Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عكا مهددة بمخطط لتهجير سكانها العرب

على مدار سنوات طويلة، حاولت الحكومة الإسرائيلية بالتعاون مع جمعياتها الصهيونية ومؤسّساتها اليمينية، تنفيذ مخططات تهويد في مدينة عكا القديمة

على مدار عشرات السنوات تصدّت عكا للمخططات الإسرائيلية بتفريغها من سكانها الفلسطينيين الأصليين (المدار)

من يقفْ على قمة أسوار عكا التاريخية، التي صدّت نابليون بونابرت إبان الحملة الفرنسية، يدركْ كم أن هذه المدينة شامخة وصامدة. لكن هذه المدينة التي تصدّت، على مدار عشرات السنوات، للمخططات الإسرائيلية بتفريغها من سكانها الفلسطينيين الأصليين، تقف اليوم، من جديد، أمام مخطط يعتبر الأكثر خطورة على سكانها، من فلسطينيي 48، بسعيه إلى تهجيرهم منها.

"هذه المرة سيكون ردنا على المخطط الجديد حاسماً، وستعلم المؤسسة الإسرائيلية أننا لن نقبل أي مساومة، وسيكون الرد هو البقاء والصمود وعدم ترك المدينة للمستوطنين اليهود، الذين يحلمون بالسيطرة عليها وعلى بيوتها وما تملكه كل زاوية فيها من تراث وتاريخ يبقيها أكثر المدن حفاظاً على آثارها وتراثها ووجودها الفلسطيني"، يقول أحمد عودة، العضو السابق في بلدية عكا. ويؤكد أن "الاحتجاجات والنشاطات الشعبية لصدّ هذا المخطط في تصاعد مستمر. كما أن التصدّي سيكون مفاجئاً لمعدّي هذا المخطط".

على مدار سنوات طويلة، حاولت الحكومة الإسرائيلية بالتعاون مع جمعياتها الصهيونية ومؤسساتها اليمينية، تنفيذ مخططات تهويد في مدينة عكا القديمة، وبالتالي تضييق الخناق على سكانها الفلسطينيين لإجبارهم على مغادرتها، حتى وصلت إلى مخططها الأخير، الذي أقرّته بعنوان "إقامة مدينة عربية". هذه المدينة، وفق المخطّط، ستضمّ آلاف الوحدات السكنية لإسكان حوالي 70 ألف عربي على مساحة 5 آلاف دونم، على أراضي قرية الطنطور المهجّرة. وتمهيداً لتنفيذها، ستصادر مساحات شاسعة من أراضي سكان بلدتي جديدة – المكر القريبتين من عكا والمحاذيتين للطنطور.

المخطّط وُوجِهَ بمعارضة شديدة، لكن المؤسسة الإسرائيلية ماضية في تنفيذه، ما دفع سكان عكا وجديدة – المكر وقيادة فلسطينيي 48 إلى الخروج بحملة شعبية معارضة، على مختلف الصعد، خصوصاً التظاهرات الاحتجاجية، التي تُنظم كل يوم سبت.

14 ألف عربي في عكا وظروف قاسية

يتجاوز عدد سكان عكا الـ 47 ألف نسمة، من بينهم 14 ألفاً من فلسطينيي 48. يعيش معظم هؤلاء في ظروف اجتماعية - اقتصادية قاسية. فنسبة البطالة بارتفاع مستمر ووضعية السكن قاسية والأوضاع الاجتماعية والتعليمية مزرية. وفي حين أقامت الحكومة الإسرائيلية المشاريع السكنية الحديثة والمتطوّرة لليهود، ترفض تنفيذ أي مشروع تطويري للسكان العرب في البلدة القديمة، في سياق سعيها إلى تهويدها. فعملت الشركة المعروفة باسم "عميدار"، التي عُينت مسؤولة عن البيوت، على تضييق الخناق على الفلسطينيين بفرضها الضرائب العالية، إلى حد لم يتمكن السكان من تسديدها. وبعد تراكم الديون عرضت عليهم إما بيع البيت أو التوجه إلى المحكمة. وفي الحالتين، يخرج الفلسطيني خاسراً، فلا قدرة مالية لديه للتوجه إلى المحكمة، وبالتالي تتضاعف قيمة الديون، التي تتحول إلى ذريعة للشركة للاستيلاء على البيت. هكذا، نجحت في الاستيلاء على عشرات البيوت وإخلاء سكانها منها.

