Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جزائريون يفضلون اقتناء سيارة على الزواج

يعود السبب الأول في ذلك إلى ضعف المواصلات في البلاد

معرض للسيارات في الجزائر (غيتي)

يُرتّب الشباب الجزائري أولوياته الاجتماعية، فيرى مهووسو المركبات أن "لا طعم لحياة من دون أربع عجلات تُطلق غبار القوة من خلفها وتُقلع نحو مغامرة الاستكشاف، والطيش الذي لا حديث عن الشغف من دونه".

ارتبطت حمّى السيارات في الجزائر بالجيل الجديد، الذي كبر وسط ارتفاع ملموس لأسعارها. شباب كرّس جهده وماله خدمة لطموحه في امتلاك "المركبة المريحة".

يقول أحمد (32 سنة) إنه "جمع عرق 5 سنوات من العمل ووضعها في سيارة"، مضيفاً "كنتُ بين خيارَيْ الزواج ومصاريفه، أو السيارة، فأغوتني الأخيرة أكثر".

يشعر من لا يملك سيارة في الجزائر بالنقص، نظراً إلى أهميتها في الحياة اليومية، فهي لم تعد مصنفة ضمن الكماليات وإنما الضروريات الأساسية، كما يعتقد محمد رمزي "لا قيمة للإنسان من دون سيارة، فهي التي تنقلك من وضع اجتماعي إلى آخر، يضعك في منطقة الراحة".

استعراض

وكمثال على ذلك، تشهد شوارع عدّة في العاصمة، استعراض بعض الشباب سياراتهم الفخمة على طول الطرق المزدحمة بالحركة، للفت انتباه المارة إليها.

وتعدّى ارتباط الجزائريين بالسيارات إلى درجة إصدار أغاني، منها أغنية "إيبيزا" التي عرفت رواجاً كبيراً، وتقول كلماتها "وعلى مسعودة... لافاك مهودة... عندها إيبيزا وأنا À Pied" (مسعودة، ذاهبة إلى الكلية وهي تقود سيارة من نوع إيبيزا، في الوقت الذي أقطع أنا المسافة سيراً على الأقدام).

تحاول الأغنية إبراز تعلّق الفتيات في الجزائر بمن يملك السيارة، و"إيبيزا" هي نوع من علامات المركبات التي تُصنّعها شركة فولسفاغن الألمانية، التي يسعى كثيرون إلى امتلاكها، ويرتبط اسمها بجزيرة إسبانية شهيرة.

هوس

في السياق ذاته، يصف الأستاذ في علم الاجتماع الدكتور نور الدين بكيس، "هوس" الجزائريين بالسيارة بـ"الحالة الاجتماعية" التي يعود سببها الأول إلى ضعف المواصلات في البلاد، وعدم احترامها المعايير المطلوبة بالشكل الكافي، مشيراً إلى أن هذا السبب يضع العائلات أمام حتمية اقتناء السيارة بشكل يضمن للأفراد التنقل بشكل مريح، خصوصاً في ظل انتشار الكلام الفاحش في الشوارع.

ويرى بكيس في حديث لـ "اندبندنت عربية" أن السيارة باتت هي المظهر المادي والوسيلة الوحيدة لإظهار الرفاهية في المجتمع، لسهولة اكتسابها مقارنة بامتلاك قطعة أرض أو شقة، قد تبدو صعبة المنال في الجزائر نظراً الى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

في المقابل، يقول أستاذ علم الاجتماع إن المركبة باتت آلية من الترقية الاجتماعية وشكل من أشكال المخاطبة، موضحاً "من لا يملك السيارة قد يُنظر إليه على أنه ضعيف الدخل، وبالتالي غير قادر على الزواج في حال كان أعزباً".

ويضيف أن هذا الهوس لم يعد يقتصر على الرجال فقط، إنما تعدّاه ليطال الفتيات وكأنه شكل من أشكال الاستقلالية عن الأهل، مبرزاً أنه جعل من السيارة شيئاً أكثر من أساسي في الحياة اليومية.

وبناء على هذا المعطى، تشهد مدارس تعلم القيادة النسوية انتشاراً كبيراً ويرجع ذلك الى بروز اهتمام المرأة بالحصول على الرخصة ومنافسة الرجل على مقود السيارة.

ويقدّر عدد السيارات في الجزائر بأكثر من 6.4 مليون مركبة تحمل أكثر من ربعها ترقيم ولاية الجزائر العاصمة، بحسب أرقام الديوان الوطني للإحصاءات.

فساد

واستشعرت ماركات عالمية عدّة وبينها رينو الفرنسية، وهيونداي الكورية، وفولكسفاغن الألمانية وغيرها، شغف الجزائريين بالمركبات، ما دفعهم إلى الاستثمار في مجال السيارات بالجزائر، وهي التجربة التي لم تنجح وكانت وسيلة للنهب والفساد من طرف الوكلاء في الجزائر في عهد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة.

وفي حين صرّحت الحكومات السابقة بأنها تعوّل على مجال التركيب كبديل لقرارها بوقف استيراد السيارات ضمن سياسة ترشيد النفقات عقب تراجع المداخيل بعد انهيار أسعار النفط، تفاجأ الجزائريون بعد انطلاق حراك 22 فبراير وسقوط رجال بوتفليقة ومحاسبتهم بأن المشروع "وهمي" ويُواجه فيه وزراء ورجال أعمال حالياً مصيراً بالسجن سنوات طويلة.

وقبل فترة، علّقت شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات مؤقتاً العمل بمصنعها في الجزائر بسبب تحقيقات في ملفات فساد، التي تجري أيضاً ضد رئيس مجلس إدارة سوفاك، مراد عولمي.

المزيد من منوعات