Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نجحت روسيا في خلخلة العقوبات المالية الغربية؟

سويسرا ترفع التجميد عن ملايين الدولارات وموسكو تلتف على الإجراءات بطرق أخرى

السلطات السويسرية أفرجت عن أصول روسية مجمدة بلغت في مجملها 318 مليون دولار في عام 2023 بالكامل (أ ف ب)

كشفت وزارة الاقتصاد السويسرية اليوم الثلاثاء عن أن قيمة الأصول الروسية التي جمدت في سويسرا بعد حرب أوكرانيا انخفضت إلى 5.8 مليار فرنك سويسري (6.4 مليار دولار)، نتيجة تراجع قيمة بعض الأصول المجمدة من ناحية، إضافة إلى رفع سويسرا التجميد عن أصول أخرى كانت تحت التجميد الموقت، بعدما كشفت التحقيقات عن أنه لا يوجد مبرر قانوني لتجميدها، إلى جانب رفع العقوبات عن بعض الأثرياء الروس الذين كانت لهم أصول مجمدة في سويسرا.

وقالت الوزارة السويسرية في بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية إن "قيمة الأصول الروسية المجمدة بموجب العقوبات الأوروبية على موسكو في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023 كانت أقل بقيمة 1.7 مليار فرنك سويسري (1.86 مليار دولار) مقارنة بالرقم المعلن نهاية عام 2022.

وبحسب البيان أرجعت أمانة الشؤون الاقتصادية في الدولة السويسرية الانخفاض في قيمة الأصول الروسية المجمدة في سويسرا إلى "خسارة في قيمة بعض الأصول المجمدة، خصوصاً الأوراق المالية المتعلقة بروسيا، نتيجة العقوبات الدولية".

في المقابل، ذكرت وكالة "تاس" الروسية، في تقرير لها من جنيف اليوم الثلاثاء أن "السلطات السويسرية أفرجت عن أصول روسية مجمدة بلغت في مجملها 290 مليون فرنك سويسري (318 مليون دولار) خلال عام 2023 بالكامل، وذلك نتيجة رفع العقوبات عن بعض الشخصيات الروسية وأيضاً نتيجة تحقيقات سويسرية في قانونية تجميد أصول أخرى".

سويسرا حالة خاصة

وتأتي تلك الأرقام عن الأصول الروسية المجمدة في سويسرا في وقت تواجه فيه الدولة الأوروبية المعروفة تاريخياً بحيادها في النزاعات دعوات من شركائها الدوليين لبذل مزيد من الجهود لحظر الأصول الروسية، وتعد سويسرا حالة خاصة فيما يتعلق بالعقوبات على روسيا، إذ إنه على رغم حيادها، انضمت سويسرا بسرعة إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا بعد حرب أوكرانيا في أواخر فبراير (شباط) 2022.

وراجعت السلطات السويسرية قيمة الأصول المجمدة، بعد أن تلقت بيانات محدثة من الوسطاء الماليين، وكذلك بعد نتائج تحقيقات في عقوبات موقتة على بعض الأفراد والجهات لم تسفر عن تبرير قانوني قوي لتجميد تلك الأصول، لكن الحكومة السويسرية أعلنت أيضاً أنها جمدت 580 مليون فرنك سويسري (636 مليون دولار) إضافية من الأصول المالية الروسية، وحققت بعض الأصول الروسية المجمدة في سويسرا مكاسب وصلت إلى 280 مليون فرنك سويسري (307 ملايين دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب البيان الذي نقلته فهناك تأكيد لخبر وكالة "تاس" بالإفراج عن 140 مليون فرنك سويسري (153 مليون دولار) من قبل السلطات السويسرية "بعد أن توصلت التحقيقات الإضافية إلى عدم استيفاء المتطلبات القانونية لتجميدها".

في أبريل (نيسان) من العام الماضي، سلم سفراء مجموعة الدول السبع الحكومة السويسرية رسالة يتساءلون فيها عن الوتيرة البطيئة التي تسير فيها عملية تجميد الأصول الروسية، محذرين من وجود ثغرات قد تسمح بالتهرب من العقوبات.

ومما يشير إلى المأزق الذي تجد فيه الحكومة السويسرية نفسها في شأن العقوبات على موسكو، رفض برلمانيين سويسريين الأسبوع الماضي اقتراحاً بانضمام بلادهم إلى فريق عمل مجموعة السبع لتعقب ومصادرة أصول رجال الأعمال الروس.

