Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطر الأوبئة يحدق بدرنة و150 حالة تسمم بالمدينة

مياه الشرب لم تعد صالحة بعد اختلاطها بالصرف الصحي وبدء إجراءات العزل للمناطق الأكثر تضرراً وطوارئ لمدة عام

ملخص

رئيس بلدية درنة المكلف: الوضع في المدينة "أكثر من سيئ، وإذا لم يتم إخراج جميع الجثث في أسرع وقت ستصنف المنطقة على أنها موبوءة".

يتكشف كل يوم أن حجم الكارثة الطبيعية التي أصابت مدينة درنة الليبية كانت كبيرة جداً وأكبر حتى مما تخيل الجميع عندما انقشع الظلام صباح الأحد الماضي عن حجم الدمار المرعب الذي خلفته السيول التي داهمت المدينة وسكانها فجر ذلك اليوم بعد انهيار سدين في واديها الكبير.

من الطبيعي مع كارثة مثل التي أصابت درنة ونثرت جثث الآلاف من سكانها في كامل محيطها على البر والبحر، مع بقاء كثير منها تحت الأنقاض وسط أحيائها السكانية، أن يكون خطر انتشار الأوبئة على رأس قائمة المخاوف والهموم للسلطات والسكان على حد سواء.

ومع مضي أسبوع كامل على وقوع الحادثة المشؤومة بات كل من السكان وفرق الإنقاذ المحلية والأجنبية يتحدثون عن انتشار روائح كريهة قوية نتيجة تحلل الجثث كأول نذير للخطر البيئي الذي ستواجهه درنة في الفترة المقبلة.

تلوث مياه الشرب

أول التداعيات البيئية للكارثة التي حلت بدرنة كشف عنها حيدر السايح، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض، التابع لحكومة الوحدة الوطنية، إذ أعلن في بيان عن "ارتفاع عدد حالات التلوث (التسمم) بمياه الشرب في مدينة درنة إلى 150 حالة نتيجة اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي".

وشدد على أن "مياه الشرب في مدينة درنة غير صالحة للاستهلاك، ويجب الاعتماد على مصادر أخرى"، مضيفاً أن "المركز قرر إعلان الطوارئ لمدة عام كامل في المناطق المتضررة جراء السيول والفيضانات شرق البلاد لمنع تفشي أي مرض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته طالب وزير الصحة في الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان عثمان عبدالجليل، بـ"ضرورة ابتعاد المواطنين عن مصادر المياه الملوثة بعد إعلان المركز الوطني لمكافحة الأمراض ارتفاع عدد حالات التسمم بمياه الشرب في درنة إلى 150".

عبدالجليل شدد في مؤتمر صحافي، على "ضرورة معاينة جميع مصادر المياه وتحليلها لاستبعاد أي مصدر ملوث، مع ابتعاد المواطنين عن مصادر هذه المياه حتى لا تحدث أي إصابات معدية نتيجة لاختلاط المياه بشبكة الصرف الصحي".

وأشار إلى "توفير تطعيمات عدة سيتم منحها بداية من اليوم الأحد، حيث ستمنح لفرق الإنقاذ والعاملين في القطاع الصحي والأطفال تحت عمر السنوات الثلاث، وهم الفئات الأكثر عرضة للمخاطر الصحية في هذه المرحلة".

وكان مدير مركز البيضاء الطبي، رئيس لجنة الطوارئ الصحية بالمدينة عبدالرحيم مازق، حذر الخميس الماضي من كارثة بيئية أشد وطأة في مدن وبلدات شرق ليبيا نتيجة تحلل الجثث غير المنتشلة والفيروسات المحتملة في المياه الراكدة بعد انحسار الفيضانات التي اجتاحت المنطقة.

عزل جزئي في درنة

مع ظهور أول العوارض الصحية الخطرة في مدينة درنة المنكوبة، بدأت السلطات المحلية اتخاذ إجراءات عزل لبعض المناطق المهددة بانتشار الأوبئة حالياً، حيث أعلن رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان أسامة حماد "عزل المناطق المتضررة في درنة كإجراء احترازي خوفاً من الأوبئة".

بينما وصف رئيس بلدية درنة المكلف أحمد أمدورد، الوضع في المدينة بأنه "أكثر من سيئ، وإذا لم يتم إخراج جميع الجثث في أسرع وقت ستصنف المنطقة على أنها موبوءة".

وأضاف أن "هناك احتمالية إغلاق جزئي في المدينة، ونعاني من عدم وجود الفرق المتخصصة وقلة الإمكانات وانقطاع الطرق، والمناطق التي جرفها السيل فيها أكثر من ثلاثة آلاف بناية، بعضها مكون من 14 طابقاً اختفت بالكامل".

