قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد 31 مايو (أيار)، إن حكومته ستصنف جماعة أنتيفا المناهضة للفاشية كمنظمة إرهابية.
يأتي إعلان ترمب، الذي ورد على "تويتر"، وسط احتجاجات عنيفة تعم البلاد رفضاً لوحشية الشرطة بعد وفاة رجل أسود ظهر في مقطع مصور وهو يحاول بصعوبة التنفس بينما كان شرطي أبيض يجثو بركبته على عنقه في مدينة منيابوليس.
وقال وزير العدل الأميركي وليام بار، السبت، إن "متعصبين ومحرضين مندسين" اختطفوا احتجاجات في المدن الأميركية على وفاة الرجل. وأضاف في بيان مصور "مجموعات من المتعصبين والمحرضين المندسين يستغلون الوضع لمواصلة تنفيذ أجندتهم المنفصلة التي تتسم بالعنف".
ولم يتضح عدد المحتجين المشاركين في المظاهرات في أنحاء البلاد من أنتيفا أو إذا ما كان أي من أعضائها مشاركاً.
وقال جون هارينجتون مدير إدارة السلامة العامة في مينيسوتا في مؤتمر صحافي، الأحد، إن نحو 20 بالمئة من الاعتقالات التي تمت السبت كانت لأشخاص جاءوا من خارج الولاية على الرغم من أنه لم يحصل بعد على العدد الإجمالي للاعتقالات التي جرت مساء السبت.
وتغريدة ترمب، الأحد، ليست المرة الأولى التي يصف فيها أنتيفا بالجماعة الإرهابية.
وقام سياسيون محافظون آخرون منهم عضو مجلس الشيوخ عن تكساس تيد كروز بالإدلاء بتصريحات مماثلة.
ولم يتضح بعد إذا ما كانت إدارة ترمب تسعى بجدية لإدراج أنتيفا في هذا التصنيف عبر القنوات الرسمية، إذ يتطلب ذلك كما هو متعارف عليه التنسيق مع عدة أجهزة اتحادية.
في الأثناء، أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، أن إدارة الرئيس ترمب لن تلجأ إلى استخدام سلطتها الاتحادية لتحريك الحرس الوطني في الوقت الحالي، مع استمرار الاحتجاجات.
وأضاف أوبراين للصحافيين في البيت الأبيض "لكن إذا استلزم الأمر، فإن لدينا قوات عسكرية إضافية يمكن إرسالها... إذا كان حكام الولايات ورؤساء البلديات بحاجة إليها وخرجت الأوضاع عن سيطرتهم"، مضيفاً أن قرارات إنفاذ القانون لا بد وأن يتخذها حكام الولايات ورؤساء البلديات.
وتابع "سنقدم كل ما يحتاج إليه حكام الولايات ورؤساء البلديات للمحافظة على السيطرة على مدنهم".
حظر التجوال
وفي محاولة لوقف الاحتجاجات الغاضبة أُعلِن، السبت، حظر التجوال في لوس أنجليس وفيلادلفيا وأتلانتا.
كما فُرض حظر تجوال ليلي في ولاية كنتاكي، بما في ذلك في لويزفيل، في وقت تشهد البلاد احتجاجات عنيفة وأعمال شغب عقب مقتل جورج فلويد بعدما قام شرطيّ بطرحه أرضًا وتثبيته لدقائق عدّة بينما كان يضغط بركبته على رقبته حتّى لفظ أنفاسه.
وفي لوس أنجليس، أطلق عناصر الشرطة الرصاص المطاطي خلال مواجهة مع متظاهرين أضرموا النار في سيارة للشرطة. كما اشتبكت الشرطة مع متظاهرين في شيكاغو.
وفي نيويورك اعتقل أكثر من 200 شخص بعد صدامات أسفرت عن سقوط جرحى في قوات الأمن. وألقيت زجاجة حارقة داخل سيارة للشرطة كانت خالية. وقال قائد الشرطة ديرموت شيا إن "عدم مقتل أي شرطي معجزة".
في أتلانتا وميامي أحرقت آليات لدوريات للشرطة.
إلى ذلك استدعى حاكم تكساس الجيش بعد احتجاجات عنيفة، وأعلنت شرطة فيلادلفيا إصابة 13 ضابطاً بجروح خلال احتجاجات بالمدينة.
ودخلت وحدات الجيش الأميركي "حالة تأهب"، في ظل الاضطرابات التي تشهدها ولاية مينيسوتا. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، السبت، إنها وضعت وحدات الجيش في حالة استعداد للاستدعاء خلال 4 ساعات تحسباً لطلب حاكم ولاية مينيسوتا لها.
ترمب يلوم اليسار المتطرف
في هذه الأثناء، ندّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب السبت بأعمال الشغب التي شهدتها مينيابوليس ليل الجمعة بعد مقتل فلويد بأيدي الشرطة، معتبراً أنّ ما شهدته هذه المدينة هو من صنع "لصوص وفوضويّين".
وقال في مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، حيث كان يُتابع تحليق رائدي فضاء أميركيّين، إنّ "وفاة جورج فلويد في شوارع مينيابوليس مأساة خطيرة". لكنّه أضاف أنّ ذكرى فلويد أساء إليها "مشاغبون ولصوص وفوضويّون"، داعياً إلى "المصالحة، لا الكراهية، وإلى العدالة، لا الفوضى".
وألقى ترمب باللوم على اليسار المتطرف في أعمال العنف، بما في ذلك أعمال النهب والحرق على نطاق واسع في مينيابوليس، قائلاً "لا يمكننا ويجب ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا".
وشهدت الولايات المتحدة الجمعة إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهليّة منذ عقود. وتمّ إحراق سيّارات ومراكز تابعة للشرطة في نيويورك ودالاس وأتلانتا وغيرها.
وقال وزير العدل الأميركي وليام بار إن "متعصّبين ومحرّضين مندسّين" يقودون احتجاجات في المدن الأميركية، مضيفاً في بيان مصور "مجموعات من المتعصبين والمحرضين المندسين يستغلّون الوضع لمواصلة تنفيذ أجندتهم، للعنف".
وأضاف "تجاوز حدود الولاية للمشاركة في أحداث الشغب العنيفة هي جريمة اتحادية، وسنطبّق تلك القوانين".
بايدن يدين العنف
دان المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن، الأحد، العنف في الاحتجاجات التي تشهدها بلاده، مشدداً في الوقت نفسه على حق الأميركيين في التظاهر.
وقال بايدن، في بيان، إن "الاحتجاج على هذه الوحشية حق وضرورة. إنه رد فعل أميركي خالص". لكنه أضاف أن الأمر لا ينطبق على "إحراق مدن وتدمير مجاني"، مؤكداً أن "العنف الذي يعرض حياة الناس للخطر ليس كذلك. العنف الذي يطال الأعمال التي تخدم المجتمع ويغلقها ليس كذلك".
إصابتان ضمن فريق "رويترز"
أصيب اثنان من فريق التصوير التلفزيوني التابع لوكالة "رويترز" بالرصاص المطاطي في منيابوليس مساء يوم السبت عندما دخلت الشرطة منطقة كان فيها حوالى 500 محتج في جنوب غرب المدينة عقب بدء حظر التجوال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأظهرت لقطات سجلها المصور خوليو سيزار شافيز ضابط شرطة وهو يصوب سلاحه إليه في الوقت الذي كانت الشرطة تطلق فيه الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
وبعد دقائق أصيب شافيز ورودني سيوارد المستشار الأمني في "رويترز" بالرصاص المطاطي وهما يحتميان في محطة وقود قريبة.
وظهر الاثنان في لقطات وهما يهرعان للاحتماء، ثم ترددت أصداء عدة طلقات وصرخ سيوارد "أصبت في وجهي برصاصة مطاطية".
وسئل جون إلدر المتحدث باسم شرطة منيابوليس عن الحادث فطلب نسخة من المقطع المصور ولم يدل بتعليق آخر.
