Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محلات السوبرماركت في بريطانيا تهدد بمقاطعة البرازيل

التنوع البيولوجي يحمي من انتقال أمراض من الحيوانات إلى البشر كفيروس كورونا ما يفرض معارضة الشركات تدمير جايير بولسونارو للأمازون

طالما الغابات وأشجارها بخير تطمئن البشرية إلى أنها بخير أيضاً (بابيولار ميكانيكس.أورغ)

كان الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو يواجه سلفاً انتقادات متزايدة لطريقة إدارته لأزمة كوفيد-19 قبل أن توقظه الثلاثاء الماضي أجراس إنذار جديدة حول الأمازون.

فمحال سوبرماركت بريطانية، بما في ذلك "ساينزبوريز" و"تسكو" و"موريسونز" و"ماركس أند سبنسر" Sainsbury's, Tesco, Morrisons and Marks & Spencer، وقّعت مع أكثر من 40 شركة رسالة مفتوحة تحضّ المجلس التشريعي الوطني البرازيلي على رفض مشروع قانون مدعوم من جانب بولسونارو نفسه، من شأنه أن يسرّع تدمير أكثر الغابات حيوية في العالم.

وأرسلت هذه المجموعة من الشركات النافذة تحذيراً واضحاً: إذا صُودِق على مشروع القانون، قد نقاطع أي منتجات تأتي من البرازيل وتكون ذات صلة بالضرر الذي يلحق بهذه المنطقة المهمّة على صعيد المناخ.

وتقترب الأمازون بالفعل من حافة الانهيار، فمعدل إزالة الغابات يحلّق في أعلى مستوى بلغه في 11 سنة وكان قد سجل عام 2019، زيادة 29.5 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه. وليس هذا الانتقاد لبولسونارو الأول من نوعه على خلفية إبطال الحمايات المعمول بها للغابات وهي حمايات فاعلة ساعدت على تحقيق تخفيض قياسي في إزالة الغابات بين عامَيْ 2004 و2012.

ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، دعت مجموعة من المستثمرين تدير استثمارات جارية بقيمة 17 مليار دولار، الشركات إلى حماية الأمازون في أعقاب حرائق ضخمة، وحثّت الحكومة البرازيلية على السيطرة على النيران وإلغاء الإزالة غير القانونية للغابات (على الرغم من أن امتثال الشركات والحكومة لا يزال غير مؤكد علناً).

وفي ديسمبر (كانون الأول)، سلّطت 50 منظمة غير حكومية الضوء على اتجاهات مقلقة حول كيفية عمل تجار اللحوم في الأمازون، وحذّرت مقرضيهم ومستثمريهم من مخاطر إمدادهم بالمال. ودفع تخفيف الضوابط المفروضة على اجتياح أراضي الشعوب الأصلية، مجموعات تمثّل هذه الشعوب ومنظمات المجتمع المدني إلى الاحتجاج.

وفي أعقاب خطوة محال السوبرماركت، نشرت مجموعة من النواب الألمان رسالتها المفتوحة الخاصة التي شكّلت مزيداً من الضغط على بولسونارو في شأن مشروع القانون الجديد.

وثمة سبب يبقي حماية الأمازون مصدر قلق بالغ للجميع، من المجتمع المدني إلى كبرى محال السوبرماركت في البلاد، في خضمّ أزمة صحية عالمية ضخمة أدت إلى سحب أخبار كثيرة من التداول.

أولاً، بدأ واضعو السياسات والشركات والمموّلون في المملكة المتحدة يستوعبون الكمّ المتزايد من المعلومات المتعلّقة بكيفية تأثيرنا في إزالة الغابات في الخارج. فنحن ندرك الآن نطاق الضرر الذي تحدثه بريطانيا في غابات مثل الأمازون.

إن الانبعاثات التي تستوردها إنجلترا ضخمة. فواردات البلاد من سلع معينة ولحوم الأبقار والجلود والصويا وزيت النخيل والأخشاب، يتطلّب إنتاجها مساحة توازي نصف مساحة المملكة المتحدة. ويقع قسم كبير من هذه المساحة في بلدان معرّضة لخطر كبير على صعيد إزالة الغابات.

وكشف تحقيق أجرته منظمة "الشاهد العالمي" Global Witness حول ست من شركات الأعمال الزراعية المشاركة في إزالة غابات استوائية، عن أن مؤسسات مالية تتَّخذ من المملكة المتحدة مقراً لها هي أكبر مصدر للتأمين والتمويل الدوليين لهذه الشركات. وبين عامَيْ 2013 و2019، دعمت مصارف ومستثمرون في بريطانيا شركات بمبلغ وصل إلى خمسة مليارات جنيه إسترليني (6.1 مليار دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولو رغبنا في اتّخاذ موقف جدي من الانهيار المناخي، لا يمكن الاكتفاء بخفض الانبعاثات الكربونية وإتاحة الوظائف الخضراء، بل من الضروري أيضاً معالجة أثر الطعام الذي نتناوله والمنتجات التي نستهلكها في مناطق واسعة من الغابات المهمة للمناخ في الأمازون.