كما أكد "وجود احتمال إخلاء السكان كلياً في مرحلة مقبلة بسبب قلة مواد التعقيم اللازمة بالنظر إلى الأعداد الكبيرة للجثث المنتشرة في بعض المناطق".

أما عن المناطق التي سيتم فيها تطبيق هذا الإجراء أولاً، قال أمدورد، إن "المناطق المستهدفة هي حيا الجبيلة والمغار وما تبقى من سكان وسط المدينة"، وهي المناطق الأكثر تضرراً من السيول الجارفة لوقوعها في أو قرب مسار الوادي المتجه إلى البحر.

تقليل المخاطر المحتملة

في السياق، نفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بليبيا، أمس السبت، الأنباء المتداولة عن أمرها بإخلاء مدينة درنة، في وقت تواصل فرق الإنقاذ انتشال الجثث من تحت الأنقاض ومن البحر وسط صعوبات لوجيستية.

اللجنة الدولية أوضحت، في بيان على موقعها الرسمي، أن "الجثث لا تؤدي إلى خطر تفشي الأمراض"، وحذرت من أن تداول المعلومات الخاطئة يعوق العمل وينشر الذعر.

وقال ممثل اليونيسف في ليبيا ميشيل سيرفادي، الذي يقوم حالياً بزيارة المناطق المتضررة من الفيضانات، "نحن نعلم من الكوارث السابقة في جميع أنحاء العالم أن آثار الفيضانات غالباً ما تكون أكثر فتكاً بالأطفال من الأحداث المناخية المتطرفة نفسها، فالأطفال هم من بين الفئات الأكثر ضعفاً ومعرضون بشدة لخطر تفشي الأمراض ونقص مياه الشرب الصحية وسوء التغذية وتعطيل التعلم والعنف".

وإضافة إلى المخاطر المباشرة للموت والإصابة، تشكل الفيضانات في ليبيا خطراً شديداً على صحة الأطفال وسلامتهم، بحسب ممثل المنظمة الدولية.

سيرفاني أوضح أنه "مع تضاؤل إمدادات المياه الصالحة للشرب فإن احتمالات تفشي الإسهال والكوليرا فضلاً عن الجفاف وسوء التغذية تتزايد بشكل كبير، وفي الوقت ذاته فإن الأطفال الذين يفقدون والديهم أو ينفصلون عن أسرهم يكونون أكثر عرضة للمخاطر بما في ذلك العنف والاستغلال".

وأكد أن "اليونيسف تحتاج إلى ما لا يقل عن 6.5 مليون دولار أميركي للتدخلات العاجلة المنقذة للحياة، وهي على استعداد لدعم الأطفال والأسر المحتاجة للمساعدات الإنسانية في البيضاء والمرج وبنغازي ودرنة وغيرها من المناطق المتضررة، وتتمثل الأولويات العاجلة في توفير مياه الشرب الآمنة والإمدادات الطبية والفرق الصحية المتنقلة والدعم النفسي والاجتماعي والبحث عن الأسر".

أوبئة ما بعد الفيضان

ويحدد الاتحاد الدولي للهلال والصليب الأحمر أبرز المشكلات الصحية، التي تلي وقوع الفيضان بأيام أو أسابيع أو حتى أشهر في بعض الأحيان، في أمراض الإسهال والأمراض التي تحملها الناقلات وأمراض الجهاز التنفسي والالتهابات الجلدية وغيرها من التبعات المضرة بالصحة العامة.

من المحتمل أيضاً أن تؤدي الفيضانات إلى زيادة مواقع تكاثر البعوض في المياه الراكدة، وإلى زيادة انتقال "حمى الضنك" أو "داء الشيكونغونيا" أو "الملاريا" مع مرور الوقت.

وتشير جمعيات الهلال والصليب الأحمر إلى أن من المخاطر الصحية التي تلي الفيضانات تكاثر الناقلات مثل الفئران، التي قد يرتفع عددها بسبب سوء حال النظافة وانعدام البيئة الصحية، الأمر الذي يؤدي إلى اقترابها من البشر، بالتالي ارتفاع نسبة الإصابة بداء "البريميات"، وهو عدوى بكتيرية تنتقل من المياه والتربة الملوثة ومن الممكن أن تؤدي إلى وفاة الشخص المصاب.

كما تحذر المنظمة التطوعية الدولية من أن يؤدي نزوح السكان بأعداد كبيرة واكتظاظ الملاجئ الجماعية الطارئة وسوء أحوال النظافة الطبية إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي أو الالتهابات الجلدية.

وقد يتعرض المسعفون وأفراد المجتمع المحلي لخطر متزايد جراء الجروح والإصابات التي قد تتلوث بسبب مياه الفيضانات والتربة والأوساخ والنفايات البشرية أو الحيوانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير