Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطة الفلسطينية تواجه الانهيار... مليار ونصف دولار مصاريف شهرية

تدفع 50 في المئة من قيمة رواتب موظفيها كأحد أساليب التقشف

تبلغ موازنة السلطة الفلسطينية سنوياً أكثر من 4 مليارات دولار أميركي (اندبندنت عربية)

تعصف بالسلطة الوطنية الفلسطينية أزمة مالية كبيرة، تجعلها تراوغ بين البقاء والانهيار الكامل. وبدأت ملامح الضائقة الاقتصادية تظهر بشكل واضحٍ بعدما اقتطعت إسرائيل نحو 28 مليون دولار أميركي من أموال المقاصة التي تجبيها نيابة عن الفلسطينيين، عن السلع والخدمات الصادرة والواردة من فلسطين وإليها، عبر الحدود الدولية. وأصبحت السلطة الفلسطينية عاجزة عن دفع مستحقات موظفيها في الضفة الغربية وقطاع غزّة. وفي المقابل، حذرت الأمم المتحدة من إمكان تعرض السلطة للانهيار الكامل نتيجة عجزها الاقتصادي.

إيرادات 

تبلغ قيمة موازنة السلطة الفلسطينية السنوية حوالي 4 مليارات دولار أميركي، تعمل على توفيرها من الإيرادات التي تستقبلها من أموال المقاصة (الجمارك والضرائب) وتشكل نحو 70 في المئة من إيرادات السلطة، بقيمة شهرية تصل إلى 180 مليون دولار، بحسب ما قاله وزير التخطيط السابق سمير عبد الله. 

يضيف عبد الله: "الجزء الثاني من إيرادات السلطة هو من الرسوم والجمارك والضرائب وملحقاتها من الجباية المحلية التي تجمعها وزارة المالية، ويقدر بحوالي 75 مليون دولار، ويشكل نسبة 30 في المئة من الموازنة". 

وفي العام 2018 قُدّر إجمالي إيرادات السلطة بنحو 3 مليارات دولار أميركي، في فجوة عجز فاقت 700 مليون دولار، ما بين النفقات والإيرادات التي تحتاج إليها السلطة الفلسطينية بشكل سنوي، وفق عبد الله.

العجز 

تتلقى السلطة الفلسطينية دعماً لموازنتها، من الدول العربية التي تقدم لها حوالي 50 في المئة، من القيمة الإجمالية، والدول المانحة التي تعمل على دعم الموازنة والنشاط التطويري في فلسطين، والإيرادات الداخلية. 

ويوضح عبد الله أنّ العجز بدأ يظهر في موازنة السلطة في العام 2000، بعدما أوقف الاستثمار الفلسطيني في الخارج، واستمر العجز حتى حكومة سلام فياض التي سعت إلى ترشيد النفقات. 

ويُرجع عبد الله سبب بداية العجز في موازنة السلطة إلى انخفاض الإيرادات وزيادة النفقات، فضلاً عن زيادة أعداد التوظيف ومصاريف الحاجات الإنسانية، بسبب خصوصية الحالة الفلسطينية. 

يبلغ العجز لدى السلطة، بحسب عبد الله، أكثر من 650 مليون دولار أميركي، في الموازنة الجارية للعام 2019، وتشكل ذلك الرقم بسبب قصور المانحين، وانسحاب جزء منهم، وعدم التزام الآخرين مواعيد الدفع، فيما تبقى الموازنة التطويرية للسلطة حسب ما يأتي من المانحين والمقدرة بحوالي 160 مليون دولار، وتنفق بصورة مباشرة من المانح ولا تدخل في ميزانية السلطة. 

ومن الدول التي أوقفت دعمها للسلطة، الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تدفع نحو 500 مليون دولار، لسداد بعض ديون السلطة وبعض نفقات الأجهزة الأمنية، فضلاً عن تراجع عدد من الدول بعد الانقسام الفلسطيني عن دعم السلطة. 

ويلفت عبد الله إلى أن الدعم العربي بدأ يتناقص منذ العام 2008، إذ استقبلت السلطة وقتها نحو مليار و800 مليون دولار، وفي العام 2010 تراجع إلى مليار و10 ملايين دولار، وفي العام 2011 وصل إلى قرابة مليار.

وبيّن أنّ إسرائيل تمارس قرصنة خفية على أموال مقاصة السلطة، من خلال اقتطاع عشرات الملايين لمصلحة شركات التأمين الإسرائيلية، بذريعة تعويضها عن أضرار تعرضت لها من أعمال عنف فلسطينية حسب الادعاء، ومن دون تقديم كشوفات رسمية.

