Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد 7 سنوات عجاف... سفينة احتياطي النقد الأجنبي المصري تصل بر الأمان

حقّق 45.50 مليار دولار في فبراير الماضي... بعد انهياره مطلع 2013 إلى 13.6 ملياراً

وصلت تحويلات المصريين في الخارج من الدولار في عام 2019 إلى نحو 26 مليار دولار (أ.ف.ب)

نحو سبع سنوات قطعتها سفينة احتياطي مصر من النقد الأجنبي لتعبر إلى بر الأمان، حيث وصل حجمه في فبراير (شباط) الماضي إلى 45.50 مليار دولار، وقبل هذه الرحلة الشاقة وتحديداً في يناير (كانون الثاني) عام 2013 تعرضت السفينة إلى موجات عاتية وفترات عصيبة، فقدت خلالها نحو 22.5 مليار دولار دفعة واحدة مقارنة بالاحتياطي النقدي في يناير 2010 عندما تخطى حاجز الـ36 مليار دولار.

الاحتياطي يبدأ النزيف في 2011

بدأ تسرب الاحتياطي من السفينة مع نهاية يناير 2011، وهي الفترة التي صاحبتها احتجاجات شعبية واسعة انطلقت يوم 25 من الشهر ذاته، وانتهت بعد 18 يوماً بإطاحة الرئيس الأسبق حسني مبارك، ليبدأ النزيف بخسارة مليار دولار تقريباً، مسجلاً نحو 35 مليار دولار في نهاية الشهر.

13.6 مليار دولار في يناير 2013

وفي يناير 2012 تعمَّق الثقب في السفينة لتفقد نحو 18.7 مليار دولار في 12 شهراً فقط، وينخفض الاحتياطي إلى 16.3 مليار دولار، وخلال 12 شهراً أخرى يفقد الاحتياطي 2.7 مليار دولار متراجعاً إلى 13.6 مليار دولار في يناير 2013، وهو الرصيد الذي يمثل أقل احتياطي من العملات الأجنبية في تاريخ مصر، حيث شهدت تلك الفترة احتجاجات واسعة مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم لمدة عام قبل أن يسقطها الشعب بعد مظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو (حزيران) عام 2013 انتهت بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي .

وبعد إزاحة الإخوان بدأ الاحتياطي المصري من العملات الأجنبية يتأرجح ارتفاعاً وانخفاضاً، حيث سجَّل 17.1 مليار دولار في يناير عام 2014، ثم فقد 1.7 مليار دولار بحلول يناير 2015 .

تأثير الاستقرار السياسي

ومع بدء تشكل ملامح الاستقرار السياسي بعد انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد، بدأ الاحتياطي الأجنبي يتدفق مجدداً على الخزائن المصرية، مسجلاً نحو 16.5 مليار دولار في يناير 2016 وفي ذلك الوقت قررت مصر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي تحصل بمقتضاه القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار موزع على 6 شرائح متساوية بقيمة ملياري دولار لكل شريحة.

وصاحب هذا الاتفاق تنفيذ إجراءات اقتصادية وُصفت بـ"الصعبة"، حيث اتخذ البنك المركزي المصري قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وهو ما يعرف إعلامياً بـ"التعويم"، لتبدأ القاهرة في جني نحو 10 مليارات دولار دفعة واحدة، وسجّل الاحتياطي النقدي الأجنبي نحو 26.4 مليار دولار ليرتفع بقيمة 12 مليار دولار في يناير 2018، مسجلاً 38.2 مليار دولار، ويُضاف في العام التالي 4.4 مليار دولار ليصل الاحتياطي إلى 42.6 مليار دولار في يناير 2019، وافتتح احتياطي العملات الأجنبية عام 2020 مسجلاً 45.45 مليار دولار، ثم حقق أفضل مستوى له في نهاية فبراير (شباط) الماضي، مسجلاً 45.50 مليار دولار.

الاحتياطي يرتفع بنسبة 230 في المئة

لكن منذ وصول الاحتياطي إلى أدنى مستوى في يناير 2013 عندما بلغ نحو 13.6 مليار دولار، وحتى ارتفاعه إلى 45.50 مليار دولار في فبراير (شباط) الماضي، فإن صافي الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، ارتفع بنحو 32 مليار دولار، ليسجل نسبة ارتفاع تقدر بأكثر من 230 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطلعت "اندبندنت عربية" آراء خبراء ومحللين لقراءة رحلة الاحتياطي النقدي المصري على مر السنوات السبع الماضية، من بينهم أحمد أبو السعد، رئيس الجمعية المصرية للمحللين الماليين وخبراء الاستثمار، الذي قال "لا شك أن هناك تحسناً كبيراً في موارد العملة الأجنبية، وبخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة بداية من عام 2017، والتحسن لا يقتصر على تحسن الموارد، بل إن الحكومة المصرية استطاعت تحجيم فاتورة الاستيراد السنوية".

وتابع "الموارد الرئيسة من العملات الأجنبية وبخاصة الدولار الأميركي، تحسنت من مصادر مثل الصادرات والسياحة إلى جانب استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية في أذون وسندات الخزانة، التي ارتفع رصيدها إلى نحو 24 مليار دولار في مطلع العام الحالي، علاوة على استقرار عائدات قناة السويس".

ولفت إلى أهمية الاستقرار السياسي والأوضاع المالية والاقتصادية للدولة في هذا الارتفاع، على الرغم من سداد مصر التزامات ومستحقات مالية وديوناً خارجية خلال العام الماضي.

ارتفاع الصادرات إلى 30 مليار دولار

وبخصوص الصادرات، كشف أبو السعد تحسُن قيمتها، حيث ارتفعت من 19 مليار دولار في عام 2016 قبل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى نحو 30 مليار دولار في نهاية عام 2019، لافتاً إلى أن الزيادة كانت بنسبٍ أكبر في العامين الأخيرين، مرجعاً ذلك إلى تعافي الصادرات البترولية بعد الاكتفاء من استيراد الغاز، وبدء التصدير في سبتمبر (أيلول) 2018  .

تحويلات المصريين العاملين بالخارج

من جانبها، أرجعت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في "هيرميس" ما يحدث من تنامي في قوة الجنيه إلى قرار تحرير سعر الصرف، وتوحيده بين السوقين الرسمية وغير الرسمية (السوداء)، وقالت "كان لهذا القرار مفعول السحر، حيث أجبر نحو 10 ملايين مصري يعملون في الخارج على تحويل مدخراتهم عبر قناة شرعية واحدة، خصوصاً أن أسواق الصرافة التي كانت تديرها جماعة الإخوان في مصر كانت تستفيد من وجود سعرين في التكالب على تحويلات المصريين بالخارج ودفع سعر أكبر من السعر الرسمي للدولار".

وتابعت "الإيرادات السياحية أيضاً شهدت طفرة كبيرة حققت في 2019 نحو 13.5 مليار دولار"، متوقعة أن ترتفع  إلى 16 مليار دولار في نهاية العام الحالي الذي سيشهد افتتاح المتحف المصري الكبير، إلى جانب انتعاش السياحة وبخاصة بعد عودة رحلات الطيران البريطانية إلى منتجع شرم الشيخ، وكذا عودة السياحة الروسية" .

ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، قفزت تحويلات المصريين في الخارج بزيادة نحو 19 مليار دولار خلال 11 عاماً، حيث ارتفعت القيمة من 7.15 مليار دولار في عام 2009 إلى نحو 14.3 مليار دولار خلال عام 2011، وتواصل الارتفاع إلى 19.2 مليار دولار في 2012، فيما تراجعت القيمة خلال 2013 إلى 17.8 مليار دولار وعاودت الارتفاع إلى 19.5 مليار دولار في عام 2014.

وخلال عام 2015 سجلت تحويلات المصريين بالخارج 18.3 مليار دولار و18.6 مليارا في عام 2016، ويعد قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أحد أهم قرارات السياسة النقدية للتعزيز من قيمة تحويلات الخارج عبر القنوات الشرعية والبنوك بعد القضاء على السوق السوداء للدولار، وارتفعت التحويلات بما يزيد على 6 مليارات دولار لتسجل 24.7 مليار دولار خلال عام 2017 ووصل إلى نحو 25.5 مليار دولار خلال عام 2018، بينما وصلت في عام 2019 إلى نحو 26 مليار دولار.

32 مليار دولار قيمة القروض والودائع

فيما قال مصدر مسؤول بالبنك المركزي المصري، إنه "خلال الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011 حصلت القاهرة على عدد من الودائع والقروض علاوة على الاقتراض عبر طرح سندات بالدولار الأميركي أو اليورو"، موضحاً أن القاهرة حصلت على 5 ودائع من السعودية وحدها قيمتها الإجمالية 8 مليارات دولار، خلال الفترة من مايو (أيار) 2012 إلى يونيو (حزيران) 2017، وكان من المقرر سداد جزء منها قيمته 5.2 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 قبل أن يوقع البنك المركزي المصري اتفاقيات تجديد الودائع السعودية، وذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي بواشنطن .

وأضاف "حصلت مصر أيضاً على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة إجمالية 12 مليار دولار، وقروض أخرى من مؤسسات تمويل دولية، علاوة على طرح نحو 12 مليار دولار سندات مقوّمة بالدولار وأخرى باليورو في الفترة من 2017 وحتى 2020 "، مشيراً إلى أن مصر في المقابل نجحت في سداد ديون خارجية بقيمة 36.71 مليار دولار في الفترة من يونيو 2013 وحتى مارس (آذار) 2019.

استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية

وكشف أحمد كجوك، نائب وزير المالية المصري "ارتفاع رصيد استثمارات صناديق الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة  في أدوات الدين الحكومية بقيمة 24 مليار دولار حتى يناير الماضي، مقارنة بنحو 16 مليار دولار في يناير 2019.

وتتكون العملات الأجنبية في الاحتياطي الأجنبي المصري من سلة من العملات الدولية الرئيسة، هي الدولار الأميركي واليورو، والجنيه الإسترليني، والين الياباني، واليوان الصيني، وهي نسبة تتوزع حيازات مصر منها على أساس أسعار صرف تلك العملات ومدى استقرارها في الأسواق الدولية، وتتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسؤولي البنك المركزي المصري.

والوظيفة الأساسية للاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هي توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية في الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات، إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين في الخارج واستثمارات الأجانب في أدوات الدين، تسهم في دعم الاحتياطي في بعض الشهور.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد