Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالة غسان سلامة تزيد المشهد الليبي تعقيدا

تباينت الآراء حول قراره الذي كان متوقعاً في الأيام الماضية

استقالة غسان سلامة تركت باب التكهنات للسيناريوهات المقبلة مفتوحاً على مصراعيه (أ.ف.ب)

أعلن غسان سلامة (لبناني) استقالته من منصبه مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، تاركاً خلفه مشهداً معقداً وصورة ضبابية للأزمة الليبية، وتاركاً أيضاً باب التكهنات للسيناريوهات المقبلة مفتوحاً على مصراعيه.

وكان سلامة، أعلن استقالته الاثنين، الثاني من مارس (آذار)، في تغريدة على موقع "تويتر" قال فيها "سعيت لعامين ونيف للمّ شمل الليبيين وكبح تدخل الخارج وصون وحدة البلاد. وعليّ اليوم، وقد عُقدت قمة برلين، وصدر القرار 2510، وانطلقت المسارات الثلاثة على الرغم من تردّد البعض، أن أقرّ بأن صحتي لم تعد تسمح بهذه الوتيرة من الإجهاد".

وقال المتحدث باسم الأمانة العامة للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "قبل استقالة رئيس البعثة الأممية في ليبيا غسان سلامة"، مؤكداً أن "غوتيريش يحترم قرار سلامة وسيناقش معه كيفية الانتقال السلس في البعثة بعد ترك منصبه". وأشار إلى أن "تركيزنا الآن على ألاّ تقود مغادرة سلامة إلى نكسة لجهود السلام".

تباين الآراء

وتباينت الآراء في ليبيا حول قرار سلامة الذي كان متوقعاً في الأيام الماضية، على خلفية النقد اللاذع الذي وُجّه إلى بعثته من كل الأطراف في الأزمة الليبية من دون استثناء. واعتبر البعض أن استقالته ستعمّق الأزمة وتعزّز فرص الاحتكام للخيار العسكري لإنهاء الصراع، بينما رأى آخرون أن سلامة هو من أسهم في تفاقم الأزمة وأن رحيله جاء في الوقت المناسب تماماً.

وفي أول ردّ من حكومة الوفاق على الاستقالة، قال وزير الداخلية فتحي باشا آغا إن "استقالة سلامة من مهامه، ستصعّب الأمور في ليبيا"، مشيراً إلى أنه "من الصعب أن يقبل مبعوث أممي آخر العمل في البلاد بعده. وعبّر باشا آغا، عبر حساباته على مواقع التواصل "عن أسفه لاستقالة سلامة في هذا التوقيت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، عارض عضو مجلس الدولة الاستشاري عبد الرحمن الشاطر فتحي باشا آغا، بشأن استقالة سلامة، قائلاً "استقالته لن تصعّب الأمور كما يرى البعض، فهو صعّبها واستمراره يزيد تصعيبها"، معتبراً أن استقالته "تجعل أمر حسم الأزمة ليبياً بالقوة أو بالمصالحة". وتابع "تحييد بعثة سلامة يلقي المسؤولية على عاتق حكومة الوفاق، للتصرف وليس انتظار من يقول لها كيف تتصرف".

وعلّقت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق على الاستقالة، قائلةً إنها "تقدّر جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة والأمين العام، وما تحاول البعثة فعله بغية وقف إطلاق النار"، وآملةً أن تسهم هذه الجهود "في وقف الأطراف الخارجية عن دعم محاولة زعزعة الأمن والاستقرار في ليبيا".

قرار شجاع

وفي الوقت الذي لم يصدر أي تصريح رسمي من الجيش والبرلمان في شرق ليبيا حول استقالة سلامة، وجّه رئيس مجلس أمناء مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة عارف النايض، المقرب من الجيش والمرشح لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية التي تقترحها، الشكر للمبعوث الأممي، على موقفه الشجاع بالاستقالة، وعلى جهوده من أجل ليبيا، قائلًا "أرجو أن يكون قدوة في الاستقالة لفايز السراج، الذي يحكمنا باسم الدولة المدنية منذ أكثر من أربع سنوات من دون انتخاب ولا ثقة برلمانية".

