تزايدت حوادث العنف الأسري في الأردن خلال تفشي جائحة فيروس كورونا، وأصبحت النساء اللواتي يعشن في مخيمات اللاجئين الأكثر تعرضاً لمخاطره، حسبما كشفت دراسة صدرت أخيراً.
وقالت جمعية "التخطيط الدولي" (بلان إنترناشونال) Plan International في دراسة أعدت بالتعاون مع "صندوق الأمم المتحدة للسكان" United Nations Population Fund إنهم قلقون بشكل خاص على المراهقات اللواتي يواجهن تهديداً أكبر في وقوع اعتداء عليهن، لأن فيروس كورونا قلب حياتهن "رأساً على عقب".
ووجدت هذه الجمعية الخيرية العالمية المعنية بالأطفال، أن 69 في المئة من أولئك الذين اُستطُلِعوا يرون أن العنف القائم على أساس الجنس زاد منذ ابتداء الأزمة الصحية العامة، إذ أصبح الإبلاغ عن الاعتداء النفسي والجسدي من قِبل الأزواج أو الأقارب الأكثر تكراراً.
وحذّرت هذه الدراسة من أن البنات والفتيات "يتحمّلن العبء الأكبر" من الإغلاق الناجم عن تفشي الجائحة، وهنّ يجدن الوضع يتزايد صعوبة في الحصول على خدمات الصحة الجنسية والتناسلية. كذلك تلحق الأزمة الأذى الأكبر بالبنات والفتيات في مخيمات اللاجئين والمناطق الفقيرة، وتجعل من الصعب على الكثيرين من العمال كسب النقود. وقال ما يقرب من 90 في المئة من النساء والبنات اللواتي أجريت معهن مقابلات، إنهن لم يستطعن الحصول على عمل يحقق لهن مكاسب مالية.
ويقيم حاليّاً في الأردن أكثر من 700 ألف لاجئ مسجل، غالبيتهم هربوا من الحرب في سوريا، لكن الحكومة الأردنية تقول إنه من المرجّح أن يكون العدد أكبر بكثير من ذلك، إذا أخذنا في الحسبان أولئك الذين لم يسجلوا.
وذكر الباحثون في دراستهم أن معظم اللاجئين عليهم الاشتراك مع ثلاثة آخرين في غرفة واحدة، وهذا ما يجعل تحقيق التباعد الاجتماعي غير قابل للتطبيق تماماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذا الصدد قالت منى عباس، مديرة جمعية "التخطيط الدولية" في الأردن، "الكثير من البنات والنساء في الأوساط الأكثر فقراً عانين سابقاً التهجير والنزاع. والآن يعيق الإغلاق مصادر عيشهن، وإمكانية الوصول إلى دعم مثل خدمات التخطيط الأسري، ما يتركهن أقل تحكماً في حياتهن وأجسادهن عما كان سابقاً".
وأضافت عباس، "وفوق هذا كله، أصبحت ضغوط وتوترات الحياة اليومية أكثر تضخماً، ونحن نعرف أن هذا الأمر زاد من مستويات العنف القائم على أساس الجنس، خصوصاً من قِبل شريك الحياة. باختصار، تشكّل الجائحة أكبر تهديد على حقوق النساء والبنات والشباب في الأوساط الأكثر فقراً داخل البلد، وتوجد حاجة مُلحة لإجراء منسق وحازم من جانب الأمم المتحدة والمجتمع المدني والحكومي والمتبرعين لضمان حماية وتمكين النساء والبنات".
وأشارت الدراسة إلى ازدياد عدد النساء اللواتي حُرِمن تماماً من خدمات التخطيط الأسري، بنسبة تتراوح ما بين 10 و20 في المئة، وهذا مشروط بالفئة العمرية التي تنتمي إليها كل امرأة. وأطلقت جمعية "التخطيط العالمية" في المملكة المتحدة نداء طوارئ حثت فيه البريطانيين على دعم عمل المؤسسة الخيرية الهادف إلى مساعدة أولئك الذين تضرروا من "كوفيد 19" في شتى أنحاء العالم، وأجرت مقابلات مع 400 مراهق وراشد من خمس مناطق بالأردن، شملت إربد وكرك ومحافظة عمّان ومخيمي الأزرق والزعتري. كذلك قابل الباحثون بعض موظفي الرعاية الصحية والمرشدين المجتمعيين والعاملين مع الشباب، ومسؤولين حكوميين.
وتفيد الدراسة بأنّ مزيجاً من مركبات مترسخة بعمق مثل "الحياء، والوصم بالعار، والضغط الاجتماعي"، مترافقة مع الضوابط المشددة التي تحظر حرية التنقل، عوائق أساسية تمنع البنات من الإخبار بوقوع العنف القائم على أساس الجنس.
ويرى النشطاء في شتى أنحاء العالم أنّ النمط السائد في الأردن يعكس ما يحدث الآن على صعيد عالمي، إذ يتصاعد العنف الأسري مع بدء تنفيذ إجراءات العزل الاجتماعي لمواجهة الجائحة.
ففي المملكة المتحدة، أفادت الشرطة بزيادة حوادث العنف الأسري، نجمت مباشرة عن الفوضى التي تسبب فيها تفشي فيروس كورونا، في حين أنّ الصين شهدت زيادة في هذا المجال بلغت ثلاثة أضعاف، حسب إبلاغات مراكز الشرطة في فبراير (شباط) الماضي، مقارنة بالسنة الماضية.
© The Independent