Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المساعدة الأميركية لأوكرانيا... آمال كييف والواقع الصعب

مسؤولون في واشنطن يقرون بأنها ليست "عصا سحرية" وروسيا تقلل من أهميتها

ملخص

سجلت شركات الأسلحة الأميركية زيادة كبيرة في الطلبيات بعد إقرار واشنطن المساعدة العسكرية لكييف، وآمال أوكرانية تواجه مخاوف الواقع الصعب على جبهات القتال، فإلى أين تتجه الحرب بين كييف وموسكو؟

بعد ساعات قليلة من توقيع الرئيس جو بايدن على الخطة الأميركية الواسعة لتقديم مساعدة عسكرية واقتصادية لأوكرانيا، أقر مسؤولون في الولايات المتحدة بأن تلك المساعدات ليست "عصا سحرية" تحل كل المشكلات على الجبهة، وبأن تحقيق تقدم ليس سهلاً خصوصاً بسبب النقص في عديد الجيش الأوكراني.

وأعلن بايدن من البيت الأبيض بعد ساعات قليلة من إقرار مجلس الشيوخ الخطة بعد مفاوضات استمرت لأشهر في الولايات المتحدة أن النصوص التي تم التصويت عليها "ستجعل أميركا أكثر أماناً والعالم أكثر أماناً، وستضمن الريادة الأميركية في العالم والجميع يعرف ذلك"، لافتاً إلى أنها "استثمار في أمننا الذاتي".

ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وقال على منصة إكس "بغض النظر عما يقوله أي أحد، فإننا نكتسب الدعم الذي نحتاج إليه لمواصلة حماية الأرواح من الهجمات الروسية".

ولقيت الخطة التي تبلغ قيمتها الإجمالية 95 مليار دولار، وتتضمن أيضاً أموالاً لإسرائيل وتايوان وإنذاراً نهائياً لـ"تيك توك"، دعماً واسعاً جداً في مجلس الشيوخ الأميركي الثلاثاء. وخصصت الحصة الكبرى وقدرها 61 مليار دولار لكييف التي تواجه وضعاً معقداً في ساحة المعركة ضد روسيا.

وقال بايدن إن الخطة "تقدم دعماً حيوياً لشركاء أميركا حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم ضد التهديدات التي تتعرض لها سيادتهم وحياة مواطنيهم وحرياتهم". وأضاف الرئيس الديمقراطي البالغ 81 سنة "لن ننحني أمام أحد، وطبعاً ليس أمام (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين".

وأوضح "لا نتخلى عن حلفائنا بل ندعمهم، ولا نسمح للطغاة بالانتصار بل نعارضهم، ولا نشاهد التطورات في العالم بل نحن نشكلها"، مشيداً بتوقيع مجلس النواب على النص "بعد أشهر من المفاوضات الصعبة" بين الديمقراطيين والجمهوريين. وتابع بايدن، الذي طالب بهذه الأموال منذ أشهر، "هذا ما يعنيه أن تكون قوة عالمية عظمى".

ثمن باهظ

الباحث في الجامعة الأميركية في واشنطن غاريت مارتن، لفت إلى أن المساعدات لأوكرانيا "مبلغ كبير" لكن "المهلة كلفت ثمناً باهظاً".

ويقر مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان بواقع الحال، وقال في مؤتمر صحافي "سيستغرق الأمر وقتاً قبل الخروج من الهوة التي أحدثتها ستة أشهر من الانتظار".

وحذر ساليفان من "احتمال أن تحرز موسكو تقدماً تكتيكياً إضافياً خلال الأسابيع المقبلة"، في حين تتوقع كييف هجوماً روسياً جديداً مقبلاً. وقال "الطريق أمامنا ليس سهلاً"، لكن "نعتقد أن أوكرانيا يمكنها أن تنتصر وستنتصر"، من دون أن يوضح ملامح "النصر".

 

وإضافة إلى المبلغ المالي الطائل لهذه المساعدات، قررت الولايات المتحدة أن ترفع من مستوى الأسلحة المقدمة إلى الجيش الأوكراني، وبدأت بالفعل، بعيداً من أضواء الإعلام، تسليم الأوكرانيين صواريخ طويلة المدى من طراز "أتاكمز" (ATACMS)  وتنوي الاستمرار في توفيرها.

كانت أوكرانيا استخدمت للمرة الأولى هذا النوع من الصواريخ الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) في قصف على روسيا، غير أن الصواريخ الجديدة أقوى وقد يبلغ مداها 300 كيلومتر.

وأقر مستشار الأمن القومي بأنه من شأن هذه الصواريخ أن "تحدث أثراً"، لكن "عتاداً واحداً لن يحل كل شيء".

نقص المقاتلين

فهذه المساعدة مثلاً "لا تحل مشكلة النقص في المقاتلين" في صفوف الجيش الأوكراني، بحسب ما لفت غاريت مارتن حتى لو كان تصويت الكونغرس الأميركي في رأيه يرفع معنويات القوات المحاربة.

وشكلت مسألة التجنيد العسكري محور مناقشات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بحسب البيت الأبيض.

وتشتد حاجة كييف إلى جنود متطوعين بعد سنتين على بدء الحرب الروسية على الأراضي الأوكرانية التي أودت بحياة عشرات الآلاف.

وخفضت أوكرانيا في الفترة الأخيرة سن الاستدعاء للخدمة العسكرية من 27 إلى 25 سنة.

وستتوقف سلطات البلد التي تسعى إلى إعادة المواطنين في سن القتال إلى أراضيها عن إصدار جوازات سفر للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة، وفق بيان حكومي صدر الأربعاء.

إنتاج الأسلحة

واعتبر ماكس برغمان مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) أن وقع المساعدات الأميركية سيكون مرهوناً إلى حد ما بموقف الأوروبيين.

وينبغي لهؤلاء أن "يعززوا من الآن إنتاج" الأسلحة بهدف "سد النقص الذي قد تخلفه الولايات المتحدة" في حال قطع التمويل الأميركي إذا ما ربح دونالد ترمب الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني) مثلاً، وفق ما جاء في مذكرة لبرغمان.

ورأى الخبير أنه ينبغي لأوكرانيا في 2024 أن "تحافظ على مواقعها وتنهك القوات الروسية وتعيد تشكيل صفوف قواتها الخاصة وتأهيلها" قبل أن تعد العدة "لهجوم" محتمل العام المقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويثير اعتماد خطة المساعدة ارتياح الجيش الأوكراني، وتأمل واشنطن أن تؤدي مساعداتها الجديدة إلى تشجيع حلفاء أوكرانيا الآخرين أيضاً على تقديم مزيد من المعدات العسكرية لكييف.

وتعهد قادة بريطانيا وألمانيا تقديم دعم عسكري "ثابت" لأوكرانيا الأربعاء، لكن المستشار الألماني أولاف شولتز يواصل رفض تسليم كييف صواريخ بعيدة المدى.

والولايات المتحدة هي الداعم العسكري الرئيس لكييف، لكن الكونغرس لم يوافق على حزمة كبيرة للبلد الحليف منذ نحو عام ونصف العام، بسبب خلافات حزبية. وكان الجمهوريون بقيادة دونالد ترمب، مترددين، وعرقل رئيس مجلس النواب المحافظ مايك جونسون إقرار النص لفترة طويلة.

لكن الزعيم الجمهوري في الكونغرس أيد في نهاية المطاف استئناف المساعدات العسكرية والاقتصادية، مبرراً ذلك بالقول "أفضل إرسال ذخائر إلى أوكرانيا بدلاً من إرسال أولادنا للقتال".

وتسمح خطة المساعدة هذه أيضاً للرئيس بايدن بمصادرة أصول روسية مجمدة وبيعها لاستخدامها في تمويل إعمار أوكرانيا. وهي فكرة تكتسب تأييداً متزايدا لدى دول أخرى في مجموعة السبع.

وسيستخدم جزء كبير من الأموال لتجديد مخزونات الجيش الأميركي وسيعود لمصانع الأسلحة في الولايات المتحدة.