وأكد النايض أن "التطبيق الحقيقي والسليم لمقررات برلين، هو عبر الملتقيات المجتمعية السياسية الليبية الخالصة، وآخرها ملتقى بني وليد وملتقى ترهونة"، مشدّداً على أنها "يجب أن تستمر حتى تصل إلى ميثاق وطني يصالح بين كل الليبيين ويجمعهم على عقد اجتماعي جديد يتجاوز كل التركات والانسدادات الحالية ". وتابع "التطبيق الحقيقي والسليم لمقررات برلين، هو إعادة هيكلة الصراع الحالي وتحويله إلى صراع يوحّد كل الليبيين المدافعين عن الدولة الوطنية المدنية، ضد عدو واحد فقط هو الإرهاب وكل داعميه".

هل فشل سلامة؟

وبينما قيّم مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي مهمة المبعوث الأممي إلى ليبيا بأنها "فشلت وسيفشل من سيأتي بعده"، معتبراً أن "مشكلة سلامة ومن سبقه من الممثلين الخاصين للأمين العام، أنهم لم يصلوا إلى ممثلين حقيقيين للشعب الليبي، واكتفوا بالتعامل مع متصدري المشهد السياسي، الذين أتت بهم الصدفة، وليسوا على استعداد للتخلي عن امتيازاتهم التي ما كانوا ليحلموا بها"، حسب قوله.

من جهته، اعتبر العضو السابق في لجنة الحوار السياسي في "اتفاق الصخيرات" فضيل الأمين أن "إهانة المبعوث الأممي سلامة، من البعض، يُعدُّ سلوكاً مخجلاً"، مضيفاً "مخجل هذا السلوك والخلق الذي لا يمتّ لقيمنا ولا لتربيتنا التي نعرفها من آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا جيلاً بعد جيل. تعلّمنا أن نقول لكل من يساعدنا ولو بكلمة طيبة شكراً. مشكلتنا ليست سلامة، مشكلتنا نحن".

من يخلف سلامة؟

وفور إعلان سلامة استقالته، طرحت مصادر صحافية ليبية عدداً من الأسماء، التي قالت إنها مرشحة لخلافته في المهمة الصعبة، على رأسها السوداني يعقوب الحلو، الذي يشغل مناصب نائب الممثل الخاص للأمين العام ونائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية.

واعتبر الباحث الليبي كامل عبد الله في تصريحات صحافية أن "مسألة خلافة سلامة قد تجدّد الخلاف الدولي القائم حول ليبيا منذ سنوات، والذي حوّل البلاد إلى مختبر كبير للسياسات الدولية"، مضيفاً "لا ننسى أنّ تعيين سلامة في منصبه جاء بعد خلافات واحتجاجات، وكان مرشحاً لهذا المنصب الفلسطيني سلام فياض، الذي عارضت الولايات المتحدة تعيينه".

وحول حصيلة العامين اللّذين قضاهما في منصبه، اعتبر الصحافي الليبي فاتح الخشمي "أن سلامة حاول جاهداً منذ توليه مهامه في البلاد إيجاد حل سلمي للأزمة، لكن كل المحاولات التي خاضها باءت بالفشل". وأرجع الخشمي سبب هذا الفشل إلى "عدم قدرة سلامة على تشخيص الحالة الليبية المعقدة بشكل دقيق، على الرغم من التفاؤل الذي صاحب استلامه لمهامه، في تحقيق توافق بين فرقاء ليبيا، لتمتّعه بخصائص مناسبة، متعلقة بعامل اللغة وتفهمه للشخصية العربية".

وشدّد في حديث لـ "اندبندنت عربية" على ضرورة أن "تتدارك الأمم المتحدة هذا الموقف المفاجئ باستقالة سلامة، وتعيّن ممثلاً جديداً لها في ليبيا، للحفاظ على ما تم تحقيقه خلال السنوات الماضية، قبل أن تتأزّم الأمور وتنفلت وتعود إلى نقطة الصفر". وكان سلامة، المبعوث الخاص السادس للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا بعد الأردني عبد الإله الخطيب والبريطاني إيان مارتن واللبناني طارق متر، والإسباني برنادينو ليون والألماني مارتن كوبلر.

ولطالما أثارت أعمال المبعوثين الخاصين إلى ليبيا الجدل داخلها، ويُعتبر اتفاق الصخيرات عام 2015 في فترة ليون، ومؤتمر برلين حول ليبيا الذي نجح في عقده سلامة في يناير (كانون الثاني) الماضي بحضور دولي كبير، أبرز المحطات في عمل البعثات الدولية المتتالية إلى ليبيا، من دون نجاحها في إنهاء الأزمة المستمرة منذ تسع سنوات بشكل جذري ونهائي .

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي