Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إدارة للأزمة وليست حلا... انقسام ليبي حول دعوة باتيلي للحوار

رفضها البرلمان وشككت أطراف أخرى في جدواها فيما أبدى الإسلام السياسي انفتاحاً لمناقشتها

أكد مجلس النواب الليبي رفضه تكرار التجارب السابقة "التي ثبت عدم نجاحها في حل الأزمة الليبية" (أ ف ب)

ملخص

انتقدت شخصيات سياسية دعوة أطراف جديدة إلى المشاركة في الحوار السياسي بينما اعتبرها آخرون خطوة صحيحة في اتجاه الحل

واجهت دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي إلى طاولة حوار ليبية جديدة لإعداد خريطة طريق انتخابية توافقية، ردود فعل متباينة من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي، ففي حين رفض البرلمان المبادرة تماماً وشككت أطراف أخرى في جدواها، أبدت بعض المؤسسات السياسية انفتاحاً لمناقشتها قبل اتخاذ موقف منها.

المبادرة الأممية الجديدة تسعى أيضاً إلى تشكيل حكومة توافقية مصغرة تشرف على الانتخابات وتدير البلاد لحين تشكيل حكومة دائمة من البرلمان الجديد الذي يتم انتخابه، وهو ما يراه بعض المراقبين سبباً كافياً سيؤدي إلى رفض أطراف أخرى لها، وتحديداً حكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس.

مبادرة للحوار أم الانقسام؟

طاولة الحوار السياسي الجديد التي يجهز لها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، دعا إليها خمسة أطراف بارزة في محاولة لتسوية الخلافات بينها وكسب دعمها لإجراء الانتخابات، وطلب منها تسمية ممثليها للمشاركة في اجتماع تحضيري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المدعوون الخمسة للجلوس على طاولة الحوار الأممي هم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة، والقائد العام للجيش في بنغازي خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة.

مجلس النواب الليبي كان أول طرف سياسي يوضح موقفه من مبادرة باتيلي، حين أبدى رفضه المشاركة في الاجتماع، واتهم في بيان البعثة الأممية بعدم احترام مخرجاته المتعلقة بالتعديل الدستوري (13) وقرار منح الثقة للحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، وعدم دعوتها للاجتماع على رغم أنها "الحكومة الشرعية التي تم منحها الثقة عقب انتهاء المدة القانونية لحكومة الوحدة الوطنية".

كما أكد المجلس رفضه تكرار التجارب السابقة "التي ثبت عدم نجاحها في حل الأزمة الليبية"، مؤكداً عدم قبوله أية مخرجات مكررة لما سبق اتخاذه من قبل البعثة الأممية سابقاً، وتمسكه بمبادئه السياسية في ما يتعلق "بضرورة احترام إرادة الشعب الليبي، وذلك من خلال صناديق الاقتراع وبشفافية تامة بعيداً من التدخلات والإملاءات الخارجية".

من جهتها، استنكرت الحكومة الليبية المكلفة برئاسة أسامة حماد، في بيان، دعوة باتيلي حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية وتجاهل دعوتها إلى الاجتماع، على رغم أنها الحكومة المعترف بها من مجلس النواب.

واتهمت الحكومة الليبية المكلفة المبعوث الأممي بـ"عدم الحياد والانحياز لأطراف معينة وعمله على ترسيخ الانقسام والتشظي بين الليبيين"، قائلة إنه "غير كفء للتعامل مع الأزمة الليبية، وعلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين مبعوث آخر من طرفه في ليبيا".

دعم الإسلام السياسي

في المقابل، لم تبين بعض الأطراف البارزة التي دعيت إلى الحوار موقفها الرسمي منه، مثل مجلس الدولة والمجلس الرئاسي والجيش وحكومة الوحدة، بينما كان تفاعل الحزب الرئيس الذي يمثل تيار الإسلام السياسي في ليبيا إيجابياً مع المبادرة، إذ رحب رئيس "الحزب الديمقراطي" محمد صوان بدعوة المبعوث الأممي للأطراف الليبية من أجل الاجتماع للتحضير للانتخابات.

وقال صوان في بيان تم نشره على صفحة الحزب على موقع "فيسبوك"، "ملتزمون دعم العملية السياسية وكل الجهود المؤدية إلى تحريك الوضع السياسي وكسر الجمود، ونؤكد أهمية أن يكون هناك التزام وجدية بتحقيق تقدم في العملية السياسية عبر استثمار هذه المبادرة في اتخاذ خطوات للأمام".

