Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دروس يريد ترمب والجمهوريون تعلمها من فيكتور أوربان

يحذر خبراء من أن علاقة الرئيس الأميركي السابق بفيكتور أوربان قد تُهدد الديمقراطية الأميركية إذا أُعيد انتخابه

صورة تجمع دونالد ترمب وفيكتور أوربان في مارس 2024 (مكتب رئيس الوزراء الهنغاري)

ملخص

يتشاطر دونالد ترمب مع الزعيم الهنغاري فيكتور أوربان في النظرة المحافظة والمناهضة لليبرالية للعالم

بينما يتحضر ترمب للمنافسة في انتخابات 2024، لا سيما وأن التوقعات تشير إلى أنه المرشح الأوفر حظاً للحزب الجمهوري فإنه التقى بحليفٍ قديم: فيكتور أوربان، رئيس الوزراء الهنغاري، المعروف بدوره في تراجع الديمقراطية في بلاده.

والتقى السيد أوربان السيد ترمب الأسبوع الماضي، متجنباً أي لقاءات مع الرئيس الحالي جو بايدن أو نائبته كامالا هاريس، على رغم وجوده في العاصمة واشنطن، حيث زار مؤسسة هيريتيج، وهي مؤسسة فكرية محافظة بارزة ينتمي إليها العديد من المسؤولين السابقين في إدارة ترمب.

وقد تزامن هذا اللقاء مع اقتراب الاحتفال باليوم الوطني في هنغاريا، حيث ألقى أوربان خطاباً شديد اللهجة وجه فيه انتقادات "للعالم الغربي"، وقال خلال خطابه أمام حشد من الناس في بودابست: "إنهم يشعلون الحروب، ويهدمون الحضارات، ويعيدون ترسيم حدود الدول، وينهبون كل شيء أمامهم كالجراد"، وفقاً لما نقلته وكالة "أسوشيتد برس". وأضاف "نحن الهنغاريون نعيش بشكل مختلف ونريد العيش بشكل مغاير".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وظلت تفاصيل المحادثة التي دارت بين ترمب وأوربان غامضة، إلا أن البيان الصادر عن حملة ترمب أشار إلى أن النقاش تناول "طائفة واسعة من الموضوعات التي تؤثر على كلٍ من البلدين، بما في ذلك الحاجة الماسة لتأمين الحدود وفرض رقابة صارمة عليها لضمان سيادة كل دولة".

وبغض النظر عن مجريات اللقاء، فقد بدا أن الأمور سارت على ما يرام، إذ أطلق أوربان على ترمب لقب "صديق مقرب" في تصريحات صحافية أدلى بها يوم الإثنين. وفي اليوم نفسه، أثنى رئيس الوزراء الهنغاري على تعليق منسوب للسيد ترمب يفيد بأنه لن يرسل أي مساعدات إلى أوكرانيا في حال انتخابه. وفي الوقت ذاته، أشار السيد ترمب إلى السيد أوربان في عدة تصريحات، بما في ذلك خطاب ألقاه في عام 2023 حيث أخطأ عندما وصفه بأنه رئيس تركيا.

ولا يقتصر إعجاب ترمب بهنغاريا وحكومة أوربان على شخصه فقط، بل يُمثل هذا الإعجاب توجهاً عاماً داخل الحزب الجمهوري. ففي عام 2022، ألقى تاكر كارلسون، الشخصية الإعلامية البارزة سابقاً في قناة "فوكس نيوز"، الضوء على هنغاريا من خلال فيلم وثائقي أبرز البلاد كنموذج يحتذى به في التوجه المحافظ. وفي تطور لاحق، عبر كارلسون عن إعجابه بروسيا تحت قيادة فلاديمير بوتين، مشيراً إلى العلاقة الوثيقة التي تربط كلاً من ترمب وأوربان بالزعيم الروسي.

وتثير العلاقة المتنامية بين ترمب وأوربان تساؤلات بشأن أسباب هذه الكيمياء السياسية القوية بينهما، حيث أشار خبراء في لقاء مع "اندبندنت" إلى أن ذلك يعود إلى رغبة ترمب في الاستفادة من خبرات أوربان في حال فوزه بولاية رئاسية جديدة عام 2024.

ما هو سبب هوس دونالد ترمب بـ فيكتور أوربان؟

رداً على هذا الاستفسار، قال روبرت بنسون كبير المحللين السياسيين في "مركز التقدم الأميركي" للبحوث Center for American Progress في لقاء مع "اندبندنت" أن كلاهما لديه تطلعات مماثلة لإعادة تشكيل النظام العالمي، ما يجعلهما حليفين حريصين على بعضهما البعض.

وأوضح: "ليس من قبيل الصدفة أن يسعى شخص مثل فيكتور أوربان لتطوير علاقات مع ستيفن ميلر، ودونالد ترمب، والجمهوريين من أنصار شعار ’اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى‘ (ماغا) في هذا الجانب من الأطلسي. فهم يرون أنفسهم في معركة حضارية من أجل مستقبل ما يطلقون عليه ’الحضارة الغربية‘. وهذا فكر متجذر ومشبع ينم عن كراهية الأجانب والعداء للمهاجرين، وعن القومية اليمينية المتطرفة، وعن الأفكار النمطية حول الدولة القومية".

وكان ترمب قد اشتهر بمواقفه اليمينية المتشددة المناهضة للهجرة منذ بداية حملته الرئاسية في 2016، ووجد صدى لأفكاره في سياسات أوربان المعروف بآرائه الراديكالية ضد المهاجرين منذ عام 2015، والذي أعلن صراحةً عام 2022 رفضه لفكرة تحول الهنغاريين إلى "شعوب ذات عرق مختلط". وقال: "أنا السياسي الوحيد في أوروبا الذي يؤيد بكل صراحة السياسات المناهضة للهجرة. فالقضية ليست عنصرية بل ثقافية".

وفي السياق نفسه، تقدم كيم شيبيل، أستاذة علم الاجتماع والشؤون الدولية بجامعة برينستون، تحليلاً مختلفاً للعلاقة بين ترمب وأوربان وترى أن الأمر لا يتعلق برسم معالم مستقبل حضاري جديد، بل تصف الزعيمين بأنهما "انتهازيان ومنفعيان يركزان فقط على تحقيق المصلحة الذاتية والمكاسب السياسية أينما وُجدت".

وصرحت الدكتورة شيبيل لـ"اندبندنت" بأن كلاً من دونالد ترمب وفيكتور أوربان ينتهجان أسلوباً سياسياً قائماً على عقد الصفقات التي تخدم مصالحهما، مضيفةً: "أحد الأسباب التي تدفعهما لتفضيل الأنظمة الديكتاتورية وكره مؤسسات من قبيل الناتو والاتحاد الأوروبي هو أن الديكتاتوريين يسعون خلف المصالح الشخصية فقط، ولا يتوقعون ولاءً دائماً؛ فكل شيء بالنسبة لهم هو مجرد صفقة في الزمن الراهن".

كما سجل كل من ترمب وأوربان مواقف تعبر عن عدم الرضا إزاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) وآلياته. فقد هدد الرئيس السابق ترمب بخرق التزامات الناتو عبر السماح لروسيا بمهاجمة الدول الأعضاء. ومن جانبه، قام أوربان بتأجيل التصويت على عضوية السويد في الناتو لمدة ثمانية عشر شهراً، ما أدى إلى تأخير انضمامها حتى العام الحالي.

ولا يحتاج الرئيس السابق دونالد ترمب إلى الانسحاب التام من الناتو ليثبت رفضه لمبادئ الحلف في حال توليه الرئاسة لولاية ثانية. تشير آن أبلباوم، الصحافية والمؤرخة الحائزة على جائزة بوليتزر، في تحليل نشرته مجلة "أتلانتيك"، إلى إمكانية ترمب ببساطة أن يتنصل من المادة الخامسة، التي تقر بأن أي هجوم على دولة عضو في الناتو يُعتبر هجوماً على جميع الأعضاء. بينما يرى جون بولتون، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، أن فترة رئاسة ثانية لترمب قد تعني انسحاب أميركا من الناتو، بخاصة وأن ترمب لم يُظهر دعماً محدداً للمادة الخامسة خلال قمة الناتو 2017.

تحدثت الدكتورة شيبيل قائلةً: "يكن ترمب إعجاباً بالعديد من الدكتاتوريين، وأعتقد أن ذلك يعود إلى حد ما إلى قدرتهم على الحفاظ على السلطة وهيمنتهم التي تظهرهم بمظهر القوة المطلقة، بخاصة أن سياستهم الخارجية لا تقيدهم بأي التزامات".

كما أشارت الدكتورة شيبيل إلى أن ترمب كان قد عبر عن نية الحكم المطلق في حال عودته للرئاسة، واعتبرت أن أوربان يُعتبر قدوة لترمب في تبني هذا النمط من السياسة الخارجية.

وفي السياق ذاته، تعيش هنغاريا حالة من التراجع الديمقراطي إثر محاولات أوربان الرامية إلى إضعاف النظام التعليمي، مستهدفاً حتى حليفه السابق الذي أصبح خصمه، جورج سوروس، مؤسس جامعة أوروبا الوسطى في بودابست. وقد تسبب في ضغوط أجبرت سوروس، الذي أصبح شخصية مثيرة للجدل عالمياً بسبب دعمه للمشاريع المدنية المجتمعية، على نقل الجامعة إلى فيينا عام 2018.

