أعلن الاتحاد الأوروبي دخول عمليته العسكرية في البحر الأبيض المتوسط المسماة "إيريني"، حيز التنفيذ، لمراقبة حظر توريد السلاح إلى ليبيا، وسط جدل واسع حولها وتشكيك في قدرتها على تحقيق مهامها.
وجاءت إشارة بدء العملية، بإعلان موقع المراقبة الجوية الإيطالي الشهير "إيتاميل رادار" عن تفاصيل أول مهمة للعملية "إيريني"، لمراقبة تنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا.
وقال الموقع، الأحد 26 أبريل (نيسان)، "اليوم قمنا بتتبع أول مهمة من عملية إيريني الجديدة، حيث غادرت طائرة فيرتشايلد دورنيرمن قاعدة سيقونيلا، حوالى الساعة السادسة صباحاً، وقامت بمهمة لمدة ست ساعات قبالة شواطئ شرق ليبيا، قبل أن تعود أدراجها إلى جزيرة صقلية الإيطالية، في الساعة الثانية عشر والنصف مساءً بتوقيت وسط أوروبا".
الوفاق ترفض
في خطوة تكشف إصرار حكومة الوفاق على رفض كل المبادرات الآتية من القارة العجوز، بما فيها عملية "إيريني"، رفضت مصادر مقربة منها الدعوة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لفرض هدنة إنسانية بمناسبة شهر رمضان. وشككت في نوايا الداعين إلى هذه الهدنة، قائلة إنها تسعى إلى منح حفتر وجيشه فرصة لالتقاط أنفاسه، بعد تراجعه الميداني في الفترة الماضية.
أبرز هذه التصريحات أطلقها عبد الرحمن الشاطر، عضو مجلس الدولة الاستشاري، بقوله إن "أوروبا ترغب وتصر على أن يحكم ليبيا ديكتاتور دموي".
ووصف الشاطر، قراءة الدول الأوروبية للوضع في البلاد، بأنها "خاطئة وتداعياتها ستكون وخيمة عليها".
وكان رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أعلن، في 23 أبريل (نيسان)، رفض الوفاق لعملية "إيريني". وأكد في رسالة إلى مجلس الأمن أنه "لم يجر التشاور مع حكومة الوفاق بشأن العملية العسكرية، كما تنص قرارات مجلس الأمن".
وأوضح أنها "تغفل مراقبة الجو والحدود البرية الشرقية لليبيا، التي تؤكد التقارير تدفق السلاح والعتاد عبرها لدعم (خليفة) حفتر".
ترحيب الجيش بالهدنة
من جهته، رحب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش خالد المحجوب بالهدنة، قائلاً إنها "تتسق مع توجهات الجيش، التي عبر عنها أكثر من مرة بدعم أي هدنة إنسانية، مع علمه بعدم التزام الطرف الآخر بكل ما يتم الاتفاق عليه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح المحجوب، في تصريح لـ"اندبندنت عربية "، أن "قوات الوفاق لم تحترم ولو مرة واحدة التزاماتها السابقة"، قائلاً إنها "تتلقى أوامرها من أنقرة وليست حرة في الوفاء بتعهداتها".
واعتبر المحجوب، التصريحات التي تتهم أوروبا بمحاولة دعم موقف الجيش بالدعوة إلى هدنة إنسانية، "هراءً لا يصدقه عقل ولا يقبله منطق".
وكان الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وجهوا دعوةً إلى جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا لـ"استلهام روح شهر رمضان الفضيل، والانخراط في استئناف المحادثات، من أجل وقف إطلاق النار بشكل حقيقي".
اشتباكات في قلب العاصمة
في سياق آخر، عاشت طرابلس يومي السبت والأحد، أوقاتاً عصيبة بنشوب اشتباكات مسلحة بين ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق، في منطقة زاوية الدهماني.
وفي وقت قالت مصادر محلية في العاصمة الليبية إن "الاشتباكات كانت عنيفة وروعت السكان"، وصفت "كتيبة ثوار طرابلس" ما حدث من اشتباكات بينها وبين ميليشيات الردع الخاصة (أكبر الكتائب في طرابلس)، بأنها "بعض الحركات البهلوانية، التي قام بها أفراد لا يمثلون إلا أنفسهم".
أوراق مختلطة
وقال الباحث السياسي علي جمعة إن "الأوراق في ليبيا باتت تختلط بشكل متسارع ومربك، يجعل توقع مسار الأزمة ضرباً من التنجيم أقرب منه إلى التحليل السياسي المعمق".
وأضاف لـ "اندبندنت عربية"، "كيف يمكن توقع أي شيء حول مستقبل الأزمة في ظل انقسام داخلي بدا ظاهراً هذا الأسبوع داخل كل معسكر من معسكري الصراع. ففي شرق ليبيا مبادرتان سياسيتان، تكشفان عن هوة بدأت تتسع بين قيادة الجيش ورئاسة البرلمان. وفي غربها، حرب شوارع بين الإخوة الأعداء في ميليشيات العاصمة".
ويختتم "المؤكد الوحيد وسط كل هذه المستجدات المتسارعة، أن الأزمة أعمق من كل التصورات والحل أبعد من كل الأماني، وخلافات الحلفاء حلقة جديدة في هذا التعقيد".