لكنه أكد "رفض كل محاولات العرقلة الداعية إلى نقض ما تم التوافق عليه، بخاصة ما يتعلق بما أنجزته لجنة (6+6) والتعديل الدستوري".

ورأى أن "من الضروري توسعة دائرة المشاركة الفعالة كي تتجاوز مستوى المشاورات السطحية، ونرجو ألا يغيب عن باتيلي أن هذا هو العامل الحاسم لدفع الأطراف الخمسة أصحاب المصلحة في استمرار الوضع الراهن إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية وجادة نحو التوافق وإنهاء الانقسام وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابي".

دولياً، رحبت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا بدعوة باتيلي الأطراف المؤسسية الرئيسة في ليبيا إلى الاجتماع من أجل حل القضايا السياسية التي تقف في طريق الانتخابات. وحثت سفاراتها في بيان مشترك الأطراف الليبية على الاستفادة من هذه الفرصة لوضع ‎ليبيا على طريق الاستقرار والازدهار الطويل الأمد لجميع مواطنيها، مؤكدة التزامها دعم هذا الجهد.

اختيار الطريق الصعب

وقوبلت دعوة البعثة الأممية لأطراف جديدة للمشاركة في النقاش عن القوانين الانتخابية والمشاركة في تعديلها وإعدادها، انتقادات واسعة من أعضاء في مجلسي النواب والدولة المهيمنين على العملية السياسية منذ سنوات طويلة، إذ اعتبر عضو مجلس الدولة الاستشاري بلقاسم قزيط، أن "إعادة مناقشة وفتح ملف القوانين الانتخابية مجدداً قد يستغرق وقتاً طويلاً، وهذه عادة باتيلي الذي دائماً يختار أصعب الطرق وأطولها للوصول إلى الهدف، بدلاً من اختيار الأقصر والأقل صعوبة".

قزيط لفت إلى أن "الأطراف الخمسة التي اقترحها باتيلي مهمة وأساسية، لكن هناك تبايناً كبيراً في وزنها السياسي وشرعية تمثيلها الشارع الليبي، وما دمنا قبلنا باتفاق الصخيرات فهو يجعل مهمة هذا النقاش حصراً لمجلسي النواب والدولة".

أما النائب البرلماني علي الصول، فرأى أن "الدعوة التي وجهها باتيلي إلى القيادة العامة للقوات المسلحة ومجلسي النواب والدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة للاجتماع من أجل حل القضايا السياسية التي تقف في طريق الانتخابات، إدارة للأزمة وليس تقديم حل لها".

وقال الصول إن "الحديث عن حوارات سياسية لا يشمل إلا مجلسي النواب والدولة بحسب الاتفاق السياسي الليبي، والبعثة الأممية تنحصر مهامها في رعاية محادثاتهما، أما إقحام باتيلي أطرافاً في الحوار السياسي فيعد إدارة للأزمة لا حلاً لها".

على العكس من هذه الآراء، اعتبرت جهات من خارج مجلسي النواب والدولة أن توسعة دائرة المشاركة في الحوار السياسي قد تقود إلى الحل المفقود في ليبيا، بخاصة أن لبعضها تأثيراً لا يخفى في قرارات المجلسين.

رئيس الهيئة التأسيسية لحزب "التجمع الوطني" أسعد زهيو، قال إن "مرحلة استطلاع باتيلي الآراء ورعايته اجتماعاً بين القادة الرئيسين للبلاد، مقدمة سيؤسس عليها المبعوث الأممي لاحقاً حواراً موسعاً".

وأوضح أن "باتيلي يريد أن يصل عقيلة صالح وخليفة حفتر ومحمد المنفي ومحمد تكالة وعبدالحميد الدبيبة إلى توافقات حاسمة في ما بينهم، يتقدمها أن القوانين التي تم إقرارها من البرلمان أخيراً ستكون نافذة، وأن الجميع يوافق على تشكيل حكومة موقتة تشرف على الانتخابات، والأهم أن يتعهدوا بتأمين الانتخابات والقبول بنتائجها".

وخلص زهيو إلى أن "استمرار حديث باتيلي عن أهمية وجود قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ لا يعني بالضرورة فتح النقاش مجدداً عن تلك القوانين، وإنما محاولة من قبله لعدم إشعار بعض الأطراف بأن نتائج هذا الحوار الخماسي باتت أمراً واقعاً مفروضاً عليهم حتى قبل انعقاده".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير