Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسعار الذهب تربك موسم الأعراس وتقوض السوق التونسية

وصل الغرام إلى مستوى قياسي بتخطيه 72.9 دولار في مقابل 58 دولاراً عام 2023

فتيات يلجأن إلى المنتجات التقليدية غير الذهبية لارتدائها خلال الزفاف (غيتي)

ملخص

التضخم واهتراء القدرة الشرائية للتونسيين أسهما في ضعف الإقبال على شراء الذهب

أربكت الأسعار المستعرة للمعدن النفيس خلال الفترة الاخيرة قطاع صناعة المصوغ في تونس، وألقت بظلالها على موسم الأعراس في البلاد، ولا سيما أن الأسر التونسية تستعد في فصل الصيف لتنظيم حفلات الزواج، وما يتطلبه ذلك من إعداد محكم ومدروس وبخاصة في مستوى شراء المصوغات للعروس، بعدما باتت أثمناها في غير استطاعة معظم التونسيين.

وبسبب تواصل الحرب الروسية - الأوكرانية واحتدام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قفز سعر الذهب في الأسواق العالمية إلى مستويات عالية أثرت في سوق الذهب التونسية.

وصعدت أسعار الذهب خلال الأسابيع القليلة الأخيرة في أسواق الصاغة التونسية إلى مستويات قياسية بلغت 226 ديناراً (72.9 دولار) للغرام الواحد من الذهب عيار 24 قيراط.

ومن المرجح أن تزيد أسعار المعدن الأصفر صعوداً في أسواق تونس مدفوعة بالارتفاع القياسي للمعدن النفيس في الأسواق العالمية، وسط توقعات بدخوله حلقة صعود جديدة خلال الأشهر المقبلة قد تصل إلى ما فوق 2300 دولار للأوقية (الأونصة).

وتعاني أهم سوق الصاغة في تونس (سوق البركة) والتي تعد بوصلة القطاع في كامل البلاد ركوداً لافتاً، إذ يلاحظ المار سوقاً مقفرة من الحركة التي اعتادتها، بخاصة في فترة الإعداد لموسم الأعراس.

ويقف العاملون في جل محال الصاغة ينادون على المارة ويستوقفونهم من أجل عرض المصوغ، مقترحين مساعدتهم بخفوض علها تغريهم وتجلب اهتمامهم.

ارتفاع غير مسبوق

ويربك الارتفاع القياسي لأسعار الذهب عالمياً مواسم شراء المعدن النفيس في تونس، إذ غالباً ما تشهد فترة ما قبل الصيف إقبالاً على الشراء مع تقديم قطع الحلي كهدايا للنساء أثناء الخطوبة وبخاصة عند عقد القران.

ويعرف موسم الصيف والفترة التي تسبقه كونهما أهم موسمين بالنسبة إلى تجار المصوغ في تونس، لارتباطهما بموسم الأعراس والأفراح وحتى النجاح في امتحان الباكالوريا لغرض تقديم الهدايا.

وأكد رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ حاتم بن يوسف أن هذه الفترة التي يقبل فيها التونسيون على شراء الذهب تتزامن مع ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مما تسبب في ركود السوق وانعكس سلباً على الطلب. ومضى قائلاً "لم يسبق لسعر الذهب في تونس أن وصل إلى هذه المستويات، فقد زادت عليه القدرة الشرائية الضعيفة والمهترئة للتونسيين مما جعل وقع الغلاء مضاعفاً بالنسبة إلى طيف واسع منهم". وتابع تحليله، "خلال العام الماضي كان سعر غرام الذهب من عيار 18 قيراطاً يتراوح ما بين 170 و 180 ديناراً (58 دولاراً) في مقابل سعر لا يتعدى الـ80 ديناراً (25 دولاراً) للغرام الواحد قبل 10 أعوام، في حين يتداول حالياً بأكثر من 220 ديناراً (72 دولاراً).

على أبواب الإفلاس

وأرجع المتحدث، وهو في الوقت نفسه صاحب محال لبيع المصوغ، غلاء أسعار المعدن الأصفر إلى عوامل منها الوضع الاقتصادي العام في البلاد وضعف القدرة الشرائية لعموم التونسيين الذين باتوا يفكرون في ملء بطونهم قبل التفكير في عدد من الكماليات، وفق تعبيره.

