Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميناء "الخمس" بين التطوير الليبي والاستئجار التركي

تسريبات عن تشييد قاعدة عسكرية تابعة لأنقرة وحكومة الدبيبة تنفي وتؤكد تنميته استراتيجياً

ميناء الخمس (موقع الشركة الليبية للموانىء)

ملخص

هل تسعى تركيا لحماية مصالحها بقواعد عسكرية في ليبيا؟

أثارت بعض القرارات والإجراءات الصادرة من حكومة الوحدة الوطنية الليبية بشأن ميناء الخمس منذ بداية الشهر الجاري، إشاعات حول رغبتها في تأجيره إلى تركيا لمدة قرن كامل، أججتها أنباء تواترت في وسائل إعلام تركية تؤكد حقيقة هذه الصفقة.

حكومة عبدالحميد الدبيبة سارعت من جانبها إلى نفي الخبر، في محاولة لإطفاء الغضب الشعبي في المدينة الساحلية الواقعة على بعد 100 كيلومتر شرق العاصمة، وتجنب استغلال خصومها لهذه الورقة ضدها، خصوصاً في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها على خلفية اشتباكات طرابلس الدامية الأخيرة.

وعلى رغم هذا النفي الحكومي، يبدو أن هذه القضية ستشغل الساحة الليبية في الفترة المقبلة، لأن الإشاعات التي سربت من أنقرة، تعلقت بميناء أجريت فيه جل التدريبات العسكرية التركية لقوات من الجيش والشرطة في الغرب الليبي، طيلة السنوات الماضية، وسعت حكومة الدبيبة لضم جزء من مرساه التجاري للقاعدة العسكرية المجاورة له، قبل أيام قليلة.

تسريبات إعلامية

الخبر الصغير الذي أشعل غضباً كبيراً في ليبيا ومدينة الخمس تلقفته وسائل إعلام ليبية بترويج منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) تحمل اسم "الصناعات الدفاعية والدفاع" التركية، قالت فيه إن "القوات البحرية والبرية التركية، استأجرت الميناء الليبي لمدة 99 عاماً".

وذكرت التغريدة أن "تأجير الميناء سيكون للقوات البحرية والبرية التركية، وليس لشركات تجارية، وأنه سيتم إنشاء قاعدة عسكرية لأنقرة هناك، وأن ذلك سيمنع (التعديات) على المياه الإقليمية التركية، وفي الوقت نفسه يضمن سلامة السفن التجارية"، فيما لم تؤكد أو تنفي السلطات التركية صحة هذه المعلومات.

تأكيد تركي

ما ضاعف من الاهتمام والجدل في ليبيا في شأن هذا الخبر، أن الموقع الذي نشره، لم يكن مصدراً يتيماً له، بل أكدته مصادر تركية أخرى، بينها الباحث التركي في العلاقات الدولية، مهند حافظ أوغلو، الذي أكد "وجود عدة اتفاقيات بين تركيا وحكومة الوحدة الليبية والتي تشمل الجانب الاستثماري والأمني".

 

 

وقال أوغلو، في تصريحات صحافية إن "تركيا تعمل على تقديم الدعم لإعادة بناء ليبيا وضمان الاستقرار الأمني فيها"، مشيراً إلى أن "الاتفاقيات التركية مع الحكومة الليبية تشمل استئجار ميناء الخمس البحري لمدة طويلة وتدريب القوات العسكرية الليبية".

نفي ليبي

انتشار الخبر فاقم الاحتقان والغضب الشعبي في مدينة الخمس ضد حكومة عبدالحميد الدبيبة، بسبب الميناء، لأنه جاء بعد أيام من قرار أصدرته لاقتطاع جزء من ميناء المدينة التجاري وضمه للقاعدة العسكرية، الذي قوبل برفض واسع فيها، فخرجت تظاهرة في المدينة، ترفض فكرة تأجير الميناء لتركيا.

هذا الغضب الشعبي، دفع حكومة الوحدة للتحرك ونفي هذه الإشاعات، وهي التي ما زالت تعاني تداعيات الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، التي حملها قطاع واسع من الشارع الليبي المسؤولية عنها، لأن الميليشيات التي خاضت معارك دامية وسط أحياء سكنية تتبع وزارة الدفاع الخاضعة لسلطتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا النفي الحكومي، جاء على لسان الناطق باسم حكومة الوحدة محمد حمودة، أمس الخميس حيث فند تماماً صحة تحويل ميناء الخمس التجاري إلى ميناء عسكري، وذلك في تصريح من داخل الميناء بحضور رئيس الأركان البحرية ورئيس مصلحة الموانئ والنقل البحري.

وقال حمودة إن "كل ما يشاع حول تنازل الدولة الليبية أو تخصيص أو مناقشة استخدام ميناء الخمس لقواعد أجنبية غير صحيح، ونطالب المؤسسات الإعلامية والمواطنين بضرورة التحري عن مصداقية المعلومات من المصادر الرسمية والصحيحة".

وأضاف حمودة أن "توجه الحكومة يؤكد ويعزز دور ميناء الخمس التجاري، وأن هناك خطة لتطوير الميناء لزيادة التبادل التجاري مع دول أخرى وكذلك التنمية المكانية لمدينة الخمس وليبيا أجمع".

احتقان شعبي

وتعيش مدينة الخمس حالة من التوتر منذ أيام، بسبب غموض الإجراءات الحكومية حول الميناء الذي يشكل عصب اقتصادها ويعتبر من أهم المنافذ البحرية في ليبيا، حيث قام محتجون نهاية الأسبوع الماضي بإغلاق مداخل المدينة تعبيراً عن رفضهم لقرار يقضي بإخلاء الميناء التجاري البحري وتحويله إلى ميناء عسكري بالتنسيق مع القوات التركية.

وأضرم المحتجون النار في الإطارات على الطريق الساحلي، مطالبين رئاسة حكومة الوحدة بوقف القرار، لأن الميناء مصدر رزق للمئات من سكان المدينة وضواحيها، كما طالبوا في بيان، بإخراج التشكيلات المسلحة الوافدة من خارج مدينتهم.

رفض البرلمان

ما يجري في الخمس، لم يغفل عنه خصوم حكومة عبدالحميد الدبيبة في الشرق الليبي، خصوصاً البرلمان، الذي اتخذ إجراءات لدعم مطالب سكانها، وعرقلة خطط حكومة الوحدة الخاصة بتوسعة القاعدة العسكرية على حساب الميناء التجاري.

رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أرسل إلى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، النص الخاص بإلغاء قرار المدعي العام العسكري بضم ميناء الخمس التجاري للقاعدة البحرية في جلسته يوم الاثنين 7 أغسطس (آب) الجاري في مدينة بنغازي.

وقال صالح في رسالته التي وجهها إلى المنفي إن "مجلس النواب ناقش تحت بند ما يستجد من أعمال الاحتجاجات القائمة في مدينة الخمس على خلفية ضم الميناء التجاري للقاعدة البحرية بقرار من المدعي العام العسكري، وبناء على ما خلصت إليه الجلسة، صار لزاماً إخطاركم بقرار المجلس لاتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها وضعه موضع التنفيذ".

استراتيجية البقاء

وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها وسائل إعلام تركية مقربة من الحزب الحاكم عن خطط أنقرة لإقامة قواعد عسكرية في ليبيا، حيث كانت صحيفة "يني شفق" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أول من أشعل هذا الجدل عقب توقف حرب العاصمة الليبية بين قوات الجيش بقيادة خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق عام 2020.

الصحيفة التركية كشفت حينئذ عن خطط تركية لإقامة قاعدتين عسكريتين في ليبيا، الأولى جوية في قاعدة "الوطية" جنوب غربي العاصمة طرابلس، وهي قاعدة فعلياً تشغلها وتديرها قوات تركية حالياً، والثانية بحرية قرب مدينة مصراتة.

 

 

واستغلت تركيا الصراع العسكري بين حكومتي عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا العام الماضي، لتعزيز علاقتها مع حكومة الوحدة ونفوذها في طرابلس حيث لعبت طائراتها المسيرة دوراً بارزاً في منع دخول قوات موالية للحكومة المكلفة من البرلمان الليبي إلى العاصمة، بحسب تصريحات من باشاغا نفسه وقادته العسكريين.

وبعد حسم المعارك لمصلحة قوات الدبيبة عززت تركيا اتفاقياتها العسكرية والاقتصادية القديمة مع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج عام 2019، التي وقعت في ظروف مشابهة، باتفاقيات جديدة مع حكومة الوحدة، نالت بموجبها حقوق التنقيب عن الطاقة في المياه الإقليمية الليبية، وهو ما يراه الإعلامي الليبي عمر الجروشي مرتبطاً برغبتها في إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في ليبيا.

رغبة استراتيجية

ويرى الجروشي أن "تركيا تسعى لجعل وجودها في ليبيا استراتيجياً، حيث يمنح أنقرة موقعاً متفوقاً في مواجهة الدول الأوروبية، ويعزز كذلك من موقعها في الصراع مع جارتها اليونان".

وتابع الجروشي القول "مع وجود قاعدتين في ليبيا سيكون لدى تركيا الحظ الأوفر في استخراج النفط، ويجعل وجود السفن الحربية التركية ضرورياً للحفاظ على سلامة أنشطة التنقيب من أي تهديدات محتملة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات