Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ذعر كورونا"... "شبح" الفيروس في مختبر "الإشاعات" المصرية

اتهامات بـ"حجب المعلومات"... والسلطات تعلن عن ثاني إصابة مؤكدة وتعزلها صحياً... والصحة العالمية: الإشاعات ترهق النظام الصحي

 

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع وزيرة الصحة هالة زايد في مؤتمر صحافي (أ.ف.ب)

بقدر حالة الهلع التي تضرب العديد من دول العالم جراء فيروس كورونا المستجد، والذي أودى بحياة أكثر من 3 آلاف شخص حتى الآن، تزداد الأجواء في مصر سخونة على المستويين الرسمي والشعبي، ليس فقط بشأن الاستعدادات والتأهب لمجابهة الوباء، بل وأيضا مدفوعة بسيل "الإشاعات" المتواصل، وفق التوصيف الحكومي، المتعلق بحجم وعدد المصابين في البلاد.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه السلطات الرسمية على "شفافيتها الكاملة" وتعاونها المطلق مع منظمة الصحة العالمية، في التعاطي مع تطورات الوباء، معلنة في أحدث بيانات وزارة الصحة عن اكتشاف حالة إصابة جديدة هي الثانية لشخص أجنبي دخل البلاد، تعجّ مواقع التواصل والأحاديث الجانبية في الشوارع المصرية بأرقام مغايرة تتناول "تقديرات لعدد مختلف من المصابين وظهور الوباء في أماكن مختلفة"، لا سيما مع إعلان بعض الدول، وعلى رأسها فرنسا وتايوان وكندا وحتى الصين موطن الفيروس، عن اكتشاف حالات إيجابية مصابة بكورونا إبان عودتهم من مصر.

وبين "الشفافية الحكومية" و"الإشاعات الإلكترونية"، تقول منظمة الصحة العالمية، وفرعها الإقليمي بالقاهرة، إن "هناك تعاوناً وثيقاً ومتواصلاً مع السلطات المصرية حول تطورات المرض، ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما الإقليمي والعالمي أيضا"، وفق حديث لجون جابور، ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر في حديث مقتضب لـ"اندبندنت عربية"، معتبراً أن "الإشاعات تبقى أخطر من المرض نفسه لإرهاقها النظام الصحي"، على حد وصفه.

ومنذ بداية ظهوره في مقاطعة هوبي الصينية، في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصيب نحو 90 ألف شخص في أكثر من 60 بلداً بالفيروس، بينما توفيّ أكثر من 3000 شخص، في وقت تعمل الحكومات جاهدة لمنع تحوّله إلى وباء عالمي.

إصابة ثانية في مصر

بعد تردد أنباء في تقارير محلية عن اكتشاف حالتين جديدتين منتصف يوم أمس الأحد بمصر، أعلنت وزارة الصحة المصرية ومنظمة الصحة العالمية، في بيان مشترك في وقت متأخر من مساء الأحد، اكتشاف إصابة ثانية لشخص أجنبي في مصر بفيروس كورونا المستجد، موضحة أن الحالة (لم تكشف عن جنسيتها) نقلت إلى مستشفى لعزلها وأنها تتلقى حاليا العلاج اللازم.

ووفق البيان المشترك، فإن الحالة المكتشفة أمس، هي ثاني إصابة بالفيروس داخل البلاد، وذلك بعد أن تلقت الحالة الأولى العلاج وتعافت، مشدداً على أن السلطات المصرية تتخذ إجراءات وقائية صارمة تجاه الأشخاص المخالطين للمريض.

وبحسب خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، فإن "اكتشاف حالة لشخص أجنبي جاءت نتائج الفحوصات إيجابية لجهة إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وأنه وفور الاشتباه في الحالة والتأكد من النتائج المعملية، تم إحالته إلى مستشفى العزل، وهو يتلقى الآن الرعاية الطبية اللازمة".

وتحيل السلطات المصرية المشتبه بهم بالإصابة بالفيروس، إلى الحجر الصحي في مرسى مطروح (شمال غرب البلاد)، وهو ما تم مع أكثر من 300 شخص مصري ممن تم إجلاؤهم من ووهان الصينية أوائل فبراير (شباط) الماضي، وخضعوا لفترة الحجر الصحي لمدة 14 يوما.

وكشفت السلطات المصرية أنها اشتبهت في إصابة 1443 شخصاً بفيروس "كورونا"، لكن النتائج جميعها كانت "سلبية"، باستثناء شخص أجنبي كان حاملاً للفيروس، وتماثل للشفاء لاحقاً.