تقليل روسي

أعلن الكرملين الخميس أن تسليم أوكرانيا صواريخ أميركية من نوع "أتاكمز" لن يغير شيئاً في النزاع القائم، غداة كشف واشنطن عن إمدادها حليفتها بهذه الأسلحة البعيدة المدى.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال لقاء مع صحافيين إن "الولايات المتحدة منخرطة مباشرة في هذا النزاع، وسلكت مسلكاً يهدف إلى إطالة مدى أنظمة الأسلحة".

غير أن ذلك "لن يغير مآل العملية العسكرية الخاصة"، وهو تعبير تستخدمه موسكو للإحالة إلى الحرب الروسية على أوكرانيا قبل أكثر من سنتين.

 

كما قلل بيسكوف الأربعاء من تأثير المساعدات الأميركية. وقال إن "كل الدفعات الجديدة من الأسلحة جاهزة بالتأكيد ولن تغير الوضع على الجبهة".

والأربعاء أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة أرسلت في فبراير (شباط) إلى أوكرانيا صواريخ من نوع "أتاكمز" (ATACMS)، "بناء على طلب مباشر من الرئيس" جو بايدن.

وتتمتع الصواريخ التي أرسلت في الفترة الأخيرة إلى أوكرانيا بمدى أطول قد يصل إلى 300 كيلومتر، نزولاً عند مطلب ما انفكت كييف تكرره منذ فترة طويلة كي يتسنى لها توجيه ضربات تستهدف سلاسل الإمداد الروسية والمستودعات والمقار العسكرية، بعيداً من خطوط الاشتباك.

مكاسب شركات الأسلحة

من ناحية أخرى، سجلت شركتا "لوكهيد مارتن" و"آر تي إكس" زيادة كبيرة في الطلبيات لتلبية حاجات مواجهة الحرب الروسية ضد أوكرانيا والحرب في غزة، بعد الموافقة في الولايات المتحدة على حزمة بقيمة 95 مليار دولار معظمها لتمويل الأسلحة المرتبطة بالصراعين المستمرين منذ فترة طويلة.

وقال بيل لابلانت، رئيس قسم المشتريات في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس الأربعاء "يتم إنشاء مصانع في أنحاء البلاد الآن" بفضل التمويل الجديد وجولات التمويل "التكميلي" الأحدث.

وستخصص التمويلات الجديدة لشراء شحنات جديدة وإعادة ملء المخزونات الأميركية، ويستعد حلفاء أوروبيون أيضاً لشراء أسلحة أميركية بسبب الحرب في أوكرانيا والرغبة في تعزيز حلف شمال الأطلسي.

وقال نيل ميتشل المدير المالي لشركة "آر تي إكس" إن الولايات المتحدة في حاجة إلى الشراء وإعادة التخزين، مشيراً إلى عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة.

وفي معظم الحالات، أرسلت الولايات المتحدة الذخائر إلى أوكرانيا أو استخدمتها للدفاع عن ممرات الشحن في البحر الأحمر.

وقال جيم تايكلت الرئيس التنفيذي لشركة "لوكهيد" للمستثمرين يوم الثلاثاء إنه يتوقع أن "توفر الطلبات الرئاسية لموازنة السنة المالية 2025 والتمويل الإضافي أساساً قوياً للنمو المستقبلي لشركتنا على مدى سنوات عدة مقبلة".

ومع ذلك لم ترفع الشركتان توقعاتهما لمبيعات عام 2024 نظراً إلى عدم التأكد من موعد تدفق التمويل إلى شركات الصناعات الدفاعية.

وتنتج "آر تي إكس" أنظمة باتريوت الدفاعية الصاروخية، بينما تنتج "لوكهيد" أحدث نسخة من الصواريخ الاعتراضية التي تتسلح بها أنظمة باتريوت.

وبعد التوقيع على قانون كان موضع نقاش محموم في الكونغرس الأميركي، يبقى السؤال: هل تغير المساعدات والصواريخ الأميركية معادلة الحرب؟ أم أنها ستطيل فقط أمد النزاع؟ وهل يتوسع الصراع بدخول الولايات المتحدة بشكل مباشر؟

المزيد من تقارير