اشتداد الأزمة 

يظهر عبد الله أنّ أزمة السلطة المالية زادت بعد رفضها استلام جزء من أموال المقاصة للشهر الثالث على التوالي، وبعد اتخاذ إسرائيل قراراً بخصم الأموال التي تدفع لأسر القتلى والمعتقلين الفلسطينيين، وكانت قيمة الاقتطاع نحو 42 مليون دولار، أي نحو 70 في المئة من ميزانية فلسطين. 

ويعتبر عبد الله أن قرار رفض استلام أموال المقاصة المقطوعة خاطئ، لأنّ ذلك ينتج أزمة مالية، ويجعل السلطة غير قادرة على دفع رواتب موظفيها وسداد الالتزامات التي تقع عليها. 

وفي الواقع، تدفع السلطة الفلسطينية 50 في المئة من قيمة رواتب موظفيها التي تزيد رواتبهم عن 500 دولار، في الضفة الغربية وقطاع غزّة، كأحد أساليب التقشف المالي بعد اقتطاع أموال المقاصة. 

ولفت عبد الله إلى أنّ رفض استلام أموال المقاصة يؤثر في الحكومة، لأنّها تدفع نصف الراتب، وبالتالي لن يستطيع الموظف الشراء من السوق، وستتأثر نسبة الجباية للحكومة.

ديون السلطة

تقدر قيمة ديون السلطة الفلسطينية، بحسب عبد الله، بحوالي 8.6 مليار دولار أميركي، 45 في المئة منها ديون خارجية، تقدر بحوالي مليار و200 مليون دولار، لمصلحة البنك الدولي، وبنك الاستثمار الأوروبي والصناديق العربية.

و55 في المئة تعدّ ديوناً داخلية، من المصارف وتقدر بحوالي مليار و400 مليون دولار، ومتأخرات صندوق التقاعد، ومتأخرات للقطاع الخاص الذي يزوّد الحكومة بالمشتريات، ومتأخرات الأجور والرواتب للموظفين.

وتدفع السلطة الفلسطينية لإسرائيل، ملياراً و200 مليون دولار لفاتورة الكهرباء الإسرائيلية، ومشتقات البترول. ووفق عبد الله هذه الفاتورة كبيرة جداً، وتشكل ثلث إيرادات السلطة، بينما تدفع السلطة للمستشفيات الإسرائيلية 70 مليون دولار شهرياً، وكذلك هناك ديون للمستشفيات العربية في مصر والأردن.

مصاريف غزة

يوضح عبد الله أنّ السلطة تصرف 40 في المئة من موازنتها لقطاع غزّة، وهي تحولت إلى عبء كبير، بسبب وقف الجباية منها، وتقدر قيمة مصاريف غزّة السنوية بنحو 2 مليار دولار أميركي، توزع على نحو 77 ألف موظف مدني وعسكري، وفاتورة الماء والكهرباء، والتحويلات الطبية والشؤون الاجتماعية التي يستفيد منها نحو 80 ألف أسرة.

وتفرض السلطة خصومات على رواتب موظفيها في قطاع غزّة منذ سنتين. وقد أثّر ذلك إيجاباً قليلاً في موازنة السلطة، ولكن هذه الخصومات تُعدّ ديوناً على الحكومة، ولا بد من سدادها. ما يعني البقاء في الأزمة ذاتها.

الانهيار 

ويؤكّد عبد الله أنّ السلطة الفلسطينية معرّضة للانهيار الكامل نتيجة مشكلة خصم أموال المقاصة، وتزايد متطلباتها ومصاريفها، متوقعاً أنّ يكون ذلك خلال أشهر قليلة إذا لم تلتزم شبكة الأمان العربية بتقديم 100 مليون دولار لميزانية السلطة. 

وتحتاج السطلة شهرياً، وفق عبد الله، إلى مليار و50 مليون دولار، منها 127 مليوناً رواتب الموظفين، ونحو 120 مليوناً مستهلكات ومصاريف وزارات، وأكثر من 26 مليوناً للمستشفيات الإسرائيلية والانفاق التطويري.

موازنة منظمة التحرير 

ويلفت عبد الله إلى أنّ لا موازنة لمنظمة التحرير، بل هي تصرف من ميزانية السلطة الفلسطينية. وهذا يشكل كاهلاً على قيمة الموازنة، على الرغم من تقلص أجهزتها وتحولها إلى داخل السلطة، إلا أنّها تستهلك قيمة كبيرة من الميزانية.

وأظهر أنّ الحل لإنقاذ السلطة، يتمثل في إلزام إسرائيل الإفراج عن أموال المقاصة، والالتزام بدفع 100 مليون دولار من شبكة الأمان العربية، وإعادة دفع الدول العربية ما هو مترتب عليها.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي