Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا تطالب بقمة جديدة لـ"إيغاد" لبحث المخاوف الإقليمية

أكد مراقبون أن آبي أحمد يعيد تقييم مذكرة التفاهم مع صوماليلاند ورجحوا عدم استجابة المنظمة للنداء

تأتي المطالبة الإثيوبية بعقد قمة استثنائية بعد نحو أسبوعين من انعقاد القمة السابقة (هيئة الاتصالات الحكومية)

ملخص

 نفى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد المخاوف في شأن التوترات بين بلاده والصومال.

تقدمت وزارة الخارجية الإثيوبية بطلب رسمي لترتيب قمة استثنائية تضم الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) للتداول في شأن المخاوف الإقليمية السائدة في منطقة القرن الأفريقي وحوض البحر الأحمر، وتقديم إجابات حيال التطورات الأخيرة.

وفي الرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية الإثيوبية إلى رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غيلي، الرئيس الحالي للمنظمة، أشارت إلى "أن عدم توافر التنسيق الكافي حال دون حضور الوفد الإثيوبي في القمة السابقة المنعقدة في كمبالا، وبالتالي فهي تدعو إلى قمة أخرى تفرضها الظروف الإقليمية والأخطار المحدقة".

وتأتي المطالبة الإثيوبية بعقد قمة استثنائية بعد نحو أسبوعين من انعقاد القمة السابقة التي تغيب عنها ثلاث دول أعضاء في المنظمة لأسباب مختلفة، وهي السودان الذي جمد عضويته في "إيغاد" نتيحة احتجاجه على دعوة قائد قوات "الدعم السريع"، وإثيوبيا احتجاجاً على إدراج أزمتها مع الصومال ضمن جدول الأعمال الرئيس، وإريتريا لأسباب لم تعلنها.

وفي حين لم يخرج حتى كتابة هذا التقرير رد رسمي من الأمانة العامة لـ "إيغاد" أو من رئيسها الحالي إسماعيل غيلي، فإن مراقبين يرجحون عدم استعداد المنظمة لعقد قمة استثنائية أخرى في مدة زمنية لا تتجاوز شهراً واحداً، وذلك لأسباب لوجيستية وأخرى سياسية، إذ إن المنظمة اتخذت جملة من المواقف حيال التطورات الإقليمية في المنطقة، وبالتالي فليس من المتوقع عقد قمة أخرى تحت البنود ذاتها.

حرب بالوكالة 

من جهة أخرى نفى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد المخاوف في شأن التوترات بين بلاده والصومال، وقال في آخر ظهور له أمام المشرعين في الجلسة العادية الـ14 للبرلمان الإثيوبي أمس الثلاثاء إنه لا يعتقد أن حكومة الصومال "تريد الدخول في حرب مع إثيوبيا"، لكنه حذر من أن أطرافاً ثالثة تريد استخدام الفجوة للتحريض على قيام "حرب بالوكالة".

وأضاف، "شعبا إثيوبيا والصومال مرتبطان بالدم، ولقد مات كثير من الإثيوبيين من أجل السلام في الصومال، ولا توجد دولة دفعت مثل إثيوبيا من أجل السلام هناك لأن سلام الصومال هو سلام إثيوبيا"، واصفاً الصداقة بين البلدين بأنها "قوية"، ومؤكداً أن إثيوبيا لا تريد أي ضرر لصديقتها الصومال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح، "إذا كان من الصواب لنا أن نذهب ونموت من أجل السلام في مقديشو أو دارفور فلا ينبغي أن يكون هناك جدل عندما قلنا إننا يجب أن نموت أيضاً من أجل حماية الصومال وسلام البحر الأحمر".

وألقى رئيس الوزراء باللوم على جهات لم يسمها قائلاً إن "أولئك الذين فتحوا وسائل إعلامية لبعض إخواننا في الشتات ربما يحاولون التأثير في إخواننا الصوماليين، لكنهم لا يستطيعون تحريضنا على الدخول في الصراع".

وقال إن "إثيوبيا لم تغز أية دولة في تاريخها ولن نذهب إلى أية جهة، ولكن إذا جاءوا إلينا فلا تقلقوا، سنحميكم بشكل صحيح"، مضيفاً أن "سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر يعتمد على المنفعة المتبادلة، وهذا أمر جيد ليس فقط لإثيوبيا بل وأيضاً للتعاون الإقليمي خارج إثيوبيا".

وسلط الضوء على تطلع أديس أبابا إلى "تنمية وازدهار الشعب الصومالي"، ومضى يقول إنه إذا اتفقت الصومال وأرض الصومال فإن إثيوبيا ستكون أول من يحتفل، مؤكداً أن "إثيوبيا هي مصدر المياه العذبة لجميع الدول المجاورة لها بما في ذلك الصومال التي تستقبل تدفق المياه العذبة من أربعة أحواض مختلفة، وليس لدى إثيوبيا نية لإيذاء أية دولة".

يذكر أن اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحزب "الازدهار" الحاكم في إثيوبيا كانتا أصدرتا قراراً بوضع مذكرة التفاهم المبرمة بين إثيوبيا وأرض الصومال "موضع التنفيذ"، وقرر الحزب في نهاية اجتماعات استمرت أربعة أيام تحويل المذكرة إلى اتفاق عملي مع الاهتمام في الوقت نفسه بمبادئ الأخذ والعطاء لتأمين خيارات إضافية من أجل الوصول إلى الموانئ مع الدول المجاورة الأخرى.