في مواجهة المخطط الجديد، بدأ سكان جديدة - المكر التوقيع على اعتراضات قانونية ضد إقامة المخطط على أراضيهم. وتقول عضو الكنيست عايدة توما- سليمان، التي تسكن في عكا وشاركت في الاجتماع الذي أطلقت فيه حملة توقيع العرائض، إن "هذا المخطط الخطير هو بداية لسياسة تخطيطية شاملة تتنافى مع حقنا الأساس بالتطور الطبيعي، واستمرار لسياسات التهميش، وهو يهدف إلى تكريس بلداتنا كغيتوات مغلقة". وتضيف "يحول هذا المخطط دون توسيع مناطق النفوذ في المستقبل، وبالتالي حصرنا في بلدات مكتظة تفتقر إلى بنى تحتية متطورة ومرافق اجتماعية وخدماتيّة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحذّر توما من انعكاسات الوضع الذي يعيشه سكان المنطقة المستهدفة على جيل الشباب، قائلة إن "الضائقة السكنية التي تعانيها بلداتنا، ترغم الكثير من الأزواج الشابة والشباب على الخروج والسكن في بلدات مختلطة، الأمر الذي يقلق حكومة اليمين. وهذا المخطّط هو جزء من "الحلول" التي تحاول وزارة الإسكان توفيرها، على حساب أراضينا وتطوّرنا". وأشارت توما إلى أن "حكومات إسرائيل السابقة سلبت أراضي السكان العرب وصادرت الغالبية العظمى منها، واليوم تستمر حكومة بنيامين نتنياهو بهذه السياسة، وبدل أن تبني البلدات على الأراضي التي صادرتها، تشترط بناء بلدات جديدة على حساب أراضينا الخاصة".

يشار إلى أن خطة المدينة الجديدة تبلورت في السنوات الماضية من قبل مركز تخطيط برئاسة المهندس عيران مابل. وتمّ تبنيها من قبل ما تسمى "سلطة أراضي إسرائيل" ووزارة البناء والإسكان وإدارة التخطيط في وزارة الداخلية، بناءً على قرار حكومي. وبعد أن يُصادق المجلس الإقليمي على الخطة، ستضع لجنة تخطيط قطرية ملاحظات عليها. ولم يتضح بعد متى سيبدأ البناء فعلياً.

ثلاثة التماسات

قُدمت ثلاثة التماسات إلى المحاكم، وطالب أصحاب الأراضي باستعادة أراضيهم التي صُودرت، وذلك لعدم استغلالها. لكن الحكومة الإسرائيلية، التي بادرت إلى تعديل قانون الأراضي في الكنيست، نجحت في صدّ هذه الالتماسات. إذ إن القانون يقطع علاقة صاحب الأرض المُصادرة بأرضه، إذا مرّ أكثر من 25 عاماً على المصادرة، حتى لو أن السلطات لم تقم باستغلال هذه الأرض للهدف الذي صُودرت من أجله أو لأي هدف آخر.

ومع تكثيف نشاط الحكومة الإسرائيلية للبدء في تنفيذ بناء المدينة العربية، تتصاعد النشاطات الاحتجاجية، خصوصاً بعد تشكيل حراك شبابي يسهم في شكل فعال في تنظيم الأعمال الاحتجاجية. وستكون الخطوة المقبلة إقامة خيمة اعتصام في المكان، إلى حين التجاوب مع مطلب السكان وإلغاء المخطط الإسرائيلي.

المزيد من الشرق الأوسط