وفي عام 2022، أعلن البرلمان الأوروبي أنه لم يعد بالإمكان وصف هنغاريا بأنها بلد يتحلى بديمقراطية كاملة، مصنفاً إياها على أنها "أوتوقراطية انتخابية" electoral autocracy. وقد أثار المشرعون عدة مخاوف بشأن الحكومة الهنغارية، تشمل غياب تعددية الإعلام، وحرية الأديان، واستقلال القضاء.

وأضاف البرلمان في بيانه: "حرية الأكاديميين، وحرية الأديان، وحرية الانتماء، وحق المعاملة المتساوية، بما في ذلك حقوق مجتمع الميم وحقوق الأقليات، فضلاً عن حقوق المهاجرين، وطالبي اللجوء، واللاجئين، جميعها تواجه أيضاً مشكلات".

وفي عام 2023، أصدرت هنغاريا تشريعاً جديداً يُعرف بقانون "الدفاع عن السيادة الوطنية"، بمبادرة من السيد أوربان، الذي يتيح إنشاء هيئة حكومية جديدة مخولة بجمع المعلومات حول أي جهات أو أفراد يستفيدون من تمويلات أجنبية أو لهم القدرة على التأثير في القضايا العامة. ووصفت الدكتورة شيبيل هذا القانون بأنه "وحش استبدادي"، بينما عبرت المفوضية الأوروبية أخيراً عن موقفها معتبرةً أن القانون يخالف تشريعات الاتحاد الأوروبي.

ما سيمثل التحالف هذا في حال انتخاب ترمب لولاية ثانية؟

ومن الناحية العملية، قال الدكتور بنسون، فإن إدارة ترمب الثانية يمكن أن تؤدي إلى انسحابات من المؤسسات الدولية.

وقال الدكتور بنسون لـ"اندبندنت": "لذلك، في حال فوز ترمب بالرئاسة عام 2024، فمن المحتمل أن ينسحب من المؤسسات الدولية. سبق وذكر ازدرائه لحلف شمال الأطلسي. وهذا يلعب بشكل جيد في قواعد اللعب بالنسبة لفلاديمير بوتين، الذي يعتمد بشكل كامل على سياستنا الداخلية حتى يتمكن من النجاح في أوكرانيا".

وعلاوة على ذلك، استعرضت الدكتورة شيبيل "مشروع 2025"، وهو خطة استراتيجية محافظة موجهة للإدارة الرئاسية المقبلة تدعو إلى تنفيذ سلسلة من الإجراءات لدعم رئاسة محافظة محتملة عقب انتخابات 2024. ويهدف المشروع إلى تجنب تكرار الأخطاء التي وقعت عام 2017 عندما تولى ترمب الرئاسة ووجد الحزب الجمهوري نفسه غير مستعد بشكل كاف. ويتضمن المشروع أيضاً دعوات لإجراء تعديلات سياسية عدة، مثل إعادة طرح سؤال الجنسية في تعداد الولايات المتحدة وإلغاء الموافقة التي منحتها إدارة الغذاء والدواء لحبوب الإجهاض.

وفي تصريحات له، أكد ويس كوبرسميث، رئيس موظفي مؤسسة هيريتج الذي يشرف على "مشروع 2025"، أن استبدال الموظفين بحلفاء الحزب الجمهوري في حال انتخاب ترمب يمثل إجراء "ديمقراطياً".

وأضاف: نرى أن الطريقة الأكثر ديمقراطية لإدارة الحكومة تكمن في التعاون مع أشخاص يشاطرون الرئيس آراءه، وصوتوا له، ويؤيدون سياساته بهدف تطبيقها.

وتطرقت الدكتورة شيبيل إلى الأساليب التي اعتمدها السيد أوربان لقيادة حكومة وُصفت بـ"الاستبدادية"، مشيرةً إلى أنه قام بتصفية الخدمة المدنية واستبدالها بحلفائه المتطرفين، وهو ما يتوافق مع استراتيجية "مشروع 2025".

وأوضحت لـ"اندبندنت"، "عندما تولى أوربان السلطة عام 2010، قام بإنهاء الخدمة المدنية واستبدل العاملين فيها بموالين له، وفرض حمايات خاصة لهم، وسيطر على البيروقراطية الحكومية - وهذا كان عنصراً أساسياً في كيفية تمكنه من ترسيخ سلطته. وهذا النموذج هو الذي سيتبعه ترمب."

وقال الدكتور بنسون: "نحن أمام صراع أيديولوجي بين مبادئ الديمقراطية الليبرالية وأولئك الذين يروجون لصورة منحرفة من الاستبداد. ومن الواضح أن هذه القضايا تمثل رهانات كبيرة نواجهها في توجهات عام 2024 على أرض الواقع".

© The Independent

المزيد من تحلیل