وذكر ابن يوسف أن "تزايد الأخطار الجيوسياسية التي تغذيها الحرب على غزة والحرب الروسية - الأوكرانية ألهب أسعار الذهب على المدى القريب، وربما تصعد الأثمان إلى مستويات أرفع". وعاد حاتم بن يوسف للحديث عن أزمة هيكلية يعانيها قطاع المصوغ في تونس لأكثر من 10 أعوام، بتراجع تعاملات سوق الذهب بأكثر من 50 في المئة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ولفت إلى أن عدداً من التجار أصبحوا على أبواب الإفلاس، في ظل عدم الإقبال على شراء الذهب بسبب غلاء المعيشة وتراجع مقدرتهم الشرائية، معتبراً أن استعادة القطاع عافيته رهين باسترجاع قيمة الدينار التونسي.

تراجع قيمة الدينار

وتشكو تونس تأثيرات التضخم الذي تسبب بهبوط القدرة الاستهلاكية والشرائية للمواطنين مع دخول البلاد مرحلة انكماش اقتصادي، وبقاء معدل التضخم فيها ضمن مستويات مرتفعة نسبياً ليصل مع نهاية مارس (آذار) الماضي إلى 7.5 في المئة، متأثراً بارتفاع أسعار الغذاء أكثر من 10 في المئة، بحسب ما ذكره معهد الإحصاءات الحكومي في تقرير صادر مطلع أبريل (نيسان) الجاري.

ويجمع عدد من تجار المصوغ في سوق البركة بتونس العاصمة على أن ارتفاع أسعار الذهب يعزى إلى تواصل ضعف قيمة الدينار التونسي إزاء اليورو والدولار لنحو عقد من الزمن، وزاد تعمقه خلال العامين الأخيرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسجلت قيمة الدينار التونسي تراجعاً أمام الدولار واليورو خلال الفترة المتراوحة بين الأول من يناير (كانون الثاني) والـ 26 من مارس 2023، وفق ما أظهرته المؤشرات النقدية والمالية للبنك المركزي.

وتظهر مؤشرات البنك أن قيمة اليورو ناهزت بنهاية الشهر الماضي 3.379 دينار في مقابل 3.326 دينار في مارس 2023، بينما بلغت قيمة الدولار الواحد نحو 3.11 دينار مقابل 3.091 دينار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.

استعمال المصوغ المقلد

وقال الحرفي في صناعة المجوهرات والذهب عماد الناقوري إن ارتفاع أسعار الذهب في تونس عائد لأسباب أبرزها تدني سعر صرف الدينار في مقابل الدولار خلال الأعوام الأخيرة، وارتفاع أسعار المواد الأولية لتصنيع الذهب. ولفت الى أن موجة التضخم لا تزال ضمن مستويات عالية في تونس، وبات يلاحظ بروز مظاهر الإقبال على شراء المنتجات المقلدة غير الأصلية التي تكون أثمانها متدنية للغاية كحل بديل، وهي الرواية نفسها التي أكدتها شيماء البناني (33 سنة) التي تستعد لتنظيم حفل زفافها الخريف المقبل، مستغربة الصعود اللافت لأسعار الذهب.

وأكدت أنها وبالاتفاق مع خطيبها فسيقتصران على خاتم الزواج وعقد عادي، بينما ستشتري بعض المنتجات التقليدية لارتدائها خلال الزفاف، ملاحظة أنه يتعين الحصول على قرض من المصارف المحلية لكي يكون في وسعها اقتناء المصوغ وهو أمر لم ترضه، وزد على ذلك ارتفاع كلفة الزواج في تونس.

الخروج من المأزق

وعن الحلول التي يراها حاتم بن يوسف للخروج من الأزمة الحالية وإمكان عرض الذهب بأثمان في المتناول، فقد أكد أن التحرير الداخلي لقطاع الذهب في تونس أحد الحلول حتى يمكن التصرف في المعدن غير الحامل للطابع، وتستفيد منه الدولة وأهل المهن والمواطن على حد سواء.

وأوضح أن أطناناً من الذهب غير الحامل للطابع تمثل ثروة طائلة تذهب هباء بسبب القانون رقم (15) للمعادن النفيسة لسنة 2005، والذي يعد غير دستوري ويمنع تكسير الذهب غير الحامل للطابع، وفق قوله، مقترحاً ضرورة إدماج هذه الثروة في الاقتصاد الرسمي، وموضحاً أن أطناناً من الذهب غير الحامل للطابع تذهب نحو التهريب والفساد وتبييض الأموال، وفق روايته.

وأفاد رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ أنه عرض مشروعاً توافقياً بين أهل المهنة على الحكومة منذ عام 2021، ويتعلق بتحرير قطاع الذهب داخلياً، ولكن لا رد على هذا المشروع حتى الآن.

اقرأ المزيد