وكان قد ألقي القبض على صحافي أسود على الهواء يعمل بشبكة "سي.إن.إن" التلفزيونية أثناء تغطية الاحتجاجات في المدينة يوم الجمعة. كما صرخت مراسلة تلفزيونية على الهواء في لويزفيل بولاية كنتاكي، في اليوم نفسه، بينما ظهر على الكاميرا إصابتها بما بدا أنها كرة من الفلفل. واعتذرت الشرطة عن ذلك الحادث.
اعتداءات على صحافيين
وتعرّض خلال التظاهرات، صحافيون في مدن أميركية عدة لإصابات بأعيرة مطاطية ولاعتداءات.
لكن، تبقى الواقعة الأشهر توقيف الشرطة لمراسل شبكة "سي ان ان" عمر خيمينيز وتكبيل يديه خلال نقل مباشر للأحداث في مينيابوليس صباح الجمعة، قبل أن يُطلق سراحه بعد ساعة.
إلا أن البلاد شهدت حوادث أخرى بخاصة في لويفيل في ولاية كنتاكي حيث أطلق عنصر في شرطة مكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع على فريق تلفزيوني محلي صوّر ما حصل.
وصرخت مراسلة قناة "ويف 3" المحلية كايتلين راست "إنهم يستهدفونني".
وفي مينيابوليس، أعلنت الصحافية المستقلة ليندا تيرادو أنها فقدت النظر في عينها بعدما أصيبت بعيار مطاطي.
والسبت، طالبت لجنة حماية الصحافيين "السلطات (المحلية) بإصدار أوامر لقوات الشرطة التابعة لها بعدم استهداف الصحافيين".
ولم يسلم الصحافيون من اعتداءات المتظاهرين أيضاً. فقد أكد المصوّر إيان سميث أنه تعرّض للضرب في بيتسبرغ قبل ان يتدخّل متظاهرون آخرون لنجدته.
وفي أتلانتا هاجم عشرات الأشخاص مقر شبكة "سي ان ان" الإخبارية وألقوا قنبلة صوتية في ردهة المبنى حيث كان يوجد عدد من عناصر الشرطة.
وصباح السبت طرد محتجون كانوا يتظاهرون أمام البيت الأبيض مراسل شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية ثم لاحقوه لمئات الأمتار قبل أن تتدخل الشرطة لتفريقهم.
وجاء في بيان لجمعية الصحافيين المحترفين "إن كنتم متظاهرين، فافعلوا ما تعتبرونه صوابا، لكن لا تمنعونا من تأدية عملنا".
وأعاد الرئيس ترمب نشر تغريدة جاء فيها "إنها سخرية القدر، مقر سي ان ان يتعرّض لاعتداء من قبل مشاغبين كانت (الشبكة) تعتبرهم نبلاء وأصحاب حق".
ومنذ انتخابه رئيساً يهاجم ترمب وسائل الإعلام ويتّهمها بتشويه الحقائق واختلاق أخبار مضللة للإساءة إليه.
واتّهم مراراً وسائل إعلام بأنها "عدو الشعب" خاصّا بالذكر شبكة "سي ان ان".
تظاهرة في كندا
وفي مدينة تورونتو الكندية تظاهر آلاف الأشخاص، السبت، لإدانة أعمال العنف التي تقوم بها الشرطة والعنصرية في الولايات المتحدة وكندا.
ونظمت التظاهرة على أثر وفاة امرأة سوداء الأربعاء في تورونتو، بعدما سقطت من شرفة تقع في الطابق الـ24 خلال عملية للشرطة في ظروف لا تزال غامضة.
ورفع المتظاهرون الكنديون، الذين وضع معظمهم كمامات بسبب فيروس كورونا المستجد، لافتات كتب عليها "حياة السود تهم" و"لم أعد قادراً على التنفس"، العبارة التي قالها لويد عندما كان الشرطي يثبته على الأرض.
وقال أحد المتظاهرين لوكالة الصحافة الفرنسية "من المهم على الرغم من الوباء، أن نظهر أننا نكافح من أجل العدالة للجميع، بالنسبة إلى السود وكل الأشخاص الملونين".
وأضاف "مع أن المشكلة أكبر في الولايات المتحدة، الأمر يجري هنا على أبوابنا في تورونتو وكندا وعلينا أن نتحد جميعا في العالم".