Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أحزاب مشاركة في الحراك الشعبي الجزائري تشتكي تضييقا تمارسه السلطة

إطلاق "جبهة سلمية" يُقابَل بحملة عدائية كبيرة من قبل ناشطي المسيرات

جانب من تظاهرة للحراك الشعبي الجزائري يوم الجمعة 28 فبراير الحالي في العاصمة (أ. ف. ب.)

اشتكى حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" الجزائري المتمسك بخيار "الحراك الشعبي"، من حملة "تضييق" قال إنها "تستهدفه من قبل جهات تحاول معاقبته"، بخاصة بعدما أُبلغ الحزب بـ"عقوبات مالية من إدارة الضرائب تخص مقره الوطني". وينطلق جزء من جموع المتظاهرين كل يوم جمعة من مقر حزب "التجمع" الواقع في أعالي شارع "ديدوش مراد" في العاصمة الجزائرية، بينما أطلق إسلاميون معركةً موازية ضد هذا الحزب، متّهمين إياه بـ"محاولة سرقة الحراك".
ولم تُعرف بعد حدود ومصدر ما سماه "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" عملية "تحامل شرسة" تستهدفه. فالحزب الشهير بعدائه للسلطة منذ تأسيسه عام 1989 بقي وفياً لخطابه المنتقد لـ"البوليس السياسي". وأشار في بيان حديث إلى تجدّد تلك العملية بعدما أُبلغ بضرورة تسديد غرامة مالية مترتبة على مقره وتبلغ قيمتها 10 ملايين دينار جزائري (500 ألف دولار أميركي).
وقال رئيس الحزب محسن بلعباس إنّ "مسلسل التحامل على التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يزداد شراسة ويزداد معه مَن يقف وراء هذه الحملة تفنّناً في الطرق والأساليب"، مشيراً إلى أن "الحزب تبلّغ في 27 فبراير (شباط) الماضي، مراسَلة صادرة من قباضة الضرائب لولاية الجزائر (العاصمة) تلزم التجمع بتسديد مبلغ 10 ملايين دينار في ظرف أسبوع واحد".

وذكر بلعباس أنه "وفي الرسالة ذاتها، صُنّف مقرنا الرئيس على أنّه محل للاستعمال التجاري. فهل هو استمرار للحملة التي أعلنها البوليس السياسي ضد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أو هي وسيلة لمعاقبتنا بأن ندفع ثمن سماحنا لقوى التحالف الديمقراطي بتنظيم أنشطتها العامة ثلاث مرات في حرم هذا المقر، بخاصة بعد الرفض غير المبرر الذي لقيناه من وزارة الداخلية".
وعلّق "التجمع" أنه من "الواضح أن لا شيء يبدو أنه يُشكل عقبة أمام سلطة الأمر الواقع، بما في ذلك القانون، كي ندفع ثمن استقلاليتنا ووقوفنا إلى جانب الشعب لإسقاط نظام محكوم عليه بالزوال بسبب ممارساته ذاتها. لكن يتعيّن على القائمين على الحكم بذل المزيد للتوصل إلى إخضاعنا".
 

استهداف للحزب؟
 

في الذكرى السنوية للحراك الشعبي منذ عشرة أيام، عرضت وسائل إعلام جزائرية معطيات نسبتها إلى جهات أمنية عن توقيف شاب كان يحمل 3 آلاف قرص مهلوس، وقالت إنه كان سيوصلها إلى مقر "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، ليرفع الحزب لاحقاً دعاوى قضائية ضد ثلاث قنوات تلفزيونية خاصة.
ويتساءل الشارع الجزائري حول ما إذا كانت هذه التسريبات تُمهّد لمشروع سياسي جديد قد يطيح بـ"التجمع"، كما يعتقد العضو السابق في الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان عن فرع وهران، هواري بن زية، إذ قال إن "السلطة تحاول إعطاء انطباع أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يمارس دوراً غير سلمي في الحراك. وجرى الترويج في ذكرى الحراك أنه يحرّض شباب ليتوجهوا إلى مقر رئاسة الجمهورية".
وتابع "لا أملك معطيات عن خيارات هذا الحزب في الحراك، أتابع ما يُروّج من هنا وهناك في غياب أي معطى رسمي، إذ اتُهم باحتضان ناشطين وصحافيين مرتبطين بدوائر في الخارج. وتزامنت هذه الاتهامات مع التذكير بالغرامة المالية، ما يجعلني أتوقع المزيد". وختم بن زية "أخشى أن يكون كل هذا الكلام تمهيداً لمشروع سياسي شامل، تقرّره السلطة لتمرير دستور جديد، يُعاد على أساسه رسم الخريطة الحزبية ككل".
 

"الجبهة السلمية للحراك"

وفي سياق تحميل "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" مسؤولية "ممارسات غير سلمية" ولو بشكل غير رسمي، برز تنظيم جديد السبت، تحت مُسمّى "الجبهة السلمية للحراك" بقيادة مناضلين من "التيار الديمقراطي"، عُرفوا بمشاركتهم في الحراك الشعبي طيلة مسيراته الـ54 على التوالي.

وعلى الرغم من انتماء المؤسسين لـ"فضاء الحراك"، إلاّ أنّ إطلاق المبادرة قوبل بحملة عدائية كبيرة من قبل ناشطي المسيرات أنفسهم، فتسمية "الجبهة السلمية" دفعت البعض إلى التساؤل حول ما إذا كان ذلك "اتهاماً مباشراً لجهة أخرى في الحراك بأنها ذراع مسلحة أو غير سلمية".
ودافع المناضل سفيان صخري أحد المبادرين لتشكيل "الجبهة السلمية للحراك"، وهو عضو سابق في حزب "جيل جديد" وأستاذ جامعي، عن المشروع قائلاً إن "الأرضية سُميت البناء الديمقراطي المتفاوَض عليه، الحراك ليس فقط الخروج إلى الشارع، بعكس الترويج المغلوط أن الحراك هو الخروج الفوضوي إلى الشارع. هو قوة اقتراح ومشروع دولة ومجتمع. تحدثنا عن البناء لأن الثورة الشعبية أتت لبناء الدولة الجزائرية وليس لهدمها، فمَن سبق وعبث بالدولة، هدّم مؤسساتها ونفّذ مخططاً جهنمياً بالتدمير المعنوي لها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التفاوض مقبول والحوار مرفوض
 

تابع صخري أثناء عرض المبادرة في قاعة مرخصة مسبقاً من السلطات، أن "المشروع يحمل بناءً على أساس الديمقراطية وآلية لإرساء دولة العدالة والقانون"، أما "المتفاوَض عليه، فهو في سياق أطروحة الحوار التي ظهرت بعد الانتخابات الرئاسية. النظام والسلطة عوّدانا على حوار مميَّع والتجارب السابقة لم تؤدِ إلى مخرجات للتغيير".

وشرح "لا يمكننا أن نثق بآلية الحوار المعروض على الحراك بما أنّنا تعودنا أنها لتمييع وكبح إرادة التغيير، الحوار مبني على دردشات أو استشارات غير ملزمة. لذلك، نحن نركز على التفاوض، بعكس من يريد للحراك أن يخرج من دون خريطة سياسية، ربما بعض الأطراف يملك مشروع فوضى أو مشروعاً يخدم السلطة ببقاء الحراك من دون مطلب وهوية وتمثيل".
وكان حديث سفيان صخري مزيجاً بين "التطرف في المطلب" و"الليونة في التعامل مع السلطة الجديدة"، فالمبادرة التي يجري الترويج لها تقبل بنتائج الاستحقاق الرئاسي، لكنها ترفع سقف المطالب إلى "مسار تفاوضي" مع السلطة التي أنتجتها الانتخابات، لذلك يشرح "نحن لا نملك مشروع فوضى، بل مشروع تفاوض للبناء. تفاوض من أجل ماذا؟ ليس لتقسيم الكعكة، بل نتفاوض لإرجاع السلطة إلى الشعب الجزائري ضمن لجان تقنية، إذ كنا من المطالبين بتأجيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة لأنها تمّت في ظروف غير عادية. الإخراج الذي جرت على أساسه هذه الانتخابات لم يكن راقياً بحجم عظمة الهبّة الشعبية، لذلك نحن اليوم نقدم خريطة طريق. نحن نرافق الحراك ولا نمثّله، نملك إيماناً وثقافةً ديمقراطية بأنّ التمثيل الحقيقي يتم بالانتخابات، لكن بشكل شفاف على كل المستويات".
 

ما مُنح باليسرى يؤخذ باليمنى

وفق معادلة "ما مُنح باليسرى يؤخذ باليمنى"، تمارس السلطات الجزائرية ما يشبه "التظليل" بخصوص تعاطيها مع ملف الحراك الشعبي عامةً، فبينما يشتكي "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" من "التضييق" مثلاً، برّأت محكمة الدار البيضاء شرق العاصمة الأحد، ساحة الناشط السياسي فضيل بومالة بعد تمضيته فترة خمسة أشهر في السجن المؤقت (منذ 19 سبتمبر أيلول الماضي). وكانت النيابة العامة وجهت إلى بومالة تهم "المساس بالوحدة الوطنية وعرض منشورات من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة الوطنية".

المزيد من العالم العربي