Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة التوازن إلى معركة غرب ليبيا وحديث عن وساطة أميركية

الجيش الأميركي يتهم روسيا بارسال مقاتلات حربية لدعم حفتر ولافروف يبلغ عقيلة صالح دعم موسكو لوقف النار

طائرة محطمة جراء القصف على مطار معيتيقة في طرابلس في 10 مايو الحالي (رويترز)

بعد أسابيع من التقهقر، استعاد "الجيش الوطني" الليبي شيئاً من توازنه في الغرب، مع عودته إلى بعض من مواقعه التي فقدها في الأيام الماضية، التي كانت الكلمة العليا خلالها للقوات الموالية لـ"حكومة الوفاق" في طرابلس، بشكل واضح لا لُبس فيه.

آخر الأخبار الدالة على إمساك "الجيش الوطني" زمام المبادرة التي فقدها لفترة كانت حرجة عليه، تفيد بسيطرته مجدداً على منطقة الهيرة المهمة، نظراً إلى موقعها الذي يقطع الطريق الرابط بين المدينتين الأهم بالنسبة إلى "حكومة الوفاق" وقواتها، وهما غريان على قمة الجبل الغربي لليبيا، والعاصمة طرابلس على ضفاف المتوسط شمالاً، ما يعني قطع خط تواصلهما وامدادهما الممتد لمسافة 60 كيلومتراً.

وجاءت استعادة الهيرة بعد أيام على استرجاع "الجيش الوطني" بلدة مزدة، الصغيرة المساحة ولكن الكبيرة في الأهمية، كونها حلقة وصل بين الجبل الغربي ومدينتَي ترهونة وبني وليد، التابعتين للقوات المسلحة التي يقودها المشير خليفة حفتر.


للكر أسباب
من جهة أخرى، يبدو أن عملية الكرّ التي نفذها "الجيش الوطني" بعد تراجعه الملحوظ أخيراً، كانت لها أسباب لخصها قادته ووسائل الإعلام الناطقة باسمه، بالحديث عن "نجاح خطة إعادة التموضع" وتلقيه دعماً عسكرياً نوعياً، قد يقلب الموازين مجدداً، بخاصة بعد حصوله على طائرات جديدة أعادت التوازن لمعركة السيطرة على الجو، التي كانت الكلمة الفصل فيها خلال الأشهر الماضية للطائرات المسيرة التركية، التي غيرت مجريات معارك عدة على الأرض.
وربط الناطق باسم "الجيش الوطني" أحمد المسماري بين استعادة قواتهم المبادرة الهجومية بعد تراجعها للدفاع لفترة طويلة نسبياً، بنجاح ما سماها "خطة إعادة التموضع".
وقال المسماري في تصريحات تلفزيونية الاثنين، 26 مايو (أيار) الحالي، إن "العدو فسّر تصريحاتنا بإعادة التموضع بأنها تراجع، ولكن الآن تبيّن له العكس تماماً"، واصفاً تطبيق الجيش للخطة بأنه تم بـ"حرفية ومهنية".
في المقابل، قال آمر إدارة الدعم المعنوي التابعة لـ"الجيش الوطني" خالد المحجوب لـ"اندبندنت عربية"، إن "أهم أسباب توازن الكفة في معارك غرب ليبيا، تكمن في دخول طائرات جديدة تابعة للجيش في المعركة الجوية". وأضاف أن "هذه الطائرات تملك قدرات متطورة، تمكّنها من تحديد وقصف الأهداف البرية بدقة عالية"، واصفاً هذا العامل بـ"المهم والذي سيغير مجريات كثيرة تدور على الأرض".

صمت واتهامات

وفي الوقت الذي حاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع المصادر العسكرية في "حكومة الوفاق"، للرد على التطورات العسكرية التي أعلن عنها "الجيش الوطني"، من دون أن تلقى رداً، أكد المتحدث باسم "قوات الوفاق" محمد قنونو، في تصريحات صحافية، "رصد 15 طائرة شحن عسكرية تابعة للجيش، هبطت في مطار بني وليد شرق طرابلس، خلال الأيام الماضية". وقال قنونو إن "هذه الطائرات نقلت مرتزقة فاغنر (شركة أمنية روسية خاصة)، بعدما فروا من محاور جنوب طرابلس وترهونة"، موضحاً أن "طائرات الشحن العسكرية التي هبطت في مطار بني وليد جلبت كميات من الذخائر والعتاد العسكري".
ولفت قنونو إلى أن "المرتزقة الروس يؤمّنون وجودهم وتحركاتهم بين مدينتي بني وليد وترهونة، بأربع منظومات دفاع جوي، من نوع بانتسير الروسية"، مطالباً "بعثة الأمم المتحدة بإرسال مراقبين إلى مطار بني وليد، لتحديد هوية مَن يُنقل من المطار وإليه".


القبض على قيادي في داعش

في سياق متصل، عرض "الجيش الوطني" مشاهد مصورة لعملية القبض على القيادي بتنظيم "داعش" الإرهابي السوري محمد الرويضاني، المكنى بـ" أبي بكر الرويضاني"، بعدما كان يقاتل في صفوف "قوات الوفاق" جنوب طرابلس.
وفتح هذا الحدث جدلاً واسعاً من جديد، حول علاقة قوات "حكومة الوفاق" بتنظيمات متطرفة يقاتل أفرادها إلى جانبها في المعارك ضد "الجيش الوطني".
وعلّق المسماري فى إيجاز صحافي، قائلاً إن "القبض على الرويضاني وهو يقاتل مع ميليشيات (رئيس حكومة الوفاق فائز) السراج، دليل آخر على العلاقة بين (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان وتنظيم داعش التكفيري والتنظيمات المتطرفة عامة".
من جانبها، ذكرت مصادر إعلامية ليبية مقربة من "الجيش"، إن "الرويضاني من سكان منطقة باب عمرو في محافظة حمص بسوريا، وهو تابع لميليشيات "فيلق الشام" الموالي لتركيا وهو آمرها في ليبيا"، متحدثةً عن سجل حافل بالنشاط الإرهابي للرويضاني، أثناء وجوده في مدينة عفرين السورية، قبل قدومه إلى ليبيا .
وكان "داعش" استأنف نشاطه بشكل ملحوظ في جنوب ليبيا خلال الفترة الماضية، فتبنى الهجوم على بوابة أمنية تابعة لـ "الجيش"، في منطقة تراغن بعد غياب طويل عن المشهد الليبي.
وقال التنظيم عبر وكالة أعماق التابعة له، إنه تمكن من "إعطاب آلية تتبع لقوات حفتر، عبر وضع عبوة ناسفة عند مدخل الكتيبة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فخاخ محكمة

في المقابل، اعتبر الباحث والأكاديمي فرج الجارح في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "عودة التوازن للكفتين العسكريتين في محاور الغرب الليبي، مرتبط بنجاح الجيش في تطبيق استراتيجية جديدة بعثرت أوراق خصمه"، موضحاً أن "خطة إعادة التموضع التي أعلن عنها الجيش، وأثارت علامات استفهام كثيرة، تبيّن أنها فخاخ محكمة، نُصبت بحنكة لقوات الوفاق التي ابتلعت الطُعم".
وشدد على أن "فخ معسكر اليرموك، الذي نصبه الجيش في الأيام الماضية، وأدى إلى مقتل ما لا يقل عن 50 عنصراً من قوات الوفاق، يرسم ملامح هذه الاستراتيجية القائمة على ترك مساحة للخصم، واستدراجه للتقدم في مواقع تحت طائلة القصف المدفعي المكثف، والإجهاز عليه عند دخول النقطة المحددة، التي يجب أن تكون طُعماً مغرياً، مثل ما حدث بمعسكر اليرموك".


