Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليمنيون في أمسّ الحاجة إلى مزيد من التمويل. وكما رأيت بأم العين في الحُديدة، فإن ملايين الأرواح هي في خطر

تطال ارتدادات الحرب أكثر من 24 مليون يمني، وتؤدي إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم في يومنا هذا.

أطفالن ينظرون إلى الخارج من شبّاك غرفتهم في ملجئ للنازحين في إب في اليمن (أ.ب.)

تماماً في اللحظة التي اعتقدتَ فيها أيها القارئ أن الأوضاع في اليمن لا يمكن أن تسوء أكثر مما كانت عليه، تُظهر آخر التحليلات أنها، في واقع الأمر، تدهورت مع زيادة عدد من هم على حافة المجاعة، 60 ألف نسمة، في الشهرين الماضيين.

ولكن ماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك؟

أفضل ما يمكننا فعله هو أن نوقف القتال. أُوجد حالياً في اليمن، وأخبرني الناس بأنهم ضاقوا ذرعاً بهذه الحرب. وهم يحسبون أنها ستنتهي قريباً، إلا أن آمالهم لا تنفك تخيب. والارتدادات الواسعة النطاق للحرب تصيب أكثر من 24 مليون يمني، وتسهم في تحولها إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم في يومنا هذا. وكلما طالت الحرب، ازداد الوضع سوءاً.

نريد من حكومتنا، وكل الحكومات، أن تصرّ على وقف فوري لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد. وانتُهك القانون الإنساني الدولي أكثر من مرة، بما في ذلك حين شنّ ضربات جوية وهجمات برية تودي بالمدنيين، وعرقلة الوصول إلى المساعدات الإنسانية. اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة المُبرم في ديسمبر (كانون الأول)، صامد إلى حد ما، إلا أن الهجمات مستمرة في بقية أنحاء البلاد. وزادت الهجمات في بعض المناطق.

أخبرني يمنيون أنهم يريدون أن تلتزم دول العالم معاهدة تجارة الأسلحة. يجب على جميع الدول أن تتوقف عن بيع الأسلحة لكل أطراف هذا النزاع - يمكنك كمواطن بريطاني أن تساعد على تحقيق ذلك من طريق إبلاغ النائب الذي يمثلك في البرلمان أن هذا ما تريد من الحكومة البريطانية أن تفعل.

نحتاج كذلك إلى توسّل حكومتنا بثقلها الدبلوماسي لضمان أن تكون محادثات السلام الجارية بناءة. ويترتّب على هذا إدراج حقوق المرأة كشرط لأي تمويل.

لقد رأيتُ بأم العين كيف يتمّ إيقاف عمال الإغاثة الإنسانية يومياً وتفتيشهم أثناء محاولتهم مساعدة الناس المحتاجين. نريد من السلطات في كل أنحاء اليمن، أن تقوم بكل ما في وسعها لتيسير وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية وليس إثباطها. وفي غياب السّلم، المساعدات الإنسانية هي شريان حياة ملايين اليمنيين. وتقدّر الأمم المتحدة عدد الأبرياء الذين سقطوا منذ بدء الصراع بما يزيد على 17 ألفاً. 

 

كنت هذا الأسبوع في ميناء مدينة الحُديدة الحيوي الذي يستقبل 70 في المئة من الغذاء والوقود في اليمن. الوضع الاقتصادي متأزم وملايين الناس ببساطة غير قادرين على تأمين لقمة عيشهم لأنهم خسروا مصادر رزقهم بسبب دمار أعمالهم أو اضطرارهم إلى النزوح عن أماكن عملهم. أطلق هجوم الصيف الماضي العنان لقتال أدى إلى تشريد 650 ألف شخص. وبلغني أن الناس غادروا بيوتهم وتخلّوا عن مدارس أطفالهم وألعابهم، وأشغالهم بحثاً عن الأمان. اضطر3.3 مليون شخص، على أقل تقدير، إلى الهرب، وأُجبر الكثيرون، بما في ذلك عمال الإغاثة، على المغادرة أكثر من مرة.

أخبرني شخص اسمه آدم، أنه كان يؤمّن لقمة عيشه من طريق استعمال دراجته النارية لتوصيل الزبائن، ولكن بسبب الحرب لم يعد يكسب فلساً. حركة الناس مُقيّدة، وأبناء منطقته لا يملكون ما يكفي من المال ليدفعوا له. أما مبلغ الـ 80 دولاراً الذي يتقاضاه آدم شهرياً كمساعدات إنسانية لأسرته المكونة من عشرة أشخاص فيوفر لهم ما يسد رمقهم فحسب، ولا يكفي حاجتهم. وكل ما يتمنّاه آدم هو السلام حتى يتمكن من العمل مجدداً.

وتسبّب الشحّ في المياه النظيفة بوباء الكوليرا السنة الماضية. رأيت أطفالاً يمشون حاملين مستوعبات لملئها بالمياه. وأخبرتني سيدة تدعى حبيبة أنها كانت تضطر إلى السير ثلاث ساعات يومياً للحصول على المياه. إننا نقوم بإصلاح إمدادات مياه يستفيد منها مئات الآلاف من الأشخاص. واليوم، تصل أنابيب مياه مزوّدة بعدادات مباشرة إلى بيت حبيبة المصنوع من الطين والقش. هذا الحل طويل الأمد، ويمكّننا من مساعدة الناس طوال سنوات بعد أن تنتهي الحرب. واليوم صار الأطفال يملكون الوقت لارتياد المدرسة، ولدى حبيبة مزيد من الوقت لكسب عيشها.

 

 وكما هو الحال في كل الأزمات، تتأثر النساء بنسبة أكبر، إذ يتعرضنَ للعنف الأسري داخل المنزل والتحرّش في الشوارع. في استطلاع للرأي أجرته وكالة "الإغاثة كير الدولية"، ذكرت النساء المهجّرات أنه من النادر ألا يتعرضنَ للتحرّش الجنسي عند خروجهنّ من المنزل. وأشار التقرير إلى أن بعضهنّ فضلن العودة إلى بيوتهنّ من دون الحصول على الإمدادات الحيوية على تحمّل تحرّشات الرجال بهنّ لساعات أثناء الوقوف في طوابير الإغاثة. وقالت أخريات إنهنّ قبلن بمرارة هذه التحرّشات مقابل حصولهنّ على طعام لأسرهنّ. إننا نضمن الآن وجود طوابير منفصلة خاصة بالرجال وأخرى للنساء.

من جهة أخرى، ستجتمع الحكومات، يوم الثلثاء، في جنيف في مؤتمر رفيع المستوى لجمع أربعة مليارات دولار للإغاثة الإنسانية في اليمن.

 من الضروري أن تزيد المملكة المتحدة والحكومات الأخرى مساعداتها لليمن، وألاّ تقتصر المساعدات على إنقاذ الأرواح اليوم وغداً بل أن تستثمر في توفير موارد عيش طويلة الأمد يعتمد عليها الناس سنوات طويلةً بعد انتهاء هذا الصراع.

© The Independent

المزيد من آراء