وكان توقيع مذكرة التفاهم في الأول من يناير (كانون الثاني) 2024الماضي بين أرض الصومال وأديس أبابا، والذي تحصل الأخيرة بموجبه على منفذ بحري مقابل الاعتراف الدولي بأرض الصومال قد أدى إلى تصعيد التوترات في الصومال المجاورة التي قالت إن مذكرة التفاهم تنتهك سيادتها وسلامة أراضيها، وأثارت هذه الخطوة أيضاً بيانات دبلوماسية عدة من مختلف البلدان تعهدت فيها بدعم سيادة الصومال وسلامة أراضيه.

لكن الرد الإثيوبي اقتصر حتى الآن على بيانات الإدانة من مصر ودول الجامعة العربية، في حين واصلت أديس أبابا تمسكها بموقفها لمواصلة تنفيذ مذكرة التفاهم.

الكرسي الشاغر

ويرى المتخصص الإثيوبي محاري سلمون أن أديس أبابا تنبهت لخطأ تقديراتها في شأن قمة "إيغاد"، لا سيما وأنها كانت تتوقع إمكان تأجيل القمة الاستثنائية المنعقدة في أوغندا، وسعت من خلال تقديم حجج عدم اكتمال التنسيق والترتيبات لانعقاد القمة فضلاً عن غياب دولتين أخريين من أعضاء المنظمة، إلى تأجيل القمة بخاصة أن السكرتير التنفيذي لمنظمة "إيغاد" وزير خارجية إثيوبيا السابق ورقنا جبيهو أبدى دعمه للتأجيل في حال عدم توافر فرص النجاح، لكن إصرار كل من الرئيس الحالي للمنظمة إسماعيل غيلي والرئيس الأوغندي المضيف للقمة على عقدها حال دون الاستجابة للمطالب الإثيوبية.

ويضيف محاري أن "أديس أبابا اكتشفت أنها بحاجة إلى إعادة التنسيق مع المنظمة الإقليمية لضمان الوصول إلى حلول وسط في شأن أزمتها مع الصومال، وأن الدعوة لقمة استثنائية أخرى هي بمثابة استجابة متأخرة لتدارك خطأ الكرسي الشاغر".

من جهة أخرى لاحظ المتخصص الإثيوبي أن ثمة تحولاً في خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في البرلمان، إذ إنه "تجنب ذكر أرض الصومال مباشرة وركز بدلاً من ذلك على ما سماه التوتر مع الصومال"، مما يعني أن أديس أبابا تحاول التجاوب مع الانتقادات الواسعة التي تعرضت لها إثر توقيعها مذكرة مع إقليم غير معترف به دولياً.

وأضاف محاري أن "الضغوط الدولية والإقليمية الكبرى، بما في ذلك الجلسة المنعقدة في مجلس الأمن الدولي حول المذكرة المبرمة في يناير الماضي قد انعكست في خطاب آبي أحمد الأخير"، مؤكداً أن ذلك يمثل مؤشراً جديداً للمواقف الإثيوبية، إذ إن تجنب الإشارة لأرض الصومال أو التلويح بالاعتراف بها كدولة مستقلة يشير إلى استجابة أديس أبابا للضغوط الدولية والإقليمية التي أكدت سيادة الصومال على جميع أراضيه وسواحله، كما أن الإشارة إلى قوى إقليمية من دون تسميتها بأنها تسعى إلى حرب بالوكالة قد يؤشر إلى تجنب صراع مباشر مع القاهرة وجامعة الدول العربية، فعلى خلاف بيان الخارجية الإثيوبية وهيئة الاتصالات الحكومية تجنب آبي أحمد ذكر الجهة التي يتهمها بتقويض الأمن والسلام أو إقحام الصومال في حروب بالوكالة، مما يعني أن ثمة توجهاً لتجنب تصعيد الموقف مع مصر ودول الجامعة العربية. 

إعادة تقييم 

بدوره رأى المتخصص في الشأن الإثيوبي غيداون بيهون أن "تنفيذ مذكرة التفاهم المبرمة مع أرض الصومال تواجهه تحديات محلية وإقليمية ودولية عدة، فعلى رغم تأكيد الحزب الحاكم في بيانه الأخير على سعيه إلى تنفيذ بنود المذكرة فإن الخطاب الأخير لآبي أحمد في البرلمان يقلص وتيرة التنفيذ ويكشف عن محاولات لإعادة تقييم الموقف من قبل أديس أبابا، بخاصة بعد المواقف الدولية والإقليمية الرافضة للمذكرة باعتبارها تمس سيادة دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي".

ويشير بيهون إلى أن الحديث عن ضرورة الاتفاق بين مقديشو وهرجيسا يشير إلى صعوبة تنفيذ الاتفاق في غياب حكومة مقديشو، كما يعد اعترافاً بسيادة مقديشو على جميع الأراضي الصومالية، وهو ما يتقاطع مع المواقف الصادرة من مجلس الأمن وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، فضلاً عن مواقف منظمة "إيغاد". 

ويرى بيهون أن "موقف حكومة مقديشو من مذكرة التفاهم الأخيرة قائم على عدم شرعية إقليم صوماليلاند لتوقيع أي اتفاق مع أية جهة خارجية، وبالتالي فإن خطاب آبي أحمد الأخير يكشف نوعاً من التفهم لهذا الموقف على عكس الاتجاه الذي تحاول المذكرة إرساءه". 

وأشار إلى تصريحات رئيس صوماليلاند الأخيرة ومفادها أن تأجير المنطقة البحرية لإثيوبيا مشروط بإعلان أديس أبابا اعترافها بأرض الصومال كدولة مستقلة يصطدم بالرؤية التي عبر عنها رئيس الوزراء الإثيوبي في حديثه عن اتفاق بين مقديشو وهرجيسا.

المزيد من تقارير