نشاط أميركي بالساحة الليبية

في هذه الأثناء، أثارت عودة الاهتمام الأميركي بشكل مكثف بالملف الليبي، نقاشات واسعة على الواجهتين السياسية والإعلامية في ليبيا، وطُرحت أسئلة عن مدى جدية واشنطن هذه المرة في لعب دور فاعل على الساحة الليبية، وفرص نجاحها في التوصل إلى التهدئة وعودة المفاوضات السياسية.

وكانت الإدارة الأميركية فتحت "خطوطاً ساخنة" لمناقشة الملف الليبي، وسبل التوصل إلى تهدئة عسكرية حالياً وحل سياسي لاحقاً، مع أنقرة وحلفائها في طرابلس، قبل أن تنشر مصادر صحافية ليبية متطابقة، أخباراً عن زيارة وفد أميركي كبير لمقر القيادة العامة لـ"الجيش الوطني" في بنغازي.

في هذا السياق، اعتبر الصحافي الليبي أحمد سالم أن "نجاح مساعي واشنطن، في رسم ملامح حل سياسي للأزمة الليبية المعقدة، مرتبط بجديتها في لعب دور الوسيط، الذي فشل فيه فاعلون دوليون آخرون في مراحل سابقة، مثل ألمانيا وروسيا... وقدرتها على صوغ حل متوازن، يلغي الهوة العميقة بين أطراف النزاع الليبي، وهي مهمة شاقة تحتاج إلى وسيط بحجم وقوة واشنطن للنجاح".

وعبّر سالم عن اعتقاده بأن "أحد أبرز أهداف اهتمام واشنطن المتزايد بالملف الليبي ودوافعه، هو تجنب صدام خطير بات يلوح في الأفق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، في مياه المتوسط، على خلفية تدخل الأخيرة الموسع في ليبيا، بشكل بات يشكل تهديداً حقيقياً لمصالح الاتحاد الأوروبي وخطراً على أمن دوله".
 

بيان "أفريكوم"

من جهة أخرى، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) الثلاثاء أن روسيا أرسلت أخيراً مقاتلات إلى ليبيا لدعم المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب "الجيش الوطني".
وأوضحت "أفريكوم" من مقرها العام في شتوتغارت بألمانيا أن المقاتلات غادرت روسيا وتوقفت أولاً في سوريا حيث "أُعيد طلاؤها لتمويه أصلها الروسي" قبل وصولها إلى ليبيا.
ولم يحدد الجيش الأميركي موعد وصول الطائرات بالضبط، مكتفياً بالقول إنه حدث "في الآونة الأخيرة".
ويأتي هذا الإعلان غداة تأكيد قوات "حكومة الوفاق" الاثنين أنه "تم إجلاء مئات المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب "الجيش الوطني" من مدينة بني وليد الواقعة جنوب شرق العاصمة".
وقال قائد "أفريكوم" الجنرال ستيفن تاونسند في بيان "لطالما نفت روسيا مدى تورطها في النزاع الليبي المستمر. حسناً، لا يمكنها إنكار ذلك الآن". وأضاف أن "روسيا تحاول بشكل واضح قلب الميزان لصالحها في ليبيا".
وتابع "مثلما رأيتهم يفعلون في سوريا، فإنهم يوسعون وجودهم العسكري في أفريقيا باستخدام مجموعات المرتزقة المدعومة من الحكومة مثل فاغنر".
ووصف الطائرات الحربية الروسية المنتشرة في ليبيا بأنها "مقاتلات من الجيل الرابع".

اتصال من لافروف

في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن موسكو تؤيد وقفاً فورياً لإطلاق النار في ليبيا وإجراء محادثات سياسية تفضي إلى تشكيل سلطات حاكمة موحدة.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن لافروف نقل الرسالة إلى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي في اتصال هاتفي.

المزيد من العالم العربي