التفاف روسي

إلى ذلك، تحاول سويسرا الحفاظ على وضعها المالي كملاذ آمن لأصحاب الثروات، في وقت لا تريد فيه أن تكون خارج السرب الأوروبي والأميركي الضاغط على روسيا من خلال عقوبات اقتصادية ومالية، ويبدو من تقارير عدة في الآونة الأخيرة، ومن ضغوط المسؤولين الأميركيين على بعض الدول أن التزام تنفيذ العقوبات على روسيا بدأ في التراخي، ربما ليس بالحد الذي يعني خلخلة واضحة في العقوبات الصارمة المفروضة على موسكو، لكن بالصورة التي تساعد الكرملين في الالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية.

وتكررت خلال الأيام القليلة الماضية تصريحات المسؤولين الأميركيين التي يتهمون فيها الصين بالعمل على إضعاف تأثير العقوبات الدولية في موسكو، إلا أن ذلك يبدو أيضاً في إطار الصراع الأميركي – الصيني أكثر منه لإثناء بكين عن دعم موسكو. إذ لا يقتصر جهد موسكو في الالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية على علاقاتها بالصين فحسب، بل إنها تسعى لإيجاد منافذ جديدة تمكنها من تحصين اقتصادها في مواجهة العقوبات.

في غضون ذلك، ذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ" هذا الأسبوع أن روسيا تعمل على في بناء مسارين تجاريين جديدين للنقل يربطان آسيا وأوروبا، وذلك سعياً منها لإضعاف العقوبات المفروضة عليها جراء غزوها أوكرانيا، خصوصاً مع التأثير السلبي لاضطرابات الشرق الأوسط في التجارة العالمية.

ويمكن أن تعزز شبكات الشحن البحري والسكك الحديد عبر إيران وممر بحري في القطب الشمالي محور موسكو نحو القوتين الآسيويتين، الصين والهند، بعيداً من أوروبا، بحسب ما أشار تقرير الوكالة، كما أن لتلك الشبكات القدرة على جعل روسيا محوراً في قلب عديد من عمليات التجارة الدولية، حتى وسط محاولات الولايات المتحدة وحلفائها زيادة عزلة الرئيس فلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.

ويمكن أن تقلل هذه المسارات من زمن النقل بنسبة تراوح ما بين 30 و50 في المئة، مقارنة بممر البحر الأحمر وقناة السويس، وتجنب المشكلات الأمنية جراء هجمات جماعة الحوثي المدعومة من إيران على سفن الشحن في الممر المائي، بسبب حرب غزة.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن مسؤولين في وزارة الدفاع الروسية قولهم إن روسيا تستعد لاستثمار أكثر من 25 مليار دولار لتحديث الطرق عبر إيران، وتحسين المرافق على طول الشاطئ الروسي في القطب الشمالي، بما في ذلك أسطول من كاسحات الجليد المصنعة محلياً، وتخطط موسكو لفرض دوريات على طريق بحر الشمال بشبكة من قواعد الطائرات المسيرة.

ووفقاً لبنك التنمية الأوراسي فإن قدرة النقل على طول الطريق بين الشمال والجنوب، والتي تشمل خط سكك حديد أطول عبر آسيا الوسطى، وشبكة عبر بحر قزوين، يمكن أن تزيد بنسبة 85 في المئة إلى 35 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030. وسيربط ذلك روسيا مع إيران والهند، وربما بقية جنوب آسيا والخليج وأفريقيا، وفي أغسطس (آب) الماضي، أرسلت روسيا أول قطار شحن مباشر إلى السعودية.

الصين وتركيا... ازدهار أم تعثر؟

إلى ذلك، سجلت التجارة مع الصين، رقماً قياسياً بلغ 240 مليار دولار في عام 2023، أي أكثر من ضعف 108 مليارات دولار، التي تم الوصول إليها في عام 2020، مدفوعة بمبيعات النفط الروسية ومشتريات الإلكترونيات والمعدات الصناعية والسيارات.

ونمت التجارة مع الهند إلى ما يقارب من 64 مليار دولار العام الماضي، مقابل نحو 10 مليارات دولار قبل ثلاث سنوات، إذ ارتفعت مشتريات نيودلهي من النفط الروسي منذ بدء الحرب في أوكرانيا.

وتحفز تجارة روسيا المتنامية مع الصين الكرملين بالفعل على إنفاق المليارات، لتحديث خطوط السكك الحديد الشرقية الشاسعة لتوسيع القدرة على خط السكك الحديد الرئيس العابر لسيبيريا وخط "بايكال أمور" بحلول عام 2030.

اقرأ المزيد