تعرّضت قطر على مدى السنوات الماضية إلى انتقادات دولية متواصلة، طالت ملف العمالة والظروف التي تعمل وتعيش فيها هذه الفئة داخل الإمارة الخليجية، هذه الملاحظات لم تتوقف يوماً حتى في ظل هذه الظروف التي تعيشها الدوحة بمعية العالم في الصراع ضد وباء فيروس كورونا.
وتناولت تقارير صحافية دولية ملاحظات على وضع العمالة الأجانب بقطر، في ظل هذا الفيروس الذي بدأ يتخطّفهم من دون سواهم، بعد أن شكّل العمال الغالبية العظمى من الإصابات التي سجّلتها الدوحة، وفق أرقام قطرية رسمية.
وأعلنت وزارة الصحة القطرية، أمس الخميس، تسجيل 8 حالات جديدة بالمرض، ليرتفع العدد الإجمالي للحالات إلى 460 حالة، من بينها حالتان لقطريين قَدِما من أوروبا أخيراً، وبقية الحالات (458) لعمّال أجانب يقيمون في العاصمة القطرية، حسب ما ذكرته لولوة الخاطر المتحدّث باسم الحكومة.
المنطقة الصناعية... بؤرة الدوحة
شكّلت المنطقة الصناعية القديمة في قطر نقطة انتشار الفيروس المستجد في الدولة الخليجية، حسب ما نشرته وكالة "رويترز"، ما عرّض كثيراً من العمال الوافدين الذين يعيشون ويعملون بمراكز صيانة السيارات والمخازن والمتاجر الصغيرة بالمنطقة إلى الخطر.
وهو ما اتضح في إعلان السلطات القطرية، إغلاق عدة كيلومترات من المنطقة الصناعية بالعاصمة، التي تضم أيضاً مخيمات عمالية ووحدات إسكان أخرى.
وردّ مكتب الاتصال الحكومي على استفسار لـ"رويترز" عن تركُّز الإصابات بالمنطقة، أنّ "غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا في قطر حتى اليوم توجد في المنطقة الصناعية"، مضيفاً "نبذل كل الجهود لمنع انتشار المرض في قطر وحماية جميع السكان، بناءً على ذلك أُغلقت بعض المناطق في قطر لاحتواء الفيروس".
ولم يذكر مكتب الاتصال في ردّه إجمالي عدد الأشخاص المقيدة حركتهم داخل المنطقة الصناعية، أو إجمالي عدد العمّال الأجانب المقيمين أو العاملين في الموقع الذين ثبتت إصابتهم، أو إجمالي عدد الخاضعين إلى الحجر الصحي، وعدد المواقع التي فُرِض بها الحجر.
وفي الـ11 من مارس (آذار)، قالت السلطات إنّ 238 شخصاً يخضعون للحجر الصحي في مجمّع سكني، ثبتت إصابتهم بالمرض بعد إصابة ثلاثة سكّان في وقت سابق، وربطت بيانات لاحقة معظم الحالات المُكتشفة بعمال أجانب من دون ذكر جنسياتهم، أو ما إذا كانوا ممن يعملون في المنطقة الصناعية الموبوءة أم لا.
ومثلما فعلت باقي دول الخليج اتّخذت قطر إجراءات صارمة لاحتواء انتشار الفيروس، من بينها حظر دخول غير القطريين وإغلاق الأماكن العامة.
أوضاع الحجر الصحي للعمالة
ولم يرد مكتب التواصل الحكومي القطري على أسئلة "اندبندنت عربية" حول أوضاع الوافدين في ظل هذه الظروف، وكيف يُطبّق الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي في ظل الظروف التي يعيش فيها العمال؟
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشخص يدّعي أنه أحد العاملين في "الخطوط القطرية"، انتقد فيه تعامل السلطات مع المصابين بفيروس كورونا المستجد، قائلاً: "أنا متأكد أنهم يريدون نشر الفيروس. نحن بالقرب من مأوى للحيوانات لا في محجر صحي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواصل الوافد، الذي يعمل في أعمال التنظيف، حسب قوله: "نحن على بعد 30 كيلومتراً من العاصمة القطرية الدوحة، ساعدوني أرجوكم. نحن عالقون مع وباء كورونا ولا أحد يهتم بنا".
وحسب ما يظهر في الفيديو، فإنّ المكان يبدو مهجوراً وخالياً من الأثاث ومن وسائل الراحة، وهو ما دعا الوافد إلى توثيقه عبر هاتفه، وهو يردد: "هاتفي ستنفد بطاريته. لا يوجد حتى كهرباء"، ويواصل: "السلطات هنا لا تسمح لنا بالتصوير"، ويكرر: "ساعدونا... ساعدونا".
احد عمال النظافة الذين يعملون مع الخطوط القطرية، كذبت السلطات القطرية عليه وعلى المئات مثله من العمالة ونقلوهم خارج #الدوحة، المكان لا يملك ادنى مقومات العزل السليم او حتى الإنساني ويطلب الاستغاثة! .. قام بتصوير هذا الفيديو لإظهار تعاملهم الغير انساني وقام بتسريبه على الانستغرام pic.twitter.com/r1BAB5hFJG
— تركي البقعاوي (@TS_Observer) March 16, 2020
ووفقاً لما نشرته وكالة "بلومبيرغ"، فإنّ الأجانب القادمين من الهند وبنغلاديش، الذين يشكّلون معظم القوى العاملة في المدينة ما بين حرّاس أمن وعمّال نظافة وبناء وحرف يدوية، ويشكّلون معظم إصابات المنطقة الصناعية، ويعيشون في مخيمات على أطراف المدن بعيداً عن الأنظار، ينتقلون يومياً في حافلات وعربات، ويضطرون إلى العيش بشكل جماعي في أماكن مهجورة، يصعب فيها تجنُّب الاتصال الشخصي وتطبيق التباعد الاجتماعي، حسب الوكالة.
واتّخذت الدوحة كما جاراتها في الخليج، إجراءات احترازية بعد ارتفاع حدة الإصابة بالفيروس المستجد على مستوى العالم، تهدف إلى الحد من التجمّعات الناقلة للوباء، إذ أغلقت السلطات القطرية المساجد، وألغت صلاة الجمعة، وأقفلت محلات بيع التجزئة وفروع البنوك في المجمعات التجارية، ومراكز التسوّق، باستثناء محلات بيع الأغذية والمستلزمات الصحية.