ثانياً، وفي حين نأمل في التعافي الأخضر، أي التعافي الأكثر إنصافاً الذي يبني مرونة ورفاهاً، يجب أن نقرّ بالدور الذي تؤديه غاباتنا كمواقع مهمة ضخمة وحيوية للتنوّع البيولوجي.

وفي حين لا يزال السبب الدقيق لكوفيد-19 والطريقة الدقيقة لانتقاله مجهولَيْن، فإننا ندرك بالفعل أن التنوّع البيولوجي عامل حيوي في الحماية من الأمراض الحيوانية المنشأ (أي الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر).

وفي عالم يكتنفه الغموض، يُعَدُّ الحفاظ على الغابات عملاً واضحاً وحقيقياً ينبغي علينا القيام به للمساعدة في حماية صحتنا. وهذا يبرز القيمة غير الملموسة للطبيعة والتنوّع البيولوجي في حدّ ذاتها، فهذه القيمة الحقيقية لا يمكن "تسعيرها" كما لا يمكن التعويض عنها إذا دُمّرت.

ثالثاً، تقرّ محال السوبرماركت بالحاجة إلى إشراف أفضل على سلاسل الإمداد الخاصة بها وجعلها أكثر استدامة. وربما لم يفكر كثيرون في السلاسل العالمية للإمداد المسؤولة عن توفير المنتجات الموجودة على رفوف محال السوبرماركت حتى اختفت تلك المنتجات من هذه الرفوف في الأشهر الأخيرة.

ولبناء اقتصاد مرن ينتعش، يجب أن ننشئ سلاسل إمداد أكثر إنصافاً واستدامة، تحافظ على التنوّع البيولوجي وتفيد المجتمعات المحلية والمزارعين المحليين ولا تعود إلى سابق عهدها على صعيد العمل كالمعتاد.

وهذا لا يعني عزل أنفسنا عن التجارة والتعاون الدوليين، بل يعني إعادة توجيه سلاسل الإمداد الخاصة بنا بحيث لا تضرّ بأناس آخرين أو ببيئات مختلفة.

ويعني أيضاً الإصغاء إلى المجتمعات المحلية، لا سيما تلك الخاصة بالشعوب الأصلية، التي حمت الغابات العظيمة في العالم لأجيال، وتلك التي تعمل على بناء أنظمة غذائية قوية وموثوقة ومرنة.

ويعني كذلك تطبيق الضوابط الصحيحة للتخفيف من الأخطار وتعزيز الاستدامة ومعالجة التفاوتات التي تسرّعها الممارسات التجارية غير المنصفة.

لذلك ثمة ثلاث كلمات يجب أن تكون أساسية لحكومة المملكة المتحدة إذ تقارب مشروع القانون البيئي الخاص بها: العناية الواجبة الإلزامية.

وهذا سيتطلّب من الأعمال، بما في ذلك القطاع المالي، تبنّي ضوابط وإجراءات من شأنها أن تعالج أي مخاطر متأتية من مشاركة محتملة لعملياتها في إزالة الغابات. وستساعد العناية الواجبة الإلزامية في تكريس ممارسة معيارية للأعمال في القطاع المالي وفي سلاسل الإمداد على نحو لا صلة له البتة بنشاطات إزالة الغابات.

ومن خلال ذلك، تستطيع الحكومة الانضمام إلى بعض من محال السوبرماركت الكبرى في البلاد، والمساعدة في حماية غابات الأمازون بالأفعال وليس فقط بالأقوال. وبالعمل وفق توصيات مبادرتها للموارد العالمية بتبنّي قانون للعناية الواجبة حول إزالة الغابات، تستطيع اتّخاذ خطوة رئيسة وتقدمية ومستدامة نحو وضع نموذج للقيادة المناخية للمملكة المتحدة في مجال احترام البشر والكوكب.

وستمثّل هذه الخطوة بياناً جريئاً ومهماً، من جانب من الحكومة والقطاع الخاص في بريطانيا معاً، بأنهما لم يعودا مستعدَّيْن للتواطؤ في دعم التدمير الذي يستهدف هذه الغابة الحيوية.

شونا هوكس مستشارة عليا للسياسات العالمية حول الغابات لدى منظمة "الشاهد العالمي"Global Witness)

© The Independent

المزيد من بيئة