جاء وقت الاختبار الحقيقي لشخصية العلامات التجارية، إنها فرصة ذهبية لنرى بشكل أوضح كيف تتعامل إدارة هذه الشركات مع عملائها في ظل أزمة "كورونا"، وكيف تستخدم حملاتها للمشاركة في توعيتهم ونقل المعلومات المهمة لهم، كتسليط الضوء على فكرة التباعد الاجتماعي Social Distancing، وهي إحدى الاستراتيجيات التي طرحتها منظمة الصحة العالمية WHO في التعامل مع وباء COVID-19 والتي تدعو إلى الابتعاد عن الآخرين قدر المستطاع من خلال الحفاظ على مسافة آمنة عند التواصل، إضافةً إلى التوقف عن استقبال الزوار في منزلك والتقليل من الخروج. فكلّما قلّ التفاعل الاجتماعي وزادت المسافة بينك وبين الآخرين، كلّما قلّت المخاطر وتقلّص احتمال انتقال الفيروس. ولأهمية هذه المسألة، بدأت بعض الشركات بالتوعية لها من خلال تصاميمها وحملاتها الإعلانية.
ماكدونالدز McDonald's
دعت سلسلة المطاعم الأميركية ماكدونالدز McDonald's عملاءها من خلال منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها فيسبوك وتويتر وإنستغرام، إلى تجنب الخروج من منازلهم. وفي الهند حيث تحظى هذه الشركة بشعبية كبيرة بين المستهلكين من كل الأعمار، وتدير أكثر من 150 مطعماً في الشمال والشرق، أطلقت فكرتها التوعوية بتغيير شعارها المؤلف من حرف M عن طريق تفكيك الأقواس الذهبية عن بعضها، في إشارة ذكية إلى ضرورة أخذ مسافة أمان اجتماعية عند التواصل المباشر مع الآخرين.
التغيير في الشعار سيُطبق على المنصات الاجتماعية فقط وليس على مطاعمها التي لا تزال غالبيتها مغلقة في معظم أنحاء البلاد، حيث قال المتحدث باسم "ماكدونالدز" في الهند Sanjeev Agrawal "نحن واعون في هذه الأوقات العصيبة للطريقة التي نتواصل بها. وغايتنا هي نشر الوعي من خلال إيجاد السيناريوهات الإبداعية على وسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز أهمية التباعد الاجتماعي في هذه الأوقات".
كوكا كولا Coca Cola
أما كوكا كولا، فاختارت واحداً من أكثر الأماكن ازدحاماً لإيصال رسالة التباعد الاجتماعي تزامناً مع تفشّي الفيروس، فنشرت اسم علامتها التجارية المكتوب بخط اليد Spencerian على لوحة إعلانات Times Square، بعد توسيع المسافة بين الأحرف، وأرفقتها برسالة "البقاء بشكل منفصل هو أفضل طريقة للبقاء على اتصال".
كما شاركت شركة "أودي" للسيارات في نشر مقطع فيديو باعدت فيه الحلقات الأربع المكوِّنة لشعارها، مشيرةً إلى أن تطبيق التباعد بشكل مؤقت بإمكانه أن يجمعنا في ما بعد. وختمت بشعارStay safe، وكذلك باعدت "ويندوز" و"بوما" و"أديداس" عناصر رموز شعاراتها.
برغر كينغ Burger King
لم تكتف برغر كينغ - فرنسا بإغلاق مطاعمها فحسب، بل أوقفت وفقاً لموقع Design Taxiخدمة التوصيل مؤقتاً، وسلطت الضوء بطريقة ذكية على عبارة stay home من خلال تعديل بسيط حوّل السلوغن الخاص بها، من Home Of The Whopper إلىStay Home ، بإضافة كلمة Stay فوق Home وشطب باقي العبارة، وذلك لحث الناس على العزلة الذاتية في المنازل ريثما يصبح الخروج آمناً مرة أخرى.
إرشادات مبتكرة
أما شركة "غوغل" الرائدة في مجال الإعلانات، فاستخدمت ميزة التعديل المؤقت على شعارها Google doodle، لتسليط الضوء على واحدة من أهم أسس الصحة العامة عبر إعادة إحياء حدث تعيين الدكتور المجري Ignaz Semmelweis رئيساً مقيماً في عيادة الولادة في مستشفى فيينا في 20 مارس (آذار) من عام 1847، الذي استنتج وأثبت أن تعقيم الأطباء لأيديهم قبل العمليات يقلّل إلى حد كبير من انتقال الأمراض، في إشارة تاريخية إلى أهمية غسل اليدين، تلك العادة التي غابت عن روتينيات الأطباء في فترة سابقة، ما أدى إلى وفاة آلاف الأمهات والأطفال بعد الولادة.
في حين دعمت شركة Mercado Libre للتجارة الإلكترونية رسالة التباعد الاجتماعي بطريقة مبتكرة، داعيةً إلى التوقف عن السلام بالأيدي عبر إعادة تشكيل التحية الاجتماعية التي كانت تؤلف شعارها الخاص، وتحويلها إلى شكل مصافحة جديد يعتمد على استخدام مرفق اليد فقط.
الشعارات التاجية
وفي وقت نأت بعض الشركات بنفسها عن القيام بهذا الدور التوعوي، اجتهد بعض المصميين في العمل على إعادة إنتاج بعض الشعارات، فنشر مصمم الغرافيك السلوفيني Jure Tovrljan في البورتفوليو الخاص به على موقع "بيهانس" العالمي، ما أسماه "شعارات كورونا" التي استخدم فيها ميزة التباعد لإعادة رسمها بطريقة مختلفة بعض الشيء، ففصل عناصر الشعارات التي تشتهر برموزها المتشابكة كشعار الألعاب الأولمبية وماستركارد، وعدّل أيضاً في بعضها الآخر بشكل أوضح فيه استراتيجات السلامة العامة وتأثير الفيروس التاجي في حياتنا اليومية.