دائمة خلال أيام مع الشباب، ويستمعون إلى أفكارهم بتركيز وإنصات".
وأنهى حديثه: "لم نعد نلتفت لمثل تلك الشائعات، اعتدنا عليها منذ اليوم الأول لانعقاد مؤتمر الشباب في 2016، وباتت لدينا قناعة أن أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو العمل، ثم العمل ثم العمل للنهوض بها".