ووفق مجاهد، الذي رفض تحديد جنسية الحالة المصابة الجديدة، إلا أنه أكد أنه "بعد اكتشاف الحالة مباشرة تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية، كما تم اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الوقائية للحالة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، حيث تم نقل الحالة بإحدى سيارات الإسعاف ذاتية التعقيم إلى المستشفى لعزله ومتابعته صحياً والاطمئنان عليه"، موضحاً أن "الحالة إيجابية للفيروس ولديه أعراض مرضية بسيطة، وحالته مستقرة". وأضاف "أن السلطات الصحية تقوم حاليا باتخاذ إجراءات وقائية مشدّدة حيال المخالطين للحالة من خلال إجراء التحاليل اللازمة للفيروس".

ووفق تقرير قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، فإن الحالة الإيجابية التي تم الكشف عنها مساء أمس، لأجنبي يعمل في إحدى الشركات المصرية، والذي وصل إلى مصر في فبراير (شباط) 2020، وقضى فترة ترانزيت في إحدى الدول لمدة 4 ساعات.

وذكر علاء عيد، رئيس القطاع، أن الحالة توجهت إلى عيادة الشركة في الأول من مارس (آذار) طلباً للرعاية الطبية، مع وجود علامات وأعراض مرضية، وبعد التشاور مع مديرية الصحة، تم تشخيص الحالة على أنها حالة اشتباه بفيروس كورونا، وعليه تم نقلها بواسطة سيارة إسعاف مخصصة إلى مستشفى النجيلة المخصص للإحالة.

 

وأوضح عيد أنه صدرت تعليمات إلى إدارة الشركة التي ينتمي إليها الحالة، لتأمين جميع المداخل والمخارج وعدم السماح لأي شخص بالخروج أو الدخول للموقع، وتقديم معلومات مفصلة عن الموظفين أو الزوار الذين غادروا المخيم في آخر 10 أيام، وتم حصر جميع المخالطين اللصقاء للحالة بمحل الإقامة، وعددهم 7 أشخاص، وتم سحب عينات لهم للفحص، وفي انتظار النتائج المعملية. وتابع تم حصر جميع المُخالطين المُحتملين بالموقع وعددهم 1500 حالة بموقع الشركة، وتم عمل حجر صحي للجميع ومناظرتهم، وقياس درجات الحرارة مرتين يومياً لمدة 14 يوماً فترة حضانة المرض، كما تم حصر 1427 من المخالطين المحتملين، وجارٍ مُتابعتهم في محل إقامتهم، كما تم إنشاء 3 عيادات لمتابعة الحالة الصحية لجميع الموجودين بالمعسكر، ويتم الآن عمل ملفات طبية لجميع الموجودين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، وبعد أن أشاد بالتعاون بين المنظمة الدولية والسلطات المصرية وعلى رأسها وزارة الصحة، أوضح جون جابور، ممثل الصحة الدولية، أن الحكومة تتعامل بسرعة وشفافية مع تطورات فيروس كورونا، وأنها تتخذ من الإجراءات الوقائية ما يكفي حيال الحالات المكتشفة والمخالطين لها.

ووفق جابور، فإن القاهرة من "أوائل الدول التي طبّقت منظومة جمع البيانات الوبائية من المصادر المفتوحة ضمن نظام ترصد الحالة"، مضيفاً "نحن كمنظمة ضمن أهم القدرات الأساسية للاستجابة لمثل هذه الأحداث هي تقوية نظام الترصد بشكل عام وترصّد الأحداث بشكل خاص".

وقبل نحو أسبوعين، كانت مصر قد أعلنت عن اكتشاف أول حالة إصابة بالوباء، الذي أطلق عليه رسمياً "كوفيد-19" في القارة الأفريقية، قبل إعلان وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، الخميس الماضي "تعافي" المريض. وتوجهت زايد إلى الصين مساء أمس لإيصال شحنة من المستلزمات الطبية، كرسالة تضامن مع الشعب الصيني.

وعقدت زايد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع سفير الصين في مصر بمطار القاهرة، قالت فيه إنه "تم إجراء 1443 تحليلاً لحالات مشتبه في إصابتها، وكانت النتائج جميعها سلبية باستثناء حالة الشخص الأجنبي الذي كان حاملاً للفيروس" قبل تعافيه.

حرب "الإشاعات"

منذ إعلان وزارة الصحة الفرنسية ليل الخميس الماضي، أن حالتين من بين مَن ثبت إصابتهم بفيروس كورونا قد عادتا أخيرا من رحلة إلى مصر، وأنهما حالياً في حالة صحية "خطيرة"، فضلاً عن نقل شبكة "إن بي سي" الأميركية، اليوم الاثنين، تسجيل ولاية كاليفورنيا ثلاث حالات إصابة مؤكدة بكورونا، بينهم زوجان عادا من رحلة إلى مصر أخيرا، وذلك بعد إعلان مماثل من تايوان، تصدرت موجة من الذعر بين المصريين، عكسها تفاعل أغلبهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى مدار الأيام الأخيرة، تداول مغردون تأكيدات غير مستندة إلى أي مصادر بأن هناك عدداً من الحالات التي تم تشخصيها إيجابية بالمرض في عدد من الأماكن، وتراوحت الأعداد بين 7 وعشرة، وأن هناك تكتماً على الأمر، داعين إلى وقف مؤقت للدراسة كإجراء احترازي لمجابهة المرض.

وتضاعف قلق المصريين بعدما ذكرت وكالة "أ.ب" أن مصر استقبلت طائرة تقلّ 114 سائحاً صينياً، رغم حظر الطيران الذي تفرضه بلدان العالم على الصين ودخول القادمين منها بسبب تفشي الفيروس كورونا المستجد.

ووفق ما كتبه عمر سمير، وهو باحث سياسي، "فإن مصر تمرّ بلحظة عصيبة أمام شبح كورونا"، مع ما اعتبره "تكتماً متعمداً على الأرقام الحقيقية للمرض خوفاً من الإضرار بقطاعات هامة، وعلى رأسها السياحة، الذي يمثل أحد أهم مصادر الدخل القومي في البلاد".

 

كما كتب وائل ترك "تكررت الإعلانات الدولية من قبل تايوان وفرنسا والصين عن اكتشاف حالات لدى عودتها من مصر، الأمر الذي يبعث بمزيد من القلق حول التصريحات الرسمية المتعلقة بتطورات الفيروس".

من جانبها، نفت السلطات المصرية ما تردد عن اكتشاف حالات مصابة بفيروس كورونا في البلاد، غير تلك التي تعلن من قبل المصادر الرسمية، وذلك تزامناً مع بدء اتصالات رسمية مع السلطات الصحية في فرنسا لاستجلاء مزيد من المعلومات بشأن إصابة فرنسيين اثنين بالفيروس بعد عودتهما من مصر أخيرا.

وقال بيان لمجلس الوزراء المصري، الجمعة، إنه "لا صحة لاكتشاف أي حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا في مصر في الوقت الحالي، وإن مصر خالية تماما من أي إصابات. في حال الاشتباه بوجود أي حالات إصابة بالفيروس سيتم الإعلان عنها وإبلاغ منظمة الصحة العالمية على الفور"، وذلك قبل أن يتم الإعلان عن اكتشاف حالة إيجابية مساء أمس الأحد.

وتؤكد السلطات المصرية أنها رفعت درجة الاستعداد القصوى بجميع أقسام الحجر الصحي بمنافذ الدخول وجميع المستشفيات المُخصصة لمواجهة أي حالة طوارئ، وعددها 26 بالمحافظات المختلفة، وتزويدها بجميع الإمكانيات والمستلزمات الطبية اللازمة لعملها.

وليل الخميس، أعلن وزير الصحة الفرنسي، أوليفيه فيران، أن حالتين من بين مَن ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا قد عادتا أخيرا من رحلة إلى مصر. ورداً على ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، خالد مجاهد، إن الوزارة تواصلت مع سفارة مصر في فرنسا للحصول على معلومات بشأن ما ذكره وزير الصحة الفرنسي، موضحاً أنه لم يصل إلى الوزارة أي بيانات حتى الآن بخصوص هذا الأمر. وأضاف مجاهد في تصريح صحافي أنه تم التواصل مع منظمة الصحة العالمية ولم يتم الوقوف على وجود بيانات بشأن الحالتين.

والسبت، أعلنت السلطات المصرية إجراء فحوصات طبية لمصريين تواجدوا مع سياح أصيبوا بكوفيد-19 بعد إعلان باريس رصد أعراض الفيروس لدى ستة سياح عادوا من مصر، من دون تحديد جنسياتهم.

ومع تأكيده على عدم استبعاد أي دولة في العالم من الإصابة بالوباء، ما يتطلب الاستعداد الأقصى، أكد جون جابور، ممثل الصحة العالمية في مصر، على "وجود التنسيق التام بين منظمته والحكومة المصرية"، داعياً لـ"الرجوع إلى المصادر الموثوقة في التعاطي مع تطورات الوباء، في ظل كثرة الإشاعات من دون الاستناد إلى أي مصادر ما يزيد من حالات الهلع".

ووفق جابور، فإنه وفي ظل "القلق الدولي العام جراء الفيروس، فكل دولة مجبرة على التعامل بشفافية كاملة والإبلاغ عن الحالات المكتشفة أو المشتبه بها"، موضحاً "الإشاعات ترهق النظام الصحي، فبدلا عن أن نكون جاهزين ومركزين ونستجيب للحدث، نهدر جهدنا في الإجابة وتصحيح الإشاعات الخاطئة التي تنتشر في المجتمع وتؤدي إلى الهلع".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات